أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي - سويدة قصة قصيرة














المزيد.....

سويدة قصة قصيرة


أحمد صبحي

الحوار المتمدن-العدد: 2884 - 2010 / 1 / 10 - 00:12
المحور: الادب والفن
    


كنا نتناقل أخبارها كحكايات الجنية والعفاريت،نحكيها بعيون جاحظة،وكلمات ممدودة من الخوف



٠٠سويدة جاءت٠٠سويدة ذهبت٠٠سويدة كانت هنا أو هناك٠٠


أوأن سويدة عادت إلى غرفتها قبل المساء

فنقف فى الشارع،على الحائط المقابل لبيت سويدة،


رقابنا ممدوة لأعلى البيت،

نراقبها وراء ضلفة الشباك الزجاجية وهى تلمع قزازة اللمبة نمرة خمسة بورقة جورنال إستعداداً للظلام الهابط

وكانت قلوبنا تسقط فى أرجلنا عندما نتابع ظلها خلف زجاج الشباك المكسوريصغر ثم يتضخم وهى تحرك فتيل اللمبة قبل وضعها على السحارة الخشبية الكبيرة

٠٠٠٠٠٠٠٠٠

فى النهار كنا أكثر شجاعة فى مواجهتها


ننتظرخروجها من بيت ميسو التمرجى،

وماأن نرى هيكلها يتقدم بخطوات ثابتة مسرعة ناحية سوق سيدى عمر،كنا ننطلق بهتافنا وأغنيتنا


ياسويدة ياوش القملة مين قالك تعملى دى العملة!٠
ياسويدة ياإيد الهون مين قالك تعملى تليفون!٠

فكانت تسرع أكثر فى خطواتها،لتتوارى عنا،دون أن نجرؤ على متابعتها

كنا نخاف من زعيقها الحاد،وصوتها القاسى،ولانفهم الكثير من كلماتها القصيرة المتوعدة،

ولكننا كنا نلتقط بآذاننا الصغيرة،بعض ماتقوله،ونظل نحكى ساعات طويلة

ونقلدها بنظرتها القاسية والفاظها الصلبة،ونردد بأصواتنا الطفولية الرفيعة


هَملونى ياكلاب هَملونى


٠٠٠٠٠٠٠٠٠


عندما كنت أحكى لأمى بخوف عنها،

كانت تطلب منى أن ننهد أنا وأصحابى ولانضايق المرأة الغلبانة

ولم تكن أمى،هى ونساء الحارة،يعرفون أكثر مما نعرف،

فبرغم أن سويدةكانت تساعدهم بخبز العيش البيتى،

وكانت هى التى تجلس أمام الفرن البلدى طوال فترة الخبيز،مقابل ربع جنيه،ومشنة كبيرة من العيش الطرى والناشف،

إلا أن نساء الحارة،كرجالها،كأطفالها لم يكونوا فى الحقيقة يدرون من أمرها شيئا،

وكانت سويدة العجوزة السوداء،الطويلة القامة العجفاء،القاسية الملامح والنظرات لغزاً كبيراً لحارتنا


٠٠٠٠٠٠٠٠٠

حتى هذا اليوم،


الذى رأينا فيه عم فرج،بائع الفول السودانى يدخل الحارة،

ويعلن،وهو يخاطب الست أنيسة التى

تنفض الكليم على حافة شباكها


٠٠تعرفى،الولية سويدة طلعت قتالة قتلا وشربت من دم الراجل!٠


وكانت صوته عالياً ومتهدجاً من الإنفعال والكل يلتف من حوله

وكنا نحن الأطفال نستمع بكل جوارحنا،
ففهمنا،
أن المرأة الصعيدية التى تقطن حارتنا منذ شهور،

قضت سنواتها الأخيرة،مابين الإسكندرية،وطنطا،ودمنهور،تبحث عن قاتل إبنها فى ثأر بائت،

وأنها أقسمت على أن ثأر هذا الإبن لن يأخذه أحداً غيرها،

ولم تكن تسير إلاوسكينها الحاد مطوى فى قطعة قماش مخفى فى جيب فستانها الأسود

كانت تعيش من خبز العيش لأهل الحارة بعض الوقت،لكنها كانت تمضى بقية يومها فى تعقب خطوات قاتل إبنها،

حتى هذا اليوم الذى رأته فى زحام سوق السوسى ينزل بجسمه ليحاور أحد الباعة،

فأنطلقت ناحيته وبركت عليه بجسمها الناشف النحيل،
ولكن كانت بغلها وحقد السنين التى إجترته،كقدر لامفر منه للرجل الساقط على الأرض،

وهى تطعنه فى قلبه بسكينتها الحادة المسنونة


وأضاف عم فرج

٠٠والله شربت من دم الراجل السايح،وسحبوها على الكراكون وهى بتشر دم

٠٠٠٠٠٠٠

منذ ذلك اليوم،دخلت سويدة فى سجل الأساطير والحكايات التى نحكيها تحت عمود النوربالليل فى حارتنا،

نحكى ونعيد تفاصيل الشهور التى قضتها فى حارتنا،


ونعيد ونزيد فى تفاصيل حكاية عم فرج،

صحيح أنه كنا نزال نخاف من إسمها وذكراها،

إلا أننا كنا نتكلم عنها من ذلك اليوم بإجلال وإحترام



#أحمد_صبحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل النائم
- أم مسعد قصة قصيرة
- هي هجرة أخرى
- - هذا هو الخِزيُّ الذي لاينتهي مع الأعتذار لمحمود درويش بقلم ...
- طائرات واغنيات ... وبنات
- هذياناات مدينة تحت رق الى روح الماغوط التي راحت ... واستراحت


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي - سويدة قصة قصيرة