أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (10) التغريد خارج السرب: رومانسيان حتى الموت!















المزيد.....

كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (10) التغريد خارج السرب: رومانسيان حتى الموت!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 19:03
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بلوَر جيفارا أفكاره الثورية تلك التي تجسدت في مداخلاته وأحاديثه المثيرة و "الشهيرة" خارج التفكير الرسمي للاشتراكية النمطية الوظيفية البيروقراطية السائدة، لا سيما في ثلاثة مواقع على الأقل: الأول يتعلق بمداخلته تحت عنوان "أميركا من على الشرفة الإفريقية والآسيوية"، والثاني "الاشتراكية والإنسان وكوبا" والثالث "خطاب الجزائر".
ولم يكن بإمكان جيفارا أن يحتل هذه المساحة من الرمزية النضالية الكبيرة في العالم الثالث، بل وفي العالم أجمع لو حصر نفسه في أميركا اللاتينية، ولأنه كان أمميا بامتياز فقد كرس جهداً استثنائياً لتجميع الطاقات النضالية للقارات الثلاث في إفريقيا وآسيا، إضافة إلى أميركا اللاتينية، ولهذا السبب قطع آلاف الأميال لينقل الثورة -كما أعتقد- إلى أحراش الكونغو وليحوّل إفريقيا إلى أرض متزلزلة تحت أقدام المستعمرين، ويحفّز نضال آسيا عندما يكون حلقة الوصل من هافانا إلى الجزائر إلى العمق الآسيوي، كل ذلك جرى في هارمونية رومانسية عالية، لا تعرف الحدود، سعياً وراء أسطورة خلاص لعالم أفضل وغد أكثر إشراقاً ونبلاً.
ولعل الفضاء العربي كان له عوناً في بلورة تلك الأفكار التي ما كان جيفارا يكون بدونها، وهو ما ينبغي أن نعتزّ به أيّما اعتزاز ونعيد قراءته، بما فيها انتقاداتنا السابقة للتوّجه الجيفاري، حتى وإن كان بعضها على صواب، ولكن القراءة الارتجاعية للتاريخ وللأفكار، وبشكل خاص ما أفرزته الممارسة، وما أثبتته الحياة، تعطي نكهة خاصة، لا سيما إذا كانت المراجعة جريئة والنقد شجاعاً والهدف مخلصاً والقصد صميمياً.
وإذا كان جيفارا قد تمثل روح سيمون بوليفار، فإن كاسترو تمثل روح الزعيم الوطني الكبير خوسيه مارتيه، الذي كان شاعراً وكاتباً وخطيباً وصحافياً معروفاً، أسس الحزب الثوري الكوبي عام 1892 لمقاومة الاستعمار الإسباني وأعلن الاستقلال العام 1895 وأبدى بطولة نادرة، وقتل خلال المعارك دفاعاً عن كوبا من قبل المستعمرين والغزاة الإسبان.
لقد وجد جيفارا في المعارض المغربي المهدي بن بركة خير صديق له في حلمه الثوري مثلما وجد بن بركة في جيفارا نموذجاً للرومانسي الحالم المستعد للموت في أية لحظة وعلى أية أرض، إن بحثهما عن الحرية ومعنى الوجود الإنساني دفعهما للتقارب والتماهي أحياناً، في إطار الثورة التي ظلّت فناراً هادياً لهما. أراد بن بركة حل معادلة الداخل- الخارج، والعامل الذاتي بتلقيحه بالعامل الموضوعي، والبعد الوطني- العروبي- الإفريقي، بالبعد الكوني- الأممي، لا سيما الأميركي اللاتيني، ولعل في ذلك كان جديراً فهو متمرسٌ في النضال وكان أستاذاً للرياضيات من بين تلامذته الملك الحسن الثاني، واضطر للهروب إلى الجزائر وتنقّل بين عدد من العواصم والبلدان حاملاً قضية التحرر والتضامن الإنساني بين يديه من الجزائر إلى القاهرة إلى جنيف إلى روما إلى هافانا إلى إفريقيا، مثلما وجد في منظمة التضامن الآفروآسيوي التي تأسست العام 1957 منبراً يستطيع من خلاله يرفع صوت المغرب وإفريقيا وجميع قوى التحرر.
وكان جيفارا الوجه الآخر لبن بركة، فقد أراد الخروج من دائرة نضال أميركا اللاتينية إلى جبهة القوى التحررية على النطاق العالمي، لا سيما بالاستفادة من التحالف مع الدول الاشتراكية، ومع المناضلين ضد الرأسمالية في الغرب.
ومثل بن بركة أراد جيفارا منظمة التضامن الأفروآسيوي منصة ينطق من عليها باسم أميركا اللاتينية، حيث اعتبرت كوبا منذ مؤتمر القاهرة العام 1961 عضواً مراقباً فيها، خصوصاً في إطار مناقشات للجنة الاستعمار الجديد التي كان يترأسها المهدي بن بركة.
خلال التحضير لمؤتمر هافانا للقارات الثلاث: حصل الانقلاب على بن بلّه وأطيح به في 19 يونيو 1965، وبعدها أطيح بالزعيم الإندونيسي سوكارنو في ظل مذبحة لليسار والشيوعيين، ثم شهدت اختفاء جيفارا في مهمة ثورية في الكونغو، وأخيراً اختفاء المهدي بن بركة قسرياً في باريس في شهر أكتوبر، ولم يظهر له أثر حتى الآن ولم يتم إجلاء مصيره.
وكان بن بركة قد زار هافانا للتحضير للمؤتمر قبل شهر واحد من تاريخ اختفائه، أي في يوم 29 سبتمبر 1965 ورغم أن المؤتمر انعقد لاحقاً في هافانا في شهر ديسمبر العام 1966، أي أنه تأجّل نحو عام وحضرته وفود يسارية من العالم العربي، لا سيما من سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف)، إلا أن رموزه الأساسية كانت قد غابت، وهو ما ترك فراغاً كبيراً.
لقد وجد المهدي بن بركة في صداقة جيفارا تكاملاً نضالياً، فهو الآخر كان يسعى للتضامن منذ أن اضطر للهروب من المغرب إلى الجزائر، وحكم عليه لاحقاً غيابياً بالإعدام، وهو المناضل الذي قاوم الاستعمار الفرنسي وأنشأ حزب الاستقلال وترأس مجلسه الاستشاري حتى العام 1959. وقاد المهدي بن بركة تحركاً واسعاً في الخارج، وكان أهم وأكبر عمل يقوم به هو التحضير لمؤتمر القارات الثلاث، الذي تربصت به الولايات المتحدة وحلفاؤها.
مثلما كان المناضلون يسعون للتضامن، فإن الأجهزة الأمنية المعادية في الدول الكبرى ودول إفريقيا وآسيا كانت متضامنة مع بعضها، بل داعمة ومساندة ومشاركة لها وإنها -كما هي العادة- الأكثر انسجاماً مع نفسها، ويشهد على ذلك اجتماعات وزراء الداخلية في العالم العربي، ولم يكن أحد يتخيّل حينها، أن يختفي المهدي بن بركة بكل ثقله وجبروته وزعامته من مقهى ليب في قلب باريس، ويضيع له كل أثر منذ ذلك الحين وحتى الآن، رغم وجود روايات عديدة، وهو ما أصاب جيفارا بصدمة كبيرة.
أطلق على المهدي بن بركة "سفير الثورة المتجوّل"، لما لعبه من دور من خلال أسفاره ولقاءاته تحضيراً لمؤتمرات ومشاركة في حوارات، وأصبح سفيراً عالمياً، لم يعد مغربياً أو عربياً أو إفريقياً أو آسيوياً أو أميركياً لاتينياً، إنه مثل جيفارا خرج من محليته ليصبح كونياً، أمميا، إنسانياً، حالماً لتحرير العالم وإلغاء الظلم والاستغلال.
ولعل اختفاءه كان له تأثير رمزي ومعنوي سلبي على الحركة التحررية العالمية، التي فقدت بخسارته، رجلاً مجرّباً وإنساناً شجاعاً، ومناضلاً عابراً للقُطريات والقوميات والهويات المحلية، ليتحدث بلسان العالم الحر الرافض للعبودية والاستغلال، وقد يكون تفسير ذلك منطقياً بأن من أراد إخفاءه أو تغييب صوته، كان يدرك أية ضربة يمكن توجيهها ضد حركة التحرر الوطني الصاعدة آنذاك، حتى وإن اقتضى ذلك ارتكاب جريمة في وضح النهار وفي فرنسا، بل وفي قلب باريس بالذات، بلد الحريات والحقوق، فالمرتكب لم يكن يتورّع عما يمكن أن تجلب فعلته تلك من ردود فعل عالمية، لا سيما وهي جريمة ضد الإنسانية وضد شخصية عالمية مرموقة.
كان انعقاد مؤتمر القارات الثلاث بناء على اقتراح من المهدي بن بركة وبالتنسيق مع صديقه جيفارا، لا سيما بعد الإعلان عن فصل كوبا من منظمة الدول الأميركية في فبراير عام 1962، وهو ما أعلنه بن بركة قبيل اختطافه بأن المؤتمر القادم سينعقد في هافانا، وكان هذا يعني بحساب تلك الأيام شيئاً كبيراً وتضامناً عالمياً وتحدّياً جريئاً، وجاء ذلك على لسانه مع المؤتمر الرابع للمنظمة الأفروآسيوية المنعقد في أكرا في مايو 1965 وبدعم من الصين والاتحاد السوفييتي في حينها.
باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (9) جيفارا والمهدي بن بركة.. غياب ...
- جدل هادئ للفيدرالية الساخنة في العراق
- النجف... والفرصة الواعدة!! سعد صالح (3)
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (8)- جيفارا وعبدالناصر: قلق وهواجس ...
- النجف... والفرصة الواعدة!! سعد صالح (2)
- المجتمع المدني بين القانونين الوطني والدولي
- جيفارا وعبدالناصر: أحلام الكبار!كوبا (7)
- محاكمة اسرائيل بين القانون والسياسة
- سعد صالح الضوء والظل -الوسطية- والفرصة الضائعة(ح1)
- الحرب الثقافية في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (6).. جيفارا وأحمد بن بيلا: العنفو ...
- الاتحاد الأوروبي: هل من وقفة جديدة إزاء -إسرائيل-؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (5).. جيفارا والمباراة المصرية- ال ...
- الحزن الذهبي لرحيل المفكر محمد السيد سعيد!!
- إسرائيل- ومفارقات العنصرية -الإنسانية-
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (4)
- في تجربة الفيدراليات ودلالاتها عراقياً!
- -إسرائيل- أي قانون دولي تريد؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (3)
- بغداد - واشنطن: للعلاقة تاريخ


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (10) التغريد خارج السرب: رومانسيان حتى الموت!