أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - جدل هادئ للفيدرالية الساخنة في العراق















المزيد.....

جدل هادئ للفيدرالية الساخنة في العراق


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 19:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



تأسست الدولة العراقية في 23 أغسطس/آب ،1921 بتنصيب فيصل الأول ملكاً على العراق، لاسيما بعد فشل ثورة العشرين في تحقيق أهدافها في الاستقلال وحق تقرير المصير، وبدلاً من الحكم البريطاني المباشر بعد احتلال العراق 1914- ،1918 فقد اتجهت النيّة لفرض صيغة الانتداب، وإعلان تأسيس المملكة العراقية وتشريع دستور لها “النظام الأساسي” في العام ،1925 وهو الذي حدد طبيعة الدولة العراقية الجديدة التي انفكّت من الدولة العثمانية، بمكوناتها المختلفة .

لكن الاستفتاء على إقامة المملكة العراقية لم يشمل جميع أرجاء العراق، حيث كان الشيخ محمود الحفيد قد نصّب نفسه ملكاً على كردستان من السليمانية، لشعور بالإجحاف إزاء حقوق الكرد، التي جاء الإقرار بجزء منها في معاهدة سيفر العام ،1920 لكن هذه الحقوق تمت المساومة عليها في معاهدة لوزان العام ،1923 وهكذا لم تؤخذ وجهة نظر الكرد إزاء الكيان العراقي، الذي هم جزء منه .

ومنذ العام 1921 حتى العام 2003 كانت الدولة العراقية دولة بسيطة مركزية في إطار التصنيف القانوني لطبيعة الدول، ونظامها السياسي يمتاز بالمركزية البيروقراطية الشديدة الصرامة، إلى أن حصل حراك سياسي واجتماعي جديد، كان قد بدأت ارهاصاته أيام المعارضة العراقية حول طبيعة الدولة، حيث برز ميل إلى تبنّي فكرة دولة اتحادية “فيدرالية” . وكانت المعارضة العراقية في مؤتمر فيينا (يونيو/حزيران) 1992 قد وافقت على مبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي بتقييده بعبارة “دون الانفصال” التي كتبها الرئيس الحالي جلال الطالباني بخط يده وبقلمه، وبعد إقرار البرلمان الكردستاني النظام الفيدرالي (من طرف واحد) كصيغة مقترحة للدولة العراقية في 4 اكتوبر/تشرين الأول ،1992 إثر إجراء الانتخابات لأول مرّة في كردستان (مايو/أيار 1992) وافقت المعارضة العراقية في مؤتمر صلاح الدين نوفمبر/تشرين الثاني 1992 على فكرة النظام الفيدرالي، وإن تحفّظ عليها الإسلاميون بوضع مرادفات لها (نظام الولايات) بما يدّل على الفيدرالية .

انتقل النقاش والجدل بعد الاحتلال ليشمل قوى وتيارات سياسية أخرى من داخل العملية السياسية ومن خارجها حول طبيعة الدولة، ففي قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية (2004) تم اقرار نص على كونها “دولة فيدرالية - برلمانية” وهو ما أكدّه دستور جمهورية العراق، الذي تم الاستفتاء عليه في 15 اكتوبر/تشرين الأول 2005 وأجري الاستفتاء على أساسه في 15 ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته .

وبغض النظر عن الملاحظات والاعتراضات والتحفظات حول الدستور لكن موضوع الفيدرالية الذي أقرّ دستورياً ما زال يثير الكثير من النقاشات التي تتعلق بالخلفيات الفكرية والأيديولوجيات لبعض القوى، ومواقفها واصطفافاتها تاريخياً، ناهيكم عن تخوّفات بعضها بشأن مستقبل العلاقة العربية - الكردية، لاسيما وقد نشأت بعض الهواجس بشأن موضوع الانفصال أو التقسيم وهو ما راج بعد الاحتلال بشكل خاص، الأمر الذي تقابله مخاوف العودة إلى المربع الأول، لاسيما الدولة المركزية، وهضم حقوق الكرد والأقليات الأخرى، واحتمال اندلاع العنف .

وبين هذا وذاك تبرز قضايا فكرية خلافية، وأسئلة حارة حول الدولة المركزية والدولة الاتحادية، وأي منهما يمكنه تأمين وحدة العراق، ثم أية وحدة مطلوبة؟ هل هي وحدة قسرية إكراهية أم طوعية اتفاقية؟ فالوحدة الأولى ستلغي حقوق الآخرين، رغم أنها قد تحافظ على كيانية موحدة شكلاً، لكنها مقسّمة فعلاً، في حين أن الوحدة الثانية هي التي تؤمن الاعتراف بالمساواة وبالحقوق وبالتالي يمكن أن تضمن قيام واستمرار وحدة صلبة طوعية على أساس مواطنة متساوية تكون بديلاً عن وحدة قسرية . ولعل هذه الأمور لا تزال بحاجة إلى نقاش هادئ رغم سخونتها .

وبالمقابل فإن الحل الفيدرالي لم يكن سالكاً رغم ان الكرد مارسوا “حقهم” كتحصيل حاصلde facto حتى قبل الاقرار به دستورياً بعد الاحتلال، وهو ما أثار مخاوف قوى وكيانات كبرى أو صغرى، أساسية أو فرعية، الأمر الذي له علاقة بثلاث قضايا أساسية: الأولى قصر عمر التجربة والصراع بين أطرافها وزاوية النظر اليها، الثانية بروز بعض النزعات المبالغة في كياناتها الخاصة لدى جميع الاطراف، وبخاصة في المناطق التي سمّيت متنازع عليها، لاسيما كركوك الثالثة الالتباسات والتفسيرات المختلفة الواردة في الدستور، وهناك نقطة رابعة هي ما ورد في الدستور من صلاحيات، يحسبها البعض تتعارض مع المبادئ الدستورية العامة، في حين يعتبرها البعض الآخر “خصوصية عراقية” للتجربة الفيدرالية الجديدة، لا بدّ من الإقرار بها، لاسيما أنها تكوّنت عبر مسيرة الحكم الذاتي وهيئاته منذ العام 1974 حتى وإن كانت شكلية أو ناقصة أو مبتسرة، الاّ أن وجود كيانية خاصة يعني أن ثمة شكلاً من “الاستقلالية الذاتية” في التشريع والتنفيذ فضلاً عن بعض الصلاحيات الأخرى .

ولما كانت صيغة الحكم الذاتي السابقة قد وصلت إلى طريق مسدود، فإن صيغة الفيدرالية أريد بها تعويض وضمان للعلاقة العربية - الكردية في العراق . ويوم جاءت ساعة التنفيذ لما اتفقت عليه المعارضة، حصل نوع من الشدّ والجذب، لكن الأطراف المختلفة وافقت كلٌ لأغراضه على الصيغة الواردة في الدستور المثيرة للإشكال والاختلاف والتعارض، ولعلها ستبقى لغماً قابلاً للانفجار إن لم يتم نزعه بطريقة ماهرة .

إن دراسة التجربة الإيجابية لفيدراليات ناجحة في نحو 25 بلداً ونحو 40% من سكان البشرية، يمكن أن يسهم في تعزيز الثقافة الحقوقية الديمقراطية القائمة على التعايش والتوازن في الحقوق والاعتراف المتبادل في ظل مبادئ الدولة العصرية المستندة إلى المساواة والمواطنة، كما يبرز الجانب الإيجابي في العلاقة بين المكوّنات المختلفة .

ولعل هذا ما حاول الدكتور شيرزاد النجار الخبير في القانون الدستوري وأستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين إظهاره من خلال التمهيد الذي كتبه مقدمة لترجمة دستور ولاية بافاريا، بعرض طبيعة النظام السياسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية (الفيدرالية) مشيراً إلى أن في ألمانيا “نظام فيدرالي وبرلماني وديمقراطي” (المادة -20 من القانون الأساسي - الدستور - لعام 1949) ولا يمكن تعديل المبادئ التي تأسست عليها لأنها مبادئ جامدة أو خالدة المادة ،79 وهذا القانون هو الذي يحدد صلاحيات الاتحاد وتوزيع السلطات والمهمات بين الاتحاد والولايات، لاسيما عند تحديد اختصاص السلطات الاتحادية في ما يتعلق بالقوات المسلحة والعلاقات الدولية وقضايا العملة والموارد الطبيعية والخطط الاقتصادية الكبرى، وما عدى ذلك من اختصاص سلطات الأقاليم، وهذا بحاجة إلى استكمال هيكلياته وتأسيس مجلس الاتحاد وتحديد ممثلي الإقليم فيه أو الأقاليم في حالة تكوّنها .

باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النجف... والفرصة الواعدة!! سعد صالح (3)
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (8)- جيفارا وعبدالناصر: قلق وهواجس ...
- النجف... والفرصة الواعدة!! سعد صالح (2)
- المجتمع المدني بين القانونين الوطني والدولي
- جيفارا وعبدالناصر: أحلام الكبار!كوبا (7)
- محاكمة اسرائيل بين القانون والسياسة
- سعد صالح الضوء والظل -الوسطية- والفرصة الضائعة(ح1)
- الحرب الثقافية في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (6).. جيفارا وأحمد بن بيلا: العنفو ...
- الاتحاد الأوروبي: هل من وقفة جديدة إزاء -إسرائيل-؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (5).. جيفارا والمباراة المصرية- ال ...
- الحزن الذهبي لرحيل المفكر محمد السيد سعيد!!
- إسرائيل- ومفارقات العنصرية -الإنسانية-
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (4)
- في تجربة الفيدراليات ودلالاتها عراقياً!
- -إسرائيل- أي قانون دولي تريد؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (3)
- بغداد - واشنطن: للعلاقة تاريخ
- الانتخابات العراقية والحل السحري
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (2)


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - جدل هادئ للفيدرالية الساخنة في العراق