|
ايران: تصدير الازمة
منذر محمد القيسى
الحوار المتمدن-العدد: 2870 - 2009 / 12 / 27 - 19:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن يستغرق الامر وقتا طويلا لكى تجرى جمهورية ايران الاسلامية اول اختبار نووى لها .وهذا ما تتمناه ايران اليوم .خبرا يتصدر الصحف العالمية ووكالات الانباء ومحطات التلفزة.فهى فى سعى حثيث لكسب مايمكن كسبه من الوقت والجهد للوصول الى هذا الهدف.وهناك تصاعد محموم ورغبة عارمة لدى الايرانيين للحصول على مقعد فيما يطلق عليه بالنادى النووى.ويبدو من مجريات ماسبق من احداث. ان النقاش فى هذا الموضوع قد حسم ومنذ مدة طويلة لدى اعلى مراكز السلطة فى ايران.باعتباره هدفا حيويا وستراتيجيا للقيادة الايرانية.وما تصريحات القادة فى ايران الا انعكاس لهذه القرارات.وفى هذا السياق قال المرشد الاعلى لايران فى احدى خطبه ذات مرة "ان هذا الموضوع يتوقف عليه مستقبل الثورة الايرانية برمته"وايا كانت المبررات والحجج التى تقدمها ايران للمجتمع الدولى وللوكالة الدولية للطاقة الذرية.فانه من الواضح ان ايران تتحرك الى ماهو ابعد من الاستخدام السلمى للطاقة الذرية. كانتاج الطاقة الكهربائية او للحصول على نظائر مشعة للاستخدامات الصناعية .او مفاعلات ابحاث الطاقة المختلفة.ومن المعروف ان لدى ايران مفاعل قديم بنى عام 1976 فى زمن الشاه .وهى تحاول الحصول على صفائح اليورانيوم لادامة عملة .وتجرى مفاوضات بهذا الشان مع الوكالة الدولية للطاقة والذرية.والعديد من دول العالم التى تمتلك التقنيات للازمة لانتاج مثل هذه الصفائح.ان الازمة الاقتصادية التىتعانى منها ايران فى مجال الطاقة والموارد الاقتصادية الاخرى هو الذى يدفعها تاريخيا وباستمرار الى البحث عن موارد اقتصادية جديدة .عن طريق التوسع شرقا حيث مناطق النفط الغنية فى جنوب العراق او باتجاه مناطق الخليج العربى (لازالت ايران تحتل الجزء الاماراتية الثلاث وترفض الذهاب الى المحكمة الدوليةلحل هذا الموضوع).فهذه الامبراطورية السابقة تصدر اليوم كميات كبيرة من النفط الخام وتستورد الكازولين والديزل ووقود الطائرات من دول اخرى .الا ان مواردها النفطية هذه لاتكفى لسد فاتورة الاقتصاد الايرانى .كما ان هذه الموارد النفطية فى تناقص مستمر .فهى اذن فى بحث دائم عن موارد جديدة للطاقة. ومن حق اى دولة البحث عن موارد جديدة للطاقة .او تطوير امكانيات الانتاج فى مصادرها الحالية.ولكن ضمن اراضيها.وليس خارجها الا ان ايران.ولشعورها المتزايد بان نظامها فى تهديد مستمر .فهى ومنذ الحرب العراقية الايرانية تسعى جاهدة لبناء ترسانه عسكرية ضخمة وتنفق اموال ضخمة على تطوير الاسلحة التقليدية.وتحاول التوسع فى تعزيز قدراتها العسكرية من خلال الانفاق على الابحاث فى مجال القدرات غير التقليدية . والتى تعتقد ان من خلالها تستطيع احداث نوع من التوازن النووى مع اسرائيل (ليس هناك مايثبت رسميا امتلاك اسرائيل للاسلحة النووية كما انها تنكر باستمرار امتلاكها مثل هذه الاسلحة) .اضافة الى تاكيد تفوقها فى مجال الاسلحة التقليدية .والذى يدعم امكانية تدخلها فى الضفة الجنوبية الشرقية للخليج العربى (ترفض ايران على الدوام تسمية الخليج العربى. وتطلق عليه الخليج الفارسى .وليس خليج ايران تاكيد لفارسية الخليج).وهذا يوكد ان ايران على المدى البعيد تنظر الى منطقة الشرق الاوسط ومناطق الخليج الغنية بالنفط كمجال حيوى لنفوذها لتحقيق اعلى قدر من المكاسب.اى ان الموضوع برميه ليس الا بحث وتقاسم لمناطق النفوذ .وليس ذلك شيئا غريبا او مستبعدا فكل دول العالم تبحث عن مصالحها.ولقد عبر على اكبر ولايتى الذى كان وزيرا للخارجية ابان فترة نظام حكم حزب البعث فى العراق انذاك اصدق تعبير عن وجهة النظرهذه رد على تصريح وزير خارجية العراق انذاك طارق عزيز.متهما ايران بانها لاتفكر الا فى مصالحها حيث قال"انه فخر لى ان ادافع عن مصالح بلدى".ان ايران تستطيع بناء مفاعلات نووية وبمساعدة العديد من الدول التى تمتلك هذه التقنيات .لكنها فى هذه الحالة سوف تبقى حبيسة الشروط والالتزمات التىتفرض عليها من جراء ذلك.مثل كيفية اعادة تحميل المفاعلات بالوقود النووى واعادة معالجة النفايات بعد خمس سنوات مثلا من الاستخدام والرقابة الدائمة على انشطة المفاعلات والسلامة الصناعية وغيرها.وهذا يقود بالتاكيد الى تقييد حريتها فى التعامل مع التقنيات النووية ويجعلها غير قادرة على الذهاب ابعد من ذلك .فهى ترفض تخصيب اليورانيوم فى خارج اراضيها لان ذلك سيحرمها من الاطلاع والبحث فى مثل هذه التقنيات. ويحرمها من فرصة الذهاب الى ابعد من الاستخدام السلمى للطاقة النووية .وقبل مدة قصيرة قال على اكبر هاشمى رفسنجانى (رئيس مجمع مصلحة تشخيص النظام) ان ايران تنتج اليورانيوم المخصب من 164 جهاز طرد مركزى وانها حصلت بنجاح على انتاج صناعى من اليورانيوم وتسعلى الى انتاج يورانيوم مخصب بنسبة 3,5% وانتاج الدورة الكاملة للوقود النووى الضرورى لتشغيل المفاعل النووى فى بوشهر لانتاج الكهرباء.ان هذا التصريح يوكد بكل وضوح التالى. 1-ان انتاج يورانيوم مخصب يحتاج الى 164 جهاز طرد مركزى.او اقل من هذا العدد.وذلك يعتمد على ما اذا كانت احهزة الطرد المركزى قديمة او حديثة .وليس الى الالاف الاجهزةكما يصرح المسوولين الايرانيين فى العديد من وسائل الاعلام .والسوال هو ماحاجة ايران الى الالاف من اجهزة الطرد المركزى؟ 2-ان الوقود النووى المستخلص (يعتمد ذلك على درجة نقاوة وتركيز اليورانيوم المستخدم) يكفى لتشغيل مفاعل بوشهر.لغرض انتاج الطاقة الكهربائية .فما الغرض من زيادة درجة التخصيب؟ ان تركيب الالاف من اجهزة الطرد المركزى يعنى امرين 1-محاولة زيادة درجة التخصيب بدرجة عالية لان الاجهزه المستخدمة للطرد المركزى الحالية لاتنتج اليورانيوم بدرجة تركيز كافية باستخدام سلسلة متعددة من اجهزة الطرد 2- ان الاجهزة المستخدمة تعانى من مشاكل فنية تجعلها غير قادرة على فصل مكونات اليورانيوم (238 عن 235) بنقاوة عالية كما ان تصريح على اكبر هاشى رفسنجانى حول نجاحها فى( انتاج دورة الوقود النووى ) يعنى ان ايران نجحت فى الحصول على مايكفى من اليورانيوم لتشغيل مفاعلاتها .وهو ما لم تفعله الى الان فاذا كانت ايران قد نجحت فى كل ذلك(وهناك علامات استفهام عديدة حول هذا الموضوع) فان ذلك يعنى انها اصبحت على بعد خطوات معدودة من استخدام البلوتونيوم او اليورانيوم عالى التخصيب فى اغراض عسكرية.وهذا ما يجعل ايران قادرة على فرض هيمنتها على العديد من الدول وفى مقدمتها العراق والخليج العربى.ومن جانب اخر فان االقادة السياسيون فى ايران يعلمون ان امكانية ايقاف طموحات ايران لامتلاك سلاح نووى ضعيفة ولذلك هم ماضون فى تصريحاتهم والدخول الى مالانهاية فى سلسلة من المفاوضات هدفها الاساسى كسب الوقت الازم لاتمام مشروعها وهى تخطط منذ زمن بعيد لذلك.فهى لديها من التاثير والنفوذ والاذرع العسكرية الداعمة لها والموثرة فى العديد من الدول المجاورة لها والبعيدة .ما يجعلها تطمئن الى ان احتمالية اتخاذ اجراءات عسكرية ضدها امر مستبعد . اما العقوبات الاقتصادية التى من المحتمل فرض المزيد منها على ايران .فان ذلك لن يكون مجديا بالدرجة التى تجعلها تتراجع عما تود الوصول اليه .اذ ان ارتفاع اسعار النفظ لازال يحقق لها فائض فى العائدات المالية خارج خططها الاقتصادية المقررة اصلا. وكما ان رفضها اقترح التخصيب خارج اراضيها يمكن ان يكون مرده الى عدم رغبتها فى اطلاع الغرب على عينات مما ينتج لديها من غاز سادس فلوريد اليورانيوم والذى قد يعطى الغرب معلومات دقيقة وحساسة عن الكيفية التى تستخدمها ايران فى الحصول عليه .ومدى الفترة الزمنية اللازمة للحصول على يورانيوم عالى الجودة والكفاءة لاستخدامه فى مفاعلاتها . كما ان ايران اليوم تعانى من ازمة داخلية عميقة وانقسامات داخل المجتمع الايرانى حول التوجهات المستقبلية للدولة .ويتضح ذلك من خلال التظاهرات المستمرة فى الشارع الايرانى والصراع بين الاصلاحيين والمحافظين والذى قد يتطور لاحقا الى احداث مشابهة لما حدث فى ايران عام 1979م .وربما تكون ايران اليوم على اعتاب( ثورة ثانية) يقودها الاصلاحيين .وهذا ما سيتضح فيما ان كانت العقوبات الاقتصادية التى يلوح بها الغرب ستدفع الى مزيد من التازم فى الوضع الاقتصادى الايرانى وانعكاساته على الشارع والبازار الذى كان داعما رئيسيا للثورة الاولى .ولذك نرى ان التصعيد الاخير بالاعلان عن انشاء 10 محطات تخصيب جديدة يصب فى اتجاه الدفع نحو مواجهة محتملة بين الغرب وايران. وهو مايود تحقيقة المحافظون لتحويل الانظار عن المشاكل السياسية والاقتصادية التى يواجهها النظام الحالى الى صراعات خارجية تتيح له تصفية خصومه الداخليين. ولذلك فهى ماضية فى المفاوضات والتعديلات وتقديم المقترحات والتصعيد نحو المواجهة. الى مالانهاية . كسبا للوقت اللازم الذى يعتقد القادة الايرانيون انه ضرورى لاتمام مشروعهم .ان نجحت فى تجاوز مشكلاتها الفنية والتقنية فى ذلك. لتضع العالم امام الامر الواقع ولكن السوال المطروح الان لماذا يعلن القادة الايرانيون وباستمرار عما يفعلونه ؟واذا كانوا يستخدمون الان الالاف اجهزة الطرد المركزى ولم يحصلوا على يورانيوم عالى التخصيب فما الذى يفعلونه اذن.كما ان كشف الصحف البريطانية لوثائق قالت انها مكتوبة بالفارسية تتحدث عن "محفز النيوترونات" يعنى ان ايران حصلت على مايكفى من اليورانيوم لصنع سلاح نووى وهى فى طريقها لايجاد وسيلة لاحداث التفاعلات اللازمة لجعل سلاحها النووى يدخل حيز الفعالية.وربما كان كل مايعلن الى الان على الارجح. وسيلة لدفع الغرب الى اتخاذ خطوات تصعيدية مقابلة .للاستفادة منها فى تبرير القمع المستمر للمعارضة فى الداخل مما يتيح الاسراع فى ترتيب الوضع الداخلى لصالح المحافظين.ايران اليوم تعانى من ازمة داخلية عميقة لن ينهيها القمع للتظاهرات السلمية التى يديرها الاصلاحيون .وهى على اعتاب( ثورة ثانية) ان صح التعبير. ربما لم تتضح معالمها بصورة دقيقة الى الان .ولكن الصراع نحو تغيير الداخل الايرانى لايزال قائما .ولذلك ليس من المستبعد ان تقوم ايرا ن بخطوات تصعيدية كبيرة .لتحويل الانظار عن ازماتها الداخلية . وبما يكفل للنظام السياسى الحالى الاستمرار دون معارضة فاعلة فى الداخل؟.وتعتقد ايران الى الان انها نجحت فى كل ماخططت له .فهل سيستمر النظام السياسى الحالى فى ايران فى افتعال الازمات للتخلص من عب التغيير القادم.هذا ما ستكشفه لنا الاشهر القادمة
منذر محمد القيسى [email protected]
#منذر_محمد_القيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل انتهى عصر الابداع
-
نصب الحرية
-
الوداع الاخير
-
رجع بعيد
-
هل يعبر الاعلام العربى عن العرب
-
ذكرى امراءة
-
صرخة تحت ضوء القمر
-
النهر
-
شوق
-
ابا ثائر
-
رحلة اخرى
-
بقية اطلال
-
بغداد
المزيد.....
-
مسؤول بحزب الله: مستعدون لحرب طويلة وسكان شمال إسرائيل لن يع
...
-
نجل ترامب يسخر من زيلينسكي بعد إعادة انتخاب والده: -أنت على
...
-
ولي العهد السعودي: نطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارات إخلاء جديدة لسكان بلدات في جنو
...
-
تايوان تعلن انتهاء التحقيقات حول أجهزة البيجر المنفجرة في لب
...
-
السيسي: سنقف ضد كل مخططات تصفية القضية الفلسطينية
-
ملك الأردن: علينا أن نكثف جهودنا لكسر الحصار على أهلنا في غز
...
-
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تدق ناقوس الخطر حول التغيرات
...
-
?-خبر تورك-: المفاوضات حول أوكرانيا قد تبدأ قبل يناير 2025
-
العثور على هيكل شبيه بالبركان في المحيط المتجمد الشمالي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|