أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - علي شكشك - هواري بومدين -صوفية السياسي -














المزيد.....

هواري بومدين -صوفية السياسي -


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 19:35
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



هو من الأشخاص الذين يوازنوننا في جدوى حياتنا, بعد أن نكتشف شيئاً فشيئاً كلما تفتحت علينا مسامُّ أبصارنا كم هي الأرضُ رخوةٌ تحتنا, وكم هي الجدران مائلة وكم هي العدالة هشة والنفوس أنانية, والظلم من شيم النفوس, هو من أولئك الذين يعادلون فكرةً ما نتعلق بها, حين نغلق أعيننا لعلنا نرى شيئاً أجمل مما تراه عيوننا المفتوحة على مشهد التدافع الإنساني, فهو قد تماهى مع الفكرة حتى أصبحا هو, فقد أنكر ذاته حتى لم نعد نعرف اسمه الأول, ولم يعد يعني في الوعي الجمعي إلا تنسكه فيه, فلا يُذكر إلا للدلالة على تلك الكيمياء التي كانت تتفاعل في الزمان الذي أمسكه ذات مكان وغمسه بروحه فانسلت الألوان,

لم يمر عليه التاريخ, وإنما هو مرَّ على التاريخ, وأمسك به وقبض عليه, هزَّه بيديه, وغيَّرَ مجراه, وعندما رحلَ وقف التاريخُ برهةً مشدوهاً قبل أن ينتبه أنه استفاق, فإذا الرجل الذي كان رحل ما زال هاهنا, حاضراً فينا وبيننا, فهو ما غاب لكنما فقط "قضى نحبه", وما زالت "حضرته" وروحه ونبضه تتموج وتتردّد ولا تخمد فهي تقتات من التعب, تعب الناس الذي لا ينضب,

لم يكن غريباً وهو يطوي مشروعه في ضلوعه, ويكابد تنسكه في آلام أمته أن يستلهم ويسند روحه إلى ضمير عمقه وأغوار جذوره, فكان الــ "هواري" و الــ "بومدين" إثنين من الأولياء في الغرب الجزائري, أصدقَ ما يُحبُّ أن يذوبا في روحه ويصبحا "هواري بومدين", نافياً بذلك ذاته عن ذاته, ليولد هو فيه, فكرةً ومعنى وتجردا,

هو ابن المدرسة الكتانية "الثانوية الدينية", التي تركها عندما عرف أنّ السلطات الفرنسية سترغمه على التجنيد الإجباري, وهو ابن الأزهر الشريف, وهو الذي فتح عينيه على أبيه المزارع المنغمس بالأرض ويتلون وجدانه بجزائرَ مستعمَرةٍ أسيرةٍ معذَّبة, كيف يمكن أن يتشكّل وعي الفتى ذي الثلاثة عشر وهو يشهدُ عمليات القمع الاستعماري البشع في الثامن من ماي لعام خمسة وأربعين من القرن الماضي, في منطقته قالمة, ثم كيف وهو في القاهرة يكابد الإحباط جرّاء هزيمة ثمانية وأربعين واغتصاب فلسطين, فينهمك في محاول إدراك أسبابها وأدوائها,

هذا الطفل الفتى الشاب الذي غرق في المكابدة الصامتة والمتابعة المتأمِّلة دون ضجيج, ربما كان يخبِّئُ بين ضلوعه حلمه ومشروعه وتصوره, وعقد عزمه عليه, وطوى روحه على روحه, ومضى بلا أضواء ولا ضجيج, مما حيَّرَ أعداءه الذين سمَّوه لاحقاً الرجل الغامض, والرجل اللغز, لمجرد أنّه لم يمنح نفسه إلا لأمته ولم يبُح إلا لشعبه ولم يضعف إلا أمام أهله, فهو ليس مديناً لفرنسا بشيء كما قال, مما حرّره من الإحساس بالأسر للغرب, فقد نشأ وتكوَّنَ عربياً إسلاميّاً من قسنطينة إلى أعرق جامعات العالم, وقضى نحبه دون أن يزور بلداً غربياً واحدا,

حاملاً همَّ أمّته خرقةً على ظهره, متنسّكاً في الدرب إلى الانعتاق والحرية والعدالة والمساواة والمجد, كان يعبر ويعبّدُ الطريق, يصوغها حرفاً حرفاً, وشجرةً شجرةً, واصلاً آخر الليل بأوّلِ النهار, ككل الناسكين القائمين على أوجاع الناس وأشواق المضطهَدين, صوفياً سياسياً مؤمناً, فلا عجب أن يوازن أرواحنا في الركام, شاهداً على إمكانية تحقق فكرة الإنسان, فقد أصبح نهجاً وقطباً وصاحب طريق, للمُريد والمكلوم, والظمآن والمظلوم, من أوّل الحبِّ حتى فلسطين.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرّد عِناد
- بياض صمتها
- القدس في آخر العام
- حول الملعب
- مايعجز الكلام
- النيوءة
- نحن لا غودو
- ترجمان الاشواق
- الزمن الثقافي الفلسطيني
- موجز الكلام- فتحي الشقاقي-
- في منطقة اليقين
- الجريمة
- فيما هو آت من مستقبل الزمن الذي فات
- قدس الزمان
- القدس ستملأ الأفق
- فرادة النكبة -وطن حيّ لا تقطنه روحان-
- نحن المضاف إليه في {أرض الميعاد}
- مسرح في المسرح
- الكريم يُكرّمُ الكريم -وسام في الجزائر-
- غزة تتجلي


المزيد.....




- بعد محاولة اغتيال صدمت أوروبا.. رئيس وزراء سلوفاكيا يخضع لعم ...
- مقتل قيادي في حماس وإصابة اثنين في غارة إسرائيلية استهدفت سي ...
- إسرائيل تعثر على جثث 3 رهائن في غزة.. وقتال عنيف في جباليا
- شرطة فنلندا تفتح تحقيقا في تسرب كبير للبيانات بعد هجوم سيبرا ...
- بوشيلين: القوات الروسية تتقدم في مقاطعة خاركوف وعلى طول خطوط ...
- مدفيديف يدعو لإقامة منطقة عازلة -واسعة- تشمل كييف لحماية الم ...
- ما وراء سعي نتنياهو لفرض حكم عسكري على قطاع غزة؟
- بوتين : لا خطط حاليا للسيطرة على خاركوف
- غالانت من الحدود مع لبنان: العملية ضد حزب الله وشيكة
- حرية وسائل الإعلام الإيطالية تواجه ضغوطا متزايدة في عهد ميلو ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - علي شكشك - هواري بومدين -صوفية السياسي -