أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رضي السماك - ملف حقوق الإنسان















المزيد.....

ملف حقوق الإنسان


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 176 - 2002 / 6 / 30 - 09:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 
*شخصيتان نسائيتان: ثمة مفارقة ذات دلالة لعلها تبعث على شيء من التفاؤل والارتياح في مسيرة النضال الدولي المنظم من أجل صيانة وضمان حقوق الإنسان في مختلف أرجاء المعمورة، هذه المفارقة تتمثل في تبوؤ شخصيتين نسائيتين رياديتين قيادة منظمتين دوليتين عريقتين في مجال حقوق الإنسان: الشخصية الأولى: هي ماري روبنسون المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والثانية: هي ايرين زبيدة خان الأمين العام لمنظمة العفو الدولية.ووجه المفارقة الباعثة على شيء من الأمل ان واحدا من أهم محاور الرسالة النضالية التي نذرت نفسها للتفاني من أجل تحقيقها كل منظمات حقوق الإنسان العالمية هو النضال من أجل حقوق المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل في مختلف المجالات.

لكن في الوقت الذي مازالت ايرين خان في مستهل ولايتها بعد انتخابها في العام الماضي أمينا عاما لــ "الامنستي" فان ماري روبنسون تحت تأثير الضغوط الامريكية عليها بسبب مواقفها النزيهة من انتهاكات الولايات المتحدة لحقوق الإنسان في أفغانستان، فضلا عن الإجراءات الاستثنائية التي تمس الحقوق المدنية والسياسية داخل الولايات المتحدة نفسها إثر أحداث سبتمبر.. تحت تأثير كل ذلك اعلنت عدولها عن اكمال تمديد ولايتها الثانية وان هذه السنة هي آخر سنة لها كمفوضة سامية، وذلك كما جاء في كلمتها أمام الدورة الأخيرة الــ 58 لهيئة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. ويعد انسحابها المبكر من هذا الجهاز الدولي الهام الذي تطغى عليه الضغوط الحكومية الدولية المستمدة من طبيعة تركيبة الأمم المتحدة وهي تتمتع بتلك النزاهة والاستقلالية لهو خسارة فادحة لمسيرة العمل الدولي من أجل حقوق الإنسان. فمن هي ماري روبنسون؟ ومن هي ايرين خان؟ ماري يورك روبنسون سيدة كاثوليكية ايرلندية ساهمت تنشئتها الأسرية والاجتماعية علاوة على تنشئتها الثقافية والاجتماعية في تكوين شخصيتها المتصفة بقدر كبير او معقول من الاستقلالية والنزاهة والتجرد، وهي صفات ومتطلبات ضرورية لا غنى عنها لأي جندي عامل في معركة النضال من أجل حقوق الإنسان فما بالك اذا ما كان على رئاسة جهاز دولي.. وهو ما نفتقر اليه غالبا - للأسف - في منظماتنا العربية؟

ولأنها نشأت منذ البداية ذات شخصية قوية عرفت بنزعتها المتمردة على القيود والمواريث المتخلفة فقد تزوجت بروتستانيا هو في نفس الوقت محام ورسام كاريكاتيري (لنتذكر بسبب نزعتها الإنسانية غير المسيسة تنديدها برسم كاريكاتيري صحفي في مؤتمر ديربن بجنوب افريقيا يطغى عليه المدلول العنصري ضد اليهود مما أثار حفيظة العرب عليها واتهامها بالتحيز لاسرائيل وموالاة الصهيونية!)، وفي مجتمع شديد الانقسام الطائفي فقد قاطع أهلها حفل زواجها. مهنة روبنسون الأصلية المحاماة وقد درست القانون في "ترينتي كولدج" وعينت لاحقا استاذة للقانون الدستوري فيها، كما درست في "كينجز كولدج" و"هارفارد"، وانتخبت في مجلس الشيوخ، والأهم من ذلك فانها لم تنتم الى حزب سياسي اللهم بضع سنوات في حزب العمال الايرلندي، وهو ما عزز مكانتها المستقلة المحترمة من الجميع وساعد على فوزها انتخابيا لرئاسة الجمهورية عام 1990، وفي عهدها اتخذت قرارات تاريخية جريئة كإلغاء الحظر على الطلاق لكنها ظلت وفية لمعتقداتها الدينية حيث اصرت على رفض الاجهاض. تسلمت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في نفس سنة انتهاء ولايتها الرئاسية الدستورية (1997)، وعرفت بمواقفها الجريئة المبدئية المنددة بجرائم وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي لحقوق الإنسان الفلسطيني وقامت بزيارات تحقيقية للأراضي المحتلة وللبلدان التي شهدت انتهاكات فظة لحقوق الإنسان كالصومال وكوسوفو وسيراليون وتيمور والشيشان.

أما ايرين زبيدة خان أمين عام "الامنستي" فهي مسلمة بنغالية وهي الأخرى تخصصت في القانون الدولي وحقوق الإنسان بجامعة مانشستر في "هارفارد لوسكول" في بريطانيا. بدأت مسيرة نضالها الإنساني كمساعدة قانونية للجنة الدولية للحقوقيين بجنيف ، ثم التحقت بالمفوضية العليا للاجئين - كمستشارة لحماية اللاجئين - ثم اصبحت رئيسة لبعثة المفوضية العليا للاجئين بالهند عام 1995، وفي عام 1999 عينت مساعدة لمديرة هيئة الحماية الدولية ثم تخلت عن هذا المنصب لتنضم الى منظمة العفو حتى تبوأت الأمانة فيها العام الماضي. وما يهمنا من كلتا هاتين الشخصيتين النسويتين هو تمتعهما بقدر كبير من النزاهة والتجرد في عملهما الدقيق المتعلق بقضايا حقوق الإنسان المتفجرة دوليا في عالم تحتدم فيه الانقسامات والصراعات.. وما كان لهاتين الكفاءة والنزاهة ان يحققاهما لولا تنشئتهما المستقلة.

*منظماتنا العربية : لا شك في أن الأجواء الديمقراطية العريقة التي يتمتع بها عدد من البلدان الغربية لها دور كبير في قيام منظمات وطنية معنية بحقوق الإنسان، كما أن لها دورا كبيرا في انطلاق الجهود العالمية لتأسيس منظمات دولية لذات الغرض من بعض تلك البلدان أو لاتخاذها مقار لتلك المنظمات وهي منظمات تتمتع بقدر معقول من المصداقية والشفافية على المستوى العالمي وبذلك تحظى باحترام الجميع،

ولا شك أن تلك الأجواء الديمقراطية ــ وبضمنها التنشئة الثقافية الليبرالية والأكاديمية ــ لعبت دورا أيضا في بروز كوادر وشخصيات قيادية عاملة في تلك المنظمات ــ الوطنية والدولية عُرفت باستقلاليتها ونزاهتها على نحو ما تناولناه يوم أمس للنموذجين النسائيين (المفوضية السامية لحقوق الإنسان ماري روبنسون، وأمين عام منظمة العفو الدولية ايرين خان)، لكن كل ذلك ينبغي ألا يمنعنا من القول: إن توافر المناخ الديمقراطي المعقول ليس دائما هو الشرط الحاسم ــ وإن كان هاما ــ سواء لقيام المنظمة المتصفة بالشفافية والنزاهة في نشاطها أم لبروز كوادر وقيادات تحظى باحترام أوسع الأوساط والجهات العالمية لاستقامة نزاهتها وتجردها فوق الأهواء السياسية والميول القومية والاثنية والطائفية.. إلخ.

وبشكل أكثر تحديدا ثمة العديد من المثقفين والساسة والقانونيين في عالمنا العربي من يستطيعون حتى في ظل افتقاد تلك الأجواء الديمقراطية ــ كليا أم جزئيا ــ أن ينذروا أنفسهم لهذه الرسالة العظيمة، بل يستطيع حتى ذوو الانتماءات الحزبية أو الأيديولوجية أن يتوخوا قدرا معقولا من الحيادية والنزاهة إذا ما أعطوا جل اهتمامهم لهذه الرسالة الإنسانية النبيلة العظيمة وكرسوا بصدق حياتهم لها ووضعوها فوق كل اعتبار حتى لو تطلب الأمر التسامي بقدر معقول فوق أهوائهم السياسية وعواطفهم الحزبية أو الفكرية. ومع أن بلوغ هذه المعادلة هو مهمة شاقة وشائكة في عالمنا العربي المنكوب بقضايا وطنية وقومية واجتماعية متفجرة ومتشابكة وبخاصة فيما يتعلق بملابسات وتعقيدات المسألة القومية (فلسطين) حيث تلتبس وتتداخل قناعات وآراء الفرد المنضم إلى واحدة من هذه المنظمات لتؤثر على نزاهته أو نزاهة المنظمة التي انخرط فيها، إلا أن النضال الدؤوب ذاتيا وجماعيا لبلوغ هذه المعادلة ليس بالمستحيل إذا ما أردنا خدمة حقوق الإنسان العربي قبل أي اعتبار آخر، وإذا ما أدركنا أن خدمة حقوق هذا الإنسان فوق هذه البقعة العربية الكبيرة ــ أيا كان انتماؤه السياسي أو الطائفي أو القومي وأيا كان النظام السياسي الذي يعيش في ظله هذا الإنسان ــ هي في نهاية المطاف جدليا تصب في صالح تحرر هذا الإنسان سياسيا واجتماعيا وقوميا، وهي في النهاية أيضا تصب في صالح قضاياه الوطنية والقومية المصيرية مجتمعة وعلى رأسها القضية الفلسطينية مهما بدت بعض جوانب التجرد في هذه الخدمة متعارضة مع أهوائنا السياسية أو ميولنا الفكرية.

إن منظماتنا العربية الناشطة في مجال حقوق الإنسان ورغم تقديرنا لما قدمته من خدمات جليلة لقضايا حقوق الإنسان مطالبة اليوم بمراجعة نقدية شجاعة لتتمكن من الانطلاق منها إلى بلوغ تلك المعادلة الصعبة في عالمنا العربي المسكون بتلك القضايا المعقدة المتشابكة.. هذه المراجعة عليها أن تركز على مجموعة من الأسئلة الموجعة لعل أبرزها: ــ هل نريد من منظماتنا العربية أجهزة تنظيمية فاعلة لخدمة قضايا الإنسان كائنا من كان هذا الإنسان، أم نريدها واجهات حزبية أو ساحات للنفوذ والكسب الحزبي كالنقابات؟! ــ هل يمكن للناشط الحزبي أو الناشط السياسي أن يجمع بين النشاطين الحزبي والإنساني في آن واحد دون طغيان أحدهما على الآخر ودون تأثير الأول على متطلبات ومقتضيات الثاني في النزاهة والتجرد والحيدة؟! ــ هل نريد من منظماتنا مؤسسات فاعلة قادرة على الغوص في أعمق قضايا الإنسان والتفتيش عنها لمناصرتها ورفع ظلاميتها، أم نريدها مؤسسات لتلقي الشكاوى فقط أو إصدار البيانات الموسمية أو الدورية حول قضايا محلية وخارجية؟ أم نريدها تكتفي بكرنفالات المعارض والندوات والمهرجانات؟! هذا مع عدم تقليلنا من أهمية هذا النوع من الأنشطة. ــ كيف يمكن لمنظماتنا العربية أن تتغلب على ازدواجية المعايير في أنشطتها وذلك حينما تتضامن مع ناشطين وناشطات سياسيا من ضحايا انتهاك حقوق الإنسان في دول عربية شبه ديمقراطية ــ كالأردن ــ في حين تحجب تضامنها مع عشرات الألوف من الناس العاديين والشخصيات الديمقراطية والسياسية في دول عربية شمولية ــ كالعراق على سبيل المثال لا الحصر ــ هي الأشد استبدادا أو قمعا مهما تسترت برفع الشعارات القومية، هذا بينما أعرق منظمات حقوق الإنسان العالمية المحترمة تتضامن مع ضحايا حقوق الإنسان في جميع هذه الدول دون استثناء؟!
 



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المستقلين في الحياة السياسية البحرينية
- فضاءات
- آفاق تطوير الشفافية
- ثلاثة أفلام وقضية واحدة
- عيد العمال
- ندوة طهران
- تاريخ الحركة النقابية في البحرين


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رضي السماك - ملف حقوق الإنسان