* "الخصخصة": لعل من نكد الزمان وسخرياته ان الدعوات المتصاعدة الى ما يسمى بـ "الخصخصة" باتت خلال العقد الاخير كأنها اشبه بالعصا السحرية لحل مشاكل وأزمات البيروقراطية والخسارة الاقتصادية في بلدان المعسكر الاشتراكي السابق والعالم الثالث عامة، واصبحت اغلب حكومات هذه البلدان مهووسة في الجري وراء موضة اسمها "الخصخصة" كأنها طوق النجاة من تلك الأزمات حتى لو تمت هذه الخصخصة في ظل قيادات سياسية وادارية فاسدة أو حتى لو تمت في بلدان تحكمها أنظمة دكتاتورية أو شبه دكتاتورية أو حتى لو تمت في ظل غياب التخطيط القومي والرقابة الادارية.. وكل هذه المستلزمات كما نعلم في علم الاقتصاد هي من أبسط شروط نجاح "الخصخصة".
ولئن كان يمكن فهم الخصخصة في الدول التي كان تسودها الأنظمة الاشتراكية حيث ان معظم المؤسسات والشركات الاقتصادية والتجارية مؤممة وتخضع للقطاع العام، فإن ما لا يمكن فهمه ان يجرى رفع لواء الخصخصة في دول هي اساساً تأخذ بالاقتصاد الحر ومعظم مؤسساتها الاقتصادية هي مؤسسات خاصة، كحالنا، لا بل لا يوجد لدينا أصلاً شيء اسمه "قطاع عام" لنميزه عن القطاع الخاص اللهم الوزارات والهيئات والمنشآت الحكومية التي نطلق عليها ذلك مجازاً. ومعظم او كل تلك المنشآت العامة التي تضطلع بمسؤولية تأدية الخدمات الاجتماعية الضرورية كالتعليم، والصحة والاسكان، والبريد، والمواصلات، والكهرباء والماء، وتموين المواد الغذائية الضرورية، والأشغال، هي من صميم دور الدولة وواجباتها في الحفاظ على المستلزمات المعيشية والحياتية الضرورية للمواطنين التي ينبغي عدم تركها تحت رحمة القطاع الخاص، وهذه الخدمات مازالت تضطلع بها كلها او معظمها الدول الرأسمالية. ويعد استمرار اضطلاع الدولة بهذه الخدمات فائق الأهمية في بلدان العالم الثالث التي تواجه معوقات وازمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة في طريق تطورها التنموي مما يعني انه اذا ما فتح الباب على مصراعيه لبيع هذه المنشآت الخدمية كالمواصلات العامة والكهرباء وقبلهما "اللحوم" فإن شريحة هامة عريضة من المواطنين ستقع تحت رحمة قانون العرض والطلب والربح والخسارة بما يعرض مستوياتها المعيشية للمزيد من التدهور ويضيف إلى الدولة المزيد من الأعباء السياسية والازمات التي لديها ما يكفيها منها متراكمة منذ ثلاثة عقود! فهل نأمل بوقفه موضوعية لفرملة هذه الاندفاعة نحو "الخصخصة" والتبصر مقدماً بنتائجها وآثارها العكسية الكارثية المتوقعة؟!
* معتقلو "جوانتانامو": لو ان هؤلاء المنشغلين ليل نهار بالتسبيح بحمد ومآثر "المجاهدين" من قيادات "القاعدة" والجماعات المسلحة ورثاء بعض "شهدائهم" في جبال الشيشان وافغانستان قد نذروا انفسهم الآن وليس غداً للدفاع عن الأحياء منهم والمعلومين منهم مكاناً في "معتقل جوانتانامو" حيث ترتكب بحقهم اشد انتهاكات حقوق الانسان وحشية وادماء للكرامة الانسانية باعتراف القاصي والداني من مختلف المحافل والأوساط الدولية ومن ثم التعاون مع الجمعيات السياسية وجمعية حقوق الانسان لبذل كل ما يمكن لرفع ظلاميتهم واطلاق سراحهم - وبخاصة الابرياء منهم - اما كان افضل من الانشغال بالتغني بأمجاد "الابطال" الفارين والرثاء على الاموات الراحلين؟!
* الجنسية المزدوجة: لا احد يعترض من حيث المبدأ على منح الاشقاء الخليجيين الجنسية البحرينية فكل الخليجيين العرب بحرينيون سواء حملوا رسمياً هذه الجنسية ام لم يحملوها وكل البحرينيين هم مواطنون في كل دول مجلس التعاون سواء حملوا جنسية اي منها رسمياً ام لم يحملوها، فما من منطقة في العالم تعرضت لهذه التجزئة المقيتة الاشد اصطناعاً كما تعرضت لها منطقة الخليج العربي، لكن نرى من الاهمية بمكان ان يتم ذلك وفق استراتيجية خليجية مشتركة واحدة داخل مجلس التعاون ذات معايير شديدة الوضوح وأن تتم بتدرج وروية بحيث تسبقها دراسة لكل الآثار السياسية والاجتماعية، المحتملة القريبة والبعيدة سواء على الصعيد الداخلي للدولة المانحة الجنسية الجديدة ام الدولة المانحة الجنسية الاصلية القديمة، فما افسده الدهر السياسي بحاجة الى وقت ولن يصلحه العطار فوقيا بين عشية وضحاها.
* تحالف البيانات المشتركة: يبدو أن جمعياتنا السياسية قد حسمت أمرها نهائيا بالاكتفاء بتدبيج البيانات السياسية المشتركة في القضايا العربية اغلب الاحيان وفي القضايا المحلية في القليل من الاحيان واستطابت هذا التنسيق "الجميل" عوضاً عن أي صيغ تحالفية او تنسيقية في العمل السياسي وما اكثر مجالاته وهمومه المشتركة.. واذا كان يمكن للمرء ان يفهم هذا المآل المؤسف من العمل المشترك فان ما لا يمكن فهمه هو احتكار جهة سياسية محددة صياغة مسودة البيان بحيث تجيره روحا وضمنياً للدعاية غير المباشرة لنموذج قومي شمولي متهالك آيل إلى السقوط، بدلاً من ان يكون البيان متوازنا يأخذ برأي جميع الاطراف ومن ثم تنساق بقية الجمعيات او معظمها وراء ما لا يقل عن 90% من عناصر المسودة، وهذا ما حدث في البيانين الأخيرين ذوي العلاقة بالعراق!