أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - وطن بالمزاد العلني















المزيد.....

وطن بالمزاد العلني


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 20:32
المحور: كتابات ساخرة
    


نعلن نحن القيِّمون على الأمور في البقعة الجغرافية المسماة سوريا والمحددة وفق الخرائط المؤتمنة لدى الأمم المتحدة والتي لا نعتبر الاختلاف حول بعض تفاصيلها مع جيراننا أمراً مهماً، نعلن عن إجراء مزايدة علنية لبيع أو تأجير أو استثمار مساحة 185000 كيلومتر مربع من الأرض بما فيها وما عليها من كل ماهبَّ ودبَّ أو كمنَ على سطحها أو في جوفها أو في أجوائها للراغبين من المستثمرين الأجانب، مع تقديم حسومات خاصة للمتقدمين الأوائل من حاملي الجنسية الأمريكية أو الإيرانية، وذلك في أي مكان أو زمان يختاره المتقدم للعرض سواء تم ذلك في قصر ملكي أو رئاسي أو في غرفة فندق أو حول طاولة مقهى على شاطئ مشمس، بطريقة التواصل المباشر أو بالواسطة. كما يمكن تقديم العروض بواسطة وكلاء معتمدين شرط أن يتم هذا بالسر،إذا كان هناك ما يعيق من التقدم شخصياً لدواعي وأسباب أخرى.
المواصفات الخاصة للمعروض بالمزاد
• يتميز المعروض بساحل طوله أكثر من مائتي كيلومتر(هذا بدون احتساب ساحلي أنطاكية واسكندرونة الجاري استثمارهما حالياً من قبل تركيا). الجزء الصالح للاستثمار منه هو عشرة كيلومترات فقط لأن الـ190 كم الباقية تعتبر مجالاً حيوياً لبعض الشخصيات الوطنية التي تحرص لدواعي الأمن الوطني ألا يشاركها أحد في مياه بحرها هذا. ومع ذلك فهو ساحل جميل وفتان يصلح لبناء مدن سياحية كاملة ويمكنه جذب المستثمرين وبخاصة السوريين الكبار والمعروفين جيداً وإقناعهم بنقل استثماراتهم من إسبانيا ودبي وأماكن أخرى إليه، إذا وجدوا الأمان طبعاً. أيضاً من مميزات هذا الساحل أنه صالح لنشاطات أخرى مختلفة من الممنوعات مثل تهريب الدخان والأسلحة وغيرها. كما يمكن لأية طائرة معادية أن تتنزه فوقه بدون أية منغصات.
• له طبيعة جبلية يمكن الاستفادة منها لأغراض متنوعة. فقد سبق وأن استخدمت كقاعدة للثوار ضد الاستعمار الفرنسي. وكثير من سفوحها يستعمل اليوم لبناء قصور فخمة بحدائق طبيعية واسعة لبعض ضباط الجيش يستخدمونها لاستراحاتهم بعد المعارك والحروب الكثيرة التي خسروها على الجبهة وربحوها في الداخل. وبعد امتلاك هذا الجبل يمكن لمن يرسي عليه العرض أن يستخدم أي لقب يختاره لنفسه، باستثناء لقب (شيخ الجبل) لأنه مرهون لآخر. وفترة فك الرهن مازالت غير معلومة.
• 70% من مساحته هي بادية وصحراء. وهذه يمكن استخدامها بنجاعة وسهولة فائقة كمقبرة للنفايات النووية التي يمكن استقدامها من دول عديدة مستعدة لدفع ملايين الدولارات للتخلص منها. ولقد تمت تجربة هذا الأمر منقبل بعضنا منذ سنوات وكانت ناجحة تماماً ولم تنتج عنها أية آثار سلبية على القائمين بالعملية الذين مازالوا أحياء وأحراراً يرزقون. كما يمكن الاستفادة من السجون الموجودة فيها والتي حرصنا أن تكون لها أكبر طاقة استيعابية ممكنة كمقام شبه دائم للمشاغبين ممن يحاولون توهين نفسية الأمة من خلال إصرارهم على الحديث عن بدعة الوطنية وحقوق الإنسان وغيرها من المفاهيم مما لا يتماشى مع منطق الأمور عندنا.
• فيه أراض ومناطق سهلية تصلح لمختلف أنواع الزراعة، علماً أن القسم الأكبر منها تجري زراعته من قبل مواطنين لم يغتنِ أحد منهم بعد. ذلك لأن الغنى يقود إلى البطر. والبطر لا يليق بالكادحين من العمال والفلاحين وقود الثورة وأدواتها. لذلك ومنذ عقود وضعنا خطة تسعير رسمية للمحاصيل الزراعية من حبوب وقطن منتهجين مبدأ (قوت لا تموت) الذي مازال ساري المفعول حتى تاريخه. ورغم أن الثورة ومبادئها التي أعلناها في حينها طارت وطارت معها رؤوس كثيرة، لكننا نفتخر بصمود خطتنا تلك للتسعير التي مازالت قائمة ولا تتأثر بأية موجات أو هزات إقتصادية عالمية.
• آخر إحصاءاتنا تقول أن قرابة العشرين مليوناً من الكائنات البشرية الحية مازالت تعيش على هذه المساحة رغم جهودنا التي نجحت حتى الآن بإبعاد بضعة ملايين أخرى إلى المهاجر، ولم ندخل في حسابنا الأموات أو المنتحرين. أما الكائنات الحية الأخرى فهي موجودة بالطبع ولكن بالحد الأدنى. ومن الخصائص الإيجابية لهذه الملايين العشرين أنها هادئة ومسالمة ويمكن التعايش معها في كل الظروف. كما يمكن استخدامها كأيدي عاملة رخيصة توافقاً مع مستوى معيشتها الأكثر انخفاضاً في العالم. حيث أننا لم نعودها على الرفاهية والبذخ. وهي فوق ذلك قنوعة ويمكن مع بعض الشعارات التخديرية سَوق مئات الآلاف منها في كل مرة نحتاجها، في مسيرات تأييدية أو مظاهرات احتجاجية حسب الرغبة ووفق الاتجاه ودرجة الضرر المحددة بدقة ودراية لأية سفارة أو مؤسسة أجنبية نوجهها إليها. ولأننا نخشى ألا يتمكن من يرسي عليه العرض ضبط ميزان القوى مع هذه الملايين التي قد تنفجر في أية لحظة، فإننا نضمن له هدوءها وسلميتها أو تهييجها إذا تطلب الأمر، شرط بقائنا في الواجهة على رأس السلطة ليمكننا استخدام أساليبنا التي اعتدنا عليها وهي مجربة وأثبتت فعاليتها طوال أربعة عقود ونصف من التجسيد العملي لها. وهذه لا يمكننا كشف أسرارها لأن براءة الإختراع التي نحملها في هذه الأساليب هي مصدر رزقنا ورزق أولادنا ووسيلتنا للاستمرار. لذا لا نريد التفريط بها.
• الموقع الاستراتيجي الذي تحتله هذه البقعة الجغرافية هام واستراتيجي ويمكن استغلاله لمباشرة الكثير من العمليات السرية والعلنية مع الجيران أو ضدهم. كما عبر القارات. وفي هذا المجال تحديداً لنا تجربة وخبرة عميقة وقديمة. وما زلنا نعمل دائماً على تطويرها وتنويع أدواتنا وتمويه الدوافع والمقاصد كي لايسهل ضبطنا بالجرم المشهود. فعلى سبيل المثال لا الحصر: عملنا من هذا الموقع الاسترتيجي على تدريب وتسليح الثوريين اليساريين والقوميين والمتدينين الأصوليين من جميع الحركات والتنظيمات التي لها مشاكل مع حكوماتها أو تطلعات وطموحات معينة، وإرسالهم في عمليات مدروسة إلى حيث يجب. وفي الوقت ذاته كنا نحتفظ بعدد كبير منهم كنزلاء ظرفيين في السجون المشار إليها أعلاه. ومع ذلك فلا هؤلاء كفوا ولا أولئك انزعجوا. وفي النهاية يمكن لمن يرسي عليه العقد بيعهم للراغبين في الشراء كما فعلنا على الدوام.
إضافة إلى هذا يمكن استغلال هذا الموقع الهام لأرسال المتطوعين والانتحاريين وفرق الاغتيال إلى دول الجوار لتنفيذ بعض العمليات لصالحنا أو لصالح من ينتدبنا لذلك، وفق شروط اتفاق مسبقة. ولقد جربنا هذا الأسلوب أيضاً ومنذ عقود وما زلنا حيث أثبت فائدة عظيمة دون أن نخشى أية عاقبة، مستفيدين من هذا الموقع الجغرافي الحساس المعروض للمزاد. وبين الحين والآخر ومن أجل الزيادة في التمويه، نوجه عملية خفيفة إلى بعض الأهداف عندنا ونضخمها في وسائلنا الإعلامية لنعطي الانطباع بأننا أيضاً مستهدفون. بالطبع لن نغامر بسقوط أي رأس مهم لنا في هذه الحالة. وإن سقط بعض الأبرياء ضحايا، يكون السبب حظهم العاثر الذي رماهم بالبلاء. ونحن نكفل في الوقت ذاته، وبطرقنا الخاصة، عدم وصول أي من تلك الحركات والتنظيمات إلى أهدافها. وإن تطلب الأمر نستطيع من هذا الموقع الهام إلجام أية حركة مسلحة أو حزب إلهي وضمان سكوتها تجاه أي عدو مفترض إلا عبر الميكرفونات. ولنا هنا أيضاً تجربة حية مازالت ماثلة للعيان. ولكن شرط أن نبقى في أماكننا وزمام السلطة في أيدينا لنتمكن من تحقيق وعودنا هذه.
• مع الأرض والماء والهواء والعشرين مليون كائن، يجري تسليم من يقع عليه العرض حكومة وبرلمان جاهزين ومطواعين ولا يثيران أية متاعب لا لبعضهما ولا للآخرين. ولا يتبدل أعضاؤهما إلا بسبب الموت أو الانتحار. ولم يجرِ قط أن سُئل أحدٌ منهم عما لا يفعله لأنه لا يطلب منهم أساساً فعل شيء. وهذا جزء من خطتنا في الإمساك بزمام الأمور وضمان عدم إفلاتها من أيدينا. فنحن لدينا على الدوام من يقوم بعمل هؤلاء بدلاً عنهم ووفق ما نرتأيه. ونأمل ممن يرسي عليه المزاد أن يحافظ على هذا التقليد المكتسب بالوراثة.
• هذا العرض للمزاد دائم ومستمر وغير مرتبط بزمن. وفي حال رسى العقد على أحد الأطراف نكون غير ملتزمين بمدة محددة. ونحتفظ بحقنا في تسليم المعروض للمزاد لأي متقدم بسعر أكثر إغراءً في أي وقت، إلا إذا عرض المستثمر الحالي سعراً أعلى.

دفتر الشروط السرية وتعليمات وملاحظات هامة أخرى موجودة في ملف خاص يجب لمن يرغب الاطلاع عليها الحضور شخصياً مصطحباً معه أوراقه الثبوتية وشهادة تعريف مصدقة أصولاً من الجهات المختصة. وسيحدد موعد سري لهذا الغرض بعيداً عن أعين الفضوليين.





#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير ما قبل التوزير لقاضٍ سوريٍ شهير
- أنا أعترض
- الاسم الذي وحَّدَ روَّادَنا القوميين، وفرَّقَنَا
- جدار برلين في الشرق الأوسط
- سورية تغير سلوكها بعكازة غربية
- ماتت الخنازير... عاشت الإنفلونزا
- الشرق الأوسط وهاجس الأقليات المزمن
- قانون سوري جديد للأحوال الشخصية يثير استنكارات
- الأكيتو بين خيال الأسطورة وتجليات الواقع
- الحكام العرب وا لمحاكم المؤجلة - 2 - من التالي..؟
- الإلهيون إذا صرخوا: انتصرنا
- قطعة الجبنة .... والثعلب ، والقسمة غير الممكنة
- الديمقراطية بحسب النموذج العربي...وصفة قديمة متجددة
- من تركيا إلى دارفور
- كذبة كبيرة اسمها مقاومة
- رفاهية الابتهاج.... وضريبة القتل
- مسيحيو الشرق الأوسط بين دالوف الأنظمة ومزاريب الإرهاب
- أطلقت عليه السلطة (لا) واحدة فأردته معتقلاً
- معاقبة أمريكا سورياً وسحر الرقم 99%
- أيُّ الضربِ يؤلمكِ...؟


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - وطن بالمزاد العلني