أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - كذبة كبيرة اسمها مقاومة















المزيد.....

كذبة كبيرة اسمها مقاومة


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 2279 - 2008 / 5 / 12 - 08:43
المحور: كتابات ساخرة
    


تحت عناوين ومسميات لافتة ومعبرة ابتلي العالم أجمع وبخاصة الشعوب في البلدان العربية بموضة العنف الأعمى الذي تقوم به الحركات والأحزاب والمجموعات المسلحة تحت ذرائع ومبررات تارة باسم الوطنية والتحرير، وأخرى بلبوس الدين والجهاد في سبيل الله. وقد استغلت هذه التنظيمات المسلحة ظروف الكبت والقهر والاحتلال والظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي المنتشرة على كامل مساحة الشرق الأوسط، لتعلن برامجها “للمقاومة والتحرير أوللجهاد ضد الكفر والكافرين” مستندة على الدعم الكبير الذي تتلقاه من جهات خارجية لغايات خاصة بتلك الجهات وهي أبعد ماتكون عن تلك الأهداف المعلنة. هذا من جهة. ومن جهة أخرى تستغل هذه التنظيمات مشاعر التدين وعوامل الجهل والأمية المنتشرة بنسب عالية بين هذه الشعوب. إضافة إلى يأس المواطن من إمكانية إصلاح الأنظمة الفاسدة والمفتقرة إلى الحد الأدنى من الشرعية بقوى الشعوب الذاتية، أو إصلاح هذه الأنظمة لنفسها بنفسها. ناهيك عن فكرة التغيير المنبوذة بالاعتماد على قوى خارجية بعد تجربة العراق المريرة. كل هذه الظروف والعوامل مجتمعة، هيأت المناخ المناسب لنمو وتمدد هذه التنظيمات ولتقوم بمقاوماتها الخاصة وانتصاراتها الإلهية الممجدة بغض النظر عن المآسي والويلات على كل صعيد التي تجرها مقاومتها أو جهادها ذاك على الشعب المسكين الفاقد لأية إرادة أو إمكانية بالتعبير عن رأية بصورة مستقلة وبمعزل عن التأثيرات إياها.
وبانتظار توفر ظروف أفضل لهذه الشعوب المبتلاة بالمقاومات أو الجهادات الملوثة لتتمكن من إبداء رأيها في أجواء سلمية وديمقراطية فيما يخصها أولاً وأخيراً، دون أن تخشى أية عاقبة لا من الأنظمة الحاكمة ولا من تلك التنظيمات، فإن الحال سيستمر على هذا السوء، وقد يقود إلى كوارث حقيقية باتت بعض المناطق تشهدها فعلاً، كما في العراق وغزة، وقد يكون لبنان المرشح القادم، دون أن ننسى ماحصل في الجزائر والمغرب والأردن ومصر والسعودية وما يحصل حالياً في اليمن والصومال. دون أن تتوفر أية حصانة حقيقية لأي من الدول في الشرق الأوسط المطمئنة مؤقتاً لأمنها النائم على بحر من الرمال المتحركة.
في ظل رايات المقاومة أو الجهاد، (والتي قد لاتكون مصادفة أن تتلون بأحد اللونين الأسود أو الأصفر مع كل مايرمزان إليه هذان اللونان من حزن وبؤس) تُرتكب أبشع وأفظع الجرائم بحق شعوب فقدت بوصلة الهداية في صحراء اليأس العربي وشمس سياساته الحارقة لكل نبتة أمل. ولتبقى تلك العناوين المخادعة لامعة براقة ومقدسة. ولتبقى كل الأعمال التي ترتكب في ظلها والمفتقرة لأية سمة من سمات الوطنية والإنسانية بمنأى عن أي انتقاد أو مناقشة، حتى ممن يحرصون فعلاً أن تكون هناك مقاومة وتحرير. ففي الوقت الذي أعلنت فيه أمريكا وعلى لسان رئيسها خطتها لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة قبل نهاية عام 2005، نرى أن صواريخ القسام الخلبية تقذف بتلك الدولة إلى المصير المجهول في حين أنها لم تقتل حتى ولز دجاجة في إسرائيل. في الوقت ذاته تدفع صواريخ حزب الله الإيرانية بلبنان إلى قلب عاصفة الصراع الإقليمي والدولي وهو البلد الوحيد في المنطقة العربية ذات سمة مسيحية بارزة ونظام برلماني ديمقراطي.. وبسبب هذه السمة المسيحية وما تعنيه من طريقة حياة خاصة وهذا النظام الديمقراطي في محيط إسلامي لم يتعرف بعد على أي وجه من وجوه الديمقراطية، ظل لبنان يعاني من عدم انسجام داخلي تدعمه وتغذيه وتفعِّله التأثيرات المحيطة كلما دعت الحاجة. وقد تجسد عدم الانسجام هذا بالنزاعات والحروب الأهلية والتجاذبات الإقليمية منذ تأسيسه وحتى اللحظة. وحين يدخل حزب الله براياته الصفراء وبكل ثقله العسكري والديموغرافي معادلة الصراع هذه في بلد لا يفتقر إلى الهزات ولا يتحمل أي صراع من أي نوع كان، سوى صراع الكلمة والفكر، ومن خلف حزب الله إيران الدولة الدينية التي تدفع بلا حساب لنشر وتعزيز توجهاتها تلك، والنظام في سورية (العلملني) الفئوي الذي لا يتسامح قط مع كل من يقف ضد سياساته ومصالحه فيفتح الطريق واسعاً أمام إيران للعبور إلى لبنان بكل مايعنيه هذا العبور بالنسبة للطوائف اللبنانية المختلفة، فهل لنا أن نتخيل إلى أي شاطئ (إن كان له أن يرسو على شاطئ) سيقذف تسونامي حزب الله بلبنان؟
والوضع في العراق غني عن التعريف وماثل مع كل إطلالة شمس لكل ذي بصر وبصيرة. وهو أقسى وأمر من كل وصف وتوصيف. فمشاهد القتل والتدمير، والقتل والتدمير المضاد والتي لم توفر أحداً أياً كان انتماؤه أو مواقفه، حتى باتت من الأحداث اليومية التي تدعو المراقب للعجب إن خلا يوم منها. كل هذا يجري مرة أخرى في ظل راية الجهاد المنصوبة كالفخ لكل من ساء حظه فقذف به ليمر بالقرب منها دون مزيد من التعليق.
لا أحد يتنكر لحق الشعوب في الدفاع عن نفسها ومصالحها بالطرق التي تراها مناسبة للظرف والمكان. ولكن لا نتوقع من أي عاقل يتمتع بحس المسؤولية الوطنية والإنسانية أن يصفق لأحزاب وتنظيمات ومجموعات انفلت عقالها فقتلت وتقتل من شعوبها أكثر بكثير من العدو المفترض الذي لا تجرؤ حتى من القتراب منه. لا بل تأكل جلدها وتقاتل بعضها بعضاً حين لا تجد من تروي به عطشها للدماء. تتسلح بدعم وقوى خارجية لتغتال روح الشعب وتهدر مصالح الوطن وتدمر متعمدة أو تتسبب في تدمير كل ما تصل إليه يداها من بنية تحتية وإقتصاد يعتمد نموه بصورة تامة على حالة السلم التي يفترض أن تكون من بديهيات الحياة في أي مجتمع وعلى الاتفاق بين كل مكونات المجتمع إذا كان هذا المجتمع تعددياً. ومن النادر أن تجد اليوم مجتمعاً يتواصل مع العالم المتمدن ولا يتصف بالتعددية. إن تنظيمات وحركات متطرفة من أمثال الجماعات الإسلامية على اختلاف تسمياتها في العراق والجزائر ولبنان والسعودية ومصر واليمن والمغرب والآردن وفلسطين وأماكن أخرى عديدة هل قدمت في أوج نشاطها سوى القتل والتدمير لبلادها ولشعبها على السواء؟ وهل يتوقع لهذه الجماعات المتطرفة فيما لو قيض لها أن تحكم بلداً ما، أن تقدم لشعوبها سوى المثال السيء الصيت الذي قدمه الزرقاوي في دولة العراق الإسلامية أو طالبان في أفغانستان وإعادة الإنسان للعيش في بدايات العصور الوسطى؟ والسؤال الأهم هو: هل نعيش اليوم حالة انفلات من كل القيم والمبادئ الإنسانية التي تتباهى بها المجتمعات المتحضرة؟ أم إن قطع الرقاب وتفخيخ الأجساد وسوق العشرات وأحياناً المئات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلى حتفهم لمجرد أنهم بشر اختاروا أن يعيشوا حياتهم الطبيعية ، هل يمكن أن تسمى تلك الجرائم مقاومة أو تحرير؟
إن تلك ما هي إلا كذبة العصر الكبرى التي مازلنا نصر على تصديقها رغم كل ما يجري أمام عيوننا من مآسٍ وويلات تحت لافتاتها السوداء أو الصفراء أو أي لون آخر تختاره. حيث ستبقى ذات الرموز والدلالات المعبرة عن البؤس والشقاء والجهل والتأخر على كل صعيد. فهل لهذه الشعوب المقهورة المعذبة أن تستفيق من حالة التخدير للوعي والشعور وتسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية؟



#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفاهية الابتهاج.... وضريبة القتل
- مسيحيو الشرق الأوسط بين دالوف الأنظمة ومزاريب الإرهاب
- أطلقت عليه السلطة (لا) واحدة فأردته معتقلاً
- معاقبة أمريكا سورياً وسحر الرقم 99%
- أيُّ الضربِ يؤلمكِ...؟
- حكامنا وحمار جحا
- كثر الصاغة وقل جني الذهب
- إرهاب خلف الحجاب
- التخوين والشخصانية عند تيارات الأقليات القومية
- -انتحابات- في سورية
- حين لا نفتقر إلى الحكمة
- الأقليات الصغيرة في عراق ما بعد صدام والبعث -الكلدان الآشوري ...
- الخيانة خيار وطني
- اغتيال- اعتقال- انتحار:أساليب حوار للنظام في سورية
- الحكام العرب والمحاكم المؤجلة- صدام مثالاً


المزيد.....




- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - كذبة كبيرة اسمها مقاومة