أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - القدرية ضربة لازب للتفكير الديني














المزيد.....

القدرية ضربة لازب للتفكير الديني


عبدالحكيم الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 12:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



التفكير الديني والفكر الديني، فالأخير نتيجة للأولى والقدرية حتمية الأولى، فعندما يستفحل القهر، ويستشري الحرمان والجهل، ويفلت المصير كليا من السيطرة الذاتية، حينئذ يقدم الفكر الديني القدرية عبر وسائله وأدواته المقدسة كمخرج سماوي من تلك الإكراهات الاعتباطية في السياسة والاقتصاد والاجتماع بل للمصير المحتوم.

والتفكير الديني حين يقدم القدرية يبرر للمتلقي قبوله لفلسفتها على أساس أنها من الدين والتقوى ما يدفع الاتباع إلى تبني هذه الاعتباطية كأمر واقع، وكمظهر من مظاهر قانون الكون والاشياء، فما أصابك لم يكن ليخطأك، وما أخطأك لم يكن ليصبك، وأشد الناس بلاءا الانبياء ثم الامثل فالامثل، وإذا أحب الله عبدا ابتلاه، والابتلاء على قدر الإيمان.

وعلى هذا المنوال يربى التفكير الديني القدري المتلقي على الخضوع والاستكانة، والرضى بالاوضاع السيئة وعدم السعى لتغييرها والتمرد عليها (...وإن جلد ظهرك وأخذ مالك، فعليك بالصبر، فالصبر مفتاح الفرج...). والإيمان بالقدر رأس الإيمان وأسه، ويعني هذا أن القبول بالمنهج القدري يولد عند الاتباع الاحساس بالطمأنينة إلى أن الاوضاع السيئة والاعتباطية المصيرية وإن قست فسوف يأتي بعدها فرج أكيد يقلب الأوضاع من السيء إلى الاحسن ولو كان ذلك بمعزل عن الاخذ بسنن التدافع ومقومات النهوض من استعمال العقل والنقد والبحث والاستقصاء.

ويستعين التفكير القدري على إقناع وإشباع المتلقي بالقدرية بالامثال الشعبية، والفتاوى الدينية، وذكر مناقب الأسلاف، وغير ذلك مما يأخذ معنى الحكمة الحياتية أو معنى القانون الذي ينظم الوجود. ومعظم تلك الأقوال تلعب في الحقيقة دور فلسفة الحياة. تلك كلها وسائل للسيطرة على المصير حين يتفاقم القهر، ويستفحل عجز الانسان وتنعدم قدرته على التأثير في الأحداث. لذا فإن المتأثر بالتفكير القدري تنعدم قدرته على فهم سنن الكون والاخذ بزمام المبادرة والنهوض، فضلا عن توجيه الاحداث والتأثير فيها، فهو دائما وابدا مفعول به وليس فاعلا، يؤمن بالمتناقضات في المفاهيم والسلوك، فتراه يصلى وفي ذات الوقت يفجر المصلين الركع السجود، يدعم مسجدا وينسف أخرا، يتحدث عن الصدق ويؤمن بالغدر والكذب والخيانة، يؤمن بالمقدس وينتهك حرمة الانسان والاشهر الحرم .... وهكذا دواليك.

إذن القدرية ليست فرقة تاريخية بقدر ما هي طريقة تفكير تبرز حين تستفحل القضايا، وتتعقد الأمور، وتقسو الظروف، ويعجز المتلقى عن فهمها وحلها وتغييرها، حينئذ يصبح قبول الفكر القدري إيمان ونقد مفاهيمه ومسلماته كفران، ويضحى الاحتماء بأمجاد وبطولات الأسلاف، وترانيم قصص الزهاد والصالحين وأساليب الوعظ المخرج الوحيد من تنيك المتاهات والتيه.



#عبدالحكيم_الفيتوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد سبيل النهضة
- الفكر الديني وضبابية المفاهيم
- قيمة الحرية في العقل الفقهي !!
- نقد مراجعات جماعات الجهاد
- العيد ... والمستبد
- اغتصاب الأطفال في الفكر الإسلامي
- روايات تثير شبهات حول عرض رسول الله
- صورة رسول الله بين قلم السلف وريشة الرسام الدنماركي !!
- المرأة .... والاعوجاج الدائم (3)
- المرأة ... والإعوجاج الدائم 2
- المرأة ... والإعوجاج الدائم
- الأنثى والخيانة 4
- الأنثى والخيانة (3)
- الأنثى والخيانة (2)
- الأنثى والخيانة
- مفهوم المواطنة في تجربة النبي
- الشورى بين الحقيقة والخيال
- مفهوم السلطة في تجربة النبي السياسية
- فكرة الدولة في تجربة النبي
- الدولة في الإسلام فكرة أرضية


المزيد.....




- أسهمت في تشكيل قراراته.. أسرة يهودية ثرية أشاد بها ترامب أما ...
- 7119 مقتحما.. هكذا مرّ عيد العُرش اليهودي على الأقصى ومحيطه ...
- 7119 مقتحما.. هكذا مرّ عيد العُرش اليهودي على الأقصى ومحيطه ...
- صحفي لترامب: كيف يساعدك إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في دخول ال ...
- -ملجأ المسيح-.. الطيبة يهجرها فلسطينيون تجنبا لبطش المستوطني ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في اليوم السابع من عيد -العرش ...
- جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات ...
- الإسرائيليون اليهود كما أراهم في وسائل الإعلام
- بابا الفاتيكان يأمل أن يمهد اتفاق غزة لسلام دائم.. ويجدد دعو ...
- خوري يلتقي بطريرك القدس للاتين في عمّان ويؤكدان أهمية تعزيز ...


المزيد.....

- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالحكيم الفيتوري - القدرية ضربة لازب للتفكير الديني