|
الترشيد السياسي صراع بين الصحافة و السلطة
اقريش رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 00:20
المحور:
الصحافة والاعلام
الصحافة ، هي المرآة التي تعكس وجه الديمقراطية في كل بلد يحاول أن يوفق بين حرية التعبير و الرأي و بين متطلبات الأمن الداخلي ، و هي بذلك ، تعمل في حقل اجتماعي كمشكاة لتنوير الرأي العام بمختلف القضايا التي تشغل عامة الناس و خاصتهم ، و تعمل أيضا على تصحيح ما يمكن أن تغفله السياسة أو تذكر أو توضح أو تفصل ،و الصحافة كعلم سامي جاء في ظروف سياسية كان موضوعها صراع حول ترشيد فعل السلطة ، و من له الحق في تدبير شؤون الناس ، و كان الرأي و التعبير من بين الموضوعات التي شغلت السياسيين ، في محاولة التوفيق بين هاجس الأمن و استتبابه ، و الرأي الآخر المتمثل في الفئة المتثقفة التي تنتقد فعل السلطة ، فالإشكال يكمن في جوهره أن السلطة ترى المجتمع من زاويتها الخاصة ، في حين ترى الطبقة المتثقفة ما يجب أن يكون عليه المجتمع ، فالاختلاف بالأساس يتجلى في التقدير السياسي للأمور بين مختلف الأطياف السياسية بما فيها السلطة الرابعة.
الملاحظ ، أن الصحافة في الوطن العربي ، عاشت ردحا من الزمن تعاني من إكراهات جسيمة ، لا تقل عن معاناة الطبقة المثقفة ، و جوهر الإشكال هو مدى تفعيل و تحين مصداقية المواثيق و التشريعات و القوانين العالمية و الوطنية في إفساح المجال لحرية التعبير و الرأي طالما يتعلق الأمر بمسلسل اسمه الانتقال الديمقراطي إلى حيز التطبيق و التنفيذ في الحياة العملية ، و من جانب آخر أن التدبير و التسيير لشؤون الناس لم يعد حكرا على السلطة السياسية بل أضحى في المجتمعات الديمقراطية من نصيب كل مكونات المجتمع بما فيها المجتمع المدني كشريك في اللعبة السياسية ، و محاولة انتزاع بعض الأمور لترشيد الفعل السياسي إلى جانب كل الأطياف الأخرى المكونة للمجتمع .
حين تتحدث عن الصحافة ، فنحن لا نستطيع أن نفصلها عن بيئتها التي أنشئت و ترعرعت فيها ، بل نقول أنها الصورة الحقيقية للمجتمع المدني و المجتمع السياسي ( الدولة ) ، و كلما كانت العلاقة موسومة بالديمقراطية في حرية التعبير و إبداء الرأي ، كلما كان التكامل واضح في العلاقة ، اما ان كانت السلطة لازالت ترى في الصحافة العدو المارق ، فان المسار الإعلامي يخضع للعبة شد الحبل ، و معنى هذا أن الأنظمة العربية بصفة عامة لازالت تمارس نفس الطريقة مع إشكالية حرية التعبير و الرأي ، ما يفيد أن العقد الاجتماعي لم يتمأسس بعد على الأحقية في العدل المجتمعي للمشاركة في الشأن العام ، فالسلطة لها خطوط حمر ، و الرأي و التعبير حق طبيعي ، و احترام السلطة واجب ، و الطاعة ضرورة اجتماعية ، وحرية التعبير متنفس مقيد بتشريع ، و يكون هذا المعطى صحيحا إذا كان التعاقد الاجتماعي مؤسس على التطبيق الفعلي لكل المواثيق و التشريعات الدولية و الوطنية في ظل ممارسة لها صلة بمعنى الحرية .
الصراع الدائر بين الصحافة و السلطة ، يعبر عمن ينتزع من الأخر تنازلات ، فالسلطة لها تصور في تدبير الشأن العام ، و الصحافة لها ملاحظات ليس إلا ، أي ما يجب أن يكون عليه المجتمع ، بناء على المتغيرات التي طالت إشكالية حقوق الإنسان في بعدها العام ، فالصحافة تمارس عملا شبيها بعمل البرلمان ، من خلال إبداء ملاحظات تهم الشأن العام ، ولما كانت الحكومة بيدها كل الوسائل اللوجستيكية و المالية و التقنية ، فان البرلمان يضل مقيد الأيدي مطالبا بالمزيد من الاختصاصات عبر إصلاحات دستورية . كذلك الشأن بالنسبة للصحافة التي تتصارع مع السلطة من اجل مجتمع مؤسس على تعاقد اجتماعي ديمقراطي ، تتضح فيه العلاقات و المسؤوليات و الالتزامات .
الصراع من اجل كسب حقوق صحفية لا يعني بالضرورة ، إشعال نار الفتنة او تحريض الناس على منكر ، فلا يعقل أن تسخر الطبقة المثقفة الصحافة إلى غرض غير محمود ، كما لا يمكن للسلطة ، أن تكون ضد حقوق الإنسان أو التعبير ، فالسلطة أم الكل و الصحافة جزء من الكل و الترشيد السياسي يظل محورا يشغل الجميع .
#اقريش_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدبلوماسية الأمريكية و السياسة الخارجية محور تناقض
-
الفعل السياسي بين المؤسسات و الدولة
-
من أجل هوية وطنية و مواطنة
-
إشكالية التعليم
-
الإجازة المهنية شهادة تمكن الشباب من اكتساب خبرات تقنية لولو
...
-
التأطير السياسي وظاهرة الإقصاء ثم العزوف
-
التنوع الثقافي العربي في خدمة الرؤية الإستراتيجية العربية
-
التنوع الثقافي العربي
-
هل الصحافة جزئية مهمة في بناء العقد الاجتماعي و السياسي
-
التنمية المستدامة رهان مرهون بين الحكامة الجيدة والتنسيق و ا
...
المزيد.....
-
هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا
...
-
إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
-
شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران
...
-
قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ
...
-
كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا
...
-
هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله
...
-
الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
-
مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب
...
-
مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال
...
-
روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|