أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناصري - الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟















المزيد.....

الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 864 - 2004 / 6 / 14 - 04:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الناصرية مدينة منسية ومهملة ، تنام على ضفاف نهر الفرات الأسطوري ، مدينة إستثنائية ومتناقضة مع نفسها وطبيعتها ، فهي تعيش على الإكتفاء الذاتي بكل شئ تقريبا ، وعلاقتها بالمركز غائمة وهي علاقة شك وريبة تصل الى درجة العدواة والتمرد منذ التأسيس ، ويشهد مخطط إنشاء المدينة على تلك النوايا المبيتة لها ؟؟
لا أدري ماذا يخبأ القدر لمدينة غريبة في مزاجها ، تنام على كتف تاريخ يمتد الى إكتشاف الأبجدية ، واول محاولات إلتماس حلم الخلود في مدينة أور المتطورة ومعابدها التي حاكت آلهة ألإرض والسماء ، والإغتسال والتعمد بمياة نهر خالد كالفرات ،والجلوس على صدر الاهوار السحرية ، وغموضها الذي يهبط مع المساء والليل الطويلين ، حيث تجوب أرجاءها الطناطل والكائنات الخرافية الأخرى ، التي ربما هي أرواح أجدادنا القدماء وآلهتهم التي تبحث عن الفردوس العظيم المفقود وترثي الحالة الراهنة للمدينة ؟؟
وأرثها في ثورة العشرين وقائدها الصلب ، الشاعر الرومانسي الجميل الحبوبي ، الذي توفي فيها بعد عودتة من معارك الشعيبة الشرسة ، ومحاولة إيقاف الغزو البريطاني للبصرة ، وهو القائل : ياغزال الكرخ وا وجدي عليك / كاد سري فيك أن ينتهكا / أعطني كأسا وخذ كأسا أليك / فلذيذ العيش أن نشتركا . واليوم يحمل أسم الشاعر الخالد أكبر وأهم شارع في المدينة هو شارع الحبوبي /عكد الهوى / ؟؟
مدينة قدرها الغناء الفسيح ، الغناء المر الدامي ، المختلط مع التعازي والحسينيات والدارمي العميق ، والحنين الجارف للمكان والخوف من الفراق والبعد والجفاء والقطيعة ، غناء الأبوذية ذلك الغناء المر في نكهتة وكلامة ، المعبأ برائحة القدم والتبغ والطين الحري للأراضي الرسوبية وحفيف القصب وصمت النخيل الأسود وخجلة ووضوحة ، لذلك فهي مدينة غامضة متمردة ، ولاحقا يسارية مغامرة ، تحمل شيناتها الثلاث بإعتزاز كبير وعلنية ظاهرة ومفرطة ، فهي شروكية حيث تشرق الشمس من الجنوب ، وشيعية حيث أبوة علي ودم الحسين الثائر المسفوك ، وشيوعية البدايات والتأسيس وإبنها بالتبني وشهيدها الخالد فهد ، والخلايا الثورية القوية التي أمتدت ووصلت الى كل بيت وشارع ومدرسة وقرية ؟؟ وهي مدينة راقية أجتماعيا لإنها تعتز بالمعدان وإبناء الريف وأصحاب الجواميس وعمال صناعة الحياكة المنبوذة لإسباب خاصة وغامضة ؟؟ والناصرية لاتخجل من هذه الصفات لإنها ببساطة غير مخجلة ، وربما تحمل معاني ودلالات جميلة ؟؟

بعد إن كبرت وتطورت قبائل المنتفك في القرن الثامن عشر وكثرت تمرداتها ومعاركها الداخلية والخارجية ، رأت الدولة العثمانية في محاولة لتجميع القبائل والسيطرة عليها لذلك قررت إنشاء مدينة الناصرية والتي سميت بهذا الأسم نسبة الى ناصر الاشقر ، وقد خططها وبناها مهندس بلجيكي عام 1876 .
ومن الخصائص الخطيرة في تخطيط المدينة والتي أصبحت من ميزاتها الجيدةالان ، هو شوارعها المستقيمة ، وقد أرادت السلطنة العثمانية أن تجعل من شوارعها المستقيمة والحديثة وسيلة لتحرك جندرمتها وقصف المدفعية السهل لتجمعات المتمردين في حالة حصول تمرد وعصيان وهي أحداث كثيرة ومتكررة ومستمرة الى الآن تقريبا ، كما أن المدينة بنيت تحت منسوب مياة نهر الفرات بشكل مقصود ومخطط لتسهيل إغراقها وأهلها في حالة تمردها وعصيانها أيضا ، هذا هو العقل السلطوي الأعوج الملتاث بهاجس البقاء ، ولو البقاء الهمجي التدميري ، حتى ولو على جثث أبناء المدينة الغارقة تحت الماء

والتدبير الثاني عكس الاول / الشوارع المستقيمة / فهو مضر وخطير من البداية الى النهاية ، حيث بقيت المدينة مهددة بالفيضان والغرق بسهولة ودائما ، كما عانت من مشكلة المياة الجوفية ، وصعوبة مد وإنشاء شبكة مجاري إلإ بعد ردم ورفع المدينة فوق مستوى النهر وهذه مشكلة عصملية أخرى تضاف الى مشاكل الفترة المظلمة العصيبة التي أتسمت بركود يشبة ركود المستنقعات الآسنة ؟؟
من حق أهالي الناصرية الشكوى في الامم المتحدة والمطالبة بالتعويض وحل هذه المشكلة ، كما من حق أهل العراق جميعا الشكوى والعمل على إحباط المخطط التركي لمصادرة وتشوية وتحويل نهر الفرات العراقي ؟؟
لقد عانت الناصرية من الأهمال المزمن والمقصود ،على يد جميع الانظمة الملكية والجمهورية عدا فترة بسيطة بعد ثورة 14تموز ، فبنى عبد الكريم قاسم بهوا جميلا يسمى بهو البلدية تخرب في آخر الحروب ، وكازينو على نهر الفرات ، ومبنى للبلدية وقسم داخلي لطلبة الأرياف ومجموعة من المدارس الإبتدائية ، وروضة للاطفال ، ومجموعة مستوصفات ، وجسرا جميلا وحديثا يربط صوبي المدينة ، يسمى جسر 14 تموز ، وهو الوحيد الذي يربط طرفي المدينة حتى نهاية السبعينات ، وقد قصفة ألامريكان في حربهم الأولى ، وقصموا ظهرة ، مما اعاق إنسحاب الناس من المدينة بعد تراحع الانتفاضة وسقوط الناصرية بيد قوات الحرم الجمهوري الغير باسل ، رغم المقاومة الشرسة التي أبداها المدافعين عنها ؟؟ بينما أستخدم العدو قوات جوية وصاروخية ومدفعية ثقيلة ودبابات متطورة ، وهو ما مثبت في شريط فيديو شهير؟؟
كان الاهمال مدروسا وإنتقاميا ، وذلك لتمرد المدينة وسخريتها من الحكام جميعا ، ولإنها مسقط رأس الحركة الثورية وكل الحركات السياسية ألاخرى ومنبتها ألاول
لقد جدد شباب المدينة مقاومتهم الثورية الجادة لحكم آل عارف الرجعي المتخلف ، وقامت مجموعة جريئة منهم وردا على الإنحرافات الفكرية والسياسية والتي جسدها خط آب أواسط الستينات ، حيث قادهم شاب ثوري حالم ، ترك العيش السهل والدراسة في بريطانيا ، لينتقل بهم ويقودهم في مجاهل هور الغموكة بأطراف الشطرة ، وهو الشهيد خالد أحمد زكي ، وقد صدمت وإهتزت الحكومة العارفية لهذا التحرك وحشدت شرطتها وجيشها وطيرانها وجواسيسها من شيوخ العشائر ، ضد هذه الشرارة لئلا تتسع ويندلع الحريق الشامل ؟؟ هذه الاحداث يعرفها كل الناس في المدينة ولاتنسى بسهولة ، وقد سجلها أخيرا الصديق عقيل حبش في جريدة الغد ، وهومن المشاركيين في العمليات وأعتقل وحكم بالإعدام وأنقذ في اللحظات الاخيرة من حبل الموت ورصاص الاعدام الوحشي ؟؟
ومن مظاهر التحدي الطريفة ولكن المتطرفة أيضا ، فعندما تهددت مدينة الناصرية في عام 67 بفيضان نهر الفرات ، وقد سارع أبناء المدينة رجالا ونساءا لدرء الخطر عنها وحمايتها وذلك بتدعيم سد أبو جداحة الذي يحمي المدينة من جهة الشمال ، وأثناء عمليات التدعيم الجارية بالتطوع والسخرة ، جاء رئيس الوزراء الاسبق طاهر يحيى ليزور المدينة ويتفقد العمل والاجراءات لحمايتها من الفيضان ، وما أن علمت القيادة المركزية بهذه الزيارة ، حتى خطت على على جدران المدينة ووسط الاحياء الراقية وقريبا من بيت رئيس الوزراء الاسبق ناجي طالب ، شعار الناصرية تستنكر قدوم طاهر يحيى ؟؟
كم أستوقفني طويلا هذا الشعار العجيب والغريب في السبعينات ، ماهي الناصرية حتى تستنكر قدوم رئيس وزراء البلد لزيارتها ؟ هل هي منظمة أوجهة سياسية مثلا وليست مدينة ؟؟ وهل هو رئيس وزراء أجبني ؟؟ بريطاني أو أمريكي مكروه ؟؟ لكن هذا يحصل في ا لناصرية لآن مزاجها مختلف ؟؟ ومعارضتها مختلفة أيضا ؟؟
من شوارعها المستقيمة والعريضة ، شارع عشرين ، وسمي بهذا الأسم لأن رقمة عشرين ، وهو شارع طويل يسكنة كادحي المدينة وفقرائها ، وكانت أغلب بيوتة مبنية من القصب والطين واللبن وواجهات بسيطة مبنية من الطابوق الأحمر / طابوق الكور / وليس طابوق المعامل الحديثة أو نصف الحديثة ، في هذا الشارع ذو الطابع اليساري توجد حركة سياسية وثقافية واسعة ، كما توجد تيارات ثقافية وفكرية وإبداعية متنوعة ، ولو قمنا بجردة سريعة وبسيطة لإكتشفنا وجود آلاف الكتب الأدبية والثقافية والفكرية والسياسية وبكل لغات العالم ، كما يسكن في هذا الشارع عدد كبير من الشعراء وكتاب قصة ورواية ومسرحيين وأطباء ومهندسين وزراعيين وصيادلة ، ومن بينهم كاتب الرواية والقصة القصيرة البارز محسن الخفاجي الذي يقبع الان في سجون الاحتلال في أم قصر دون سبب أو تهمة محددة أو محاكمة ؟؟ في مفارقة ملتبسة موجة ضد الثقافة العراقية ورموزها الجميلة ؟؟
ويقع في شمال الشارع ، مجمع الفيترجية ، وهم في معظمهم من اليساريين والمثقفين وهذه واحدة من مفارقات المدينة الغريبة ، وعلى أحد جدران الشارع البيضاء وفي بناية البلدية ، مكائن الكهرباء سابقا ، خط أحد أبناء المدينة أسم شارع فهد ، وقد ظل بعض الناس يسمون شارع عشرين بإسم شارع فهد ، وإستعصى هذا الخط على عناصر السلطة لرفعة ومسحه ، ولطخ الحائط بالقار الأسود ولكن بعد فترة من الزمن وبسبب الامطار والحرارة الشديدة يظهر الاسم جليا باهرا مثل صاحبة ، كم تمنيت أن أرفع هذه القطعة من الحائط لإنقلها الى متحف أو مكان أمين يليق بصاحب ألاسم والذكرى ، بعيدا عن عبث العابثين أو تتحول الى لوحة رسمية نظامية مسجلة في دوائر الحكومة ، وفاء وردا للجميل الذي فعلة أبن المدينة وهذا التكريم جدير بفهد وبمدينة لاتنسى أبناءها ؟؟
هذه أوراق من شظايا ذاكرة متماسكة ومتمسكة بالمكان الاول ، أتحدث فيها عن ذكرياتي في المدينة الطيبة والخالدة حتى نهاية السبعينات *
حيث تركتها مجبرا ، بعد إنفلات الطاعون الفاشي ، والملاحقات الشرسة لنا من قبل قطعان الفاشية المتخلفة ؟؟
يتبع



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أولية للقرار 1546 / دعوة للحوار الوطني من أجل موقف واض ...
- شكر وتنوية /عن طاهر البكاء مرة أخرى
- رسائل لم تصل /الى ستار غانم راضي ...............سامي
- القسم الاول:دعوة لتقييم أسباب صعود وسقوط الفاشية في العراق
- شهادة من الزمن الفاشي / هذا الوزير عذبني بيدية
- المشروع والمجزرة / لكي لاننسى
- رسالة مفتوحة الى الكاتبة نوال السعداوي


المزيد.....




- الخرطوم تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمار ...
- استمرار الاحتجاجات في جامعات أوروبا تضامنًا مع الفلسطينيين ف ...
- الرئيس الإيراني: عقيدتنا تمنعنا من حيازة السلاح النووي لا ال ...
- مظاهرة ضد خطة الحكومة لتمديد استخدام محطة -مانشان- للطاقة ال ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال أسبوع ...
- أطباء المستشفى الميداني الإماراتي في غزة يستأصلون ورما وزنه ...
- مجلس أميركي من أجل استخدام -آمن وسليم- للذكاء الاصطناعي
- جبهة الخلاص تدين -التطورات الخطيرة- في قضية التآمر على أمن ا ...
- الاستخبارات الأميركية -ترجح- أن بوتين لم يأمر بقتل نافالني-ب ...
- روسيا وأوكرانيا.. قصف متبادل بالمسيرات والصواريخ يستهدف منشآ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناصري - الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟