أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - شجرة السرو والثرثرة الفارغة














المزيد.....

شجرة السرو والثرثرة الفارغة


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 863 - 2004 / 6 / 13 - 08:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يركب ولدي الصغير دراجته كل صباح وينطلق أما أنا فأركب أوهامي من غير سرج ثمَّ أقفز في فضاء المدينة كحصانٍ جامح..وتكبر المسافة بيننا كجيلين متعاقبين.
دراجته بدولابين حقيقيين أما دراجتي فهي هي كما كانت يوم كنت طفلاً صغيراً..مجرَّد عصا غليظة أضعها بين ساقي وأركض مستمتعاً بركوب الغصن الأخضر الذي أقطعه عادةً من شجرة السرو الواقفة بثبات عند مقام سيدنا الخضر عليه وآله وصحبه وجيرانه السلام العطر.. وياما ركبت أحلامي التي سرعان ما انقلبت إلى حزمةٍ من الأوهام..! بينما يركب ابني الوحيد دراجةً من حديدٍ وهواء..هو يركب الهواء وأنا آكله.. هو ينطلق في شوارع المستقبل وأنا أنطلق نحو الهاوية..! وكل ما أخشاه أن يدعوني للسباق ذات يوم فأنا لا أريد أن أبدو عاجزاً بالرغم من أنَّ دراجتي لا تزال كما كانت في حين لا يزال وهمُ كبير بحجم شجرة السرو يسيطر عليَّ إذ ليس مستحباً أن يتخلى المرء بملء إرادته عن أحلامه الجميلة التي خبأها في حصالة الزمن..!
ابني كغيره، لا يزال يمتطي دراجته الهوائية غير عابئ بنصائحي التي أقذفها في وجهه كلَّ صباح فبعد كلِّ نصيحة ينظر نحوي بعين العطف فيما أكون مكوَّماً حول حطامي بجانب المذياع الصغير أمامي فناجين القهوة الفارغة وكومة من أعقاب السجائر.. وخلفي يركن الكيس الذي استبدلته بالحصالة التي ما عادت تتسع لتلك الأحلام التي كبرت، ونمت وكأنها تعاندني..!
في الأمس، بعد عودتي من عند المختار حيث كنت مدعواً لسماع مووايل العتابا والميجنا، انزويت في صحن الدار ألتهم قهوتي، وسجائري أحاول التدقيق والتمحيص فيما حصل..لماذا وكيف..؟ وأراجع الجرعات التضامنية المعنوية التي أمطرني بها رجالٌ كثر لا أعرفهم عن قرب في الوقت الذي اختفى فيه أولئك الذين أعرفهم- وهم الأكثر بكثير- وياما صدعوا دماغنا بثرثراتهم الثورية الفارغة التي تدحضها أمام الناس كلياً ممارساتهم الحياتية اليومية المناقضة لكلِّ ادعاءاتهم، وشعاراتهم..! وما لبث أن فاجأني ابني الوحيد مستغرقاً في خلوتي وكعادته رمقني بتلك النظرة لكن هذه المرة انتفضت صائحاً في وجهه: انتظر..! سأحضر دراجتي وأسابقك..وانطلقت غير عابئ بابتسامته الساخرة قاصداً مقام الخضر حيث شجرة السرو التي كنت أقطع من أغصانها دراجاتي الخشبية ولكن هيهات ..بحثت في الأرجاء دون جدوى فلم يكن هناك الخضر.. ولا شجرة السرو ولا بقاياهما..! وهكذا عدت خائبا إلى حيث كان الولد يمتطي دراجته منتظراً عودتي واثقاً من نفسه فانتابتني موجة عارمة من الفرح.
12/6/2004



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويتاجرون بدمائنا
- بيان-حزب الكلكة هو الأقوى
- هذا الزمن العربي الرديء
- القوة الخارقة
- الكتابة عن الحب والأشباح
- حول التسلط وظواهره
- الحق على الشياطين
- صاحب الحزب وتبليط البحر
- كفى زعبرة
- التلميذ اللبناني النجيب
- حول الكتابة وتجارها
- بيان صادر عن حزب الكلكة القرمطي
- الله والفوج الرابع
- يا حسرتاه..!
- الليلة الأخيرة
- إصبع بوذا بين الشيوعية والليبرالية
- حول العضوية في حزب القرامطة
- الفقهاء كوزراء اعلام
- أيام الورع السورية
- العودة إلى الأصل


المزيد.....




- يستمتعان بأشعة الشمس معًا.. تعرفوا على الرجل الذي يسبح مع تم ...
- تقرير يكشف ما تفعله إسرائيل بمدارس تستخدم ملاجئا والجيش يرد ...
- كيف لعب الحظ دوراً في نجاة مدينة من القنبلة الذرية مرتين؟
- التعريفات الأميركية الجديدة تدخل حيّز التنفيذ.. وترامب يحتفي ...
- خطة نتنياهو لاحتلال غزة: خمس فرق عسكرية وتهجير مليون مدني
- عراقجي يُعلّق على قرار الحكومة اللبنانية بشأن السلاح: أُعيد ...
- التهميش المجتمعي
- عُمان .. تسلق الجبال هواية أم تهور؟
- إسرائيل تصادق على مخططات لإنشاء ثلاثة مستوطنات جديدة في الضف ...
- ترامب يهدد باستدعاء الحرس الوطني لضبط الأمن في واشنطن


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - شجرة السرو والثرثرة الفارغة