أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون البياتي - رحلة الى مكة




رحلة الى مكة


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2835 - 2009 / 11 / 20 - 01:22
المحور: الادب والفن
    


كل عام وأنتم بخير .. بعد غد تبدأ في مكة تأدية شعائر فريضة الحج , حيث يأم المسلمون من جميع أنحاء الأرض بيت الله المعمور ليكونوا ضيوفاً للرحمن في أيام معلومات من السنة .
المملكة العربية السعودية إستعدت للحدث بفلم سينمائي ضخم للدعاية الى سياحة الحج , ورب سائل يسأل : وهل يحتاج الحج الى دعاية ؟ والجواب نعم .. يحتاج الحج الى دعاية , فرغم كثرة المسلمين حول العالم , إلا أن هناك إحجام كبير من قبل غالبية المسلمين عن أداء هذه الفريضة , وذلك راجع الى إنتفاء الإعلام السعودي حول تفاصيل الحياة أثناء موسم الحج , فلا يدري الحاج كيف سيبات ليله أو كيف يصرف أموره , عدا عن ذلك فإن الرحلة الى مكة حين تكون حجاً فقد يتمكن الحاج من الإلتحاق بقوافل الحج المسافرة من بلده الى مكة فتصبح العملية أسهل عليه , ولكن في حالة العمرة ولها نفس شعائر الحج , وفرقها عن الحج أنها يمكن أن تؤدى في أي وقت من السنة , فقد يفضل المعتمر أن يقوم بها بمفرده .. وربما يكون مضطراً الى الإعتمار منفرداً وفي هذه الحالة فهو محتاج الى من يعرفه على الأقل بالتفاصيل العامة لطريق الرحلة .
سبب مهم وجوهري للدعاية الى سياحة الحج في هذا الزمن العصيب من تاريخنا الحالي , هو خوف الناس من المشاكل التي تقع أثناء الموسم فالحج عند البعض لم يعد لله .. تعددت الأسباب والحج واحد , ولهذا صارت مواسم الحج مناسبات للدعايات السياسية والمشاحنات الطائفية خصوصا وأن المذهب الوهابي الحاكم في البلد هو مذهب متزمت يكاد يكفر أغلب المذاهب الإسلامية ما عداه , لذلك غالبا ً ما تحصل الحرائق أثناء الحج .. أو القتل عن طريق التدافع , وهي حوادث تحصل أحيانا عن دون قصد , لكنها في أحيان أخرى تكون قصدية ومتعمدة .
بعيداً عن السياسة ومشاكلها .. فإن العالم معرض الى مختلف أنواع الأوبئة والأمراض , مثل إنفلونزا الطيور والخنازير التي يصبح خطر إنتشارها أكبر بين هذه الحشود المليونية من البشر . ونتيجة لكل ما تقدم يحصل الإحجام عن الحج , ولهذا قامت المملكة بإنتاج الفلم وتوزيعه .
عنوان الفلم كاملاً : ( رحلة الى مكة على خطى إبن بطوطة ) وقد حاز على جائزة ( إيماكس ) للشاشة العملاقة , أما قصة الفلم فهي تحاكي رحلة إبن بطوطة من بلده مراكش الى مكة لغرض الحج عام 1325 ميلادية .
هو أبو عبد الله محمد إبن عبد الله اللواتي الطنجي إبن بطوطة , وكان مسلما ً متديناً وأحد طلاب علم الشريعة , وعاش بين عامي 1304- 1368 كان في العشرين من عمره حين غادر مدينته طنجة في شمال مراكش قاصداً أداء فريضة الحج في مكة التي تبعد عنه حوالى 5000 كيلومتر شرقاً حيث إستغرقت رحلته 18 شهراً لازمه فيها سوء الحظ والتعب , بما في ذلك المهاجمة من قبل قطاع الطرق ثم الإنقاذ على يد البدو , وخطر العواصف الرملية الهوجاء والعطش .
بعد الحج إستغرق إبن بطوطة 29 عاما ً قطع خلالها 117000 كيلو متر في رحلة ملحمية وصل فيها الى ما لم يتمكن أحد قبله من الوصول إليه , عابراً أغلب أماكن العالم المعروف قديماً حيث وصل من أفريقيا الى جزر المالديڤ ومنها عبر الى الهند والصين وإندونيسيا .
‎ تحولت حكايات هذه الرحلة فيما بعد الى كتاب يحمل عنوان رحلة إبن بطوطة ( تحفة النُظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ) .
الفلم المأخوذ عن كل هذه الحكاية ( رحلة الى مكة ) الذي يعد فلماً ( وثائقياً _ درامياً ) يقوم بدور الرواية فيه الممثل العالمي ( السير بن كنگسلي ) لربط أحداث رحلة إبن بطوطة الى مكة التي إستغرقت 18 شهرا والتي تم تصويرها في مراكش والحجاز بنسختين الأولى باللغة العربية والثانية باللغة الإنكليزية , بالجانب الآخر الوثائقي من الفلم الذي يقارن بين القديم والحديث .
في طريقه الى مكة ممتطياً ظهر جواده , يتم أسر إبن بطوطة من قبل قطاع الطرق بعد أن تسرق أمواله ويكاد يقتل , لكن حين يكتشف رئيس العصابة أن إبن بطوطة في طريقه الى الحج يشعر بالعار ويعرض عليه إيصاله الى مصر مقابل أجرة .
الوصول الى مصر كان شاقاً على ظهور الجمال خصوصا ً حين هبت عاصفة رملية ثم الصعود الى قارب يبحر في نهر النيل , لكن إبن بطوطة ورغم كل هذه المصاعب , فإنه حالما يصل مصر يسأل عن أمور تتعلق ب ( الأحاديث النبوية ) عملاً بالحديث النبوي الشريف الذي يوصي بطلب العلم .
يواصل إبن بطوطة رحلته الى مكة محاولاً الإبحار عن طريق ميناء ( أيضب ) في البحر الأحمر . يقع هذا الميناء اليوم في شمال شرق السودان , حيث يسكن هذه المنطقة قوم أفارقة أصليون ليسوا عرباً ولا بربر , يسمون منطقة شرق السودان ( أرض البجا ) أي أرض البقاء لأنهم باقون فيها منذ آلاف السنين ولهذا فغالبا ما تقع الحرب بينهم وبين أية قوة دخيلة تحاول السيطرة على المنطقة ... ولهذا فإبن بطوطة يغير خطته بسبب الحرب التي وقعت ويوافق على السفر مع قافلة حج مكونة من 10000 راكب متجهة الى مكة عن طريق دمشق , حيث أخيراًً يصل الى بغيته ومقصده .. مكة .
إنتاج الفلم مدعوم رسمياً من قبل الأمير السعودي ( تركي بن فيصل آل سعود ) أصغر أبناء الملك فيصل . وهو رئيس سابق لجهاز مخابرات بلاده , وسفير سابق في بريطانيا وآيرلندا , وسفير سابق في الولايات المتحدة الأمريكية الذي قال عن الفلم : (( لا يقدم الفلم صورة دقيقة عن التقاليد الإسلامية السمحاء فقط .. لكنه يعطي الفرصة .. لإحياء ذكرى بطل هو إبن بطوطة .. ولتوقير عقيدتنا الإسلامية )) .
الممثل المأسوف على شبابه ( شمس الدين زينون ) هو الذي قام بتأدية دور إبن بطوطة , وهو من مواليد 1980 في مدينة الدار البيضاء في مراكش , وكان دارساً للباليه والبيانو . توفي في حادث سيارة يوم 11 نوفمبر 2008 في الدار البيضاء مسقط رأسه . أداؤه لدور إبن بطوطة كان مميزاً سيخلده في ذهن كل من سيشاهد الفلم .

قلنا أن الفلم ( درامي _ وثائقي ) الآن سنتحدث عن الجانب الوثائقي من الفلم , فلأول مرة في التاريخ تسمح حكومة المملكة بدخول كاميرات التصوير الى داخل الحرم المكي , حيث نصبت على شرفات البنايات العالية المحيطة بالحرم لتصوير الملايين وهي تؤدي شعائرها .

لكن هذا ليس كل ما في الجانب الوثائقي من الفلم , فإلى جانب ذلك تصور الكاميرات التطور العمراني الهائل الذي حصل في مدينة مكة وتعطي السائح أو الحاج أو المعتمر صورة واقعية تماماً عن شكل ونوع الحياة التي سيعيشها خلال زيارته للمدينة .

لم يعد الحج متعباً كما كان في الماضي , طائرات مريحة تنقل الزائرين الى مطارات حديثة تحيط بمكة . ومن هناك تأخذهم سيارات حديثة سريعة الى داخل المدينة وقريباً من الحرم .

أما ضيافة الرحمن فلم تعد مثل السابق في نزل متواضع أو خيمة على الطريق , بل أصبحت ضيافة خمس نجوم لمن يملك أن يدفع ثمنها , لهذا فبالإمكان النزول في ( شيراتون مكة ) أو ( هيلتون مكة ) أو ( گراند هوتيل مكة ) وهذه لا تبعد عن الحرم كثيراً .
قبل 3 سنوات كنت قد نزلت في شيراتون مكة وهو لا يبعد عن الحرم غير فسحة عبور الشارع التي لا تزيد على 30 مترا ً. بعد أن وصلته قادمة من مطار جدة .
ومن أجل تفادي الحر والإزدحام أثناء الطواف , فقد إخترنا أن نؤدي الشعائر ما بين منتصف الليل وحتى صلاة الفجر , أما بقية اليوم فنقضيها في الفندق وشرفتنا مطلة على الحرم , حيث المشهد عجيب للملايين التي تلبي نداء الرحمن . كانت الرحلة سهلة جداً .. ولكن .
ماذا أراد الفلم أن يقول ؟ أراد القول أن مسلماً ملتزماً مثل إبن بطوطة لم تثنه كل العوائق عن أن يؤدي الفريضة فيحج الى بيت الله الحرام .. وقد كاد ذلك أن يكلفه حيته .. إذن أنت أيها المسلم في كل مكان .. ماذا يعيقك عن أداء فريضتك مع كل هذا اليسر والسهولة والراحة المتوفرة في الوقت الحالي ؟
ردي الوحيد على هذا السؤال أن إبن بطوطة ورغم صعوبة تفاصيل رحلته من الناحية العملية , إلا أن القوانين التي كانت الحجاز تتعامل بها مع ضيوف الرحمن .. كانت يسيرة وسهلة . أما في الوقت الحالي فقد تيسرت السبل , لكن القوانين التي تحكم البلد وتنظم العملية هي التي أصبحت بحاجة الى الكثير من اليسر والسهولة لتتماشى مع هذا التطور العمراني الباهظ التكاليف .





#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السر الإسرائيلي النووي
- ويكيپيديا
- الشبكة العالمية
- مصرع الدولار
- سيمفونية الإبداع
- شاهنامة الفردوسي
- المرأة في مهرجان شكسبير الأسترالي
- معركة في سياتل
- الماء .. وأشياء أخرى
- قسمة ضيزى
- سيحون وجيحون
- باليبو _ Balibo
- القنبلة البشرية الموقوتة
- نوري باشا السعيد
- يهود كردستان
- الشهبانو فرح بهلوي
- يهود الفلاشا
- رد مهاتير محمد على خطاب أوباما
- الشاعر .. في سجن مجهول
- جزيرة العار


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون البياتي - رحلة الى مكة