أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ميسون البياتي - يهود الفلاشا















المزيد.....

يهود الفلاشا


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 09:18
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


يتركز وجود يهود الفلاشا بشكل رئيسي حول مدينة ( جوندر ) في منطقة المترفعات الأثيوبية المحيطة ببحيرة ( تانا ) . لكنهم ليسوا وحدهم في المنطقة بل يحيون مع بعض أقوام الإقليم الأخرى . يتراوح عددهم ما بين 40 ألف الى 45 ألف نسمة , ويعيش أغلب يهود الفلاشا اليوم في إسرائيل .
إسمهم : ( فلاشا ) مشتق من كلمة أثيوبية قديمة تعني : ( منفي ) أو ( غريب ) وهم يهود يعتبرون أنفسهم من ( بيت إسرائيل ) وعلى الرغم من تسمية هؤلاء القوم في أدبيات العالم بإسم فلاشا .. إلا أنهم يعتبرون هذا الإسم مهينا لهم .
يرجع الفلاشا نسبهم الى جنود حماية الملك ( منليك الأول ) _ إبن النبي الملك سيدنا سليمان عليه السلام من زوجته بلقيس ملكة سبأ , ويرون أن ( منليك الأول ) هو مؤسس سلالتهم اليهودية في أثيوبيا .
في الحقيقة , كان الإغريق هم أول من أشار الى وجود اليهود في أثيوبيا في حدود عام 200
ق . م كما أشار الإغريق الى أن الديانة اليهودية كانت قد بدأت تنتشر في المنطقة بحدود عام 300 ق . م ويرجع بعض المؤرخين أصلهم أما الى يهود فلسطين الذين هربوا من التطهير الديني قبل ألفي عام مضت , فوصلوا الى هذه المنطقة من أفريقيا . وإما الى أنهم يهود كانوا قد تاجروا مع أقوام البحر الحمر , ثم إنضموا إليها وجعلوها تعتنق اليهودية , والفلاشا من أنسال أولئك المعتنقين , خصوصا في الساحل الأثيوبي , أو يرجحون أن الفلاشا قد يكونون إحدى القبائل اليهودية التي ضاعت أثناء ( التيه ) .

كان الفلاشا قوما مجتهدين في أثيوبيا , وكانت لهم عصور مزدهرة من الإستقلال والقوة , ففي حوالي عام 960 ميلادية قادتهم الملكة جوديث والتي تعرف أيضا بإسم ( أستير ) للتمرد على حكم مملكة أكسوم . ثم واصلوا تمردهم تحت حكم سلالة ( زاغوا ) وكذلك تحت حكم الإمبراطورية الأثيوبية المسيحية التي حكمت خلال القرن 13 لذلك كانوا غالبا ما يتعرضون الى الإضطهاد . أما في القرن 16 فقد شن عليهم الإمبراطور ( سارسا دنغل ) حربا شرسة , وحين وصل خليفته الإمبراطور ( سوس ينوس ) الى الحكم قام بكسر مقاومتهم وقتل أعدادا كبيرة منهم في مجزرة عام 1616 ميلادية . ومنذ ذلك الوقت فإن أعداد الفلاشا التي كانت تقدر بمئات الآلاف أصبحت تتناقص أما بالقتل أو بإعتناق بعض أفرادها للديانة المسيحية خوفا من البطش , فلم يتبق منهم غير عددهم الضئيل اليوم .

منذ بداية القرن 19 قام بعض المبشرين الأوربيين بتقديم أنفسهم الى هذه الجماعات من الفلاشا السود على أنهم من ( الفلاشا البيض ) وأقنعوا هؤلاء الفلاشا السود بأن ( عيسى الحي ) أو المسيح المنتظر يعيش حاليا فعلا على أرض فلسطين في القدس , من أجل حثهم على إعتناق المسيحية , ولهذا خرجت أعداد كبيرة من الفلاشا السود ذاهبة الى حج القدس سيرا على الأقدام عند العام 1862 ميلادية , فمات عدد كبير منهم في الطريق بسبب الجوع والمرض .

مثل العديد من الجماعات اليهودية فإن الفلاشا مجتمع قائم على أساس الدين , ففي كل قرية كبيرة هناك رجل دين يقود المؤمنين , ويستعملون كلمة عربية لتسميته ب ( القس ) .

أما كتابهم فهو التوراة الذي يحوي الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم , يشرحه لهم رجل دين يقوم أيضا بتقديم الإستشارات الدينية وتستعمل كلمة عربية أيضا لتسميته ب ( كاهن ) يساعده شخص آخر يدعى ( البيبتارا ) أثناء تأدية واجبات الصلاة . أما مكان العبادة فتستعمل كلمة عربية إسلامية لتسميته ب ( المسجد ) .

كتاب الصلاة الذي يستخدمه المصلي مكتوب بلغة ( الجيز ) وهي لغة أثيوبية قديمة نادرا ما تستخدم اليوم ولا يفهما غير الكاهن . وتؤدى الصلاة بالقبلة الى القدس في يوم السبت ثم تتم قراءة ( الأوريت ) وهو كتاب التوراة المترجم الى اللغة المحلية , ثم يقوم الكاهن بتقديم كلمة في أحد أمور الإيمان .
في الماضي كان الفلاشا يتحدثون اللغة الأغاوية , لكنهم ومنذ القرن التاسع عشر بدأو بإستعمال اللغة التيجيرانية , أو اللغة الرسمية الأثيوبية الأمهرية المستعملة في كل البلاد , لكنهم ومنذ تأسيس الوطن العبري أخذوا يتحدثون العبرية المحكية في إسرائيل .

بعد الحروب العربية الإسرائيلية , وشعور الدولة العبرية بأنها بحاجة الى المزيد من المهاجرين إليها , ليقوموا بتعمير البلد وشغل وظائف الخدمات , والإنخراط في الجندية . لهذا كان يجب عمل ما يدفع هؤلاء الفلاشا الى الهجرة الى إسرائيل تاركين وطنهم ومصالحهم خلفهم .

يوم 12 أيلول 1974 قام الماركسيون الأثيوبيون بالإطاحة بحكم الإمبراطور هيلاسيلاسي الذي يحبه شعبه , فإندلعت الحرب الأهلية الأثيوبية ودامت منذ عام 1974 وحتى عام 1991 محولة أثيوبيا الى جحيم أجبر الفلاشا على الهرب من أثيوبيا الى السودان حيث إستقروا كلاجئين .

عام 1975 قامت إسرائيل بإعلان أن الفلاشا لهم حق المواطنة فيها , فتمكن حوالي 6 آلاف من الفلاشا الوصول الى إسرائيل بطريقتهم الخاصة , لكن بقية الفلاشا لم يتمكنوا من ذلك , ولهذا نفذت 3 عمليات على التوالي لترحيل جماعي لهؤلاء الفلاشا الى إسرائيل : ( العملية موسى ) و ( العملية يوشع ) و ( العملية سليمان ) .

العملية موسى وهي عملية سرية بدأت يوم 18 نوفمبر 1984 وإستمرت 6 أسابيع تم فيها وضع اللاجئين الفلاشا الموجودين في المخيمات السودانية في طائرات حمل ونقلهم الى إسرائيل , وبعد أن تم نقل حوالي 8 آلاف شخص , وصل خبر هذه العملية الى الإعلام مما أدى الى إيقافها .

عام 1985 قام بوش الأب وكان وقتها نائبا للرئيس بالإيعاز الى وكالة السي آي أي بتقديم دعم جديد لعملية نقل هؤلاء الفلاشا الى إسرائيل فتمت العملية يوشع . حيث تم نقل حوالي ألف منهم فقط , وبعد إنهائها لم تقع عملية نقل جديدة لأن الرئيس الأثيوبي ( منغيستو هيلا ميريام ) الذي يوصف بالديكتاتور , كان يعارض عملية تهريب مواطنيه خارج بلدهم بهذا الشكل .

لأن عمليات ترحيل الفلاشا الى إسرائيل كان من المؤمل لها أن تقوم بنقلهم جميعا , لذلك كان نقلهم بشكل غير منظم في عوائل أو جماعات متجانسة فيما بينها , بإعتبار أن الجميع سيلتقون فيما بعد في إسرائيل . لهذا فإن توقف عمليات النقل سببت مشاكل كثيرة لعوائل تم فصل أبنائها وهم أطفال عن ذويهم الذين لا يعرفون أي معلومات عنهم أو عن سلامتهم , مما دفع الكثيرين الى الإنتحار أو العنف . أما مشكلة المشاكل التي حلت على إسرائيل بوصول هؤلاء الفلاشا فهي أنهم بشر غير متحضرين بالمرة .. وكان ينبغي تعليمهم كل شيء : الكهرباء وركوب السيارة وإستعمال الأدوات .. إضافة الى اللغة العبرية .

خلال السنوات الخمس التالية كانت هناك أعداد قليلة جدا من الفلاشا يغادرون اثيوبيا , كما أن الرئيس منغيستو هيلا ميريام أبدى عدم إستعداد حكومته لمناقشة إسرائيل في موضوع سحب الأطفال الفلاشا الموجدين في إسرائيل لذويهم من أثيوبيا , وبعد عدة مفاوضات تمت موافقة الحكومة الأثيوبية على السماح لبعض الفلاشا بالمغادرة الى إسرائيل ما دام هناك ما يثبت أن أولادهم فيها فعلا , مع معارضة تامة لمغادرة جميع الفلاشا الى إسرائيل .

عندها كان يجب إستغلال مشاكل أثيوبيا الداخلية من أجل تسقيط النظام , فما الذي حصل ؟
أثيوبيا ورغبة منها في الحصول على ساحل على البحر الأحمر كانت قد إحتلت أرتيريا عام 1962 , معتبرة إحتلالها ( ضم لمحافظتها الرابعة عشرة ) . تم فرض اللغة الأثيوبية الأمهرية بشكل إجباري للتعليم في جميع المدارس , وهذه القضية مر عليها 30 عام من دون أن تنفجر .. لكن سيتم تفجيرها الآن لحل مشكلة الفلاشا .
تمرد الأرتيريون وقبائل التايجير المجاورة لهم في داخل أثيوبيا على القوات الحكومية الأثيوبية عام 1991 . ولأن التمرد كان مدعوما من الخارج فقد نجح نجاحا فائقا أجبر حكومة منغيستو هيلا ميريام على الهرب خارج البلاد . عند هرب الحكومة , طالبت أرتيريا بإستقلالها عن أثيوبيا فمنحت ذلك الإستقلال عام 1993 .

المفصل الأهم بالنسبة لإسرائيل في هذه العملية برمتها هو الفراغ الذي سيتركه غياب الحكومة الأثيوبية , حيث إندفع التايجيريون للسيطرة على العاصمة أديس أبابا وبالتنسيق مع حكومة الليكود في إسرائيل قامت 34 طائرة إلعال ( جمبو جيت ) ترافقها طائرات هركلويز ( سي _ 130 ) بمغادرة إسرائيل رغم أن ذلك اليوم كان ( يوم سبت ) ووصلت الى مطار أديس أبابا ونقلت في 6 ساعات ومن دون توقف 15 ألف شخص من الفلاشا الى إسرائيل فيما يعرف بإسم : ( العملية سليمان ) التي نقلت الى تل أبيب ضعف عدد ما نقلته كلتا العملتين موسى ويوشع .
أصبح عدد الفلاشا الموجودين في إسرائيل 36 ألف نسمة .. وهنا سنأتي الى الزبدة , وهي مالذي جناه الفلاشا من هجرتهم الى إسرائيل ؟ فرغم أنهم مواطنون يهود مثل غيرهم في هذا البلد العبري إلا أنهم يعاملون بعنصرية شديدة بسبب لونهم وبسبب تخلفهم , مما دفعهم في العام 2007 الى الإحتجاج أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائلي فكانت النتيجة الإشتباك بينهم وبين الشرطة وعناصر الأمن عند بوابة مكتب رئيس الوزراء .

أما في العام 2009 الذي نحن فيه فقد كتب الصحفي الإسرائيلي ( شموليك حداد ) في صحيفة ( إسرائيل نيوز ) مقالة بعنوان : ( تفرقة عنصرية قبيحة في أشكلون ) تحدث فيها عن تفرقة عنصرية كبيرة تقع على هؤلاء الفلاشا في مدينة أشكلون المحاذية تماما لقطاع غزة الفلسطيني . حيث يمنع منعا باتا بيع أو إيجار أي عقار أو سكن لهم أسوة ببقية اليهود الإسرائيليين .

يختم شموليك حداد المقال بقوله : (( ومن غير المتصور أن تحدث مثل هذه الاشياء في عام 2009 فكلما سمعت عن مثل هذه التصرفات العنصرية أسأل نفسي ما هي الخطيئة التي إرتكبها هؤلاء البشر ؟ هل تغيير لون جلد هؤلاء الناس كفاية لعلاج مشكلتهم وجعلهم يعيشون مثل غيرهم ؟ إنهم ليسوا مجرمين أو أشرار ، وإنما بشر مثلكم ومثلي . ولن نسكت على هذه القضية )) .



#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد مهاتير محمد على خطاب أوباما
- الشاعر .. في سجن مجهول
- جزيرة العار
- حدائق الملك / الجزء الثاني
- حدائق الملك / الجزء الأول
- بوش في بابل
- رؤوس البرونز الصينية
- جوهرة منسية
- صراع الأصوليات
- أهل الكتاب
- أمجاد يا عرب أمجاد
- حرب الكوكاكولا
- أين أنتم من مهاتير محمد يا قادة العرب ؟؟
- روبرت فيسك .. وغزة
- القطة الأولى في ذمة الخلود
- الإمبراطورية الأمريكية ذات العواصم الأربع
- إصلاح العجز المالي بأزيز القنادر
- مشاكهة
- تيران وصنافير
- العملية ساركوزي


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ميسون البياتي - يهود الفلاشا