أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ميسون البياتي - رؤوس البرونز الصينية















المزيد.....

رؤوس البرونز الصينية


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:40
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


قطعتا البرونز اللتان تصوران رأسي الفأر والأرنب الذين صممهما راهب البعثة التبشيرية اليسوعي , الإيطالي الجنسية ( كاستليوني ) لقصر الإمبراطور الصيني ( كوان لنج ) عند منتصف القرن الثامن عشر , بقيا ملكاً لعدد من أباطرة الصين , وبعد سرقتهما , تم تداولهما الى أن آلت ملكيتهما في تسعينات القرن الماضي الى ( بيير بيرجيه ) وشريكه مصمم الأزياء العالمي الراحل ( إيف سان لوران ) .

هذان الرأسان في الأساس هما جزء من الساعة المائية التي صممت أرقامها على هيئة رؤوس الحيوانات الموجودة في الأبراج الصينية وهي : الفأر , البقرة , النمر , الأرنب , التنين , الثعبان , الحصان , العنزة , القرد , الديك , الكلب , والخنزير .
وضعت هذه الساعة في قصر الصيف الإمبراطوري الصيني قرب العاصمة بيجين ( بكين ) وقد تم تدمير هذا القصر وتسليبه عام 1860 على يد القوات ( الفرنسية البريطانية ) بقيادة كل من الجنرال الفرنسي ( كوسين مونتيبان ) واللورد البريطاني ( ألجين ) . ومنذ هذه السرقة عدَّ الصينيون إستحواذ الغير على هذه التماثيل رمزا لإهانتهم القومية .

بعد وفاة الإمبراطور ( كوان لنج ) أهمل الأباطرة الذين جاؤا بعده هذه الساعة المائية , ثم تم قطع الماء عنها نهائيا برفع الأنابيب التي توصله إليها وذلك في العام 1795 ميلادية . لكن تماثيل هذه الساعة بقيت منصوبة في أماكنها .
عند الإجتياح الفرنسي البريطاني للصين عام 1860 تمت سرقة أغلب قطع هذه الساعة وبيعت عدة مرات منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا في الكثير من مزادات الأعمال الفنية حول العالم .

في السنوات الأخيرة قامت منظمة عسكرية صينية عملاقة تجارية الطابع ( بولي كروب ) تعمل لخدمة ( التحرير الشعبي ) الوطني , وبواسطة تجار صينيين كبار يعملون تحت لوائها بالمضاربة بضراوة في المزادات العالمية من أجل إسترداد هذه الرؤوس البرونزية لإعادتها الى الساعة المائية الأم . فتمكنوا من إعادة رؤوس : الديك والبقرة والنمر والقرد والخنزير والحصان .

رأس الحصان كان قد بيع آخر مرة عام 1989 بسعر 367.000 $ دولار أمريكي , في حين أنه عند إسترداده كلف المنظمة التجارية العتيدة مبلغ 8.9 $ مليون دولار أمريكي في العام 2007 وكان قد إشتراه ( ستانلي هو ) الملياردير الصيني الذي يدير شبكة كازينوهات واسعة في كل من مكاو وهونك كونك , ثم سلمه تبرعاً الى حكومة بلده .

أما حين عرض رأسا الفأر والأرنب في مزاد كريستي ضمن مجموعة إيف سان لوران في باريس , شهر شباط من هذا العام 2009 فقد قامت جماعة صينية من المضاربين , بإقفال البيع على أي مشتري غير صيني .. ولضراوة المضاربة فقد أقفلت إدارة المزاد البيع على مشتري مجهول الإسم والهوية , دفع في الرأسين مبلغا وقدره 31.4 مليون يورو أي ما يعادل 40 $ ميلون دولار أمريكي , وبعد عدة أيام أعلن المشتري عن نفسه فإذا هو رجل الأعمال الصيني ( كاي منشيكو ) .

لكن منشيكو وبعد أن إستولى على حق الشراء , أعلن أنه غير مهتم بدفع قيمة مشترياته الى المزاد , وأن على مالك التمثالين أن يعيدهما الى الصين دون مقابل .
الحكومة الصينية كانت قد أعلنت رسميا عدم علاقتها بهذا المزاد المزيف على الرغم من : أن كاي منشيكو يعمل مستشارا في الخزينة المركزية الصينية وهي مؤسسة حكومية داعمة لعملية إعادة قطع البرونز الى وطنها الأم , وأن كاي صار يمتدح على نطاق واسع في الصحافة الصينية بإعتباره ( شخصية وطنية ) .

حين لاحظ بيير بيرجيه شريك المصمم المتوفي إيف سان لوران بأن الحكومة الصينية لا تمتلك حقا قانونيا لمطالبته برد التمثالين مجانا , وفي ( لعبة ) سياسية فنية مالية تضرب على عدة أوتار حساسة في السياسة العالمية ... عرض بيرجيه على الصين : أن يعيد لها هذين الرأسين مجانا , مقابل أن تقوم الحكومة الصينية بإحترام حقوق الإنسان في الصين , وأن تسمح لسكان التبت , الدولة التي كانت الصين قد أعلنت عليها الحرب منذ عام 1949 ثم إحتلتها بشكل كامل منذ عام 1959 وحتى اليوم , وقتلت وشردت مئات الآلاف من أهاليها , ومنذ ذلك التاريخ وزعيم التبت الروحي ( الديلاي لاما ) يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية .

اليوم ومقابل هذين التمثالين البرونزيين يشترط بيير بيرجيه , إعادة حرية التبت وإستقبال زعيمها الروحي الدلاي لاما . وقد يتصور البعض بيير بيرجيه قمة في الإنسانية وهو يفعل ذلك , لكن الحقيقة تقول إنه يبحث بهذه العملية عن مصلحة فرنسا التي تسعى حكومتها الى توطيد علاقاتها الإقتصادية مع الصين .
بناءاً على تقرير نشر يوم 26 آذار الماضي في الصحيفة الفرنسية ( لا بوينت ) كتب ( جان _ ديفيد لافاييت ) المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي ساركوزي بأن : هناك تصاعد لإحتمالية تطوير العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين في حال إذا وافقت الصين على شروط بيرجيه , حيث ستشرك الحكومة الفرنسية شركتها التجارية العملاقة ( كارفور ) في عملية تحصيل الأموال التي ستدفعها فرنسا الى مواطنها بيرجيه من أجل إعادة هذين الرأسين البرونزيين مجانا الى الصين , مقابل وفاء الصين بتعهداتها لبيرجيه , إضافة الى وفائها بتعهد مضاف الى الحكومة الفرنسية الداعمة لهذه العملية .. بتوطيد العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين .

حقيقة .. فلا أحد يدري مقدار ( سعة عقل ) الحكومة الصينية للوصول الى قرار في هذه القضية !!؟.. فبإمكانها أن تسمح لموظفها ( كاي منشيكو ) أن يدفع الأربعين مليون دولار أمريكي الى مزاد كريستي ويعيد الرأسين البروزنزيين الى الصين معززة مكرمة .. ومبلغ 40 مليون دولار أمريكي مبلغ تافه بالنسبة للخزينة الصينية يمكنها جمعه في أقل من ساعة عمل واحدة في عموم الصين .
ومن يدري ؟؟؟ فربما تكون الحكومة الصينية من الغباء بحيث تربط نفسها بعلاقات مقيتة مع فرنسا التي تحلم بإستعادة نفوذها في الشرق الأقصى والمحيط الهادي , من أجل تفادي دفع مبلغ 40 مليون دولار أمريكي .. لقاء قطعتي أنتيكا دخل الصراع عليهما الى مرحلة العناد الدولي , من يدري ؟؟ كل شيء جائز في عالم اليوم المجنون .

ذكرت الحكومة الفرنسية .. أنه في حالة عدم موافقة الصين على هذا العرض .. فإن رأسي البرونز سيذهبان الى المضارب التالي الذي سيفوز بالبيع بعد كاي منشيكو . وحتى إعلان القرار الصيني الرسمي , فإن هذه التماثيل البرونزية ستبقى محفوظة في خزينة مؤسسة بيير بيرجيه .. حتى ساعة نفاذ المهلة المحددة لذلك القرار .
إنه عالم مجنون ... أليس كذلك ؟



#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوهرة منسية
- صراع الأصوليات
- أهل الكتاب
- أمجاد يا عرب أمجاد
- حرب الكوكاكولا
- أين أنتم من مهاتير محمد يا قادة العرب ؟؟
- روبرت فيسك .. وغزة
- القطة الأولى في ذمة الخلود
- الإمبراطورية الأمريكية ذات العواصم الأربع
- إصلاح العجز المالي بأزيز القنادر
- مشاكهة
- تيران وصنافير
- العملية ساركوزي
- الرفيق كاسترو
- فلم السيرة : جورج بوش
- الرفيق غورباتشوف
- الكساد الكبير
- أبو عمار
- مدينة أمريتسار
- جريمة اٌستثنائية


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ميسون البياتي - رؤوس البرونز الصينية