أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ميسون البياتي - المرأة في مهرجان شكسبير الأسترالي















المزيد.....

المرأة في مهرجان شكسبير الأسترالي


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 18:12
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بدأ المسرح يونانياً ثم تحول الى روماني , وحين جاءت المسيحية حرَّمت المسرح بإعتباره تراثاً وثنيا , وظل محرماً طيلة فترة العصور المظلمة . بوصولنا الى العصور الوسطى نجد أن العروض المسرحية عادت لتظهر من جديد ولكن على شكل مسرحيات المعجزات والأسرار التي تصور حياة السيد المسيح عليه السلام ومعجزاته . الشيء اللافت للنظر في هذه الفترة أن النساء كان محرماً عليهن التمثيل على خشبة المسرح , والعروض التي يتطلب فيها ظهور المرأة , كان يستعاض عنها برجل يقوم بتأدية دورها . إستمر هذا التحريم الكنسي لظهور المرأة منذ العصور الوسطى وحتى فترات متقدمة من الزمن , حيث تمكنت المرأة شيئاً فشيئاً من تجاوز ذلك المنع أو التحريم لتأخذ دورها ومكانها في تجسيد شخصيتها في هذا الفن الإبداعي .

منذ النصف الأول من القرن العشرين بدأت النساء بوعي قيمة حريتهن التي إكتسبنها بالتعليم والعمل وتحمل المسؤولية , لذلك بدأت الأصوات النسوية في عموم العالم تطالب بالمساواة , حيث بقيت هذه المطالبة لحد اليوم بين إستجابة وتسويف . فعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد أن المرأة في أماكن من العالم , كالعالمين الإسلامي والعربي تعاني من التسويف الشديد في نيل ما تصبو إليه إجتماعيا , تارة بإسم الدين وأخرى بإسم تطبيق تعاليم الشريعة وثالثة بدعوى إختلاف المجتمعات الإسلامية عن غيرها من مجتمعات البشرية ... لكن حال المرأة المسلمة اليوم بات مقلقا في ظل راليات وماراثونات عالم الفتاوي التي تنطلق عادة من ( مصر وايران والسعودية ) على وجه التحديد داعية لا الى تكبيل المرأة ولجم حريتها .. ولكن لسلبها إنسانيتها ومساواتها مع أي نعجة أو بهيمة يملكها الرجل , وأخجل من تعداد الأمثلة ولكن حتما بذهن القاريء الكريم ( توب تين ) من الفتاوي التي لا يمكن قبولها حتى في عصر الحريم , والإسلام كدين حنيف .. براء منها تماما .

في الجانب الآخر .. نجد أن دول ( عالم الكفر ) التي إحترمت قابليات المرأة التي إكتسبتها بالتعليم والعمل وتحمل المسؤولية .. فعدَّلت القوانين ومنحت ما تقدر عليه من مساواة , ففتحت أمام نسائها عالما جديدا من عوالم الخلق والإبداع والإبتكار , وهكذا وقفت المرأة الى جانب الرجل في كل المجالات دون التفكير بكونها ( جنس مختلف ) أو ( جنس آخر ) ويتم التعامل معها على إعتبارها إنسان دون إيلاء جنسه أهمية تذكر .

تقبلت نساء العالم هذه الندية بنوع من المسؤولية فواصلن العمل والكفاح .. مفتتحات القرن 21 بتغيير الشعار الذي كنَّ قد رفعنه في القرن الماضي , محولات دعوتهن القديمة الى المساواة .. الى دعوة جديدة للتفوق .. لم تعد نساء ( عالم الكفر ) يقبلن بالمساواة .. ما دمن قادرات على التفوق , والدور الذي تشعر المرأة أنها قادرة على تأديته أفضل من الرجل .. فإنها تنحي الرجل وتحل محله , لتقوم بدوره بدلا عنه , لكي لا يبقى من العلاقة بين الجنسين إلا المودة في القربى .. أما العلاقة المبنية على الحاجة فالله هو المغني عنها , وذلك أسلم لكرامة الطرفين .

أول من يستشعر مثل هذه الأفكار ويتحدث عنها بصوت عالي هي الفنون .. وهكذا نجد أن مهرجان شكسبير في أستراليا لهذا العام كان قد منح دورين لملكين وهما من أدوار البطولة لإمراتين .. في مسرحية ( ريتشارد الثاني ) حصلت الممثلة ( كيت بلانشيت ) على دور الملك ريتشارد الثاني , أما دورالملك ريتشارد الثالث في مسرحية شكسبير ( ريتشارد الثالث ) فقد حصلت عليه الممثلة ( باميلا رابي ) .

تعرض التاج البريطاني خلال القرن الخامس عشر الى هزة كبرى بسبب الإنشقاق الذي حصل بين العائلتين الملكيتين ( آل لانكستر ) و ( آل يوركشاير) في قتالهما للإستيلاء على العرش حيث وصلت المعارك بينهما الى ذروتها بين عامي ( 1453 _ 1487 ) بما يعرف بإسم ( حرب الوردتين ) التي تعاقب عليها عدة ملوك وكانت أجواؤها مليئة بالحقد والدم والكراهية والغدر .
قوادها من عائلة يوركشاير هم الملوك : ( ريتشارد الثاني , أدوارد الرابع , ريتشارد الثالث )
أما قادتها من عائلة لانكستر فهم الملوك : ( هنري السادس , أدوارد ويستمنستر , هنري تيودور ) وقد إنتهت هذه الحرب بإنتصار آل لانسكتر بقيادة الملك هنري تيودور على أولاد عمومتهم آل يوركشاير , عندها تأسست العائلة التيودورية التي حكمت إنكلترا مدة 116 سنة لاحقة .

قام الكاتب المسرحي البريطاني الشهير وليم شكسبير بإستلهام قصص حرب الوردتين في أعماله فكتب بذلك مسرحياته التاريخية المعروفة وهي : الملك جون , أدوارد الثالث , ريتشارد الثاني , هنري الرابع ( جزأين ) , هنري الخامس , هنري السادس ( 3 أجزاء ) , ريتشارد الثالث , هنري الثامن .
تاريخيا حكم الملك ريتشارد الثاني بريطانيا لمدة 22 سنة ما بين ( 1377 _ 1399 ) إنتهت بإندحاره أمام إبن عمه هنري بولنبورغ ( هنري الرابع ) .

مسرحية الملك ريتشارد الثاني مسرحية تاريخية يعتقد أن شكسبير كتبها في حدود عام 1595 وتعتمد في قصتها على حياة الملك ريتشارد الثاني ملك بريطانيا , وهذه المسرحية هي الجزء الأول أو المقدمة لمسرحية أخرى هي ثلاثية ( هنري الرابع ) ج 1 , ج 2 , ج 3 , ولا يعتقد أنها كتبت بذاتها كمسرحية مستقلة .

تفتتح الستارة في ( مسرح مدينة بيرث الأسترالية ) لنشاهد جلالة الملك ريتشارد الثاني ( كيت بلانشيت ) جالسة على كرسي عرشها وسط المسرح بملابس بيضاء وتاج من ذهب , والسماء تمطر ذهبا على بلاطها الملكي . لتتفتتح عملا من 8 أجزاء , طول الجزء ساعة واحدة , قام بإقتباسه عن مسرحيات شكسبير التاريخية كل من الكاتبين : توم رايت , و بندكت أندروس , حيث قدمت هذه الأجزاء الثمانية تحت عنوان : ( حرب الوردتين ) في مهرجان أستراليا لمسرحيات شكسبير بداية العام 2009 . وأخرجها للمسرح : بندكت أندروس .

حين تمتليء أرض المسرح برقائق الذهب , بينما يقل إنهمارها من السماء توجه كيت بلانشيت وجهها الى الجمهور وتجعل منهم موضوعا لكلامها . بينما رقائق الذهب تغطي وجوه الممثلين وأكتافهم .. في حين أن الخصومة تغلي بإحتدام بين الملك ريتشارد الثاني وإبن عمه هنري بولنبورغ , لتقود الملك الى حتفه في نهاية هذا الجزء من المسرحية .

لكن شكسبير يخبرنا بأن (( ليس كل ما يلمع ذهبا ً )) وأن كل الإحتياطات التي إتخذها ريتشارد الثاني لن تتمكن من حمايته من الطموحات السياسية لإبن عمه هنري بولنبورغ . وأن أمطار الذهب التي تسقط على عرشه سيأتي عليها يوم لتجف .. ويستعاض عنها فجأة بسرير قاسي يقض مضجع الملك ريتشارد الثاني حين سيقع أسيرا بيد إبن عمه هنري .
كيت بلانشيت متألقة في دورها كملك , وقابليتها على التعبير اللغوي والصوتي تتمكن من نقل شكوكها وألاعيبها بكلمات محملة بمعاني مزدوجة .. في نفس الوقت الذي تستخدم طاقتها عمدا لتوجيه نظراتها الجميلة الى الجمهور مناشدة إياهم دعمها لأنها تمثل الحق الإلهي للملوك بحكم الرعية .
لكن الملك ريتشارد الثاني لم يكن وحده الذي يعاني في هذا الصراع , إبن عمه هنري بولنبورغ كان يعاني أيضا الى حد الفجيعة والدم والإحتراق بسبب الظلم الذي سيلحقه بإبن عمه .. نتيجة رغبته هو الإستحواذ على العرش .
حين تقع الحرب نشاهد أن أرض المسرح تمتليء بالورود .. إنهم القتلى من الطرفين في حرب الوردتين , لكن المسرح وبعد تتالي عمليات القتل والموت المروع سيمتليء بوحل رمادي ممتزج بالطحين المعجون بصبغ أحمر بلون الدم تكبر مساحته بعد كل جريمة إعدام .
أحد المشاهد الفاجعة في المسرحية أن إثنين من جنود هذه الحرب وهما من عامة الشعب , كان قد قتل أحدهما أباه والآخر إبنه لأنهما يحاربان مع المعسكر المضاد . كان الجنديان ينتحبان وهما يناقشان معنى شرف العسكرية في هذه الحرب التي قسمت العوائل الى فرق متحاربة من أجل أن يفوز نبلاء إنكلترا بالعرش .
حين ينجح هنري بولنبورغ أخيرا في قتل إبن عمه ريتشارد الثاني ويستولي على تاجه وعرشه ومملكته , يكون قد تلطخ تماما بالدم والوحل , ليؤسس مرحلة حكم الملك هنري الرابع , حيث ينتهي هذا الجزء من المسرحية .
بعد وقوع الكثير من الظلم في عهد هنري الرابع .. ثم هنري الخامس , يصل ريتشارد الثالث ( العاجز ) الى مرحلة المطالبة بالحكم ( تمثل دوره باميلا رابي ) فيقتل كل من يقف في طريق وصوله الى العرش .. إخوته .. ثم أولادهم , وأي من يستحق التاج قبله .

كيت بلانشيت تمثل في هذا الجزء دور ( الليدي آن ) التي قتل ريتشارد الثالث حماها , ثم زوجها أمير ويلز , وأجبرها بالخديعة على الزواج منه ليتمكن بذلك من مواصلة القتل ليضمن أن لا يجد له في المستقبل غريما ينازعه العرش . حكاية زواجهما غير المتكافيء في القوة , يمثل شكل العلاقة بين آل لانكستر وآل يوركشاير في سلسلة حروب الوردتين . ثم يحتجز ريتشارد الثالث ولدي الليدي آن في القلعة , ولأنهما مرشحان لوراثة الحكم بعد والدهما , يقوم بقتلهما بكل وحشية , دون أن تعلم والدتهما .
يواصل ريتشارد الثالث سلسلة جرائمه من أجل المحافظة على عرشه غاسلا المسرح بالدم , وقد قامت الممثلة ( باميلا رابي ) بهذا الدور الصارخ في الوحشية بكل جدارة , كانت تتحدث بصوت عالي , وتضحك بهستيرية , وتسعل بشكل متواصل , وتقهقه بين العبارات بما يمنح كلامها معاني أبلغ من الكلمات ولا تخلو من الرعونة والإستهتار , لكنها لم تحسب أن الوقت سيمضي سريعا , وأن جرائمها ستكتشف , وأن هنالك من أولاد العم من سيحاصرون القصر للثأر لقتلاهم , بقتلها هي دون إبطاء . وفي هذه اللحظات , حين يحاصرها جيش إبن عمها هنري تيودور ( هنري الثامن ) نسمعها والوحل يغطي تاجها ورأسها تصرخ بهستيرية بعبارة ريتشارد الثالث الشهيرة في المسرحية : (( حصان .. أريد حصان .. مملكتي لقاء حصان )) .

الكلمة الأخيرة في سلسلة مسرحيات ( حرب الوردتين ) الثمانية كانت للنقاد الذين أكدوا على أن قيام كيت بلانشيت بدور ريتشارد الثاني , وباميلا رابي بدور ريتشارد الثالث في هذه السلسلة المسرحية كانت عملا ذكيا لمؤسسة إنتاج بمنتهى الذكاء .
وإن هذه الساعات المسرحية الثمانية كانت تحديا للمشاهدين , لكن مؤسسة مسرح سيدني كافأت الجمهور بعرض يستحق المجازفة , لأنه يحفز على التفكير , ومنفذ بدقة عالية , في إختيار طاقم الممثلين , والديكور , وتصميم الإضاءة , والموسيقى .. وكان عملا يستحق النجاح عن جدارة .





#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة في سياتل
- الماء .. وأشياء أخرى
- قسمة ضيزى
- سيحون وجيحون
- باليبو _ Balibo
- القنبلة البشرية الموقوتة
- نوري باشا السعيد
- يهود كردستان
- الشهبانو فرح بهلوي
- يهود الفلاشا
- رد مهاتير محمد على خطاب أوباما
- الشاعر .. في سجن مجهول
- جزيرة العار
- حدائق الملك / الجزء الثاني
- حدائق الملك / الجزء الأول
- بوش في بابل
- رؤوس البرونز الصينية
- جوهرة منسية
- صراع الأصوليات
- أهل الكتاب


المزيد.....




- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ميسون البياتي - المرأة في مهرجان شكسبير الأسترالي