موزائيك..وجدار برلين!

سالم اسماعيل نوركه

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 22:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد السنوية العشرين لسقوط جدار برلين اعتبرت المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل إن(الوحدة الألمانية لم تكتمل بعد)وأشارت للصعيد الاقتصادي لأنه لا تزال هناك "فروقات بنيوية" بين شرق ألمانيا وغريها وأضافت "علينا أن نعالج هذا الأمر إذا أردنا الوصول إلى مستويات معيشية متساوية"بين شرق البلاد وغربها ،مشيرة في هذا الإطار إلى إن مستويات البطالة في مناطق جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة" الشرقية كانت منذ إعادة توحيد البلاد ولا تزال ضعف تلك المسجلة في مناطق ألمانيا الغربية ويذكر إن إنغيلا ميركل التي عاشت في ألمانيا الشرقية ودخلت المسرح السياسي عند سقوط جدار برلين وشددت المستشارة على إن "ضريبة التضامن"التي يدفعها مواطنو ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية لتحويل إعادة توحيد البلاد "لا تزال ضرورية"وخلال السنوات العشرين الماضية بلغت قيمة الأموال التي دفعها الشطر الغربي من البلاد للشطر الشرقي حوالي 1300 مليار يورو وذالك لتحويل عملية تحديث مناطق ألمانيا الشرقية السابقة ,قالت الوحدة الألمانية لم تكتمل بعد والمستشارة الألمانية أضافت وأشارت لفروق بنيوية وحددت سبل تعزيز الوحدة ألمانيا ولم تقل سقوط الجدار لوحدها تحقق الوحدة .
إذا شطرت ألمانيا إلى دولتين بجدار برلين والذي شيد نتيجة لاختلاف الموالاة لقطبين متناقضين في أكثر من جانب فهناك دول عديدة تعيش وتطرب على وحدة بنيت بطريقة قشرية خالية من إي مضمون وكأن شيدت لنفسها أكثر من جدار فغمط حقوق الآخرين وكم الأفواه وسوء توزيع الثروات وعدم إنصاف إي مكون من مكونات الدولة وعدم الوصول إلى السلطة بصناديق الاقتراع وعدم بناء دولة المواطنة السليمة كل هذه بمثابة جدار يضعف وينخر جسد الدولة وفي هذا الخصوص نتناول ثلاث دول كمثال لا كحصر مع اختلاف كل منها عن الآخر في أكثر من جانب كي لا نجانب الحقائق على الأرض في كل منها .
في السودان هناك مشاكل حقيقية قد تعرض وحدتها إلى خطر بدليل إن كبار الساسة في الجنوب طلب من أهل الجنوب أن يصوتوا في استفتاء 2011 لصالح الانفصال وقال قائد الجنوب عليكم أما الانفصال أو القبول بالعيش كمواطنين من الدرجة الثانية فلو لم يكن في السودان مشاكل حقيقية من سوء إدارة الدولة لما أستطاع أحد من الداخل ولما أراد الانفصال فلا تكفي السودان لتحقيق وحدتها ظهور أحد قادتها الكبار (ليرقص أمام الجماهير بالعصي)عليهم معالجة ما يمكن معالجته من معضلات نتيجة لسياسات لابد أن تصلح.
في تركيا مشاكل قومية تعاني منها من بعد الحرب العالمية الأولى وإلى اليوم و مشاكل أخرى وبدلا من معالجتها في الزمن الماضي بطرق سليمة ونتيجة لسياستها بهذا الخصوص لجأت إلى طرق خير سليمة وإلى استخدام السلاح والعسكر وجر على تركيا خسائر مادية وبشرية والمشاكل ما زالت قائمة وسياسة التتريك جرت على تركيا خسائر جسيمة فهي لم تقبل لحد اليوم في عضوية الإتحاد الأوربي ومطلوب منها إصلاحات عديدة لنيل العضوية ومنها منح الحقوق لمستحقيها وقد أشار أحد قادتها أمام البرلمان التركي حين كان يتحدث عن القضية الكردية ما مضمونه إن معالجات الأمس لم تنفع لمدة أكثر من عقدين وهذه المشاكل بمثابة جدار تفصل وتضعف تركيا واقعيا وتجلب لها خسائر هي في غنى عنها واليوم يبدوا إن تركيا تسعى والظروف مواتية لحل هذه المشكلة وتكف عن وصف أكراد تركيا بأتراك الجبل والطريق السليم في منح الكرد كامل حقوقهم وخطاب السيد رجب طيب أردوغان في البرلمان التركي سابقة سليمة إن وجد طريقها إلى التطبيق على الأرض .
في العراق كانت بالأمس مشاكل قومية فقد حورب الشعب الكردي فيها بأبشع الوسائل ,هجر أبنائه ومورس بحقهم سياسة التعريب والترحيل بل قصف بأسلحة كيماوية بل النظام السابق عقد اتفاقيات سيئة الصيت من أجل محاربتهم منها اتفاقية جزائر سيئة الصيت 1975 مثل كل هذه السياسات بمثابة جدار داخل الدولة الواحدة وقد تكون أشد وطأة من جدار برلين ,فهناك دول في العالم تتعامل مع مشاكلها بطريقة سلبية وبسببها تعاني ما تعاني وأحيانا بدلا من الاعتراف بخطأ الخطوات ترمي بفشلها على أطراف خارجية .
يتكون العراق من قوميتين رئيسيتين ,العربية والكردية بالنسب المعروفة وقوميات أخرى وأي خلل في العلاقة لا يخدم العراق ونحن هنا لا نتكلم عن الأشخاص وإن تكلمنا عن الحقوق فنحن نتكلم عن حقوق شعب وكثر الكلام عن موزائيك العراقي فهذا الموزائيك إن نظم وشكل بنهج ومنهج سليم يكون مثل الموزائيك البديع الذي عمل بيد فنان ماهر وإن كان بنهج ومنهج مثل الذي كان سائدا بالأمس سيكون مثل موزائيك معمول ومنظم بيد شخص بعيد كل البعد عن هذا الفن ويكون العمل محل سخرية الآخرين.

#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل