سعد الغالبي
الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 19:21
المحور:
المجتمع المدني
حدثني صديق بأسرار ليلتة الشتائية وكان (صلباً كالصخرة ) ، إلا في لحظة دق فيها ناقوس ضعفه عند شيء قد قاله وقد دمعت عيناه بصمت ، ذلك الصمت قد بعث في نفسي الأسى ، والذي إستمر طوال روايته التي بثها لي .
حين إنتصف الليل في الغرفة التي يعيش فيها مع زوجته وبناته الأربع الصغيرات ، كان منزوياً في أحد جوانب الغرفة كعادته لاينام ، لايفكر في يومه الذي إنقضى، بل في القادم من ايامه ، يفكر في حياته وقد عجزأن يجد الحل لنزاعه مع الصعب من أيامه ، التفت لينظربناته الأربع وقد تنازعن على الغطاء الذي يختبئن تحته من وحش الشتاء الكاسر، فإنتهى النزاع عن بقاء طفلته الصغرى تحت وطأة سوط البرد يجلدها مراراً وتكرارا .
إقترب الأب بوجل من طفلته الصغيرة لينظر في وجهها الملائكي الذي أبى الله أن يجعله كما كان منذ ولادته ، فسقطت دمعة من عينه على وجهها ،ولكنها لم تستيقط .. ربما كانت دمعة حارة ، ولكن توالي السقوط على خدها ، قد أثقل ذلك الخد الرقيق ، لذا فإنها إستيقظت في النهاية ، لتنظر في وجه أبيها ، فتبتسم له إبتسامة لم يعرف معناها ، لكنها تركته ينظراليها وقد ألصقت جسدها الصغير بأجساد أخواتها تطلب الدفء .
حديث صديق هذا ليست قصة صغيرة جداً من نسج خيالي لوصف حالة صديق ما ، بل مأساة موجودة ومكررة الى حد الملل من مفردات هذة الدنيا مفردة بعد أخرى ، ولكني أتسائل ، هل يتمكن ذلك الصديق من إمتلاك (الصبر ) ، ذلك المفتاح السحري القادرعلى فتح جميع الأبواب المقفلة ؟ وهل المالك للصبر ، بشر يختلف عن الآخرين ، وفي أي وقت يأتي لنقول هذا زمن الصبر قد حان ، ومتى ينتهي هذا الزمن لنقول إنتهي ، وفي أي الأشياء نزاول الصبرمهنة ً ، ولماذا أصبر أنا وجاري لا ينفذ تلك الضريبة ، وحين فرض الصبر ، لماذا أنا دون غيري ، لماذا فتيات ذلك الصديق يقاسين ألم الحياة ، هل لأن أباهن خلق فقير ، أو صار فيما بعد فقير الحال .
ولكن الصديق عاد كالصخرة مجدداً ليقول : علمني الفقر أن أرى كُل الناس فقراء مثلي ، وأنظرالى زمن قادم ، بأنه سوف يكون زمني ، ليحل فيه العدل ،وسوف تنام بناتي في فراش دافئ طوال الليل ، عندها أتذكر الذي قرأته يوماً ، كيف أن الملك (حمورابي ) حين أدرك منذ زمن بعيد أن يكتب قوانين الجريمة والعقاب على مسلته العمودية ، حيث كتب (العين بالعين وال......) الى آخر تصريح له في مسلته التي أصر على أن تكتب بصورة عمودية لظنه أن من يريد أن يقرأ بها ، وجب عليه الوقوف منتصباً دون حركة .
#سعد_الغالبي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟