أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - تعليق حــول قصّة: - غسيل الروح - لـ السيد حافظ















المزيد.....

تعليق حــول قصّة: - غسيل الروح - لـ السيد حافظ


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 853 - 2004 / 6 / 3 - 04:57
المحور: الادب والفن
    


القاص العزيز السيّد حافظ، "غسيل الروح ، يا حبيبتي قصّتي!".. نصّ قصصي يحمل بين جنباته قصصٍ عديدة، ومضات قصصية تفوح من كل ثناياه، يبدو واضحاً أنّ شطحاتكَ التي تحمل أفكاراً دقيقة وعميقة تتداخل بمتون النص، تأتي بعفوية جامحة، إذا كانت هذه ليست قصّة وإنّما هي غسيل الروح فكم من القصص من هذا الطراز نحتاج كي نغسل أرواحنا من الترّهات العالقة بين أجنحتنا وأرواحنا؟ قصص لا تحصى ترهق كاهلنا، لماذا أصلاً نكتب قصصاً ومسرحاً وشعراً ودراما ونصوصاً ورؤى، لماذا نقرأ وندرس ونتخصّص، وأغلب ما نقرأه ونراه يعبر تجاعيد السراب؟ بعد عقود وقرون من الزمان نكتشف زيف المعارك وزيف الحرف وزيف المناهج، إيدولوجيا مرتكزة على كثبان الرمل، مقعّرة، مجوّفة، غائبة عن حبق الورد ونكهة المطر، آهٍ يا صديقي، أنا ألقائل " كم من الآهات حتّى هاجتِ البحار" .. لا أخفي عليكَ أنني مسرور من طريقة كتابتك، من طريقة تناولكَ الأفكار، لديكَ رفش كبير وأفكار تجرف جراح الروح، تريد أن تقدّمها للقارئ البسيط العادي، ولكنّكَ تتوه بين معابر أفكاركَ ويندلق من رفشكَ ما لا ترغب أن يتماهى بعيداً لكنّك مع هذا تمسك بما يعبر صحن الرفش، رفش الكلمات وتقدّمها لنا بعذوبة مطرية تمطر علينا مطركَ المتدفّق مكثّفاً بالأسئلة والحوار، تقدّم حواراً عميقاً، تصدمنا بكآباتنا، بأوجاعنا، بهزيمتنا، بشموخنا المزيّف، بالجبال العالية التي تحيط بمزارعنا الموغلة في الهشاشة، حياة هشّة طافحة بالمراوغة والإذلال والبكاء، حياة طائشة تطحش على شفافية الروح فتتعفّر الروح باسفلت الحياة ، ثم تتكلّس الروح من تراكمات تصدّعات الجراح النازفة فوق أرخبيبلات الحلم، فتعبر قصتكَ المتشظّية من رعونة العمر كي تفرش شظاياها فوق رماد العمر لعلّها تخفّف من أوجاع النهار ومن خشونة الحلم المتدفّق من كوابيس آخر الليل، تداخلات رائعة في متاهات نصّكَ تعبر بطريقة هادئة إلى ذاكرة الروح ـ روحنا، فتوقظ فينا مرارة الهزائم التي نقشت على وجنتنا وعلى جبهة العمر ، على بسمة الماضي وتضاريس المستقبل، ثمّة تساؤلات بين هلالات نصّكَ تضعنا أمام وقائع مزرية ، فاضحة وواضحة مثل جمرة الشوق إلى عذوبة النيل، لكن النيل نيلنا لم يعد نيلنا ولا البحر بحرنا ولا عواصمنا غدت عواصمنا ولا نحن نحن، ولا حضارتنا ظلّت حضارتنا، هل نحن فعلاً أحفاد الفراعنة والبابليين، أحفاد حمورابي وخوفو وخفرع ومنقرع، هل نحن أحفاد من بنى أبو الهول، هل الاهرامات هي إهراماتنا أم أنها سقطت سهواً في تخوم جغرافيتنا، وإلا لماذا كلّ هذه الدموع المنسابة من مآقينا ونحن نتمعّن في جمال الإهرامات؟ هل أصبحت الإهرامات وتاريخها العريق بلوة علينا، لماذا لا نستطيع أن نصدّق أن مَن ينبتُ على ضفاف النيل هو من لدن الفراعنة والإهرامات ومن لدن الملوك القدامى ، أين نحن من تراثنا وحضارتنا وماضينا ومستقبلنا المعلّق على كفّ عفريت؟! لماذا نحن على صلة رائعة مع العفاريت وعلى صلة مخرومة مع حضارتنا التي أذهلت العالم ولا تذهلنا بل أصبحت بلوة البلوات علينا؟ أنتَ يا صديقي تحرّضني على الولوج إلى مخابئ العمر وإلى معابر خصوبة الروح، روحنا يا صديقي خصبة ، خصبة للغاية لو تركونا نغسلها من أتربة هذا الزمان، لو تركونا أن نفرش رذاذات الروح فوق ماضينا وحاضرنا وجموحنا العميق نحو عناق زرقة السماء وبهجة الشفق ، لماذا دائما يحاصرنا سيف حاد وكأننا أعداء أنفسنا ولماذا يرفع السّياف سيفه في وجهنا أكثر مما يرفعه في وجه اعدائنا، نحن يا صديقي على هامش جغرافية الكينونة، كينونة الإنسان! كي نشيد حضارة، مجتمعاً متقدماً، لا بدّ من بناء كائن سويّ، حرّ، يبتسم للفراشات والإهرامات ولعذوبة النيل، ويسبح بكل فرحٍ في شواطئ العشق، عشق الحياة والإنسان والحرف ومعارج الصفاء وبهجة الارتقاء، الإرتقاء بنا نحو ضياء خوفو وحمورابي والحدائق المعلّقة، لماذا لا نزرع بذور المحبّة في تراب النقاء والبقاء، ونهرب يوماً بعد يوم نحو خلخلات تقعّر الرؤى، رؤانا يا صديقي غدت ضبابية ومهشّمة وغير بادية للعيان، إلى أين نسير؟ هل ثمّة برنامج عميق يشمل تطلعات حضاراتنا الآفلة، تخلّفنا ينمو متجذراً في تجدّده عبر أصحاب الصولجان، يزعجني جدّاً أن مَن يرفع الصولجان ولواء الكلمة ولواء اللواءات أبعد ما يكون عن لغة الإرتقاء والعلوّ والسموّ، نحتاج لغة جديدة متجددة طازجة عذبة تنبع من خصوصية المرحلة المتلألئة بين أجنحة الحياة حياتنا، على أن نضع في إعتباراتنا حضاراتنا المذهلة التي دسنا عليها وعفّرنا وجهها المشرق، علينا أن نركّز على برامج ومناهج ودساتير ورؤى تنقذنا من هذه المتاهات التي نسير فيها وعليها، ثمّة غرق وللأسف استغراق في الغرق نمرّ فيه منذ قرون من الزمن، أما آن الأوان أن ننهض من غفوتنا وكبوتنا وتحجّرنا الفكري وجموحنا عن منهج حضاراتنا الموغلة في الروح، عجباً أرى لماذا كل حضارات الكون تتقدّم متراً أو مترين كل عام ونحن نتقهقر مئات الأمتار كل عام، ما هذا الخلل المخيف الذي يزنّرنا ونحن صامتون؟ لماذا كلّ هذا الصمت المخيف الذي يسربلنا، إلى متى سنبقى جبناء وهامشيون نعبر قرناً تلو الآخر ونحن على مائدة الحضارة ـ حضارة الكون، لماذا مبدعوننا وكتّابنا وشعراؤنا ومفكروننا يشهقون بحزنٍ وألم عميق وكأنّ إبداعهم أصبح بلوة وكارثة عليهم، أليس عاراً في الوقت الراهن أن نتحدّث عن الديقراطية والعدالة والمساواة والحياة الكريمة وحرية الرأي والرأي الآخر، هذه مبادئ أصبحت في عرف حضارة اليوم خبز الحياة وقهوة الصباح، مع هذا هي من أهم برامجنا ونطرح أنفسنا على أننا أبو الديمقراطية وأبو الحرية وأبو الكرامة وأبو الإبداع وأبو الآباء، حتى أننا معروفين في بقاع الدنيا بأبو فلان وأبو فلان ولا نقدّم أنفسنا بإسمائنا بقدر ما نقول أبو فلان دليل الأبوّة والرجولة ونحن أبعد ما نكون عن الأبوة والرجولة لأن الأب هو أكبر ديكتاتوري على إبنه وإبنته وزوجته ، هذا يقودني يا صديقي إلى حوار مفتوح له أوّل وليس آخر، كيف سنحقق رؤانا وكل ما نراه يظن نفسه أنه عبقري عصره، حتّى أن الإنسان العادي أحيانا يراوده أنه يستطيع ان يقود العالم وهو في حقيقة أمره لا يستطيع قيادة قطيع من الغنم، لإنّ الرؤوس الكبار لا تستطيع قيادة القطيع وإن قادوه فعلى الأغلب سيقودونه نحو قطيع الذئاب كي تأخذ الذئاب حقّها من بطون الغنم! آه .. يا صديقي، مرّة أخرى، " كم من الآهات حتّى هاجت البحار" لماذا تكتب لنا قصصاً هائجة من طراز غسيل الروح، لماذا لا تكتب لنا روايات حول غسيل الروح والقلب، غسيل الذهن والرؤى، غسيل الحلم، هل تعلم أننا لا نحلم بطريقة مريحة، بطريقة منعشة لأنّ أحلامنا معفّرة بالكوابيس، معفّرة بشظايا الكآبة والبكاء العميق، لو تحصي الكائن كائننا ستجده كائن غير كائن في هذا العالم ، انّه متبخّر عن هذا الكون، لا وزن له ولا لون ولا رائحة، أنه يتحرك بطريقة ما له حيز من المكان، حيز من الجغرافيا، لكنه لا يملك أي حيّز من الرؤى التي تسربل هذا العالم، أين لغتنا وثقافتنا وتطلعاتنا ورؤانا التي ممكن أن تذهل العالم، لماذا نحن دخلاء على العالم، لماذا أغلب مفكرينا ومبدعينا وشعرائنا وكتابنا وفنانينا في عوالم غير عوالمنا، ألا يعني ان عالمنا ضاق الخناق بهم ، لماذا لا نمنح ذواتنا هواءً نقيّاً ، لماذا دائما نرى مَن يفكّر أنّه يشكّل خطر على منحانا، هل لنا منحى أصلاً كي نخاف من خطورة منحاهم على منحانا؟ ثمّة أسئلة لا تحصى تراودني، وكلّها تصبّ في كيفية غسيل الروح من ترّهات الحياة!


ستوكهولم: 31/10/2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]




#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى سوسنة منبعثة من وهج الإشتعال
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 359 ـ 360
- نص مزركش بألوان الحياة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 357 ـ 358
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 355 ـ 356
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 353 ـ 354
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 351 ـ 352
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 349 ـ350
- أنشودة الحياة، الجزء 1 سيناريو فيلم سينمائي، جاهز للإنتاج
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 347 ـ 348
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 345 ـ 346
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 343 ـ 344
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 341 ـ 342
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 339 ـ 340
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 337 ـ338
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 335 ـ 336
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 333 ـ 334
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 331 ـ 332
- أنشودة الحياة 4 ص 329 ـ 330
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 327 ـ 328


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - تعليق حــول قصّة: - غسيل الروح - لـ السيد حافظ