حيان نيوف
الحوار المتمدن-العدد: 851 - 2004 / 6 / 1 - 06:14
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
كتاب " مناهضة الأمركة"
مقدمة :
Anti-Americanism أو " مناهضة الأمركة " هو كتاب جديد بقلم جان فرانسوا ريفل . أهمية الكتاب تأتي من كونه ينطلق حيث انتهى كتاب " نهاية التاريخ " The End of History and the Last Man للمفكر الشهير فوكوياما Francis Fukuyama .
لقد برهن فوكوياما ان الديمقراطية الليبرالية تركب الشكل الأخير والنهائي للعمل السياسي عند الإنسان ، وهنا ينتهي سعي الإنسان وراء شكل أفضل للحكومات بحيث تصبح الديمقراطية الليبرالية هي أخر هذه الأشكال وبالتالي تكون نهاية التاريخ . يرى فوكوياما ان انهيار الشيوعية كان إشارة إلى أن جميع الأنظمة التوليتارية totalitarian تحوي بذرة دمارها ، والديمقراطية الليبرالية هي أكثر النظم السياسية قدرة على البقاء ، ليس مصادفة أو عبر القوة ، بل لأنها تحترم الحرية وكرامة الإنسان . لكن فوكوياما يقول ان الديمقراطية الليبرالية بحاجة إلى المزيد من التطوير .
جان فرانسوا ريفل Jean Francois Revel هو فيلسوف فرنسي عمل محررا للصحيفة الأسبوعية L Express . قبل أي تفصيل عن كتابه علينا ان نعرف ان هذا الكاتب يعتمد في فلسفته وكتاباته على سعة إطلاعه .
يتألف الكتاب من مقدمة وسبعة أبواب . ولأن مؤلفه يكتب بطريقة علمية متميزة ، فقد اختار في كل باب أن يعرض لسبب علمي ينفي أن تكون " الديمقراطية تعتمد وتقوم على أفراد مستقلين " كما يتعرض بطريقة علمية لأسلوب عمل مناهضي الأمركة والعولمة .
يبدأ الكاتب بالقول ان الحاجة النفسية عند أمريكا لاختراع الكذبة الكبرى إنما هو ناجم عن الرغبة في زيادة الفجوة بين من يريد أن يعرف على جانب " الأغلبية الصامتة " ومن لا يرد أن يعرف ويطلع على جانب النخب الثقافية والإعلامية .
النية السيئة لمثقفي اليسار بالهجوم على أمريكا :
في الباب الأول من كتابه " تناقضات " أو Contradictions ، يقول المؤلف ان الولايات المتحدة هي القوة العظمى في العالم لأنها تحتل المرتبة الأولى على صعيد العالم في المجالات التالية : الاقتصادية ، التكنولوجية ، العسكرية والثقافية . من الناحية الثقافية ، على سبيل المثال ، أضافت الولايات المتحدة بصمتها وفلسفتها على الرسم والموسيقا و الأدب . يحاول ريفل التساؤل : المواطنون في المجتمعات الحرة تغمرهم السعادة بحريتهم ، لكن لماذا يتعرضون للهجوم القاسي وخاصة من قبل اليسار ؟! . مؤلف الكتاب أراد أن يتحدث عن مختلف القضايا من زاوية " الإنسانية " وتوفر شروط " العقل الإنساني " والنوايا الطبية وليس الأسطورة والإيديولوجيا. عندما كانت انتخابات عام 2000 في الولايات المتحدة وجرت عملية عد الأصوات مرارا ، بدأ المثقفون في البلدان غير الديمقراطية باتهام أمريكا أنها أصبحت من " جمهوريات الموز " ؛ هنا يظهر المثقفون نيتهم السيئة .
لماذا وقف الماركسيون مع تحرير السوفييت للعالم ويرفضون التحرر الأمريكي ؟!
ينتقل المؤلف للحديث عن مناهضة العولمة . يقول ريفل ان معظم المفكرين الماركسيين كانوا يقولون عن توسع الإمبراطورية السوفيتية إيديولوجيا وجغرافيا أنه " خطوة ضرورية نحو تحرير العالم " ، وهم نفسهم اليوم يقفون ضد العولمة التي تعني تحرير العالم لأن الولايات المتحدة تظهر كممثل رئيسي لها . العولمة بالنسبة للكاتب هي مجرد حرية تحرك الأشخاص والبضائع .
مناهضو العولمة يخرجون من بلدان قمعية :
الباب الثاني في الكتاب هو Antiglobalism and Anti-Americanism : مناهضو العولمة و الأمركة . يتعرض المؤلف هنا لمناهضي العولمة ويعتبر أن أكثر الناس احتجاجا على العولمة هم أناس يعيشون في بلدان قمعية ، ولكنهم يحتجون على ما هو خارج بلدانهم . هؤلاء – حسب المؤلف – ليس لديهم أي برنامج منظم وإنما لديهم الغضب والكراهية إزاء قضية ما .
الباب الثالث هو "Hatreds and Fallacies" : ضغائن ومغالطات . يستغرب المؤلف وجود " سوء فهم " حول الولايات المتحدة ، ضعفها أو قوتها ، ويعتبر أن هذا غير ممكن لأنها تتبنى قضية التحرر الإنساني في العالم . يقول المؤلف أنه عادة إن لم تكن هناك إمكانية للهجوم على سياسة أمريكا وثقافتها يتم الهجوم على شعبها وطريقة عيشه . وفي الباب الرابع نجد تقريبا نفس الفكرة .
حماية الثقافة تكون بالحوار مع الثقافات الأخرى :
الباب الخامس هو Cultural Extinction : الانقراض الثقافي . يعتبر المؤلف ان فكرة حماية أصالة الثقافة من خلال إبعادها عن كل التأثيرات الخارجية هي وهم قديم ولم تنتج سوى العكس تماما . العزلة تلد العقم . التداول الحر للنتاجات الثقافية والمواهب يسمح للمجتمع الحفاظ على نوعيته وكذلك تجديد نفسه .
الباب السادس هو Being Simplistic : الإفراط في التبسيط . يعتقد المؤلف انه ، وباعتبار تضاءل تأثير الماركسية كتقنية رسمية لإرهاب دولة ، فإن الإرهاب هو حرب القرن الحادي والعشرين . يقول ان الإرهاب يستخدم وسائله تكنولوجية من " حضارتنا الحديثة محاولا تدميرها واستبدالها عالميا بحضارة قديمة - تكون آلة للفقر وعدوا للقيم الغربية" .هذه هي حرب القرن الحادي والعشرين حسب مؤلف الكتاب .
الباب السابع هو "Scapegoating" : إلقاء المسؤولية على الآخرين . في بداية هذا الفصل يقول المؤلف هناك فرق كبير بين ان تكون مناهضا للأمركة وبين أن تكون منتقدا للولايات المتحدة : الانتقادات مناسبة و ضرورية ، وذلك بالاستناد على حقائق و الإشارة إلى أخطاء وانتهاكات واقعية ، دون التغاضي عن القرارات الحكيمة لأمريكا والتدخل النافع والسياسات المفيدة . لكن من الصعب العثور على انتقادات متوازنة من هذا النوع إلا داخل أمريكا نفسها في الصحف والمجلات والتلفزة والراديو – كما يعتقد المؤلف .
---------------------
Globalia""
القرية العالمية
Globalia"" هي رواية لكاتب وروائي فرنسي ، وقد أصبحت الأكثر مبيعا في فرنسا في الأسابيع القليلة الماضية . الرواية من تأليف Jean-Christophe Rufin جان رافن . وقد وصلت عدد النسخ المباعة في الأسواق من هذه الرواية إلى 160,000 نسخة .
يحاول الروائي أن يسقط الضوء على عالم خاضع للسيطرة الأمريكية ، وهذا ما يدعوه الروائي ب " الديمقراطية التوليتارية " totalitarian democracy . المجتمع في الرواية هو Globalia""(دول الشمال وخاصة أمريكا) . هو مجتمع مغلف بجدران زجاجية لحماية سكانه من خطر إرهاب جماهير محتشدة تعيش في منطقة nonzones ( دول الجنوب) . والناس خارج مجتمع Globalia"" يشكلون خطرا على هذا المجتمع .
يمكن أن نستخلص فكرة هذه الرواية من قول أحد أفراد هذا الكون الجديد الذي رسم صورته جان رافن : " كيف يمكن أن نحمي الحرية من الحرية ؟ بزيادة الأمن . الأمن هو الحرية .الأمن هو الحماية . الحماية هي مراقبة . المراقبة هي الحرية " .
بطل الرواية هو متمرد في العشرين من عمره اسمه Baïkal Smith . وهذا البطل له صديقة تدعى Kate. يهربان معا خارج القفص الزجاجي لمدينته وينتقل إلى nonzones ( العالم الثالث )ليصبح " إرهابيا " ؛ هنا المجتمع الكوني المغلف بالزجاج سوف يرحب بوجود عنصر هارب كعدو مما يؤدي إلى خلق مجتمع كوني متوازن فيه الصديق وفيه العدو . إذن الديمقراطية الأمريكية تخلق عدوها وتحاربه .
تتعرض قرى الإرهابيين ( الجنوب) للقصف على يد المجتمع الزجاجي والكوني الجديد ( السيطرة الرأسمالية) ، وهذه القوى نفسها تأخذ الطعام والدواء إلى الضحايا . هذا الروائي الفرنسي اصطنع جوا فلسفيا سياسيا في النص الروائي : أمريكا هي معمل ينتج الديمقراطية وفي نفس الوقت ينتج الاستبداد والسيطرة .
إذن ، المؤلف يتحدث عن مجتمع أمريكي قائم على القطيعة مع التاريخ ، ويعاد تأسيسه وفق معايير أخلاقية جديدة بعيدة عن التاريخ . تغييب التاريخ ، بالنسبة للمؤلف ، هو وسيلة جيدة لإجبار الآخرين على الإذعان . نجد في هذا المجتمع الجديد ( دول الشمال وخاصة أمريكا ) الأمن والرخاء دون السعادة . بينما نجد في الجنوب nonzones الفقر والحروب مع وجود للتنوع والإنسانية . أراد هذا الروائي الفرنسي أن يصف الديمقراطية كنوع جديد يخلق الشر والإرهاب ويحاربه أي " يصنعون الإرهاب من التمر ويأكلونه " بالتعبير العربي .
ربما نفهم فكرة الرواية أكثر لو عرفنا أن الروائي جان رافن كان ناشطا في منظمة أطباء بلا حدود ، وهو يقود حاليا منظمة إنسانية تعنى بالدفاع عن الفقراء حول العالم وهي Action Against Hunger . ربما أراد أن يقدم وجهة نظر سريالية من خلال حديثه عن تكوين مستقبلي بأدوات السلوك الإنساني .
#حيان_نيوف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟