أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - القذافي و الأمازيغ















المزيد.....

القذافي و الأمازيغ


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استوقفني في موضوع علاقة المغرب بليبيا ظاهرة ملفتة، فقد غضب الجميع من إحضار الحاكم العسكري الليبي لصديقه زعيم البوليزاريو في احتفالاته، و هو أمر طبيعي كان خلافه سيبدو غريبا و شاذا حقا، لكنني صدمت و خاب أملي في المغاربة عندما عبر الجميع عن غضبته فقط لهذا السبب، و هو ما يعني أنهم لو لم يحضر الزعيم المذكور لكان كل شيء على ما يرام، فالمغاربة يجدون أمرا طبيعيا أن تبعث سلطات بلدهم بتجريدة عسكرية و ضباط جيش و وزراء و رجال دولة مغاربة لحضور حفل أقامه ديكتاتور في ذكرى انقلابه العسكري و بمناسبة مرور 40 سنة على جثومه على أنفاس الليبيين، و إشاعته الفوضى و القلاقل في مختلف البلدان المجاورة، و إبادته لخيرة شباب ليبيا الذين عبروا عن آراء مخالفة لرأي الحاكم العسكري، بل و محاكمته للصحافة المغربية في عقر دارها.
كان موقف المغاربة مثيرا للشفقة و عرضة للإستهزاء، ليس لأن حاكما مثل القذافي جعلهم أضحوكة في عيد اغتصابه السلطة، بل لأنهم قبلوا أن يجلسوا في الكراسي الخلفية لمنصته، و كانوا في سرور و حبور لولا أن ظهر رئيس البوليزاريو. قبلوا بذلك و هم البلد الذي يقول أهله حكاما و محكومين إنهم ماضون في طريق بناء الديمقراطية و الخروج من التخلف، و طي صفحات الماضي الأليم . أليس ما حدث مؤشرا واضحا على أن السلطة في بلادنا ما زالت على حالها من الوفاء لماضيها المعيب الذي يطبعه حب الإستبداد و الإستخفاف بالشعب ؟
جاء الكولونيل إلى السلطة بانقلاب عسكري أطلق عليه إسم "الثورة"، ليعلن الحرب ضد الكلّ و يدخل بلده ليبيا، ذي الثروات الطبيعية الهامة، في مسلسل عبثي من الصراعات التي لم يكن منها مخرج إلا بإنفاق ملايير الدولارات من مال الشعب الليبي لمعالجة الأزمات التي خلقتها أربعون سنة من السياسة الخرقاء، التي كان أهم مخلفاتها عدد كبير من النكات التي تروى للتندّر في مجالس الأنس و السمر، إذ للرجل مزاجه الذي هو أقرب إلى طباع المجاذيب و أرباب الأحوال، فهو يمكن أن يعلن على الملإ شيئا و يـأتي خلافه تماما في اليوم الموالي بسبب رؤيا رآها أو فكرة عنّت له، مما يجعله فيما بعد يسعى عبر إغداق الهبات و توزيع الأموال إلى التخفيف من سخرية الناس في هذا البلد أو ذاك .
و بالنسبة للمغرب، فقد كانت مؤامرات العقيد أشرس ما يواجهه في سياسته الخارجية، كما كانت حرب المخابرات دائرة بين الطرفين بلا هوادة، و عندما كان الرجل قوميا عربيا في غاية التطرف ( قبل أن ينقلب إلى إفريقي ثم أمازيغي ثم يعود إلى عروبته البدوية ) جعل من المجلس القومي للثقافة العربية بالمغرب فرعا لإيديولوجياه القومية، و هو الإطار الذي استقطب فيما مضى عددا من المثقفين و الجامعيين المغاربة الذين اشتراهم الزعيم بأموال نفطه و كانوا رهن إشارته و عند حسن ظنه، و أصدر المجلس المذكور عشرات الكتب التي تدخل اليوم ضمن الكتب الصفراء التي لم تعد تعني شيئا بالنسبة لأبناء اليوم، قبل أن يتم إغلاقه سنوات الصحوة الإفريقية للزعيم، ليعود مؤخرا ـ لكن كالمومياء المحنطة ـ بعد أن أعلن الحاكم العسكري حربه من جديد ضد الأمازيغ داعيا إلى "سحقهم" كما ورد بصريح العبارة في خطبته بتاريخ 1 مارس 2007 ، و هي الخطبة التي أثارت نقمة الحركات الأمازيغية في كل بلدان شمال إفريقيا و العالم، و دفعت بهم إلى تنظيم وقفات احتجاج و استنكار أمام السفارات الليبية، و قد كانت السلطات المغربية حريصة على عدم إزعاج العقيد أو إغضابه، فلم يستطع أمازيغ المغرب الوقوف أمام سفارة ليبيا بالرباط التي أحاطت بها قوى الأمن "حماية" لها، و هي الوقفة التي تكررت يوم 14 يناير 2009 لتمنع بدورها، كما قامت مختلف الأجهزة الأمنية (السرية والعلنية) بتطويق نادي الصحافة مساء يوم 18 يونيو 2009 حيث كان منتظرا تقديم" الكتاب الأسود" لشهيد الحركة الأمازيغية الليبية، سعيد سيفاو المحروق، في الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاده، و تساءل أمازيغ المغرب آنذاك كيف امتدت يد القذافي إلى المغرب، و ما إذا كانت هناك فعلا سيادة للدولة المغربية على مجالها الترابي.
أما في ليبيا فمازالت الأمازيغية تعتبر جرما خطيرا يعاقب عليه بأشدّ العقوبات، رغم أن "الجماهيرية العظمى" سبق وأن وقعت على اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافى التى أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة الذى انعقد فى باريس من 3 الى 21 أكتوبر 2005 فى دورته الثالثة والثلاثين. وقد صادق عليها مؤتمر الشعب العام بليبيا و تم نشرها فى مدونة التشريعات الليبية الصادرة فى الجريدة الرسمية بتاريخ 30/11/2008 . رغم كل هذا لم تشهد الساحة الصحفية الليبية جريدة واحدة ناطقة بالأمازيغية، ولم تشهد المجلات والجرائد الليبية بحثا أو حتى مقالا أو نصا إبداعيا بالأمازيغية , بل إن الأمر يصل إلى حدّ عدم إمكان استعمال لفظ "الأمازيغية" حتى اليوم، باستثناء ما ورد في خطب " قائد الثورة" من شتائم ضدّ "البربر" الذين يعتبرهم جنسا من البشر انقرضوا و بادوا بعد جفاف استمر قرنا كاملا في شمال إفريقيا (!!)، ليأتي "العرب" و يحلوا مكانهم و يعمروا "الأرض الخلاء".
و بتاريخ 24/8/2009 شنت السلطات فى مدينة كاباو بجبل نفوسا هجوما على المساجد و قامت بتفتيشها وكذلك على المحلات التجارية و المنازل و ألقت القبض على عشرات الشباب دون إذن قانونى ، و المضحك أن سبب الهجوم الكاسح لقوى القمع الليبية وجود خطبة دينية رمضانية عادية من نوع خطب الوعظ و الإرشاد وزعت بالأمازيغية في المساجد، و قد قام على إثر ذلك أمين المؤتمر بعقد اجتماع على مستوى القيادات الشعبية بكاباو وصرح بأن هذه الخطبة تعتبر "جريمة خطيرة" ومنشورا "ضد الدولة" (!).
و من النكات المضحكة التي ستعطي للقراء فكرة عن وضعية الأمازيغية في ليبيا، الوثيقة التالية التي هي عبارة عن جواب مصالح الحالة المدنية بليبيا على طلب أب بتسجيل إسم ابنته " تالا" Tala، فحتى يكون جواب ضابط الحالة المدنية "علميا" لجأ إلى رئيس رابطة الأدباء و الكتاب الليبيين يستفتيه في هذا الإسم "الغريب" الذي ما أنزل الله به من سلطان، و كان جواب رئيس الرابطة على الشكل التالي :
"من رابطة الأدباء و الكتاب الليبيين الأمانة العامة
إلى مساعد رئيس مصلحة الأحوال المدنية
اللجنة الشعبية العامة للأمن العام
بشأن طلب المواطن مصطفى خميس أيوب قيد المولودة " تالا"
1) الإسم في صيغته و رسمه بهذه الصورة لا يعتبر من ضمن الأسماء العربية وليس له اشتقاق من جذر عربي.
2) يمكن للمواطن تسمية مولودته باسم " تالية" بمعنيين:
أ- التاليات : و هي أواخر النجوم
ب- التاليات: و مفردها تالية المذكورة في القرآن الكريم مثلا كما ورد في الكتاب العزيز " و التاليات ذكرا"، أما تالا بهذه الصورة و رسمها فلا يجوز لغويا و لا حرفيا.
الأمين العام للرابطة".



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الرابطة الدينية هي أساس الوحدة بين المغاربة ؟
- هل المغاربة -كلهم مسلمون- ؟
- رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟ في مغزى رسالة زينب و من م ...
- -أخلاق- رمضان
- العنصرية بين العرب و إسرائيل
- أزمة الثقة في المؤسسات
- مهازل الخلط بين العلم و الدين
- حول ما سمّي -الظهير البربري- في الكتاب المدرسي، على هامش الح ...
- ملاحظات حول الكتاب الأخير لمرشد جماعة العدل و الإحسان
- عودة إلى موضوع التنصير و الأسلمة
- الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكا ...
- التبشير المسيحي و التبشير الإسلامي
- ملاحظات حول مفهوم -الأمن الروحي للمغاربة-
- عنصرية إسرائيل بين عصا البشير و عمامة نجاد
- مظاهر الميز ضد الأمازيغ و السود و اليهود بالمغرب إلى الوزير ...
- نداء من أجل الحرية
- أبعاد التواطؤ بين الإسلاميين و السلطة
- لماذا يعيش المغرب حالة بارانويا دينية ؟
- التضامن الإنساني و التضامن العرقي
- حين يباع الوطن و يهان المواطن


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - القذافي و الأمازيغ