أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - نداء من أجل الحرية















المزيد.....

نداء من أجل الحرية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2617 - 2009 / 4 / 15 - 09:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما أكثر أخطاء السلطة، و ما أجمل تلك الأخطاء حينما تزهر و تثمر عكس ما ترمي إليه السلطة، تفتح الأبواب و النوافذ، و تسمح لأصوات الهوامش المعتمة أن تتخلص من غصتها و تصرخ عاليا بنداء الحرية.
ذكرني البلاغ التهديدي الذي أصدرته وزارة الداخلية يوم السبت المنصرم، و الذي أعلنت فيه نيتها في مصادرة كل المنشورات و الإصدارات التي تعبر عن قيم مغايرة لما تراه بأنه القيم الدينية و الأخلاقية للشعب المغربي (كذا!)، ذكرني بقضية الشباب الذين حوكموا قبل سنوات بتهمة "الشيطنة" أو "التشيطن"، الذي يعني في سجلات السلطة و محاضرها " محاولة زعزعة عقيدة مؤمن"، و هي محاولة تمثلت آنذاك في لبس أقمصة سوداء و حيازة خواتم و أساور و عزف موسيقى معينة و تلقي معلومات عبر الانترنيت إلخ...
كما ذكرني البيان المذكور بما حدث بمدينة "القصر الكبير" السنة الماضية، عندما كشفت الغوغائية صنيعة التدين البدوي عن وجهها الحقيقي و عبأت أتباعها الذين تجمهروا أمام بيت مواطن يرشقونه بالحجارة ـ تماما كما كان يحدث في العهود القديمة ـ انتقاما من ميوله المثلية و من نمط حياته الخاصة، و قد تدخلت السلطة لا لرذع الغوغائيين الذين تقمصوا دور السلطة في الدولة الدينية القديمة، بل لمعاقبة المواطن المثلي على تنظيمه لحفل داخل بيته. و يطرح علينا اليلاغ الجديد للوزارة أكثر من سؤال، لا سيما و أنه تضمن تعابير خطيرة وردت على العموم دون أن يخص ظاهرة محددة، مما يجعلنا نطرح الأسئلة التالية:
1) هل تستعد السلطة في المغرب للدخول في مرحلة جديدة تعود فيها إلى نظام الحسبة القديم الذي يراقب حتى حركات الناس و سكناتهم و ألبستهم في الأماكن العمومية و في حياتهم الخاصة ؟
2) هل من حق الدولة المغربية اليوم حراسة الأخلاق التقليدية على أنها منظومة نمطية و نهائية مفروضة على الجميع ؟ من أعطاها هذا الحق ؟
3) ما الذي يسمح للوعاظ و الخطباء الدينيين ـ بمن فيهم البعيدين كليا عن الفضيلة في سلوكهم اليومي ـ بالعمل يوميا على إشاعة الأخلاق من منظور ديني سلفي ، ثم يسعى في نفس الوقت إلى تكميم أفواه من يخالف الرأي هؤلاء الخطباء و لا يرى الفضيلة بمعيارهم، و لا يقيسها بمقياسهم ؟
4) هل الإيمان المحروس ببنادق السلطة هو إيمان حقا ؟ و هل فضيلة الخوف و التقية هي فضيلة حقا ؟
5) هل السكوت عن ظواهر المجتمع و إخفاؤها و تحويلها إلى طابوهات حساسة و باعثة على الخوف من السلطة هو الخيار الذي يسمح للمغرب بالتطور؟
6) أليس بلاغ وزارة الداخلية دعوة صريحة إلى إشاعة النفاق الإجتماعي و وضع الأقنعة عوض البت في قضايا المجتمع و كل ما يطرأ فيه بعقلانية العصر الذي نحن فيه مسلحين بعلومه و معارفه التي تشهد انفجارا لا مثيل له قي أيامنا هذه ؟
7) هل الدعاية للتشدّد الديني و ترويج الخرافات و إلهاء المواطنين بسفاسف الأمور في " إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم" مثلا هو المقصود بأخلاق الشعب المغربي و قيمه ؟
8) كيف ينسجم خطاب السلطة مع توقيع المغرب و مصادقته على اتفاقيات و عهود و إعلانات دولية تحث على احترام الحريات و حقوق الأفراد في إطار من المساواة بغض النظر عن الإختلافات في الدين و العقيدة و اللون و اللغة و الجنس و العرق و النسب ؟ ما محل الأخلاق الدينية و الخصوصيات المذهيبية من الإعراب عندما نوقع على اتفاقيات دولية يعلم الجميع أنها تتعالى فوق الخصوصيات من كل نوع ، و تنظر إلى الإنسان في جوهره من حيث هو إنسان لا إلى عقيدته أو عرقه أو لغته ، و التي هي أمور قد يختلف فيها عن غيره ؟
تتعلق هذه الأسئلة كما هو معلوم بجوهر النظام السياسي المغربي، بعلاقة الدين بالسياسة، و بعلاقة الأخلاق بالفضاء العمومي، و بحقوق المواطن، كما يتعلق أيضا بالتربية التي هي هنا بيت القصيد.
9) ما الذي يدفع بشكل أفضل في اتجاه التطور و الدمقرطة المطلوبين، هل تملق قوى التقليد و فرض اختياراتها على الكل بالعنف السلطوي ، أم إرساء قوانين ديمقراطية تحترم حقوق المواطنة و الحريات للجميع متدينين و غير متدينين، و العمل على أن يحترم الكل تلك القوانين ، أي أن يحترم الناس حقوق بعضهم البعض و هم مختلفون ؟
لا شك أن القوى المحافظة التي ما زالت تحلم بعودة مجتمع بائد تحكمه المطلقات ستجد في بلاغ الداخلية ما يثلج صدرها إذ يؤكد لديها "حسن سلوك" السلطة في القيام بالواجب في "حفظ الدين" الذي هو عندها غاية الغايات، كما لا شك أن السلطة ستجد نفسها في وضعية مطمئنة، فهي ستقدم نفسها أمام عيون القوى التقليدية المتربصة كحامية للدين، مما ينزع فتيل فتنتها و لو إلى حين، لكنه بالتأكيد يعتبر لدى مناضلي حقوق الإنسان و لدى القوى الديمقراطية تراجعا غير مبرر.
إن مهمة السلطة هي حماية الحريات في حدود القانون و ليس حراسة الإيمان و الأخلاق التقليدية التي هي منظومة نمطية مغلقة و نهائية، و عندما نقول القانون لا نعني قوانين المنع و المصادرة و الترهيب السلطوي، لأن هذه قوانين ينبغي تعديلها طال الزمن أو قصر، و إنما نقصد قوانين دولة الحق، التي تحترم الفرد في كل حقوقه الأساسية و التي أولها الحق في التعبير و الحق في الإعتقاد أو عدمه و الحق في اختيار نمط الحياة الشخصية الذي لا دخل للآخرين فيه.
إن الإنقلاب الذي يخشاه السلفيون و دعاة التقليد عموما في القيم و الأخلاق ، سواء منهم المتواجدون بالسلطة أو في المجتمع ، هو عملية جارية و لا يمكن إيقافها، و الحلّ الذي تقترحه السلطة في بيانها التهديدي ـ أي عودة الإستبداد و القمع الوحشي و مصادرة الفكر و حرية الصحافة و التضييق على الحريات ـ قد يؤخر لظرف وجيز استمرار هذه العملية، لكنه سيسرع وتيرتها في النهاية بشكل مضاعف، بعد أن تقوى الضغوط و الإحتجاجات على شطط السلطة و غلوائها. و السبب في ذلك واضح لا لبس فيه، أن جميع الظواهر التي تسير في اتجاه سير العالم المتقدم ـ الذي يقود الحضارة المتفوقة حاليا ـ هي ظواهر تجد السياق الملائم للتطور و الإنتشار، و عكس ذلك فكل الدعوات إلى النكوص و العودة إلى نماذج سابقة سياسية و اجتماعية و قيمية مآلها الفشل مهما توفر لها من أتباع و مريدين و مصادر تمويل، و هذا ما يفسر اصطدام قوى التقليد الإسلامية بالواقع و بالمؤسسات في جميع بلدان العالم، و هو اصطدام يؤدي إما إلى انكسارها أو إلى تراجعها عن منظورها الأصلي و قيامها بنقد ذاتي يقربها بالتدريج من الخيار الديمقراطي العلماني.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعاد التواطؤ بين الإسلاميين و السلطة
- لماذا يعيش المغرب حالة بارانويا دينية ؟
- التضامن الإنساني و التضامن العرقي
- حين يباع الوطن و يهان المواطن
- 33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين
- المفهوم اللاديمقراطي للديمقراطية
- الوطنية المغربية و الطابو التاريخي
- انتحار امرأة
- الجذور الفكرية لإيديولوجيا التعريب المطلق
- نظرية المؤامرة في السجال العمومي
- الأمازيغية في مفترق الطرق أسئلة الحصيلة و الآفاق
- الشذوذ الجنسي و الشذوذ الديني
- ما بعد النموذج اليعقوبي للدولة الوطنية
- أصابت امرأة و أخطأ الشيخ
- في ضرورة الإصلاح الديني
- العلمانيون و الإسلاميون: قوة الحق و قوة العدد
- معنى القيم الكونية
- الأخلاق و الحريات بين المنظور الإنساني و التحريض الديني(2)
- الأخلاق الدينية و لعبة الأقنعة
- الأخلاق و الحريات بين المنظور الحقوقي و التحريض الديني


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - نداء من أجل الحرية