أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - حين يباع الوطن و يهان المواطن














المزيد.....

حين يباع الوطن و يهان المواطن


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2585 - 2009 / 3 / 14 - 08:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين الحين و الآخر يفاجأ المواطنون المغاربة بأنّ منطقة بكاملها بجبالها و أنهارها و بحيراتها، و التي كانوا ينعمون بالنزهة فيها مع عائلاتهم، قد بيعت لعرب الخليج و تمّ تسييجها و وضع علامات المنع الحمراء و السلاسل عن بعد عند الطرق المؤدية إليها، مع كتابة عبارة "ممر خاص" بخط بارز و وضع كاميرات مراقبة في عدّة مواقع، حتى يعرف الناس بأنّ المكان لم يعد عموميا للشعب بل صار ملكية خاصّة لأجانب. و طبعا يختار الضيوف الخليجيون أجمل المناطق التي تشتمل على مناظر طبيعية خلابة و التي يرتادها الناس لجمالها، ليشتروها و يقتطعوا كل الأراضي الواسعة من حولها بمساحات كبيرة حتى لا يقترب منها الناس، ثم يسيجون كلّ ذلك. و رغم أنّ الضيوف الخليجيين لا يقيمون في تلك المستوطنات بل يأتون إليها بين الحين و الآخر، لإقامة ليالي السمر المعلومة، فإنها رغم ذلك تظلّ مغلقة و ممنوعة على أبناء المغرب طوال السنة و إلى الأبد.
نعم إنّ الضيوف من عرب الخليج أثريا جدّا، لأنّ حظهم شاء أن يكتشف الإنجليز في صحرائهم القاحلة قبل مائة عام المادة الحيوية المحركة لدواليب الحضارة الصناعية الحديثة، و هو ما حولهم من عشائر رعوية إلى عشائر نفطية، ظلّت تتواجد رغم ذلك خارج الحضارة التي يزودونها بوقودها من البترول، غير أنّ ثراء الخليجيين لم يمنع الدول الديمقراطية من وضع قوانين لملكية الأرض و حدودها حماية لمواطنيها و حقوقهم في وطنهم، و لترويض بداوة هؤلاء و إخضاعها لقوانين البلد المضيف، و معنى هذا أنّه إذا كان عرب الخليج أثرياء فإنّ غيرهم في البلدان الديمقراطية أغنياء بكرامتهم قبل كلّ شيء، إذ لا يمكن لدولة ذات سيادة، تحترم نفسها و مواطنيها أن تسمح لحفنة من الأجانب الفاسدين أن يمتلكوا الأرض بدون حدود و لا معايير تحمي حقوق الناس و كرامتهم.
مناسبة هذا الكلام ما حدث يوم الأحد الماضي عندما فوجئ عدد من المواطنين المرفوقين بعائلاتهم و أطفالهم للنزهة في المناطق المجاورة لبحيرة سدّ محمد بن عبد الله بعين عودة، ليجدوا أنفسهم ملزمين بالوقوف عند علامات المنع و العودة أدراجهم، فالبحيرة بكل الأودية المؤدية إليها أصبحت منطقة مسيجة و خاصة و محاطة بكاميرات مراقبة، رغم أن ما يوجد بها بيت مغلق لا يقيم به أحد، و قد ظلّوا يتأملون المشهد بخيبة و ألم، ليغادروا المكان بمرارة و هم يتساءلون عن معنى كونهم مغاربة، لهم وطن يدعى المغرب، و أرض مات من أجلها آلاف الوطنيين منذ فجر التاريخ.
و من تمّ فعلى الذين يتساءلون عن أسباب ضعف "الروح الوطنية المغربية"، و "تدني الشعور بالإنتماء إلى الوطن"، و حلم أغلبية الناس بالمغادرة و الهجرة، و الشعور المزمن بالدونية و احتقار الذات، أن يدركوا بأنّ قيم الوطنية و الإعتزاز بالإنتماء إلى الأرض لا تترسخ في أعماق النفوس إلا بصون الكرامة، و أنّ صون الكرامة لا يكون إلا بوجود دولة الحق و القانون الحامية لحقوق أبنائها من الأفراد و الجماعات، أما الدولة التي يباع فيها كلّ شيء للأجنبي بدون حدود و في غياب أبسط مبادئ الإحترام للناس و للقيم، فمن الصّعب أن تلقى احترام مواطنيها.







#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين
- المفهوم اللاديمقراطي للديمقراطية
- الوطنية المغربية و الطابو التاريخي
- انتحار امرأة
- الجذور الفكرية لإيديولوجيا التعريب المطلق
- نظرية المؤامرة في السجال العمومي
- الأمازيغية في مفترق الطرق أسئلة الحصيلة و الآفاق
- الشذوذ الجنسي و الشذوذ الديني
- ما بعد النموذج اليعقوبي للدولة الوطنية
- أصابت امرأة و أخطأ الشيخ
- في ضرورة الإصلاح الديني
- العلمانيون و الإسلاميون: قوة الحق و قوة العدد
- معنى القيم الكونية
- الأخلاق و الحريات بين المنظور الإنساني و التحريض الديني(2)
- الأخلاق الدينية و لعبة الأقنعة
- الأخلاق و الحريات بين المنظور الحقوقي و التحريض الديني
- -إسلام- الجالية
- لكم دينكم ! إلى فضيلة الدكتور أحمد الريسوني
- سلطات الملك بين الظرفي و الإستراتيجي
- -فتنة الحنابلة- بين الأمس و اليوم


المزيد.....




- ترددت أصداء الصراخ بطهران.. إيران: 90% من قتلى الغارات الإسر ...
- جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان: حروب نتنياهو واستراتيجية -الك ...
- مقتدى الصدر يوجه بإطلاق موكب لتقديم المساعدات لإيران وخدمة ح ...
- مقتل نائب قائد سرية في كتيبة الهندسة بالجيش الإسرائيلي بمعا ...
- وكالة -سي إن إن-: إيران تعتزم مهاجمة قاعدة جوية عسكرية إسرا ...
- خبير محطات نووية يكشف مفاجأة بشأن امتلاك طهران للقنبلة الذري ...
- من غزة لإيران.. إسرائيل توسع رقعة الحرب
- إيران وإسرائيل.. حرب الخيارات المفتوحة
- رصد إعصارين في سوتشي وهطول أمطار غزيرة اجتاحت المدينة
- وكالة مهر: الجيش الإيراني يصدر تحذيرا لإخلاء مناطق واسعة في ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - حين يباع الوطن و يهان المواطن