أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - حذاءٌ وطنيٌّ آخر من تركيا














المزيد.....

حذاءٌ وطنيٌّ آخر من تركيا


نصير عواد

الحوار المتمدن-العدد: 2788 - 2009 / 10 / 3 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حذاء آخر انطلق قبل أيام باتجاه دومينيك شتراوس مدير صندوق النقد الدولي ولكن هذه المرة من طالب جامعي تركي متذمر من سياسات الدول الكبرى، اعتبرته الحكومة التركية وعلى لسان رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان أنه بعيد عن الديمقراطية وأصول الضيافة، وأضاف إردوغان قائلا "لا تصفوا ذلك احتجاجا إنه هجوم". حقا الشعوب تتأثر بغيرها، منها من يأخذ الجميل ومنها من يأخذ القبيح ومنها من يختار ما ينسجم مع حاجاته وظروفه. ونحن هنا لا نريد المقارنة بين الحادثة الأصل والأخرى التقليد فبالنهاية الموقف السلبي والمؤذي هو الذي يعلق في ذاكرة الأمم التعبانة ويخدم صراخها ومفخخاتها، ولكننا نريد الإشارة إلى حقيقة أنه لو رمينا كل سافل بحذاء فسوف تبلى الأحذية وتبقى السفالة، الأمر الذي يدفعنا للتأمل والتفكير والبحث عن أشياء أخرى نرميها بوجه الآخر، ولا ترتد إلى وجوهنا.
في تركيا وبسبب الاستقرار السياسي والاجتماعي فإن الحادثة الحذائية لم تأخذ أبعادا أكبر من حجمها الحقيقي، وتم على عجل استنكارها ولفلفتها والتحوّل إلى مواضيع أخرى أكثر أهمية. على العكس من أبناء جلدتنا الذين لم يصدقوا أنهم وجدوا مناسبة يلطمون فيها. ففي ربوعنا الجرداء ما أن انطلقت فردة الحذاء الأولى لمنتظر الزيدي حتى تنادى السياسيون الجدد للبحث عن طريقة لاستثمارها، ومع انطلاق فردته الثانية انطفأ الضوء وأسدل الستار وانزوى المناضلون والثوريون الحقيقيون الذين واجهوا الديكتاتورية والاحتلال على حد سوى كما انزوى قبلهم المفكرون والباحثون وأمسى الموقف من ضربة الحذاء هو الذي يحدد مَنْ مع الاحتلال الأمريكي للعراق ومَنْ ضده، يحدد الوطني من غيره، إلى درجة كدت، تحت ضغط وكثافة الإعلام، أصدق أن ضربة الحذاء هذه اختصرت أعواما من الدماء والنضال والأفكار وأنها فهلا ممارسة شعبية ونضالية للتعبير عن الأفكار. ثم ذهب بعض من لم يستطع تحقيق ذاته في الساحة العراقية إلى أن ضربة الحذاء اختصرت الطريق إلى وعي المجتمع واختصرت على الأحزاب أعواما من الدعاية والتحشيد والتثقيف ضد الاحتلال وأنها فرّقت بين المسلم والمؤمن حتى ظن بعضهم أننا بعد بضعة أحذية ترمى بوجوه المسؤولين والرؤساء سوف نخسف فيهم الأرض ويتحرر العراق ويحقق التنمية وستمتلئ أنهاره بالماء وبيوته بالأمان. لقد وضعوا يومها كل من أزعجته رمية الحذاء في خانة المطبلين للاحتلال وكأن حذاء الزيدي أصبح الخط الفاصل بين الوطني وبين الخائن ولا يوجد حل وسط ولا يوجد أناس لهم قيم نضالية ومفاهيم وأخلاق خارج تحديدات الحذاء، أناس يدركون أن الشارع الذي توقظه من نومته ضربة حذاء ولا توقظه الثورات والحروب والتواريخ والقصائد والمذابح والحصار والهجرات لهو شارع لا يمكن التعويل عليه طويلا.
بفضل ثقافة الشعوب نجد القندرة الزيدية على العكس من صاحبتها التركية، كانت أشبه بعظمة فطيسة ألقيت في البرية ثم ركضت خلفها الأحزاب ووسائل الإعلام ونهازو الفرص كل واحد منهم يدعي معرفة وانضمام صاحب الحذاء إليه كمقدمة للظهور بالمظهر الوطني والثوري والغيور على بلده، ثم سرعان ما أنكر الزيدي ذلك جملة وتفصيلا في المقابلة التلفزيونية الغبية مع قناة البغدادية. ولا أدري ماذا يغير من طبيعة الحادثة الحذائية انتماء الزيدي إلى الحزب الشيوعي العراقي "في اليوم الأول" وإلى التيار الصدري "في اليوم الثاني" وإلى حزب البعث "في اليوم الثالث". لقد تحوّل الحذاء إلى ساحة صراع ومزايدات دفع يومها بعض الأحزاب إلى إشهار نعال أبو تحسين لمواجهة حذاء الزيدي دافعة إلى الخلف بتاريخها وبمفاهيمها عن الصراع والاختلاف والنضال صانعة بذلك لوحة بائسة لا ينقصها سوى رائحة الجوارب. نستعيد هذه الأفكار لأننا لم نجد مثيلها في الشارع التركي ولم نرَ رؤساء تحرير صحفهم أقل رفعة من نساء حينا المجاور للسوق كما وجدناه عند صحفيينا وهم يمسكون العصا من منتصفها وتركزت افتتاحياتهم على أن حذاء الزيدي أوجز رأي الغالبية وأن الضرب بالحذاء شكل من أشكال التعبير.
لقد ضرب الزيدي عشرات العصافير بحذاء واحد من بينها عصفور الصحافة العراقية الذي بدأت للتو بتنفس هواء الحرية المحاصرة وقد بانت نتائجها في زيارة رئيس وزراء البريطاني للعراق في نفس الأسبوع حيث مرت الزيارة هادئة من دون لقاءات ومؤتمرات صحفية صاحبها دعوات للتقليل من عدد المدعوين والصحفيين في زيارة الرؤساء، واقترح آخرون السماح للعرب والمسلمين بتغطية المؤتمرات شرط أن يحضروا حفاة تفاديا للإساءة. وهذا كله لم يحدث في تركيا.
لقد صعقني الصحفي الأفغاني ذو الثوب الأبيض القصير والسروال المائل للصفرة من طول الاستعمال عندما قال لبوش في اليوم التالي لتلقيه ضربة الحذاء " جئتم محررين لكنكم في الواقع هدمتم أفغانستان" ووقف جورج بوش طويلا ليختلف مع الصحفي ذو البشرة السمراء والثوب القصير ويوضح له رأيه في الإرهاب وفي مستقبل أفغانستان. وبعد أن تلعثم الرئيس الأمريكي كَبُرَ بعيني الصحفي الأفغاني ووجدته قد أجاب عنّا جميعا. لقد وضعت نفسي يومها محل الزيدي كي أكون منصفا له وفكرت بضرب المالكي أولا حتى أصيب بوش الابن ثم فكرت أني قد أفعلها في بداية المؤتمر لكي يكون وقعها أكبر عليهما معا وسينعكس ذلك بالتأكيد على مجريات المؤتمر لكني تنبهت إلى أني لا أفعلها لأنه ببساطة لا أقبل أن اُضْربَ بحذاء، ومن كانت لديه القابلية لذلك فلا احسده عليها. وإذا كان لابد من كلمة أخيرة في حق الزيدي والتركي فأنا لا أنكر شجاعتهما لكني أنكر فعلتهما. فبين الشجاعة والوقاحة خيط لا يريد أن يراه كثيرون.



#نصير_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذهاب المهنة وبقاء المهانة
- يا أهل الشام أحيو المعروف بإماتته
- فنانو المنفى في ضيافة كامل شياع
- تعقيب على-محاولة-الناصري
- -أوراق من ذاكرة مدينة الديوانية- لزهير كاظم عبود
- نعم تآمرنا على وطن!!
- فنانو المنفى شعراء عاطلون
- المكانية في الفكر والنقد والفلسفة
- إعادة إنتاج الحادثة
- َظاهِرة الأدب الشَخصي عند العراقيين
- العراقيون ومهرجان روتردام للفيلم العربي
- طف كربلاء.. الحادثة التي أتت عليها أحوال
- حروبنا الأهلية..بين سوريا والسعودية
- ثلاث هُجْرات..ثلاثة حُرُوب..ثلاثة عُقود
- المنفى .. دليل كاظم جهاد إلى دانتي
- الإرث إلاسماعيلي.. وأحزابنا السياسية
- الحركية .. ومواسم التحليل
- إبحث للمبدع عن عشرين عذر


المزيد.....




- روسيا تدرج الرئيس الأوكراني في -قائمة المطلوبين-
- -واشنطن بوست- توجز دلالات رسالة روسيا لداعمي كييف بإقامة معر ...
- -كتائب الأقصى- تقصف تجمعا للقوات الإسرائيلية في محور نتساريم ...
- -حتى لو أطبقت السماء على الأرض-.. قيادي حوثي يعرض استضافة صن ...
- مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: كنا قريبين من القضاء على يحي ...
- مقترح لهدنة بغزة.. حماس تفاوض وإسرائيل تستعد لاجتياح رفح
- نائب أوكراني يعترف بإمكانية مطالبة كييف بإرسال قوات غربية دع ...
- -أمر سخيف-.. مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يعلق على اليوم ا ...
- جمود بمفاوضات انسحاب القوات الأمريكية
- إدانات أوروبية لهجمات استهدفت سياسيين في ألمانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - حذاءٌ وطنيٌّ آخر من تركيا