أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي شكشك - أغنية فرح لإفريقيا














المزيد.....

أغنية فرح لإفريقيا


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 18:27
المحور: الادب والفن
    



غموضُ الأرض وكنزُها, ومجهولُها رغم قِدَمِها, لونُ الأساطير وهاجسُ المغامرة, رُهابُ المناخِ, والعيون الموغلة في الزمانِ وفي السؤال, كيف كان سيكونُ شكلُ الأرض لو لم تكنْ إفريقيا, أيُّ معنى بدون كلِّ هذا اللون, الذي امتصّته واختزنتْ أبيضَه في قلبِها وفي المتوسّط, وأحمرَه في دمِها وكاحلِها اليمين,
أفريقيا الاستواءُ, والسواءُ والنقاء, عيونُها تنبجسُ من السماء, تختزنُ الشمسَ في جسدِها, حريَّةً وطاقةً, تتماهى في بداهة الحكمة والأشياء, عاريةً مثلها, وتهتزُّ لإيقاعها, وللحرّيّة, وتمنحُ للألمِ مذاقَه البكر,
لمْ يخطرْ ببالها أنْ تغادرَ ذاتَها يوماً وتستعمرَ القرى, ولذا لم تفهمْ ربّما لماذا جاءها المستعمرون والبعوضُ, امتصوا دمَها ونهشوا لحمها, ولغتَها, وحملوا رملَها وعاجَها ورجالها, من "الجذور", بكل أريحيّة, على سلاسل سفنِ الحريّة,
كانوا هم الأحرار, وكان آسِروهم بلا شعورٍ ينتشون هكذا برقِّهم وقيدِهم والهمجية, ولا يَرَوْن كتابَ التاريخ, ولا يعرفون أنّهم كانوا يشدّون وثاقَهم هم أنفسهم ويَغُلُّون أرواحَهم هم أنفسهم, ويسقطون من خطِّ الاستواء إلى غرائز السَّوْطِ والالتواء,
وإلا كيف يجوزُ أنْ يفخرَ اللصُّ بلصوصيته, والظالمُ بظلمِه, إلّا إذا كان مُشَوَّه الروح, وقميءَ النفس, ويبدو أنَّ هذه هي الحال, فما يزالُ كثيرٌ من مُدمني امتصاصِ دمِ الشعوب يَشمخون دون خجلٍ مِن ارتكاسهم في شريعة الإنسان, ويَستعْلون عليهم, ويُفسّرون التاريخَ وِفقَ هواهم بل ويُطوِّعون العلومَ لخدمة النظرية العرقية الاستعمارية, إلى درجة أنْ يصبحَ العريُ الغربيُّ تقدماً وحضارة, بينما التلقائيةُ والانفتاحُ على الشمس وطقوسُ الرقصِ وإيقاع الجسد الإفريقي, تخلفاً وبدائيةً وهمجية, في الوقت الذي تترجِمُ هذه السماتُ منظومةً كاملة منسجمة مع حكمةِ إفريقية وروحِها وحوارها القديم مع الفرح والأرض والشجر والحياة,
الشّكلُ الآخر لطعمِ الحياة, فماذا يعني الانعتاقُ لِمن لم يعرفْ القيدَ, وماذا يعني الاستقلالُ لِمن لم يقاومْ غرائزَ المستعمِر, لكنّهم لم يعرفوكِ إفريقيا, ولم يدركوا المساحةَ الهائلة بين لونِك والليل, فتلطّخَ وعيُهم بقِطَعِ الظلام, وبقِيتِ في كلِّ الألوان, ترقصين على نور النجم, ولا تكترثين بمدارسِ ما بَعدَ الحداثة, ترسمين شريعةَ البراءة, وتواصلين موسيقى صرخةِ الوليد الأولى, وتُحاكين تكنولوجيا النحل, وتتّخذين "مِن الجبالِ بيوتاً ومِن الشّجرِ ومِمّا يعرُشون",
وبِيَقينِ الحاسَّة الأولى, تَعرفين أنَّ الغدَ يَختزنُكِ له, وعداً لِمن حملَ الأوديسّا على جلدِه, ومنحَ غرائزَه للحياة, وَجْداً وحُبّاً وانتماءْ, للماءِ والطينِ والنار والهواءْ,
بقدر ما كرهوكِ إفريقيا فإنّهم عبدوكِ, ووَقَرْتِ في بطونِهم وقلوبِهم, فأهانوا أنفسَهم, وسجدوا للحرّيةِ المتوهّجة فيكِ, استكثروكِ عليكِ, فَسَعَوْا لاقتنائكِ, شيئاً في متحف التاريخ, حيث يمكنُ أن تُصنَّفي وِفقَ علومِ الهوى كأحدِ مراحلِ الأشياء في الطريق إلى الطفرةِ إليهم, وبذا تكتملُ الدائرة, ويَشبعُ نزقُهم ونهمُهم, ويَنتقمون مِن عدمِ قدرتِهم أنْ يبتهجوا مثلكِ حدَّ الثمالةِ بنعمةِ الحياةِ, ولا أنْ يستطيعوا مثلكِ أن يملأوا قلوبَهم بِأَلَقِ الإنسانِ وحُرقةِ الشّمس, هكذا يكتملُ الرّقُّ والملاكُ يا إفريقيا,
لك أنْ تُغنّي اليوم يا إفريقيا, كأنّ شيئاً لم يكنْ, وأن تستأنفي اسمك ورقصَكِ وطقسَكِ بعد حلمِ ليلةً مزعج, وأن تمنحي مكنونَكِ وكنوزَكِ, وكلَّ امتلائِكِ بالورد والبرق والأغنيات, شبقاً بلا انتهاءٍ, ولا حساب, فاليومَ فرحُكِ, وأنتِ هنا فيكِ يا إفريقيا, في كعبتِكِ, وفي قِبْلَتِك, ومُستقبلِك.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيمةُ … الآن
- السفينة
- بين اتمامين
- وطن لهذا القدس
- شهادة جديدة لجريمة قديمة
- أطفال أمام الكاميرا
- محمود درويش-كِتابُ حنين الأب-
- , فتح . النص الأول
- وداعا للسلام
- باقة شوك


المزيد.....




- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي شكشك - أغنية فرح لإفريقيا