أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رشيد طلحة - قراءة نقدية للفصل 222














المزيد.....

قراءة نقدية للفصل 222


رشيد طلحة

الحوار المتمدن-العدد: 2784 - 2009 / 9 / 29 - 04:11
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


أثارت قضية محاولة الإفطار الجماعي العلني في نهار شهر رمضان المنصرم ، الذي دعت له ما يسمى بالحركة البديلة من أجل الحريات الفردية، جدلا واسعا في الأوساط الدينية و الإعلامية المغربية ، و انقسمت الآراء ما بين متفهم و مندد و لكنها اتفقت على استنكار الطريقة التي أقدمت عليها الحركة للتعبير عن رفضها للقوانين المقيدة للحريات الدينية للمواطنين، وقد تطورت القضية لتتخذ فيما بعد منحى خطيرا من خلال حملات الاعتقالات التي طالت أفراد هذه الحركة و سلسلة التهديدات بالتصفية التي تستهدف بعض متزعميها خاصة الصحفية زينب الغزوي.
لقد كان الغرض من هذه المحاولة هو النضال من أجل إسقاط، أو على الأقل، المراجعة القانونية لبعض بنود القانون الجنائي التي تقيد الحريات الفردية في المجال الديني بالمغرب و تجرم بعض الممارسات التي تتنافى مع قيم الدين الإسلامي مثل المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان و بيع الخمور لغير المسلمين و السكر العلني و الإجهاض وغيرها، و بدل أن تتبع هذه المجموعة الأساليب المعروفة في النضال الديمقراطي الناضج مثل الوقفات والندوات و جمع التوقيعات وفتح نقاشات واسعة مع الإعلاميين و المفكرين و رجال الدين و القانون بتنسيق مع مختلف الهيآت السياسية التقدمية و المنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان، لجأت إلى أسلوب صبياني و سياسة فرض الأمر الواقع و إحراج السلطات و المجتمع لتسقط نفسها في فخ سخط المؤسسات الدينية و الاستنكار الشعبي والتشويه الإعلامي الشيء الذي أضر بشكل كبير هذه القضية و قتلها في مهدها، بل و فتح الباب على مصراعيه للقوى الظلامية للتحريض على العنف و استغلال الحدث لمزيد من الاسترزاق الفكري و السياسي و الدعوة للمزيد من تييد الحريات، كما تسببت هذه المغامرة في توريط عدد من أفراد الحركة، الذين في الغالب لم يحسبوا عواقبها، في ملاحقات قضائية بتهم متعددة قد ترمي بهم في غياهب السجون لسنوات.
رغم ذلك، يبقى الحدث ذو أهمية قصوى لأنه سيساهم في فتح باب النقاش الهادئ من اجل قراءة نقدية لهذه القوانين .
فمن المعلوم أن الدستور المغربي ينص في فصله السادس على أن الإسلام دين الدولة و أن الدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، و بالتالي فمن الطبيعي أن يستمد التشريع مصدره من الشريعة الإسلامية مع مراعاة خصوصية الأقلية اليهودية، غير أن هذا المصدر يظل منحصرا بشكل واضح في مجال الأحوال الشخصية الذي خضع بدوره لمجموعة من التغييرات من خلال تعديل مدونة الأسرة ليتم تكييفها مع مبادئ حقوق الإنسان و مقتضيات المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب ، مما يجعل القانون الوضعي هو المصدر الأساسي للتشريع، إذ أن ترسانتنا القانونية سواء في المجالات المدنية أو التجارية أو الجنائية تحفل بقوانين كثيرة مستوردة أساسا من فرنسا و موروثة أحيانا من عهد الحماية.
هذا التنوع في المصادر قد يساهم في تحقيق توازن بين مجتمع متشبث بقيمه الموروثة و مجتمع يتطلع للحداثة و التقدم، لكنه يوقع أحيانا في تناقضات.
فإذا ما رجعنا للفصل 222 الذي يهمنا في هذا المقال فهو ينص على" أن كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، و تجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من اثني عشر إلى مائة و عشرين درهما" فمن المؤكد أن هذا الفصل، الذي يعود تاريخه لعهد الحماية الفرنسية، ليس له أي مرجع في الشريعة الإسلامية و لم يسبق لنا أن سمعنا أن النبي طبق عقوبة بسبب الأكل جهرة في نهار رمضان، لان القران واضح و صارم في هذا الشأن ، إذ أن من افطر يوما في رمضان متعمدا عليه عتق رقبة فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، كما أن الحديث القدسي "كل عمل ابن ادم له إلا الصوم فهو لي و أنا اجزي به" يؤكد ذلك. و للمزيد من التوضيح نذكر باختصار قصة ذلك الرجل الذي اخبر النبي أنه وقع على زوجته في رمضان، فأمره النبي بالكفارة و لم يأمر بتاتا بعقابه.
و من المعلوم أيضا أن هذا الفصل يخص المسلمين و ليس غيرهم، فبإمكان الغير مسلم أن يأكل ما لذ و طاب من الطعام في قارعة الطريق و في وضح نهار رمضان دون خشية أن يلقى عليه القبض و يحبس.
غير أن الإشكالية تكمن في تحديد هوية المسلم وغير المسلم ، فبما أنه لا توجد وثيقة رسمية تحدد هوية المسلم و غير المسلم، و لكون الشعب المغربي يتكون من أغلبية مسلمة و أقلية قليلة من اليهود و المسيحيين، فالقاعدة العامة المتبعة هي أن كل مواطن مغربي غير يهودي أو مسيحي فهو مسلم حتى و لو كان على ديانة أخرى أو لا دين له أصلا ، لهذا و حتى لا يتعطل النص فقد اعتبر فقهاء القانون أنه كل من يعرف عليه ممارسة إحدى الشعائر أو الطقوس أو العادات الإسلامية كالصلاة أو الختان أو ذبح الأضحية أو بمجرد كونه يحمل أحد أسماء المسلمين فهو مسلم و يحاكم بهذه الصفة إذا ما ضبط في حالة ارتكاب ذلك الفعل الإجرامي.
هذا الخلل في القوانين المبنية على الدين تتنافى كليا مع روح الدين نفسه، لأن الدين أولا وأخيرا اقتناع و ليس إكراه، فالدين هو مسالة تتعلق بالإيمان والقناعة الشخصية لكل فرد، و بالتالي يجسد لعلاقة عمودية بين العبد و ربه، فلا يمكن محاسبة الإنسان لأخيه الإنسان في مجال العبادات، لان الله وحده هو الحسيب الرقيب.
فما دام القانون لا يحاسب تارك الصلاة أو الزكاة فلا يحق له محاسبة فاطر رمضان سرا أو علانية و إلا سيكون ذلك ضرب من النفاق.
قد يكون مبرر المشرع هو تجنيب استفزاز الفاطر للصائم في نهار رمضان، لكن السؤال هو لماذا خص هدا القانون المسلمين فقط و لماذا لا يطبق حتى على السياح الأجانب الذين يأكلون و يشربون و يتبادلون القبلات مع نساءهم أمام الناس دون أدنى احترام لهم أو لشهر رمضان ثم كيف للفاطر أن يستفز الصائم ما دام الصائم مقتنع بجدوى صيامه .



#رشيد_طلحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردا على الذين ينادون بمقاطعة الانتخابات
- سقط القناع عن القناع
- الخطاب الاسلاموي في المظاهرات الشعبية
- الحوار المتمدن منار كل اليساريين
- في ذكرى اغتيال بن عيسى
- كرونولوجيا حياة و مؤلفات ماركس
- ثورة أكتوبر: ما لها و ما عليها
- المواطن والسلطة و السياسة
- بؤس الفتوى الدينية
- اليسارفي المغرب: أسباب الأزمة
- اليسار في المغرب واقع و افاق
- تاريخ اليسار في المغرب


المزيد.....




- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رشيد طلحة - قراءة نقدية للفصل 222