أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد طلحة - بؤس الفتوى الدينية














المزيد.....

بؤس الفتوى الدينية


رشيد طلحة

الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 07:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كل مرة يطلع علينا شيخ أو داعية أو أيا كان بفتوى ألطف من سابقتها، و كأن علماءنا الأجلاء اعتزلوا قضايا الأمة ودخلوا في سباق محموم لاختراع اطرف نكتة يمكن أن تنال شرف التقييد في سجل غينز للأرقام القياسية أو تروح عن نفوس الشعوب المهمومة المقهورة، و بدل أن يقول الشخص لصديقه ، وهو يمازحه، هل سمعت آخر نكتة يقول له هل سمعت أخر فتوة !
إن الوضعية التي آلت إليها الطبقة الدينية في الدول الإسلامية لتعبر عن عجز الفكر الديني المعاصر عن إنتاج علماء من طينة مالك و أبو حنيفة و البصري و غيرهم ممن أفنوا حياتهم في تحصيل العلم و المعرفة قصد الإجابة عن القضايا الدينية و الدنيوية التي كانت تشغل بال المسلمين في ذلك الوقت على قاعدة الاجتهاد لا الاقتصاد و كل ما أعرف أني لا أعرف شيئا.
فالنظام المتبع في تكوين العلماء في أغلبية الدول الإسلامية تقليدي في كل شيء، انطلاقا من طريقة حفظ القران في الألواح الخشبية المخطوطة بالصمغ إلى كيفية الجلوس لإلقاء الدروس في المساجد... كما أن العلوم المبرمجة في المعاهد الدينية تقتصر على اللغة العربية و العلوم الدينية ( الفقه – الحديث- و علوم القران) مما يبقيهم في معزل عن مسايرة التطور المستمر الذي تشهده التكنولوجيا الحديثة و العلوم الدقيقة (فيزياء و رياضيات و الحياءة...) و العلوم الاجتماعية من فلسفة و اقتصاد ...فيبدون غرباء في الكون.
ربما هذا الأمر مقصود، لان تلقين هذه العلوم، التي تعتمد على المنهج العلمي التجريبي، لا تحتاج في فرضياتها لعنصر الله أو الغيب، كما قال لابلاس لنابوليون حين شرح له نظام الكون، و من شأنه أن يربك العقول الصغيرة لعلمائنا إذا طلب منهم شرح مواضيع مثل أصل الخلق أو إثبات وجود الجن و الملائكة...
و ربما لأنهم مقتنعون بأن هذه العلوم المادية الوضعية، علم لا ينتفع به و يجمد حرارة الإيمان في القلوب و يشغل الدين بالدنيا ...و شعارهم في ذلك "من أراد الله به خيرا يفقهه في الدين" و ليس في الفيزياء أو الجيولوجيا.
فليس غريبا أن نسمع احدهم يفتي بتحريم التحدث عبر الهاتف كما فعل شيوخ السلفية الوهابية قديما حين حسبوه كلاما منقولا عن الجن أو بعدم جواز سماع القران من أجهزة الإذاعة كما خرج بها الأزهر في الأربعينات من القرن الماضي، و الأخطر من ذلك هو أن أحد أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أصبح ينتج فتاوى من نوع خاص و هي محاربة أي اكتشاف علمي لا يتماشى مع قناعاته فهو يفتي بتحريم الاستنساخ و التوليد بالأنابيب و نقل الأعضاء ... و هو لا يفقه في أبجديات العلوم الطبيعية شيئا فما بالك بعلم الجينات مثلا.
و حين هاجم صدام الكويت و السعودية، سارع كبارهم للإفتاء بجواز الاستعانة بالكفار لمحاربة الفئة الباغية و قد كانوا مستعدين للتحالف مع الشيطان نفسه لولا لطف الله.
هؤلاء، الذين حاربوا الإذاعة و التلفزيون و اعتبروها أوثان تضل الناس و توقعهم في الشرك الأكبر و تلهيهم عن ذكر الله و إقامة الصلاة، أصبحوا الآن يطلقون عبرها فتاوى على الهواء مباشرة دون احترام للخصوصيات المرجعية و المذهبية لكل دولة، فاختلطت الأمور على الناس و بات المرء لا يدري أشيعي هو أم سني و بدل أن تتوضح له مسالة شرعية تزيد في عقله ضبابية و عتمة.
و لقد برزت، في الآونة الأخيرة، ظاهرة غريبة حول تهافت الفقهاء على البرامج الدينية التي تذيعها القنوات الفضائيات الخاصة بدعوى "الدعوة إلى الله" مسلحين بكل فنون الإثارة التلفزيونية لجذب اهتمام المتفرج و هم مقابل ذلك يتقاضون أجورا بآلاف الدولارات عن كل حلقة ناهيك عن حصصهم في بيع النسخ التي تعيد تسويقها تلك الفضائيات. كما لجؤوا الى فتح مواقع خاصة بهم في الانترنت لنشر فتاواهم ، و هم بذلك يستخدمون أحدث الوسائل التكنولوجية التي صنعها "الغرب الكافر" لنشر أفكارهم الظلامية التي أكل عليها الدهر و شرب.
لقد أصبحت الفتوى الدينية مستباحة لكل من هب و دب، وتم إفراغها من محتواها، و بدل أن توجه لحل المعضلات الكبرى التي تعاني منها الشعوب المقهورة من ارتفاع فاحش للأسعار و تسلط الحكام و نهب الثروات ... نجدها تنشغل بأتفه الأشياء و تفرخ في أجسامنا سموم الجهل و الانهزامية اللذان تحولا لسرطان ينخر في أدمغتنا.



#رشيد_طلحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسارفي المغرب: أسباب الأزمة
- اليسار في المغرب واقع و افاق
- تاريخ اليسار في المغرب


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد طلحة - بؤس الفتوى الدينية