عبود الجابري
الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 23:51
المحور:
الادب والفن
من رمية نرد عمياء ينطلق عبد الستار ناصر كل صباح ليمتحن أيامه المرتقة بتفاصيل وطن لاحصر له ، وطن أعطاه القليل ، وسلب منه الكثير كعادة الأوطان ، الوطن يبدو بين يدي عبد الستار كما التعويذة التي لانستطيع أن نتقحم الظلام دون أن تكون معلقة في أعناقنا ، يسير متحسسا عنقه دائما بحثا عن الوطن – التعويذة - ، فلم ترق له البلدان كلها وهو السندباد الذي ذرع الكرة الأرضية طولا وعرضا ، ولم يحاول أن يتعلم لهجات الآخرين مثلما فعلنا نحن ، فظل عراقي الهوى واللكنة ، لم يمنح أحدا طريقا للضغينة ، فهو صديق للجميع ، ولم يمنح أحدا فرصة للسبق ، فهو صاحب خمسين كتابا ، مثلما هو صاحب مئات الكتب والكتاب الذين كتب عنهم وعنها ، كتب لأنه ضعيف أمام الجمال ، بينما يسطو البأس على نفسه ، فمن اصدق منه حين يحدث عن طفولته ؟ ، ومن أعذب منه حين يعترف بما لايقال إبان ذيوع اسمه كاتبا ، لقد وصف كل شيء تربص بأيامه ، الشارع ، الطاطران ، النساء، الطغاة ، لحظات الكتابة العصية ، الغنى والفقر، الخمرة التي تمد لسانها مستدرجة ليله الخصيب، والأصدقاء الذين يراودونه عن البئر التي يعلق فيها دلوه .
عبد الستار ، أو ستار ، ستوري ، كما يروق لنا أن نناديه ساعة تصفو اللحظات بيننا ... مريض ، والبلاد تطلق أوجاعها على يده ولسانه ، ليصير مريض اليد واللسان ، أما الوجه فالوجوه جميعها غريبة مذ وضعنا أول خطوة على التراب البعيد عن النخل ، ستوري الذي سألني يوما كيف سأقلي البيض ؟؟ هل أضع الزيت أولا أم أضع البيض ؟؟ فقلت له ضع ماتشاء وانتظر النتيجة وكرر المحاولة حتى تنجح ، عندها تيقنت انه لايعرف سوى الكتابة مهنة وهواية ومصيرا ، وأن يده ولسانه معلقتان بقلبه الذي يضع سيناريوهات المحبة ، لتستحيل بينهما قصة او ذهبا لايكف عن اللمعان ، وهكذا فان عبد الستار سيمد قامته بعد قليل ويشير إلينا أن اطمئنوا فمازال لدي الكثير مما لم يكتب ، والكثير مما لم اقله بين أيديكم ، ثم يمد يدا متثاقلة ليرمي رمية نرد عمياء يبدأ بها يوما جديدا ....
عمان
[email protected]
#عبود_الجابري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟