ريم الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 12:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا يزال الإسلام غريباً !
جاءت اسطري هذه .. لن أقول بعد صدمة قراءة مقال غير موضوعي و غير منطقي و ناكر لما حوله فقط ، بل جاء لفكرة قديمة كنت أراها و أنصت إليها في تفكيري .. تلك الفكرة التي دارت في مخيلتي من زمن .. فكرة .. ان الإسلام لا يزال غريباً... لم يفهم الكثيرون ما هو الإسلام . حتى المؤمنون به يميلون لإتباع تعاليمه لكن الفهم الحقيقي له لا يزال مبهم إلا على القلّة من المؤمنين به العارفين بمبادئه. لا يزال السلام غريباً محارباً كما نشأ أول مرة ، لكن أعداء هذا الزمن اشد ضراوة و قسوة بعد مرور أكثر من ألف عام من وجوده .
أعزو سوء فهم الإسلام كديانة و منهج حياتي إلى الكثير جدا من الأسباب ، من أكثرها شيوعاً : محاولة إنكار وجوده أصلا ، عندما لا ترغب بشيء تنكره هكذا يقول علم النفس ، أنا لا أعاتب المسيحيون على مقالات لهم كتبوها هنا متهجّمين فيها على دين سماوي يكفي انه يدعو إلى الإيمان بالله و تنزيهه عن صفات البشر في حين ينسبون له الزوجة و الولد كأنه مثلنا ! كل هذا ندعه جانبا و نسال لهؤلاء سؤالا واحدا : لماذا لم تلتفتوا إلى مناهج إلحادية و تكفر بوجود الله ؟ أين همّة هؤلاء ضد ديانات تنكر المسيح و وجوده و تكفر بالله؟ عندكم البوذية و الهندوسية و الزرادشتية و هلم جرّا ...
يحاربون منهج يدعو للإيمان بالله ، رجل أميّ يعرف علم السموات و الأرض ؟ أدعو كل من يشك بالإعجاز القرآني أن يقرأ و يطّلع أولاً ثم يأتي يُحاجج فالحجة أمر عسير . و يفرحني أمر واحد شهده الكاتب و هو يعرف نفسه بان الإنجيل محرّف و له اسم خاص به ، و هذا التحريف – أقول له – لا يقتصر على هذا الكتاب بل كل النسخ الأخرى للإنجيل ، فلا يوجد كتاب يؤمن بالله يتجاوز عن الزنا و العلاقات الفاحشة و يحلل الخمرة و يحرم المرأة من الطلاق و تظل متعلقة برجل لا تطيقه طول حياتها ! فعلاً كما قال احد المعلقّين على مقالة ذلك الكاتب بان تعاليم الإسلام مخالفة للإنجيل ! اذا اُعتمدت هذه النسخة من الإنجيل المُبيحة للحرمات فهي فعلا مخالفة للإسلام .
السبب الثاني لسوء فهم الإسلام يعود إلى المسلمين أنفسهم ، فلم يظهر إلا القلة من العلماء الذين استطاعوا طرق الأبواب المغلقة للديانات الأخرى و محاولة إيضاح فكرة العقيدة الإسلامية . الكثير من التشويش طرأ على مفاهيم الدين الإسلامي لأنه ببساطة استوعب الكثير من الثقافات و الشعوب و دخلت أقوام مختلفة له ، فتنوع الكتّاب و المؤرخون و بعضهم من نقل الحقيقة و البعض لا .
أي احد يدّعي ان الإسلام يعنّف المرأة أقول له : لا تتخذ المرأة وسيلة لبث سمومك في هذا المنهج ، الإسلام حرّر المرأة من العبودية و منح لها حرية التعليم و الميراث و النفقة على كل من يهتم بها ، منح لها حرية اختيار الشريك و العمل و وضع الجنة تحت قدميها . ساوى بين الزاني و الزاني و الكافر و الكافرة في العقاب و المؤمن و المؤمنة في الثواب ، أي دين سماوي فعل هذا ؟
لو يلاحظ أي متابع لكتّاب الأديان الأخرى و الكّتاب المسلمين سيجد فارقاً واضحاً : ان المسلمين لا ينكرون الأديان الأخرى فيما هم ينكرون حتى وجود بيت لله ! ذلك البيت الذي لم يبنْه محمد بل بناه إبراهيم أبو الأنبياء و أظن حتى بإبراهيم لا يؤمنون !
السبب الثالث لسوء فهم الإسلام : انه منهج يخالف فطرة الكثيرين ممن نشأوا على الحرية الواهية ، كل متتبع لمقالات السيكولوجية الجنسية التي طرحتها الكاتبة سيعرف معنى ان أكون فردا متحررا عن كوني فاسقا أو فاجرا أو مستهترا ، ما الضير من تحديد السلوكيات ؟ و ماذا سأخسر ان نظّمت حياتي ؟ كل قائل ان المسيحية لا زالت بخير فهو مخطئ مع تقديري للمسيح و لامه الزكية عليهما السلام ، انتهى عصر المسيحية في هذه الحياة يوم أسقطها الغرب ، فلم يعد هناك قيم غير القانون فقط.
الغنائم كما ذكر احد المعلقّين هي بنك إسلامي ! و لا يعلم ان الغنائم كانت لسد حاجة المسلمين إلى القوت اليومي ، حُوصر المسلمون لسنوات طوال لأنهم امنوا بالله ، لو كان محمد رجل مجرم لتخلى فورا عن الرسالة مقابل الآف من الدنانير عرضوها عليه فلماذا تمسك ؟ ماذا جنى محمد من الرسالة ؟ قـُتل و قـُتل أبناءه و شُرد آل بيته ، و هذا هو نصيب المؤمنين.
هناك من الغرب من أدرك عظمة هذا الرجل و اعتبروه أفضل من جاء إلى البشرية لإنقاذها يوم أنهى العبودية و الرقّ و راعى الأسرى و الأيتام ، و حث على التعلم ، لكن المسيحية لا يوجد حتى نص واحد فيها يدعو إلى زكاة أو صدقة ، و ليس هذا انتقاص من شأن الديانة و السيد المسيح لكن لكل منهج سماوي أهميته و دوره . و لا ننسى ان في دولكم المسيحية نشأت فكرة اضطهاد السود و التمييز و ليس في بلداننا !
نعم ، اختارت خديجة محمد لأنه أمين ، لو لم يكن أميناً لسرق مالها أو لعمل معها بالتجارة و ترك النبوة فقد كانت امرأة ثرية ، فلماذا لم يفعل ؟ عندما يكتب الكاتب مقالاًً مثل هذا الكاتب الفلاني فليكن موضوعيا لو بدرجة قليلة ، كاتب المقال لم يقرأ سوى ما يريد هو ان يكتبه حتى شارف عدد المعلقين على مقالته على الأربعين تعليقا و هو ليس مديحا بل إشارة لمقدار الجدل الذي أحدثه ، و الجدال سمة سلبية للنقاش .
سؤال : من هو المسيح الذي ذكر بالقرآن ؟ أليس هو الذي ولدته السيدة العذراء بلا أب ؟ أليس هو من خاطب الناس في المهد ؟ أليس هو من بشّر اليهود بمنهج سماوي يخفّف من كاهلهم ؟ أليس هو من دعا الحوارييّن قائلا من أنصاري إلى الله ؟ الفارق بيننا و بينكم أننا لا نؤمن بصلبه بل شُبّه لهم الرجل المصلوب بالمسيح ، و الدليل أنكم تؤمنون إلى اليوم بأنه حي و لم يمت فكيف يعيش و هو مصلوب حتى الموت ؟ مجرد سؤال للماكرين .
لا يزال الإسلام غريبا في كِلا الجاهليتين ، الأولى ( مُسيلمة الكذاب الأول المؤلف لأبيات شعر) و الثانية ( مُسيلمة الكذاب الثاني ) التي نعيشها اليوم ، لو كان محمدا رجل إقطاع و مجرم لما سادت عقيدته على أكثر من مليار إنسان فهو لم يدعْ إلا إلى الخير، بر الوالدين ، الجهاد و الدفاع عن الدين ، انتم أنفسكم قاتلتم أيام حرب الصليبيين لنيل القدس و كنتم مندفعين لأجل قيم دينية كما زعمتم فلماذا لا يجوز هذا على المسلمين و هم على حق ؟
دعا محمد إلى حرمة قتل النفس و ان من يقتلها عمدا كأنما قتل الناس جميعا ، صحيح فهذا منهج رجل المافيا !! رجل المافيا لا قلب له ، و محمد سيد البشرية ينادي إلى حرمة الدم ، و حرمة إيذاء ذميّ و صاحب كتاب سماوي و قارن إيذاء الذمي بايذاءه هو ، انظروا كيف يعاملكم الإسلام و كيف تعاملون متبّعوه ؟ لتدركوا لماذا أنهى الله نهجه السماوي بالإسلام ...و لي لقاء مع من يفهم...
#ريم_الربيعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟