أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - فوارق الحب المتيقض















المزيد.....

فوارق الحب المتيقض


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 2753 - 2009 / 8 / 29 - 06:54
المحور: الادب والفن
    



شمال القلب/ ديوان معد للطبع
للشاعرة: دلشا يوسف
رحاب حسين الصائغ
لا رحلة بعد رحلة الحب، ورقته المنحرفة نحو الاعماق في الكائن الناطق، فيه تتشعب اللوعة وتشمل الانسان بكل حواسه وتمحي ايَّ فوارق، كزهرة خرساء تخيم عند ظلالها جذور الافئدة المنطوية ضمن محيط الحب.
ديوان الشاعرة دلشا يوسف وديوانها المعد للطبع ( شمال القلب) يحمل حروف خضراء طرية زهورهُ مغصعة ببريق الالوان النظرة، بما تعبق حقول قصائدها بانواع النشوة والرقة كحلم منساق في ليل متألق بالنجوم الصاطعة والخافتة منها، تتمايل الشاعرة في رياض قلبها الطري بالحب، والحب عندها تصعيد دائم في حواس الظن، كالطعن الصادق في مفهوم الشعر، والمرأة عندما تتحدى قمم لغة الحب وتصرع قوالب الشعر على اغصان مفردات الشهوة تتغنى بعنفوان رائع، وتكون كتاباتها ضد الصمت، فتنسل عباراتها كشهد العسل النقي.
أول قصيدة في الديوان تحمل نفس العنوان، يقال لا تلعن الظلام واوقد شمعة، هكذا اوقدت دلشاد طريق حبها طرزته باجمل قصائد الحب، ولحظات قراءتي له سمعت صوتها الشجي يهمس بحروف غناء على ضوء شمعة، رقة عباراتها الشذية تشدك الى آخر قصيدة بهدوء لا خلاص منه، حيث تقول في شمال القلب:
شمعتي هو
في كل ليلة
حين تكون اماسي الوحدة
ملتقاي
ذات يوم... في غره الخريف
وقد نديت الارض بالرهمة
أضعته...
دون وداع،
هناك...
في شمال القلب!.
أما قصيدة (فوارن) لها ربى اخرى وجمال مختلف يحمل رونق الشوق المنكب من حنان ام عطوف شغفت حبا بما ملكت من شعور تريد له الصطوع على فجر ايامها المقبلة، لا شيء يهدء من سحر تلك اللذة غير التلاقي والغور في احضان الجمال، فكانت مفردات قصيدتها غاية في النتاسق المنسال من جذع القصيدة:
لا اعرف
في اي فصل
ستغادر قطار
احلام يقضتك؟
وتحل ضيفا
على صرحك المنيف
اركن قرب جمرك
الشاعرة لا تتركنا نهدأ لحظة حيث تقود سفينة الحب عبر امواج بحرها الهائج، في قصيدة ( قوس قزح) وتمطر من ألق سحرها على نوافذ زجاجه مظلل بالحب، داعية الجميع ان يملك رغبة في سرقة نظرة الى الداخل، كيف لا وهي المرأة المتقدة بكل فوانيس الحياة، حيث تقول:
كالمطر...
سأهد حيطانك الطينية
على قدك وقامتك!
لأشيد محلها
لهذا القلب،
قصوراً من العشق
ومن السماء
سأسرق
قوس قزح
أزين به قدي وقامتي
دلشا يوسف امرأة لا تعرف قرار مستقر في حكمة الحياة، هي من ينسج تلك الحكمة بطريقتها، تنشر أشرعة الحب التي صنعتها وامتلكت خامتها يوم عرك قلبها الكبير خوالج الشوق التي اتت من فارس استمكن من الخوض والمواجه، كنسمة ندية لم يحطم الابواب والاسوار، اتاها عاشقا حد العظم واعطاها مفاتيح الابواب وافقال الاسوار ودعاها الى حرية التحطيم لكل ما هو حولها كيفما تشاء، لذا اعتلى عرش القلب، وقصيدة (القلب) تعبر بصدق متفهم لعواصف قلبها الهائجة، حيث تقول:
جرة من المشاعر
تشوى في فرن الحياة!.
بابه
مفتوح على مصراعيه
حارسه
منه... وفيه
لكنه...
لم تترك حقل من حقول المشاعر النابضة بالصدق في مجمل ديوانها، إلاَّ وادخلته فرن التصريح، وعالجت كل الدغل الذي يشوب الحدائق الرائعة الجمال، بحكمة عشتار آلهة الحب والانوثة الطاغية وتجربة كل العاشقات في التاريخ، لكنها لم تخرج عن رقة وجرأة المرأة النابضة باحاسيس فياضة في هيكل صدرها الشامخ، حيث تقول في قصيدة ( القلب الآخر):
حين كنت كنهر
اسير عكس البوصلة
كنت انت...
تشيد لنفسك قبلة!.
حين كانت الشمس
ترتفع من مشرقي
كنت انت.... في الغرب
تنصب الفخاخ
أمام الاماني!.
مع دلشا يوسف والتنقل عبر شمال قلبها، تجد قواميس حب جديدة اعدتها للعشاق كي ينهلوا من رضابها، وها هي تتحفنا بقصيدة (رغبة) والمرأة عادة تخفي رغبتها خوفا من وخزات النظر المتساقطة من حولها، اما الشاعرة دلشا تمردت على ذلك الصمت وبادرت بالطرح حيث تقول:
أتعرفون
متى افطم عن الشعرعندما تستحيل المسافة
بين الحقيقة والرغبة
. . .
اتعرفون
متى أصبح آلهة؟
عندما أجري كنهر
دون خلجان
في صحراء الرغبة!.
انها هي من يقدم التعريف الكامل للرغبة وبشكل رائع ويحمل لغة شعرية غاية في الجمال المستمكن عند انثى تملك مثل هذه الصور والافكار عن الحب وتصيغها بذكاء مكابر يحمل صور فنية قلما عبرت عنها شاعرة، اما قصيدة ( نبراس) بكل رقة تقدم حالة اجتماعية يعيشها الوف البشر من العشاق، وتعالج بها مشكلة دقيقة جدا من حيث الحالة النفسية، بما تملك من امكانية عالية في محسوس الشعر حيث تقول:
عزيزي...
حين اكون
في اوج الخصام معك
تيقن عندها
أنني....
في اوج حبي لك
حبك ...
نبراس
في الحب ...
لا خصام
لا تحت ولا فوق
لا حدود
لا أنا ولا انت
في الحب
الاكاذيب ايضا حقائق
عندما نبحث عن الاسطورة يتداخل عندنا شيئان، هل الاسطرة حقيقة؟، هل الحب اوجدها!، وما ابدعته الشاعرة دلشا في قاموس الحب يعطينا الجواب الكامل واسباب وجود الاسطورة، ان عملية الابداع في خلق صور شعرية جميلة، يؤكد لنا ان الاسطورة خلقها الحب، وما خلقته دلشا في ديوان شمال القلب وفي عصر محقون بالشوائب المتناقضة تجعلك قريب من الاسطورة المعاصرة حيث تقول في قصيدة (وحيدة...انا):
شيطان اللوعة
يعتلي قصائدي...
ويقودني
صوب شواطئك
حين التطم كموجة
بجلاميد شطآنك
أعرف حينها
أني لم اتزحزح بعد
عن مكاني!.
وهكذا الى نهاية القصيدة نعيش شيء من المشاعر التي ضمن الاساطير، والمسافة ليس بعيدة فيما تحمله قصيدتها الاخرى ( أجراس اللقاء) نجدها مكملة لما قبلها من قصائد، كحورية بحر تسبح داخل مشاعر الانسان معبرة عن كوامن مشاعرها، لاتخلتف بشيء عن افكار الرجل لا وبل تعبر برقة انسانية تفوق رقة الرجل الذي دائما مدجج بقكرة انه الوحيد القادر على منح الحياة والحب، من مشاعر الالم والخوف والحب وما الى ذلك، ولكن الظرف يخدمه اكثر وهو ما يحدد امكانيته، فالمرأة اقدر في اعطاء الحب معاني الحياة والشاعرة دلشا يوسف نموذج صادق فيما كتبت من قصائد حب رائعة، وتناغم المفردة في قاموسها ضمن القصيدة دليل واضح على امكانيتها الشعرية، حيث تقول:
نظرت في عينيك
حين كانتا تقرآني
وتسيران غور
الحقائق الغافية
في اعماق عيني
كل تلك المتاريس
والخنادق
لم تحل
يدهشني ما اجده من جرأ عند دلشا يوسف، وان كانت تنم عن شيء؛ انما هو ما تملك ه من شخصية قوية وارادة حرة في كسر قوالب المشاعر امام القارئ وخاصة المرأة، وحين تحمل المرأة مثل هذه الرقة والنضوج المتلازمين مع الفكر الجيد والناصع، تعتبر امرأة قيادية وصريحة فيما تطرح من افكار، تفك بها كثير من العقد الاجتماعية لدى نظيراتها من الاناث، قد نجد بعض المباشرة في العناوين ولكن هذا لا يضعف المضمون، وما دامت الشاعرة دلشا يوسف قد عرضت كل هواجس مشاعرها بصورة جمالية ملكتها الابداع الصوري، ربما القارئ يجدها مجرد بوح جميل، ولكن في الحقيقة هي قصائد متقنة وتملك من عدة اوجه المعاني الذاتية، وهي تشبه حبال البحارة على ظهر السفن التي لا يمكن لقطان الاستغناء عنها.
الكاتبة/ ناقدة من العراق



#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التماثل واتشابه والتكرار الذهني
- الإعلام المرئي والصحافة دائرة المجتمع
- تجليات الذات في زمن التصحر
- اثر القص في التماثل السياسي
- الزمكانية وتألق مرآة الشعر
- الحداثة الكامنة في اللاوعي التجددي
- المرأة في زمن العولمة
- للأنا قاموسٌ وللشعرِ أحلام
- قصص منفضة الذاكرة
- للحب غسق اختزل الجسد
- المنجز الدلالي للقصة المعاصرة
- قراءة في كتاب
- التضاد بالتفاعل ذاتياً يرمز للمعرفة
- جمر الحب يشبع أسفار الحلم
- شجرة البلوط
- أنين التضاريس وكؤوس المشاعر
- أنين التضاريس
- تمثيل الثقافة العربية
- ثائر العذاري....علامات الكؤوس الممتلئة
- لوركا الموصل يقلب حكمة الوجود


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - فوارق الحب المتيقض