أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هاشم صالح - خواطر على هامش كتاب هنري ميشونيك: الحداثة، الحداثة















المزيد.....

خواطر على هامش كتاب هنري ميشونيك: الحداثة، الحداثة


هاشم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



الاحد 2 آب (أغسطس) 2009
-----------------------------
يرى الناقد الفرنسي هنري ميشونيك، الذي توفّي قبل بضعة أسابيع في باريس، أنّ هناك عدة بدايات للحداثة، وعدّة نهايات. جاء ذلك في كتابه الممتع الصادر عن غاليمار بعنوان: الحداثة، الحداثة. فبعضهم يعيد تاريخ الأزمنة الحديثة إلى اكتشاف كوبرنيكوس القائل بدوران الأرض حول الشمس وليس العكس عام 1553. أمّا بالنسبة للفيلسوف الألماني هيغل الذي كان يكتب عام 1800 فإنّ هناك ثلاثة أحداث أساسية شكّلت الأزمنة الحديثة هي: اكتشاف العالم الجديد أي أميركا من قبل كريستوف كولومبس، وعصر النهضة، والإصلاح الديني اللوثري أو البروتستانتي. ولكنّ الحداثة ليست بالضبط الأزمنة الحديثة. إنها أكثر من ذلك. إنّها جوهر سرّي مجهول، إنها روح الزمن، إنها قمّة القيم أو مجموعة قيم.

فبالنسبة للفيلسوف هايدغر، نجد أنّ الحداثة لا تنفصل عن ميتافيزيقا الذاتية أو عن المعرفة الكليانية المطلقة. وقد ابتدأت مع ديكارت وانتهت مع نيتشه. وبالتالي، حسب هذا المفهوم، فنحن دخلنا عصر ما بعد الحداثة فورا بعد موت نيتشه، وليس منذ السبعينات كما يوهمنا جان فرانسوا ليوتار… ولكنّ بعضهم الآخر يعتبر أنّ نيتشه هو ذاته مؤسّس ما بعد الحداثة أو ما بعد التنوير…وبالتالي فقد احترنا..

أمّا بالنسبة لفوكو وهابرماس فإنّ للحداثة عمر العقل: أي عقل التنوير. وبالتالي فهي قد ابتدأت مع كانط ونهاية القرن الثامن عشر. ولكنّ حداثة فوكو هي نقد للآثار الإبستمولوجية (أي المعرفية) والاجتماعية الناتجة عن حداثة كانط. وبالتالي فموقفه سلبيّ من الحداثة أكثر مما هو إيجابيّ. أمّا موقف هابرماس فيتمثّل بالمحافظة على الحداثة لا بالقضاء عليها ولكن مع نقد سلبياتها وتراكماتها بالطبع. هنا تكمن نقطة الفصل بين فيلسوف الفرنسيين (المتشائم)، وفيلسوف الألمان (المتفائل). بالطبع أقول ذلك بتلخيص سريع جدّا لأنّ فوكو نفسه عاد إلى حظيرة التنوير عندما كرّس في أواخر حياته درسا كبيرا لشرح نصّ كانط: ما هو التنوير. وبالتالي فالأمور أكثر تعقيدا ممّا نظنّ.

والآن ماذا عن الحداثة الأدبية والشعرية؟ يرى جان بول سارتر أنها ابتدأت مع الجيل الفرنسيّ الذي كان يكتب حوالي منتصف القرن التاسع عشر: أي جيل جيرار دونيرفال، وبودلير، وفلوبير، وسواهم كثير. يقول سارتر بما معناه: لقد ابتدأت الحداثة عام 1850، أي في اللحظة التي وعى فيها الفنان باستلابه النفسي والروحي في مواجهة القيم المهيمنة للثقافة البورجوازية الصاعدة. ففي عام 1857 صدر عملان أساسيان دشَّنا الحداثة هما: أزهار الشرّ لبودلير، ومدام بوفاري لفلوبير. وكلاهما تعرّض للمحاكمة من قبل القضاء الفرنسيّ. ولكنّ حداثة سارتر ليست متطابقة تماما مع حداثة بودلير. فحداثة سارتر متضامنة مع ما ترفضه: أي مع الحداثة الصناعية، والسياسية، والاجتماعية. فسارتر مثل فيكتور هيغو لا يرفض التقدم المادّي أو التكنولوجيّ على عكس بودلير الذي كان معاديا له.

أمّا الحداثة الفنية، فإنّ عالم الاجتماع بيير بورديو يقول لنا إنّها ولدت في فرنسا بين عامي 1850-1860. ومن المعلوم أنّه درس الثورة الرمزية التي قامت بها الحركة الانطباعية وكذلك الرسام "مانيه" في مجال الفنّ التشكيليّ. ولكنّ البعض الآخر يقول إنّ الحداثة في مجال الرسم ابتدأت مع غوغان. والبعض الآخر يقول مع بيكاسو والحركة التكعيبية: أي حوالي عام 1907. وبالتالي فهي قد تأخرت عن الحداثة الأدبية أو الشعرية مدّة قرن.

بالطبع فلا داعي للقول بأن الحداثة أوروبية أو غربية إذا ما أضفنا إلى أوروبا أمريكا الشمالية التي هي بنت أوروبا بحسب تعبير شهير للجنرال ديغول. ويرى عالم الأنتربولوجيا جورج بالاندييه أن الحداثة الغربية فاتحة بطبيعتها وتقدّم نفسها وكأنّها النموذج الوحيد والكلّي للتطوّر البشريّ. ولكنّ المؤرخ الفرنسي جان شيزنو يتّخذ موقفاً سلبيا ومتشدّداً جدّاً منها. فهو يقول إنّ الحداثة الكونية تعني البؤس الكونيّ، والفقر، والاستغلال، والتراجع، والنكوص. فمن جهة هناك حياة الحرمان من كلّ شيء في بلدان الجنوب أو العالم الثالث. ومن جهة ثانية هناك مجتمعات البطر والغنى الفاحش في الشمال الأوروبي الأميركي. وبالتالي فمشروع الحداثة فشل فشلاً ذريعاً من الناحية الإنسانية في نهاية المطاف على حدّ قوله. إنّه مفرغ من النزعة الإنسانية، وإلا لما سمح بانتشار مساحات الفقر والبؤس المدقع في بلدان الجنوب إلى مثل هذا الحدّ. مهما يكن من أمر، فإنّ الحداثة انطلقت من الغرب، وإليه عادت. وبالتالي فالحداثة هي غربية المنشأ دون شك. ولكنّ الحداثة أصبحت ظاهرة كونية الآن ولم تعد حكرا على الغرب. فهناك حداثة عربية وحداثة صينية وحداثة هندية الخ..على الأقلّ هناك حداثات في طور التشكل والانبثاق، في طور المخاض العسير.

ولكن ماذا نفعل باليابان؟ ألست اليابان حديثة اقتصادياً، وتكنولوجياً، وصناعياً؟ أليست غنيّة؟ أين نضعها ونصنّفها؟ في الواقع إنّ اليابان تنتمي إلى عالم الحداثة الغربي رغم أنها تتموضع جغرافياً في أقصى الشرق. وربما لحقتها الصين عمّا قريب، وكذلك الهند، والبرازيل، والعرب إذا ما استطاعوا تجاوز أصوليتهم المزمجرة التي تشدّ إلى الخلف، وعقليتهم المتحجرة، وانغلاقاتهم التاريخية المزمنة. وهناك بلدان أخرى عديدة سائرة على درب الحداثة… فالجميع يحلمون بدخول جنّة الحداثة رغم هجومهم المستمرّ على الإمبريالية، والصهيونية، والغرب، والاستعمار، والعولمة، الخ…

ثم يردف ميشونيك قائلا:

لا أحد ينكر أنّ باريس هي عاصمة الحداثة. فمنها انطلقت معظم الموجات الفنية والأدبية من السريالية، إلى التكعيبية، إلى الوجودية، فالبنيوية، الخ…(ويمكن أن نضيف: وهي مرتع خصب لتفتح الطاقات والمواهب بسبب جوّها المحبّذ للعشق والانفلات والحرية).. وكان الكاتب الأمريكي همنغواي يرى في باريس عيداً مستمرّاً، وبهجة دائمة. ومعلوم أنّه أقام فيها فترة من الزمن. ومعلوم أيضا أنّ عزرا باوند وجيمس جويس نشرا فيها بعض أعمالهما. وكذلك فعل فيما بعد صموئيل بيكيت، وسيوران، وعشرات غيرهم. وأصبحت باريس ملتقى لكافة الاتجاهات والمفكرين والفنانين والروائيين من مختلف أنحاء العالم. ففيها تفتّحت مواهب عديدة، ومنها بعض المواهب العربية بالطبع. ولكن لا يمكن أن نفصل الحداثة الفنية أو الأدبية عن الحداثة الصناعية أو التكنولوجية. فالطائرة، والراديو، والقطارات، كلها أشياء حديثة. ولا يمكن للأديب أن يكتب بعد الآن رواياته أو أشعاره دون أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار. ولكن لا يمكن أن ننسى أنه مع الحداثة التكنولوجية والعمرانية في المدن نشأت النزعة المضادّة للحداثة في الثقافة. فقد اعتبر بعضهم أنّ عالم التكنولوجيا والمدنية الحديثة هو عالم بارد، صقيعيّ، لا روح فيه. وكثيراً ما تألّم الشعراء من هذا العالم الصناعيّ الخالي من العواطف والمشاعر والأحاسيس الإنسانية. ففي الماضي كان هناك انصهار بين البشر والأشياء، بين الكلمات والأشياء. وكانت العواطف الإنسانية تظلّل الجميع. وكانت الطبيعة هي الأمّ الحنون بأزهارها وأشجارها، بسواقيها ووديانها. كنت تستمع إلى الطبيعة وتنصهر بها وكأنّها تناديك أو تناجيك. أمّا الآن فلم يعد هناك إلا ضجيج المصانع وصفير القطارات وزحف التكنولوجيا على المدينة الحديثة بالفولاذ والإسمنت المسلح. وأحسّ الشاعر بأنه غريب في هذا العالم الذي لا همّ له إلا البحث عن الفائدة، والربح، والمصلحة النفعية بأيّ شكل. وقد عبّر الشاعر احمد عبد المعطي حجازي عن ذلك عندما اصطدم بالمدينة الكبيرة، بالقاهرة، لأوّل مرة قادما إليها من الأرياف. كان ذلك في ديوانه الجميل: مدينة بلا قلب. وعندما زار اندريه بريتون أمريكا رأى أنّ نيويورك مغطّاة بالضباب، ضباب المصانع والقطارات. فهرب إلى المكسيك حيث توجد الطبيعة البكر التي لم تمسسها يد التكنولوجيا بعد…فهناك يوجد الشعر والتخلف الإنساني الجميل ويحلو الأدب..فهل هناك علاقة بين التخلّف والشعر يا ترى؟ هل الشعر لا يزدهر إلا في المجتمعات البدائية المتخلفة؟ وما رأيكم في جماليات التخلّف؟ ولماذا انقرضت العواطف الإنسانية في المجتمعات الصناعية التكنولوجية المتقدمة؟ أسئلة عديدة يمكن أن يطرحها المرء.. يقول الفيلسوف الفرنسي ميشيل هنري: "لقد دخلنا في عصر البربرية التكنولوجية. فالصفة الأساسية للحداثة هي أنها بربرية من نوع جديد، من نوع غير معروف سابقاً. لقد ولّدت مجتمعاً مفرغاً من كل ثقافة، وعائشاً بشكل مستقل عنها". ولكن ربما كان هذا الكلام مبالغاً فيه. فحيث يرى الكاتب بربرية، يرى الآخرون تقدماً، وحضارة، ونظاماً. يرون مدناً ضخمة، بشوارع فسيحة، وحدائق واسعة، وأبنية فخمة وعالية. يرون نظافة أيضا وانعداما للأمراض والأوبئة المعدية. ولكن يبقى السؤال المطروح هو: هل سيدفع الشعر ثمن الحداثة التكنولوجية؟ بمعنى آخر: هل سينقرض الشعر في عصر المصانع الكبرى، وناطحات السحاب، والأجهزة الإلكترونية؟ هذا ما خاف منه مالارميه عندما قال بأن زمن الشعر قد ولّى وانقضى. لقد أصبح الشعر شيئاً متخلفاً وربما رجعياً في عصر الحداثة التكنولوجية. والواقع أنّ الشعر في الغرب ما انفكّ يفقد مواقعه الواحدة تلو الأخرى على مدار هذا القرن. فأين هو الشاعر الفرنسي المعاصر الذي يستطيع أن يضاهي بودلير، أو رامبو، أو لوتريامون، أو مالارميه؟ نقول ذلك ونحن نعلم أنّ آخر الكبار من أمثال رينيه شار، وأراغون، وهنري ميشو، ماتوا قبل عشرين سنة أو أكثر. هذا لا يعني بالطبع أنّ الشعر قد مات كلياً، ولكنه ضعف وتراجع كثيراً جداً في مجتمعات الغرب الصناعية المتقدمة. ولم تعد دواوين الشعر رائجة على الإطلاق. ولم تعد تطبع منها إلا نسخ قليلة هذا إذا طبعت. حقا لقد مات الشعر في عصر الحداثة التكنوقراطية الباردة. لقد قضت عليه الحضارة التكنولوجية التي لا قلب لها ولا إحساس. ولكن حلّت محلّه الرواية، أو الكتابة الفلسفية، أو العلوم الإنسانية، أو حتى السينما. فالشعر أصبح مبثوثا في الأفلام السينمائية والكتابة الروائية بل وحتى الفلسفية. "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي" لميشيل فوكو مليء بالشعر. وكذلك كتابه الشهير "الكلمات والأشياء" أقوى من كلّ شعر. وبالتالي فأصبحت تجد الشعر في كلّ شيء ما عدا دواوين الشعر. فهل الشعر هو صفة الشعوب المتخلفة، أو الانفعالية والعاطفية مثلنا نحن العرب يا ترى؟ قد يكون السؤال قاسياً إذا ما طرح بهذه الطريقة، ولكن…

غير أن الحداثة ليست فقط المدينة الكبيرة والمليئة بمظاهر التكنولوجيا. وإنما هي أيضاً عصر الجماهير. وقد عرّفوا الحداثة بثلاثة أشياء: التكنولوجيا، والجماهير، والتسييس. وهي أشياء مرتبطة ببعضها البعض أكثر مما نتصور. الفاشية جيّشت الملايين في الشوارع بفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة، وكذلك فعلت النازية والشيوعية. واليوم حتى الحركات الأصولية المتطرفة لا تتوانى عن استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية من أجل بثّ دعايتها وتجييش الجماهير الغفيرة. انظر كيف يستخدمون أشرطة التسجيل، أو مكبرات الصوت لبثّ دعاياتهم أو خطاباتهم النارية الحامية. انظر ما فعله الخميني في إيران. لقد اكتسح الشارع كليا بفضل الكاسيتات أو أشرطة التسجيل. انظر ما فعله الشيخ محمد متولي شعراوي مع التلفزيون حيث كان يجذب الملايين إلى برنامجه اليومي وينعش التيار الأصولي الظلامي في مصر. وكذلك يفعل الشيخ القرضاوي وعشرات الآخرين على الفضائيات العربية. وانظر كيف يبرعون في استخدام الانترنيت وكل وسائل المعلوماتية الحديثة. وانظر كيف استطاعوا تدمير البرجين التوأمين في نيويورك عن طريق خطف الطائرات وتحويلها عن مسارها. كل هذا يتطلب خبرة وسيطرة دقيقة على التكنولوجيا. والواقع أنّ الأصولي شخص يحبّ التكنولوجيا ولكنه لا يحبّ الأفكار العلمية أو الفلسفية التي أدت إليها. انه حديث تكنولوجيا إلى أقصى الحدود ومتخلف فكريا إلى أقصى الحدود! من هنا طابع الشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية لدى الإنسان الأصوليّ. ولكن التكنولوجيا قد تستخدم أيضا بشكل ايجابي من أجل المظاهرات العمالية والنقابية، والفلاحية، والدفاع عن حقوق المضطهدين والمظلومين…والفضائيات التلفزيونية يمكن أن تستخدم في نشر الفكر العلمي أو الفلسفي أو الديني المستنير كما يحصل في دول الغرب المتقدمة عموما. هكذا نجد أن الحداثة قد تستخدم في طريق الخير أو في طريق الشر. وكما قال أحدهم: يمكن لنا أن نشعل آلة الطبخ بعود ثقاب، كما يمكن أن نشعل البيت…وبالتالي فالحداثة سلاح ذو حدين. وحتى المفاعلات الذرية يمكننا أن نستخدمها لتوليد الكهرباء أو تحلية مياه البحر وخدمة البشر. ويمكننا أن ندمر العالم بها أيضا.

ثم يردف هنري ميشونيك قائلا:

لقد كان هيدغر من أكبر المعادين لعصر التكنولوجيا والحداثة. وقد نظّر للثورة المحافظة التي تدعو للعودة إلى الوراء، إلى حياة القرية، والريف، والمزرعة، والحقول. يقول في أول نص كتبه عام 1910: "إن ثقافة عصرنا سطحية تماماً، ومهووسة بالمتغيرات السريعة. ويا ليتها تستطيع التفكير بالمستقبل من خلال العودة إلى الماضي! إنّ عصرنا مولع بالتجديد والمبتكرات التي تقلب الأسس. ويهمل بشكل جنوني المضمون الروحي العميق للحياة والفنّ. إنه لا يفكر إلا في المتعة الراهنة والآنية. وكلها علائم على الانحطاط وعلى التنكُّر المحزن للصحة والطابع المتعالي للحياة".

ولكن فات ميشونيك أن هيدغر انتقد بعمق الجوانب السلبية لعصر الحداثة التكنولوجية ولم ينتقد الحداثة في المطلق. وعلى أي حال فهذه مناقشة عويصة ليس مكانها هنا. كل ما أخشاه هو أن يكون ميشونيك قد تحامل عليه كمعظم مفكري اليهود الذين يتّهمونه ظلما بالنازية.

لا يوجد معنى وحيد للحداثة بحسب رأي ميشونيك. وذلك لأن الحداثة هي ذاتها في حالة بحث عن معنى.. ولكن ريمون آرون يقيم مطابقة كاملة بين الحداثة والتصنيع إذ يقول بأن الحداثة تعني التقدم العلمي-التكنولوجي. ثم يقول بأن قيم الحضارة الحديثة هي المساواة، والفردية، والكونية. والحداثة تطمح كما يقول ديكارت في عبارته الشهيرة إلى أن يصبح الإنسان سيداً على الطبيعة ومالكاً لها. ولا يستطيع السيطرة على الطبيعة أو التحكّم بها إلا عن طريق التكنولوجيا. ويكفي أن ننظر إلى الآلات التكنولوجية الهائلة التي تبني لك عمارة ضخمة في بضعة أيام أو بضعة أسابيع لكي نتأكد من ذلك. وكان هذا العمل يتطلب في الماضي شهورا وربما سنوات. هذا ناهيك عن الجهد العضلي المبذول والتضحية بآلاف البشر. أما الآن فقد وفرت الآلة على الإنسان هذا الجهد العضلي المضني. فلماذا ينتقدون الحداثة إذن؟ ولماذا كل هذا الحنين الرجعي أو الاسترجاعي إلى الماضي؟ لقد توصل الإنسان في هذا القرن إلى اختراع الأجهزة والأدوات والمراصد التي تكشف لك أعالي السماء وأعماق الأرض والبحار. ولأن الغرب سيطر على التكنولوجيا فإنه استطاع أن يسيطر على العالم.
عن الاوان



#هاشم_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلاسفة والتوتر الأقصى والفكر
- المحطات الكبرى للفلسفة الأوروبية
- بودلير : شاعر الحداثة والهيجانات الداخلية
- الإسلام في مرآة الغرب
- اليمين المتطرّف والأقلّيات
- هنري غوهييه مؤرخاً للفلسفة أو الفلسفة بين العلم والدين
- في ظلال هولدرلين، في ظلال الشعر...
- غادة السمان عاشقة في حضن الغياب.. إلى غائبة والشمس مكسوفة..
- الأقلّيات والمواطنة في العالم العربيّ (11)
- الأقلّيات والمواطنة في العالم العربيّ (7)
- لوتريامون.. الحداثة الشعرية والعطش الهائل للتدمير
- عذاب بودلير
- تورغنييف: ثالث عمالقة الأدب الروسي
- فولتير .. زعيم الأنوار الأوروبية
- هل يفكر العرب يا ترى؟
- محاكم التفتيش العربية
- الأصولية الظلامية والمعركة التي لا بد منها
- جمال البنا.. يبن الإصلاح الديني والتنوير
- 11سبتمبر: الدروس والعبر
- باحث فرنسي لأميركا: حذار من إذلال العرب أكثر مما ينبغي


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هاشم صالح - خواطر على هامش كتاب هنري ميشونيك: الحداثة، الحداثة