أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هاشم صالح - الإسلام في مرآة الغرب














المزيد.....

الإسلام في مرآة الغرب


هاشم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 06:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


16 يوليو , 2009

بالكاد استطعت ان استمع حتي النهاية الي قصة تلك الفاجعة التي أودت بحياة الشهيدة مروة الشربيني في المانيا.

بالكاد استطعت ان أقرأ الحكاية من أولها الي آخرها. كيف يمكن ان تتصور سقوط أم وزوجة بهذه الطريقة الوحشية الهمجية أمام طفلها الصغير وزوجها؟ ليس غريبا اذن ان تكون قد هزت المانيا ومصر والعالم العربي ككل. وماذا سيكون رد فعل زوجها -شفاه الله -عندما يستيقظ من غيبوبته ويعي ما حدث بالضبط؟

وما هي الآثار التي ستتركها هذه الحادثة علي طفلها الصغير الذي لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات؟ لست مختصا بعلم النفس ولكني أعرف من تجربتي الشخصية ان سقوط الأم أمام الطفل يزلزل شخصيته في العمق ويترك أثراً لا يمحي.

بعد كل هذه المقدمة يحق لنا ان نتساءل: هل نحن محكومون بالصدام التاريخي بين الاسلام والغرب؟ من المعلوم ان المتطرفين في كلتا الجهتين لا هم لهم الا صب الزيت علي النار لكي تشتعل الحرب التاريخية الضارية ولكي نعود الي عهد الحروب الصليبية والقرون الوسطي. انظر جماعات القاعدة من جهة، وجماعات النازيين الجدد وبقية حركات اليمين العنصري المتطرف من جهة اخري.

ولكن لحسن الحظ فان القوي المستنيرة في المانيا وكل اوروبا سوف تقطع عليهم الطريق. لا أكتمكم اننا بعد 11 سبتمبر وبعد تفجيرات مدريد ولندن وشرم الشيخ وسواها تشاءمنا كثيرا وخفنا ان يحصل رد فعل جماعي لدي الشعوب الغربية ضد كل ما هو عربي او مسلم.

ولكن ما عدا بعض الحوادث الفردية المعزولة هنا وهناك فان المواطن الاوروبي والامريكي ضبط أعصابه عموما ولم يستسلم لنداءات الثأر والحقد والتعصب الاعمي. ولو استسلم لغرائزه التاريخية لفاضت بالدم عواصم الغرب!

وهذا دليل علي نضج الرأي العام الاوروبي واستنارته. وبالتالي فلا ينبغي ان نري في حادثة دريسدين علي الرغم من فجائعيتها المرعبة اكثر من حادثة فردية معزولة. انها لا تعبر عن أعماق الشعب الالماني الذي هو من اكثر الشعوب الاوروبية تقدما وحضارة. كل ما نأمله هو ان يحاكم هذا المتطرف المتوحش محاكمة عادلة وصارمة.

كان المستشرق الهولندي جان جاك واردنبرغ قد أصدر كتابا رائعا عام 1961 تحت عنوان: الاسلام في مرآة الغرب. ومنه استعرت عنوان مقالتي هذه. وفيه يدرس صورة الاسلام لدي كبار المستشرقين من أمثال غولدزيهر وماسينيون وسواهما.

ونحن بحاجة الان الي كتاب آخر يشرح لنا صورة الاسلام ليس في مرآة كبار المستشرقين والمفكرين وانما ايضا في مرآة المواطنين العاديين في المانيا وايطاليا وفرنسا وامريكا الخ. والواقع انها صورة مرعبة وبخاصة بعد كل ما جري من أحداث مأساوية منذ 11 سبتمبر وحتي اليوم.

في الواقع ان هذا الكتاب صدر قبل سنة او سنتين تحت اشراف محمد اركون وتقديم المؤرخ الفرنسي الكبير جاك لوغوف تحت عنوان: تاريخ الاسلام والمسلمين في فرنسا منذ العصور الوسطي وحتي اليوم.

وقد شارك فيه عشرات الباحثين الغربيين والمسلمين. وبالتالي فهو كتاب جماعي ضخم ومرجع هام. يقول جاك لوغوف في مقدمته العامة التي تتصدر الكتاب: اننا نجد هنا تاريخ المخيال الذي يقدم لنا التقلبات التي طرأت علي صورة الآخر علي مدار ثلاثة عشر قرنا من الزمن.

وهدف الكتاب هو تغيير صورة المسلم لدينا فينتقل من صورة الآخر المختلف في المطلق الي صورة المواطن المحترم بالمعني الحرفي والكلي للكلمة.

بمعني آخر فان المخيال الغربي عن الاسلام والموروث منذ العصور الوسطي والحروب الصليبية ينبغي ان يتغير لانه سلبي جدا.

وكذلك الأمر فان المخيال الذي يشكله عالم العرب والاسلام عن الانسان الغربي، المسيحي او العلماني، ينبغي ان يتغير. جميعنا مطالبون ببذل جهد كبير لتغيير صورة الآخر في هذا الطرف او ذاك والا فان صدام الحضارات سوف يستمر الي الأبد.

للرد علي جريمة دريسدين والموت الفاجع لمروة الشربيني ينبغي ان نكثر من المؤتمرات والندوات التي تجمع بين الاوروبيين من جهة، والعرب والمسلمين من جهة اخري.

وذلك علي غرار المؤتمر الذي نظمه "مجلس الجالية المغربية بالخارج" والذي حضرته مؤخرا في الدار البيضاء وتحدثت عنه هنا في مقالة سابقة.

فهذه هي الطريقة الوحيدة لتحييد المتطرفين من كلتا الجهتين ولمنع صدام الحضارات بيننا وبينهم. فكنت تجد علي نفس المنصة باحثا هولنديا او فرنسيا او المانيا او اسبانيا او ايطاليا او هولنديا الي جانب الباحث المغربي او العربي او المسلم. وكان عدد الباحثات الجميلات اللامعات لايقل أهمية عن عدد الباحثين لحسن الحظ والا لكنا متنا من الملل والتثاؤب والضجر.

علي هامش هذا المؤتمر قال لي أحد الاخوة المغاربة المسؤولين عن "مركز ابن رشد" في روما ما معناه: ان الاخوان المسلمين المصريين وسواهم يحاولون السيطرة علي الجالية المغربية التي يبلغ تعدادها الستمائة الف شخص في ايطاليا وحدها!

وقد فوجئت بهذا الرقم وسعدت. ولكن مركز ابن رشد يتصدي لهم بامكانياته المتواضعة من اجل تقديم صورة اخري اكثر اشراقا عن الاسلام وتراثه العظيم. ينبغي ان نعلم بهذا الصدد انه لا مستقبل لنا في الغرب اذا ما انتصر أتباع التيار الاصولي المتزمت والمتحجر.

هؤلاء سيكونون عالة علي جالياتنا وسوف يشوهون سمعتها ويعرقلون نهضتها وانطلاقتها واحتلالها للمكانة الكبري التي تستحقها في كل انحاء اوروبا. وحدهم أحفاد الفارابي وابن سينا وابن رشد والبيروني والتوحيدي والمعري وطه حسين ونجيب محفوظ وسواهم من العباقرة الأفذاذ يمكنهم ان يواجهوا تحديات المرحلة الحالية ويفتحوا أمامنا آفاق المستقبل.

وحدهم يستطيعون ان يجروا حوارا عميقا مثمرا مع مجتمعات حضارية مستنيرة كالمجتمعات الاوروبية.




#هاشم_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمين المتطرّف والأقلّيات
- هنري غوهييه مؤرخاً للفلسفة أو الفلسفة بين العلم والدين
- في ظلال هولدرلين، في ظلال الشعر...
- غادة السمان عاشقة في حضن الغياب.. إلى غائبة والشمس مكسوفة..
- الأقلّيات والمواطنة في العالم العربيّ (11)
- الأقلّيات والمواطنة في العالم العربيّ (7)
- لوتريامون.. الحداثة الشعرية والعطش الهائل للتدمير
- عذاب بودلير
- تورغنييف: ثالث عمالقة الأدب الروسي
- فولتير .. زعيم الأنوار الأوروبية
- هل يفكر العرب يا ترى؟
- محاكم التفتيش العربية
- الأصولية الظلامية والمعركة التي لا بد منها
- جمال البنا.. يبن الإصلاح الديني والتنوير
- 11سبتمبر: الدروس والعبر
- باحث فرنسي لأميركا: حذار من إذلال العرب أكثر مما ينبغي
- المثقفون الفرنسيون والأزمة العراقية .. المغامرة الأميركية ال ...
- كيف انحرفت الحداثة عن مسارها الحقيقي وتحولت إلى عكسها؟
- كتاب يتحدث بصوتين.. من مانهاتن إلى بغداد أركون في كتابه الجد ...
- مسيرة التنوير الفرنسي من تورغو إلى فولتير


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هاشم صالح - الإسلام في مرآة الغرب