أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هاشم صالح - المثقفون الفرنسيون والأزمة العراقية .. المغامرة الأميركية الكبرى وانعكاساتها















المزيد.....

المثقفون الفرنسيون والأزمة العراقية .. المغامرة الأميركية الكبرى وانعكاساتها


هاشم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 412 - 2003 / 3 / 1 - 15:36
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    






ينقسم المثقفون الفرنسيون الى عدة 
اتجاهات في ما يخص المشكلة العراقية، مثلهم في 
ذلك مثل كل مثقفي العالم. بالطبع يصعب ان 
تجد مثقفا واحدا يدافع عن صدام حسين 
ونظامه، ولكن الكثيرين يهاجمون بوش وصقور 
واشنطن الذين يرغبون في الهيمنة على 
العالم. والكثيرون يتمنون لو ان الأزمة تنفرج 
بدون حرب، كأن يرحل صدام مثلا الى بلد آخر 
ويجنّب شعبه ضربة كبرى ليس بحاجة اليها. 
او كأن تتراجع اميركا عن استخدام اسلوب 
البطش وتقبل بالحل السلمي الذي تقترحه 
فرنسا والمانيا وروسيا.
ويرى بيير هاسنر، وهو مدير بحوث سابق في 
مركز الدراسات والبحوث الدولية، ان 
الملف الاميركي قوي على الرغم من كل 
الانتقادات التي تتعرض لها واشنطن حاليا. فخطر 
الارهاب واضح، وخطر استخدام أسلحة الدمار 
الشامل وارد ايضا، هذا بالاضافة الى 
الطابع الطغياني لنظام صدام في الداخل، 
والطابع المغامر ان لم نقل المتهور له في 
الخارج.
ولكن الملف الاميركي يعاني، بحسب رأي 
هاسنر، من نقيصة او ثغرة كبيرة هي: سكوت 
الادارة عن شارون وعدم تحسّسها للتراجيديا 
الكبرى التي تحصل في فلسطين حاليا. ولولا 
ذلك لكان موقف اميركا أقوى بكثير مما هو 
عليه الآن، ولما كان الرأي العام العربي 
او الاسلامي مجيَّشا ضدها الى مثل هذا 
الحد.
يضاف الى ذلك الطابع الغامض لاستراتيجية 
اميركا في ما يخص مرحلة ما بعد صدام. ويرى 
بعضهم بهذا الصدد ان مرحلة ما بعد الحرب 
سوف تكون أصعب من مرحلة الحرب ذاتها. 
فأميركا لا توضح لنا ما ستفعله بالضبط. هل 
ستقوم باحتلال عسكري طويل الأمد للعراق؟ أم 
هل ستواصل عملياتها الحربية ضد دول 
«محور الشر الأخرى»؟ أم هل ستقوم بقلب بعض 
الانظمة العربية الحالية من اجل تحبيذ 
الديمقراطية وايجاد أنظمة بديلة تقبل بوجود 
اسرائيل وشرعيتها في المنطقة؟ ما الذي 
تريده اميركا بالضبط؟ وهل حقا تستطيع ان 
تنفذ كل ما تريده؟ فليس مؤكدا انها ستربح 
الحرب خلال بضعة ايام كما يتوهم صقور 
البنتاغون. وليس مؤكدا انها ستستطيع اقناع 
القيادات الثقافية والسياسية العربية 
بمشروعية وجود الدولة الاسرائيلية ذات الوجه 
الشاروني القبيح، بل المؤكد هو العكس 
تماما. وحتى لو كانت اميركا قوة عظمى من كل 
النواحي فهناك حدود لامكانياتها.. فهي لا 
تستطيع ان تغتصب الضمائر والعقول!
واما جان بيير شفنمان المعروف بعدائه 
للسياسة الاميركية ولمنطق الحرب فيقول ما 
معناه: ان الدرس الكبير الذي خلّفه لنا 
جاك بيرك هو ان عملية التنمية لا تنفصل عن 
ضرورة احترام خصوصية الشعوب العربية ـ 
الاسلامية وأصالتها، فهذه الشعوب لها 
كرامة، ولا ينبغي ان نهينها اكثر مما ينبغي.
ولكن شفنمان يعتقد أن الحرب حاصلة لا 
محالة. وبالتالي فالسؤال المطروح هو التالي: 
كيف يمكن ان نخفّف من آثارها السلبية بعد 
ان تحصل؟ كيف يمكن ان نصل ما انقطع من 
علاقات بين الغرب والعالم العربي؟ وكيف 
يمكن ان نزيل ركام الحقد والكره الذي سينتج 
عن هذه الحرب المدمرة بالضرورة؟ عن طريق 
إقامة دولة فلسطينية الى جانب الدولة 
الاسرائىلية، ولكن دولة فلسطينية قابلة 
للحياة، لا دويلة. هذا ما يقوله شفنمان مضيفا 
أن الحرب قد تتمخض عن عالم جديد، اكثر 
انسانية واكثر عدالة اذا ما أراد الغرب ذلك. 
فالولايات المتحدة تريد تعديل موازين 
القوى في الشرق الاوسط كله بواسطة هذه 
الحرب. ولكن اذا ما غيرتها فقط لمصلحة 
اسرائيل واحتقرت مشاعر العرب في ما يخص هذه 
القضية المقدسة بالنسبة لوعيهم الجماعي 
فانها سوف تفشل حتما حتى ولو نجحت مؤقتا.
ولكن ليس الشرق الاوسط هو وحده الذي 
سيتغير بعد هذه الحرب وانما ايضا العلاقات 
الدولية بأسرها، وبخاصة العلاقة بين 
اميركا واوروبا. وبالتالي فرهان ما سيحصل في 
الاسابيع القادمة ضخم فعلا ولا يمكن ان 
يتجاهله أحد.
في رأي شفنمان ان اوروبا مدعوة لانقاذ 
اميركا من ذاتها، من غرورها، من دوخة القوة 
والعظمة والجبروت. ينبغي ان تنقذها من 
تطرف صقور واشنطن وان تعيدها الى تاريخها 
الذهبي، حيث كانت أمة مثالية تعمل من أجل 
الحرية والديمقراطية. وكان ذلك في عهد 
الآباء المؤسسين الكبار، في عهد جورج 
واشنطن، وابراهيم لنكولن.. واذا ما اتفقت 
اوروبا واميركا على مشروع مشترك من أجل تقدم 
البشرية فانهما تستطيعان ان تفعلا 
المعجزات. فأوروبا في رأي الوزير الفرنسي 
السابق، هي مهد القيم الحضارية التي ترسخت على 
مدار القرون. ويذكر في طليعتها قيم: 
المساواة، والعلمنة، والتسامح الديني. وهي 
القيم الوحيدة القادرة، في رأيه، على 
تحقيق السلام والوئام في منطقة الشرق الاوسط، 
وبالتالي في العالم ككل.
ولكن الشيء الذي ينساه شفنمان هو ان هذه 
القيم لا تُصدَّر تصديرا كالسلع المادية 
او الاستهلاكية، وانما يلزمها وقت طويل 
لكي تترسخ في مجتمع ما. واكبر دليل على 
ذلك تجربة اوروبا ذاتها. يضاف الى ذلك انه 
لا يمكن ان تنجح او تنتشر في منطقة الشرق 
الاوسط قبل حلّ القضية الفلسطينية. فالشعب 
الفلسطيني يستصرخ شعوب الارض كلها، 
وبخاصة شعوب الغرب، مطالبا بالعدالة 
والحرية، ونهاية الاحتلال والاستيطان. ولا من 
سميع او مجيب حتى الآن.
وينبغي ان يعلم مثقفو الغرب وقادته 
السياسيون ان الاصولية المتطرفة لن تتراجع في 
المنطقة قبل حل قضية فلسطين. وحتى لو 
كانت الضربة الاميركية المقبلة قوية جدا، 
وحتى لو زلزلت المنطقة من أساسها وغيّرت كل 
معادلاتها ومعطياتها، فانها لن تستطيع 
ان تُنسي الناس قضية فلسطين. فبعد انتهاء 
الحرب سوف تعود قضية فلسطين الى الساحة 
لكي تطرح نفسها على الجميع من جديد. 
وبالتالي فإن اميركا واهمة اذ تعتقد بإمكانية 
ضرب عصفورين بحجر واحد: القضاء على بن 
لادن والاصولية وصدام، وترك شارون يسرح 
ويمرح في فلسطين! هنا، في هذه النقطة بالذات، 
يكمن مقتل الاستراتيجية الاميركية 
الكبرى. والا فإن لهذه الاستراتيجية بعض 
الوجاهة وبعض المبررات التي لا يستهان بها. 
وحركة التاريخ تمشي في اتجاهها بدون أدنى 
شك.
بقيت نقطة اخيرة لا بد من طرحها. 
المثقفون الغربيون دائما يعيبون علينا اننا لا 
نفعل شيئا يذكر لمحاربة الاصولية والتعصب 
الديني وتهيئة المناخ العام لانتصار 
القيم الديمقراطية الحديثة في مجتمعاتنا. 
ثم ينتقدون جمودنا الفكري وعدم وجود الروح 
النقدية عندنا. ويركز المثقفون 
الاميركان والاوروبيون على مسألة التعليم الديني 
وانه يخرّج المتطرفين بشكل طبيعي وشبه 
اجباري. ويطالبون بتعديله، او تجديده، او 
تغييره.
انهم يحشروننا في الزاوية في ما يخص هذه 
النقطة، بقدر ما نحشرهم في الزاوية في ما 
يخص قضية فلسطين ونكبتها. ولا يمكننا ان 
نتجاهل انتقاداتهم الا اذا أردنا ان 
نكابر او نعاند.. فالواقع اننا نعاني من أزمة 
رهيبة في ما يخص هذه المسألة: مسألة تجديد 
الفكر الديني او تجديد فهمنا للدين 
وعلاقته بالمجتمع، والسياسة، وحرية الوعي 
والضمير، او عدم حريته... الخ. هذه قضايا ما 
عاد بإمكاننا ان نتجاهلها بعد الآن. ومن 
المؤكد انها سوف تشغلنا طيلة العقود 
المقبلة من السنين. فبناء على حلها سوف تحسم 
قضية الحرية، والديمقراطية، ومسألة 
المواطنية، والمشروعية السياسية، وتوحيد 
الشعب داخل المجتمع الواحد على أسس جديدة 
تتجاوز الانقسامات الطائفية والمذهبية. 
يضاف الى ذلك ان اندماجنا في الحداثة 
الكونية والمجتمع الدولي مشروط بحلّ مسألة 
الاصولية. هذا الشيء اصبح واضحا الآن بعد كل 
ما حصل.
ولكن السؤال الذي نريد ان نطرحه على 
المثقفين الغربيين سواء أكانوا اوروبيين او 
اميركان هو التالي: كم من الوقت لزمكم حتى 
استطعتم حلّ مشكلة الاصولية المسيحية 
والتعصب الديني او الانغلاق الفكري في 
بلدانكم؟ هذه مسألة مفصلية او هيكلية ضخمة 
لا تُحَلّ بين عشية وضحاها. ويخيَّل اليّ 
احيانا ان مطلبكم تعجيزي اذ لا تأخذون 
بعين الاعتبار مسألة الزمن. فنحن بحاجة، 
ايها السادة، الى بعض الوقت لكي نستطيع ان 
نحلّ هذه المشكلة العويصة التي استغرق 
حلّها عندكم مائتي سنة! نحن لا نطالب بمائتي 
سنة بالطبع، فهذا جنون! ولكن يحق لنا ان 
نطالب بعشرين او ثلاثين سنة على الأقل.. 
وإذن: فعلى مهلكم، خذونا بعفوكم قليلا..!



#هاشم_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف انحرفت الحداثة عن مسارها الحقيقي وتحولت إلى عكسها؟
- كتاب يتحدث بصوتين.. من مانهاتن إلى بغداد أركون في كتابه الجد ...
- مسيرة التنوير الفرنسي من تورغو إلى فولتير
- الفقر أم المشاكل كلها
- قراءات في التنوير الألماني.. لماذا تقدمت أوروبا وتأخر غيرها؟
- سبينوزا.. فضيحة عصره
- هيغل والتنوير
- نحن والغرب.. قصة صراع تاريخي طويل
- كيفية التوفيق بين الفلسفة والإيمان
- هيجل في آخر سيرة ذاتية له
- بين العبقرية والجنون
- الأصولية وصراع الحضارات.. لا حضارة لنا الآن حتى نصارع حضارة ...
- ليسنغ والتنوير
- الأصولية الظلامية والمعركة التي لا بد منها..


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هاشم صالح - المثقفون الفرنسيون والأزمة العراقية .. المغامرة الأميركية الكبرى وانعكاساتها