أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الدفاعي - صهيل البطل المستبد!!! (2)















المزيد.....


صهيل البطل المستبد!!! (2)


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



"مابال الزمان يظن علينا برجال
ينبهون الناس , ويرفعون الالتباس ,
ويفكرون بحزم ,ويعملون بعزم
ولاينفكون حتى ينالوا مايقصدون)..عبد الرحمن الكواكبي
د.عزيز الدفاعي
[email protected]
ان هذا الاشكال في فهم ظهور وسطوة القائد القومي ناجم عن ضعف دور المثقف العربي عموما والعراقي بوجه الخصوص, في ظل مرحلة القمع الوحشي, عن استخدام الادوات العلمية في تفسير وتوضيح الظروف الخاصة التي ينبثق من خلالها القادة والشخصيات التي تلبي الحاجة للمتغيرات التأريخية في مرحلة التصادم والاستجابة لحالة لدى الجماهير بالتعلق بالبطل او القائد المستبد وترديد البعض لمقولة جمال الدين الافغاني في القرن التاسع عشر من ان من يحكم الشرق لابد ان يكون مستبدا عادلا! .
والسؤال هنا هل كان صدام حسين مجرد مغامر سياسي نزق قفز في وهلة من الزمن في ليلة عاصفة على ظهر سفينة السلطة دون معرفة هوية ربانها ليندمج مع طاقمها في لعبة الصراع السياسي والتصفيات والاغتيالات في العراق المحكوم بعوامل الاضطراب والعامل الخارجي الحاسم؟.
ام انه كان مشروعا لزعيم قومي سقط ضحية لعبة الشد والجذب وتداعيات الصراع الدولي والاقليمي في مرحلة الحرب الباردة لتصعد به فورة النفط والتحالفات الى اعلى القمة قبل سقوطه المدوي عام 2003 حيث يرى هيكل ان كل من افغانستان والعراق هما اخر القلاع المتبقية من فترة الحرب الباردة ؟.
وهل يمكن اعتباره قائدا او بطلا قوميا وفق معايير الصراع وبناء الدولة العراقية الحديثة واشكالات المشروع القومي التحرري المعبر عنه دائما بالصراع العربي الاسرائيلي الذي كان وحتى سنوات خلت العنصر الحاسم لموقف الجماهير بسبب ابعاده السياسية والدينية والقومية وحضوره المستمر في الوعي الجمعي ؟
وهنا سنجد انفسنا في مواجهة مع نوع من التسويق الكاريكاتوري المبتذل عن دور هذا المغامر الذي يدعون انه امتلك الوعي الفطري السياسي السابق للمعرفة العقائدية منذ سن السادسة عشر حين ارتكب اول جريمة قتل لارضاء خاله في مجتمع شبه بدوي يمارس العديد من سكانه العناية باسطبلات تربية خيول السباق, وفر هاربا الى العاصمة حاملا في داخله عقد العصاب والرهاب النفسي والتناقض المرعب الذي يحمله المهمشون والمحبطون في مواجهة ترف المدينة ليدخل في صدام مع الذات – السلطة التي تتجسد في عقله الباطن عن زوج الام السادي... والجوع والحرمان والخشية من العقاب الجسدي والانسحاق... والخوف من العتمة والاحساس بان احدا ما يتربص به في زقاق مظلم ليجهز عليه برصاصة تخترق عاموده الفقري ليسقط مضرجا بالدم بعد ان كان زوج الام ابراهيم الحسن ينهال عليه بالسوط وهو ممدد بالوحل والخيبة والاحساس بالدونية, والتي قفزت دفعة واحدة الى ذاكرته عندما حاول اغتيال الزعيم وعندما تعرض هو للاغتيال في الدجيل والتي احيت في وجدانه كل رواسب الخوف والشك والريبة والرغبة بالانتقام .
ربما يكون صدام حسين قد عاش لحظة الموت الاف المرات قبل ان يتدلى من على حبل المشنقة.
حين نقرأ سيرة صدام حسين المولع بشخصية (العراب) لماريو بوزو التي جسدها مارلون براندو ونرجسية الملابس والتماثيل والاهازيج بتزامن مع وقائع السياسة العراقية منذ عام 1961 وحتى سقوطه الفعلي ونهايته السياسية بعد حرب الخليج الثانية لا في ساحة الفردوس.... سنكتشف بالملموس كل تلك الخرافة السائدة عن البطل القومي والفارس الشجاع الذي عبر الحدود العراقية السورية بعد اختياره في مشروع العنف السياسي ضد الجمهورية الاولى, والهروب من السجن في بغداد وتسلق سلم السلطة على رقاب رفاقه المذبوحين بوحشية عام 1979 والاجهاز على ضحاياه بيده وتقطيع اوصالهم ورميهم للكلاب الجائعة....و مايظهر لنا ان سيرة البطل لم تكن غائبة ولو للحظة عن الدوائر الامريكية والبريطانية والسوفيتية .
لنتوقف قليلا لفهم دور البطل القومي ....ان اوغست كونت مؤسس علم الاجتماع الحديث يرى ان حركة المجتمع تخضع لقوانين فيزيائية لاتتغير رافضا قدرة الانسان على تغيير النظم الاجتماعية مثلما كان يرى فلاسفة عصر التنوير.
ويشاركه هذا الراي ايبان كريب وماكس فيبر والاول هو الذي ميز بين البنية الاجتماعية والفعل الانساني مستنتجا ان النظرية التي تفسر الاولى لاتستطيع ان تفسر الثانية . وعلى عكس ماذهب اليه تايلور من ان تاريخ اوربا كتبه ثلاثة ابطال :هم نابليون وبسمارك ولينين ....وضع هيغل رؤيا جديدة تؤكد ان البطل لايستطيع القفز فوق التأريخ اذا لم تكن الظروف مهيئة لظهوره في الفترات الانتقالية من التأريخ .
وحاول المفكر الايراني الراحل علي شريعتي تلمس قواسم مغايرة في تفسير دور الفرد وفق الرؤيا الاسلامية مشيرا الى انه منذ ديمقراطية اثينا وحتى اليوم كان للعامل الانساني الدور الحاسم رافضا نظريات الارستقراطيين كما يرى افلاطون, ولا العظماء والقادة كما يقول كارليل وامرسون, ولا اصحاب الدم الطاهر ولا المثقفون او رجال الدين او النخبة كما يقول نيتشه وهؤلاء جميعا امنوا بالبطل واعتقدوا ان الانسان العادي والمجتمعات تبحث عن السوبر مان لانقاذها والارتقاء بها .
ان مايفصل ابن خلدون الذي توفي عام 1406 م والفيلسوف جيا ميباتيستا فيكو 1744 م اكثر من ثلاث مائة عام الا انهما فسرا التاريخ وفق رؤيا مشتركة واحدة ففي كتاب (العلم الجديد) لفيكو ومقدمة ابن خلدون اتفاق على ان الحقائق التأريخية يجب ان تحدد الاحداث في اطار اجوائها بعيدا عن المبالغة والانحياز وان تركز على الفعل الانساني .
ان هيغل ونيتشه وكروس وفرويد وجيمس جويس وبيكت وكثيرون غيرهم مدينين لهذين العالمين في رؤيتهما الصائبة بان البشر هم الذين يصنعون تأريخهم وهو تأريخ يمكن فهمه حسب قوانين العصر السائدة للتطور والادراك . والنقطة الجوهرية لكلا العالمين ان عالم الانسان ليس مثل عالم الطبيعة او عالم الغيب بل هو عالم التأريخ العلماني الذي يمكن فهمه عقليا كنتيجة لتحولات وحالات الاستقرار والثورات المحكومة بقوانين واعمال وتصرفات البشر . اما الفهم التأريخي فهو ادراك ماالذي تستطيع الافعال ان تصنعه وما الذي لاتسطيع ان تصنعه .
لم تكن مصادفة ان يكون اول دور لمشروع البطل القومي على المسرح السياسي العراقي مرتبطا باحباطات التجربة الوحدوية بين مصر وسوريا عام 1962 وعدم استيعاب النخب السياسية والقوى الاجتماعية لاسباب فشلها لابل انها اصرت على طرحها بصيغة مكررة الى درجة التأمر مع العسكرتارية القومية في العراق لتحقيقها من خلال الانقلاب على شرعية الجمهورية الاولى والذي تسبب في مذابح بشعة وكان للمخابرات البريطانية والامريكية وعبد الناصر دور واضح فيه .
واذا ماصدقنا ماذكره مايليز كوبلاند في كتابه (لعبة الامم) – الذي وصفه هيكل بالافاق- حيث يروي وقائع تعامل البطل القومي عبد الناصر مع الامريكيين للاطاحة بالملك فاروق, فان المشروع القومي العربي بما رافقه من قمع وسحق للقوى السياسية الاخرى والغاء دور المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني ورفع الشعار السياسي المعروف (كل شي من اجل المعركة) على انقاض سلطة توليتارية متوجسة بعد هزيمة 5 حزيران يونيه 1967 والتي كشفت حقيقة هذا المشروع القومي في المواجهة الخارجية مع المتحدي والمحفز وهو تل ابيب ....مما يعيد في ذاكرتنا نبؤة المفكر الايطالي انطونيو غرامشي في كتابه ( الامير الجديد ) الذي يعيد قراءة (الامير) لنيكولا ماكيا فلي في حديثه عن :- التشاؤم للذكاء والتفاؤل للارادة مؤكدا انها ليست مجرد وصايا للامراء والملوك كتبت قبل قرون خلت..
فهل كان صدام حسين يمتلك رؤيا قومية استراتيجية واضحة على صعيد العراق ودوره المحوري في العالم العربي عندما حارب الجمهورية الاسلامية في ايران بالوكالة عن الغرب والتي تصدعت في تداعياتها جبهة المواجهة العربية وسهل اجتياح لبنان وغزوها لاحقا وتعاونه مع ميليشيات الكتائب المارونية التي ارتكبت المجازر ضد القوى القومية والفلسطينية في لبنان وتامر ضد دمشق بلا هواده ؟
في التأريخ يظهر لنا ذلك الترابط بين الفكر التحرري والفكر القومي في اوربا فعندما وقعت الثورة الفرنسية ,التي صاغ مبادئها حاكم سجن الباستيل برناردي لاوني وصانع المجوهرات جون هومبورد ,اصر المؤتمر الوطني على جعل اللغة الفرنسية لغة قومية وحيدة لفرنسا .
ومافعله بسمارك (1815 -1871 )في المانيا , ومازيني غاريبالدي في ايطاليا( 1861) وحركة الميجي في اليابان (1868-1912 ) اظهر قدرت العامل القومي على تحقيق المشروع الوطني التحرري وبناء الدولة البرجوازية الموحدة . لكن هذا الايغال في تكريس الرؤيا القومية استجابة لحاجات النظام الراسمالي قاد الى ظهور الفاشية والنازية والحركات العنصرية كوسيلة وليس هدفا بحد ذاته . وهي استلهام لافكار كبلنك وروس وتشمبرلن التي جسدها رئيس الوزراء البريطاني دزرائلي (1874-1880 ) في تصوراته عن قيادة الشعوب من قبل مااسماه (بالامم الطليعية) والتي انتقل صداها من الامبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس الى ايطاليا واليابان وروسيا القيصرية والمانيا وفقا لما كتبه هنريخ كلاس عن التميز العرقي وشجع دستويفسكي عام 1877 على الادعاء بان الروس هم اطهر الاعراق السلافية وهي افكار تأثر بها القوميون العرب واستنسخوها .
كانت البشرية بحاجة الى حربين عالميتين واكثر من ستين مليون من القتلى ودمار شامل لتدرك خطأ هذا النهج لكن الاشكال نجم عن الخلط من تعميم هذا الاستنتاج على المستعمرات السابقة في العالم الثالث التي شكلت الحركة القومية الاطار الواضح والاهم في نظالها من اجل الاستقلال والسير على الطريق الوطني الديمقراطي ليواجه البعض منها اشكالية الاقليات القومية ومنها العراق .
ان النظم الدكتاتورية ليست وليدة فقط للنظام القومي فالاستبداد الذي تصدى اليه عبد الرحمن الكواكبي (1854 -1902) في كتابيه (ام القرى ) و (طبائع الاستبداد ) يظهر لنا ان الاستبداد لايحمل صفة واحدة وهو كما يقول عباس محمود العقاد موجود في الظواهر الاجتماعية والدينية والثقافية التي تصاحب الاستبداد . اي ان علينا ان نميز بين الاستبداد الاقطاعي والبونابرتي والبسماركي والاستبداد البابوي واستبداد النظم الشيوعية ايضا .
عندما تقدم النازيون ليلا نحو مقر ستالين كان الزعيم الشيوعي يكتب رسائله على ضوء انفجارات قنابلهم التي دكت ستالينغراد المحاصرة وفي احداها قال ( ان الامة التي بناها لينين بدات تنهار ).!
لكن الشعوب السوفيتية حاربت من اجل قوميتها وسيادتها وهزمت النازية رغم ان الزعيم الشيوعي اعدم خلال محاكمه المشهورة بين عامي( 1937-1938) اكثر من 26700 من قيادات الحزب الشيوعي . وعندما وقعت الحرب العالمية الثانية كانت القيادة الشيوعية التأريخية المؤلفة من خمسة اعضاء قد صفيت تماما واخرهم تروتسكي الذي اغتاله عملاء ستالين في المكسيك . ومن المفارقة ان تكون هذه الشخصية من اكثر المقربين لضمير القائد القومي في العراق !
في بلاد الرافدين كان القائد القومي الذي سوقه الاعلام العربي وفورة اسعار النفط نموذجا للاستبداد الشرس الحريص على الاستمرار في غرس انيابه في السلطة اكثر من سعيه لتحقيق مشروع الوحدة العربية رغم بعض المواقف الاستعراضية والتصريحات المتناقضة مع مصلحة المشروع القومي ذاته . فحين عارض صدام حسين رحلة السادات لتل ابيب عام 1977 لتحقيق السلام فتح الزعيم العراقي الباب امام اكثر من 4 ملايين مصري في العراق كان اغلبهم في حقيقة الامر من جنود الجيش المصري الذي حارب اسرائيل عام 1973 . وحين احس بميل عدد من القيادات الحقيقية للبعث في العراق لترأس حافظ اسد لمشروع الدولة القومية انقض عليهم بوحشية فائقة .
ان البطل القومي وحسب (اسوار الطين) لحسن العلوي يحقق الكثير من اهدافه القومية بطريقة تعكس الثقافة السياسية السائدة في العراق منذ القرن التاسع عشر والتي انضجت افكار الضم والبسماركية التي روج لها الحصري والهاشمي .
فهو حين فكر باستعادة الكويت – دون ان نتبنى هذه الخطوة -حققها بطريقة الغزو المباشر والاحتلال السافر متفاخرا في اعترافته التي نشرتها (الشرق الاوسط) مؤخرا انه هو الذي وضع بنفسه الخطة العسكرية لاحتلال المحافظة التاسعة عشر خلال ساعتين ونصف . وكان بامكانه استعادة الكويت, وفقا لما نسب للرئيس التونسي الراحل الحبيب برقيبة, من خلال سياسة الاحتواء المرحلي وربطها بطريقة لافكاك منها عن الوطن الام من خلال التغلغل باسواقها وتركيبتها الاجتماعية والعشائرية والمصاهرة والنشاط الصحفي والثقافي واسواق الاسهم والعقارات الكويتية على غرار مافعله الرئيس حافظ الاسد في لبنان وهو مايعيدنا مجددا لحكاية المستبد الذكي والمستبد الاحمق .
ومنذ عام 1991 وفي كل مرة ينتكس فيها البطل القومي ويهزم عسكريا في مواجهات غير متوازنة لوجستيا على يد حلفائه بالامس في حروب الوكالة يعود بشراسة ليحقق انتصار ساحقا وتاريخيا على شعبه الاعزل المقهور الذي تذوق مرارا كأس الهزيمة على يد البطل القومي واصيب بالصدمة لمراى عشرات الجنود العراقيين في الكويت وهم يركعون مستسلمين مقبلين ايدي قوات المارينز بعد ان تركهم القائد في العراء بلا عتاد او زاد او غطاء جوي او خطوط تموين حين هرب وحرسه الجمهوري لانقاذ عرشه من انتفاضة الشعب الغاضب الرافض لمغامرات القائد الاهوج .
وقد ساهم الاعلام الحكومي وبعض الاقلام العربية في تحويل تلك الهزائم الى انتصارات عبر ذرائعية غطت جثث الاف الجنود القتلى او الذين دفنوا احياء في رمال الصحراء على ايدي الامريكيين باكفان انتزعت من اجساد اهلهم المدنيين العزل والمعارضين السياسيين لاستمرار البطل القومي في حصد الهزائم العسكرية بلا منازع وتحميل شعبه لوزرها والذي لازال يدفع ثمنها حتى هذا اليوم .
لم يمتلك صدام حسين الشجاعة انذاك للتنحي مثلما فعل عبد الناصر بعد حرب يوليه لكنه استجدى في خيمة صفوان من الجنرال شوارتزكوف تأجيل نحره وبصم على اوراق بيضاء ليملئ المنتصر شروطه المهينة والمذلة على المنهزم .!
حين نطالع خطب صدام حسين وسيرته سنكتشف بالملموس ابتعاده وتناقضه حتى مع يوتوبيا شعارات البعث التي مثلت خليطا من رؤى قومية واشتراكية ولبرالية صاغ منطلقاتها النظرية ياسين الحافظ استلهاما لافكار الرواد القوميين من امثال اليازجي والحصري وزكي الارسوزي او في صياغتها التحديثية لوهيب الغانم واكرم الحوراني وميشيل عفلق الذي ارغمه صدام حسين على تغيير دينه مكرها .
ومع التصديق الافتراضي للنظرية القومية فان صدام حسين وطأها تحت حافر حصانه الابيض الذي مر به من تحت سيوف ساحة الاحتفالات غير مبال بالاف القتلى والصرعى . ان تجربة البعث في العراق باستخدام العنف والاغتيالات تعرضت منذ البداية للادانة وتحفظ القيادة القومية في دمشق التي ادانت محاولة تصفية الزعيم قاسم في العراق عندما كان فؤاد الركابي اول وزير ثقافة في الجمهورية الاولى امينا لسر القطر والذي اعتقله صدام عام 1969 وسلط عليه احد المجرمين في السجن حيث قام بطعنه بسكين ومزق احشائه وادعى القاتل من على شاشات التلفزيون ان الركابي حاول اغتصابه !!!!!.
لكن حقيقة الامر ان( السيد النائب) و(السيد الرئيس) و(البطل القومي) لاحقا هو الذي اغتصب تباعا الحزب والسلطة والدولة والقرار الوطني وحتى احلام الشعب التي كان يراقبها بحذر عبر ثمانية اجهزة امنية... وعشرات الالاف من منظمات الحزب السرية ....والاف التماثيل والنصب البرونزية التي لاتنام عيونها وهي ترصد العراقيين حيثما كانوا داخل الوطن وخارجه و تراقب حتى احلامهم.... ولكن هل بقيت لدى الشعب احلام انذاك ؟!!.
ان البعض لازال يدافع عن مشروع البطل القومي الذي دك اسرائيل ب 39 صاروخا, واغدق على شهداء الانتفاضة الفلسطينية بضعة ملايين من اموال النفط بينما كان شعبه محاصرا يبحث في تلال القمامة عن لقمة خبز حيث لقي مليون ونصق عراقي مصرعهم بسبب الجوع والامراض الفتاكة ...
ان القضية لاتتعلق بالمال بقدر رياء القائد السياسي . فهو ادرك حكمة الامبراطور الروماني بان يمتلك سركا ورغيف خبز ليحكم الشعب وقد اضاف لها بحنكته السوط ايضا ...وواصل الجمهور على مدى اعوام طويله التصفيق للمهرج بحماس منقطع النظير رغم انه كان ينتزع من بين احضان الجمهور فلذات الاكباد ويواسي دموع الامهات الثكالى والارامل بالنياشين وحفنة من الدنانير و (سيارات البرازيلي)!
اما الذين كانوا يجاهرون بضرورة نزوله عن المسرح فكان مجبرا على ذويهم دفع ثمن الرصاصات التي تخترق اجسادهم وكانت عملية الاعدام هي المشهد الحي الوحيد امام الجمهور . ومع بقاء السوط بيد المهرج دون رغيف الخبز امست المقاعد خاوية وغادر الجمهور الصالة بعد ان تمزقت الستارة... وسقط الديكور... وتلاشت المساحيق عن وجوه الكومبارس البشعة!! .
بينما صفق البعض من العرب خارج السرك لانهم وجدوا في الحكاية العراقية ظالتهم للانتقام من اعدائهم ونجحوا في اضرام النيران في القاعة بعد شنق المهرج- البطل وتذابح الجمهور الخارجي الى نور الحرية لاول مرة فيما بينهم!!!!
لايمكن لاحد ان ينكر ماتحقق خلال تلك الحقبة من تقدم في البنى التحتية وبناء مؤسسات الدولة وتطور النظام التعليمي والصناعات التحويلية والاستخراجية بفعل تصحيح اسعار النفط عامي 1973 و1979 بفضل جهود الملايين من العراقيين الاكادميين والاداريين الكفؤين والمهندسين والعمال والفلاحين لكن عسكرة الاقتصاد قادت لاحقا الى تدمير ماتحقق على صعيد التنمية المادية والبشرية ايضا ووضعت قيد المديونية والتعويضات وخدمة الدين المجحفة التي كانت صخرة جثمة على صدور الملايين .
وطوال تلك الفترة راهن النظام على البقاء من خلال الاستمرار في اشاعة الازمة والخطر الدائم المحدق بالحزب والثورة وجعل المواطن يحس بالخوف والقلق على قوته بسبب ازمات السلع الاستهلاكية والضرورية التي كانت تختفي من الاسواق ثم تعود اليها ليشعر المواطن بالفرح لتحقيق حلمه البسيط .

وللامانة فان بدايات المشروع التنموي في العراق ظهرت في عهد النظام الملكي وانشاء مجلس الاعمار منتصف الخمسينات وجائت حركت تموز –يونيه 1958 لتقدم على تصفية النظام الاقطاعي وبدا مرحلة تاميم النفط وانشاء البنى التحتية والمصارف والجمعيات والتعاونيات الزراعية والخدمية والاسكانية ومكننت الريف وانشاء المؤسسات التعليمية الحديثة التي خلقت في مجملها صداما مع الفئات الاجتماعية والبرجوازية وبقايا الاقطاع والنظام العشائري التي استعانت بالمشروع القومي والمؤسسة الدينية في حرب رفعت فيها العمائم واللافتات السياسية والفتاوى. وكان للعامل الخارجي دور حاسم في فض ذلك الصراع لصالح ذلك الاصطفاف المناوئ لقوى اليسار وسلطة الكادحين .
ومن المفارقة ان يكون المرحوم عبد الرحمن عارف والجنرال طاهر يحيى المتهمان بالرجعية قد قاما بسلسة خطوات بهدف رفع القيمة الريعية من عائد النفط باستعادة حقل الرميلة من الشركات الاجنبية ورفضا منح تراخيص لشركات امريكية في حقول الكبريت ووقعا اتفاقا نفطيا مع الاتحاد السوفيتي بهدف بدء مرحلة جديدة من عملية التنمية في تلك الاثناء كان الحزب الشيوعي العراقي والبعثيون يتاهبون لاسقاط النظام والعودة للسلطة .


*يتبع الجزء الثالث غدا
بخارست



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صهيل البطل المستبد (3)
- صهيل البطل المستبد!!! (1)
- هل تفاهم المالكي مع بايدن حول مستقبل( جمهورية مهاباد) الثاني ...
- الدبلوماسية العراقية ...اشكالية الهوية وضبابية الاولويات
- كركوك وديعة. ...أم خديعة؟! الجزء الخامس
- كركوك وديعه... ام خديعه؟! الجزء الرابع
- كركوك وديعة....... ام خديعه؟!
- كركوك وديعة.... ام خديعة ؟!
- كركوك وديعة ....ام خديعة؟! الجزء الاول
- اعتذار تيودور جيفكوف ومسدس خضير الخزاعي !
- اغتيال( قمر) شيراز!!!
- المالكي......في مواجهة المالكي !!!
- المشهداني ..امام الامبراطور عاريا !
- هل ستعلو راية العباس(ع)....علماً للعراق؟!
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السابع)
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء السادس)
- العراق في الحقبة الامريكية (الجزء الخامس )
- العراق في الحقبه الامريكيه(الجرء الرابع)
- العراق في الحقبه الامريكية (الجزء الثالث)
- العراق في الحقبة الامريكية(الجزء الثاني)


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الدفاعي - صهيل البطل المستبد!!! (2)