أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - فن الرسالة الفلسفية:















المزيد.....

فن الرسالة الفلسفية:


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 09:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"لا تقل علاقة الرسالة النصية بالقارئ عن علاقتها بالمؤلف. فحيث يتوجه الخطاب المنطوق إلى شخص يحدده الموقف الحواري سلفا...يتجه النص إلى قارئ مجهول وضمنا إلى كل من يعرف كيف يقرأ"
تاريخ الرسالة:
منذ أن وجد الإنسان في العالم ومع الآخر احتاج إلى الرسالة من أجل أن يبلغ عن مبتغاه ومراده ، ولذلك لعبت الرسالة دورا اجتماعيا لا يستهان به في تحقيق المعية الوجودية، فهي أداة الإيصال والإخبار والإعلام والتبليغ ولكنها أيضا تمثل رابطة عضوية وصلة حيوية بين أطراف متباعدة ومواقع متنافرة وذلك لكونها تحقق التواصل وتمنح التبادل والتعاون في المعارف والمعلومات والخبرات وتسهل صيد الفوائد وجني الخيرات.
وقد خضعت الرسالة إلى العديد من التحولات فقد بدأت بالإشارة والحركة الطبيعية إلى الخطاب الشفوي الحي والمباشر وبعد ذلك ارتقت إلى مستوى النص المكتوب وقد تبادل الحكام منذ القدم الهدايا والرسائل من أجل نبذ الحرب وتوطيد مقومات السلم وحسن الجوار واشتهرت الرسائل العاطفية التي يحملها الحمام الزاجل والرسائل السياسية التي يحملها الدبلوماسيون وفي ظل الثورة الرقمية وقع تعويض الرسائل البريدية وما يرافقها من طوابع وهدايا بالرسائل الالتكرونية القصيرة المكتوبة بلغة رقمية والرسائل الصوتية والمصورة عن طريق المحمول وظهرت الدردشات في المنتديات وكان الفايس بوك خير معين على التكلفة الباهضة للمكالمات الهاتفية.
أدوار الرسالة:
كما لعبت الرسالة المكتوبة المتبادلة بين رجال الفكر والعلماء دورا بارزا في تقدم العلوم والفلسفات والفنون وقد تطور في السياق نفسه فن المراسلة وظهر أدب الرسائل ووجدت الرسالة الفلسفية ودون البعض من المفكرين معظم دعاويهم في رسائل وخاصة عند الإغريق والعرب وشملت مواضيع الكون والله والإنسان والسياسة والأخلاق والتاريخ والمجتمع والصداقة والدين واللغة والفقه والبلدان وبرزت مراسلات شعرية هامة أين تبادل الشعراء قصائدهم وعقبوا على بعضهم البعض مدحا وهجاءا وقد تواصل هذا التقليد حتى مع الفلسفة الغربية ونذكر رسائل ديكارت مع الملكة إليزابات والملكة كريستينا ورسائل فولتير الفلسفية ورسالة اسبينوزا في اللاهوتية السياسية وجرت مراسلات واعتمدت الرسالة كقناة للتعريف بالمنتوج الفلسفي وحمايته من الضياع ولتبادل الآراء وطلب النصرة من الحكام وربط جسور المودة والاحترام معهم.
ما نلاحظه هو تراجع دور الرسائل البريدية المكتوبة والاعتماد الكلي على الرسائل الصوتية والمكالمات المباشرة والرسائل الالكترونية والمحادثات والدردشات عن طريق المحمول والأنترنت، وما يمكن التطرق إليه هو ندرة التعامل بالرسائل من طرف المفكرين وتفضيل العزلة والاشتغال ضمن فضاء من الفردانية والبرجعاجية ورفض العمل المشترك وإخضاع الذات إلى المساءلة والنقد والتقييم من طرف الأخر.
مكونات الرسالة:
تطرح الرسالة في علاقة بعملية اتصالية تتكون من خمسة عناصر: باث ومتقبل وقناة وشفرة وفحوى.
علاقة الرسالة بالمؤلف: ينبغي أن يجد صاحب الرسالة الحرية والوقت المناسب والقدرة الإبداعية لكي ينظم رسالته على أحسن وجه وأن ينتقي من أجل ذلك أحسن العبارات وأجود الكلمات حتى يكون مقصده واضحا ومفهوما وتكون صورته مشرقة ومقامه محفوظا عند المتلقي.
علاقة المتلقي بالرسالة: ينبغي أن يجد المرسال إليه الوقت الكافي لقراءة الرسالة وأن يتذوقها من خلال جملة الملكات والأدوات الإدراكية وأن يحسن الظن ويرهف الحس ويكون أفق انتظار الباث ويفهم مقصوده وذلك بامتلاك الثقافة العالية والفطرة السليمة وجودة التمييز.
الرسالة والقناة: ينبغي أن يكون الوسيط محايد وموضوعي وألا يتحيز لا إلى المرسل ولا إلى المرسل إليه وألا يغير أو يحرف مضمون الرسالة بل يحجر عليه الاطلاع على ما فيها صونا للعرض واحتراما للحق الشخصي في سرية المراسلات.
الرسالة والشفرة: كل رسالة ينبغي أن تكون مكتوبة بشكل مشفر وفيها المنطوق به والمسكوت عنه أي المعلن والخفي وينبغي أن يلمح المرسل إلى المرسل إليه ما به يحل شفرة الرسالة حتى يتمكن من الدخول إلى مضمونها وفهم مقصودها.
الرسالة والفحوى: كل رسالة هي غرض ومقصد وطلب ولا توجد رسالة واحدة خالية من هذه الغايات ومكتوبة لذاتها ، فهي إما تعبير عن إعجاب أو طلب لحاجة أو استشارة في أمر أو إعلان عن الشروع في تنفيذ عمل ويستحسن أن يبين المرسل للمرسل إليه فحوى رسالته من الاستهلال وأن يضعه في صلب الموضوع بطريقة ذكية دون أن يجعله يمل أو ينفر.فهل تقدر الرسائل الالكترونية القصيرة والدردشات على تعويض حميمية ورمزية الرسائل المكتوبة والتحيات الشفوية المنقولة؟
بقايا أدوار الرسالة:
هناك عودة إلى فن كتابة الرسائل من أجل غايات تعلمية الآن وذلك بعد تدهور الأوضاع على الصعيد العلمي والثقافي وعزوف الناس عن طلب العلم وجريهم وراء الاستهلاك وانغماسهم في المجتمع الاستعراضي وإقبالهم على إشباع الرغبات وتحقيق المتع الآنية.
الرسالة فن بالمعنى الحقيقي للكلمة وليس مجرد تداعي أفكار أو كتابة لخواطر والتعبير عن مشاعر وأن هذا الفن ينبغي أن يكتب بلغة فلسفي أو تتضمن اللغة التي يكتب بها بعض الأفكار الفلسفية وهذا هو المقصود بالفحوى أو المغزى من الرسالة لاسيما وأن بين الكاتب والقارئ حديث وكلام وود وحب وصداقة وهذا الكلام له شجون ولذلك ينبغي أن تقدر الرسالة على الإفصاح عن هذا الشجون.
كما الفلسفة اليوم لا خيار لها لكي تصون وجودها سوى أن تلوذ بفضاء الرسالة وأن تخرج من قصورها المجردة واستعارتها الميتة و
تغزو قلوب الشباب وتوظف الاستعارات الحية وتتواجد في والفضاءات العمومية وتتحول إلى لغة الحياة اليومية وتلهج بصوت الذين لا صوت لهم وتعبر عن تطلعاتهم في الحلم بعالم أفضل ينمون فيه قدراتهم على الفكر والقول والفعل والحب.
لقد أصاب هيدجر حسب بول ريكور عندما حلل الفهم في "الوجود والزمان" بقوله:" إن ما نفهمه أولا في الخطاب ليس شخصا آخر، بل مشروعا، أي معالم طريقة جديدة للوجود في العالم. وليس الكتابة بتحريرها نفسها، ليس فقط من مؤلفها ومن جمهورها الأصلي، بل من ضيق السياق الحواري ما يكشف صيرورة الخطاب مشروعا في العالم" .
إن المطلب الأكيد الذي ينبغي أن نعمل على تحقيقه هو تحرير الكتابة من مؤلفيها ومن الجمهور المتلهف على استهلاكها لأن رهن الكتاب بالمؤلف والمتلقي والسياق هو سجن لها وتضييق يمنع كل إبداع ويقف أمام كل تجديد وعلى هذا النحو ينبغي أن تحافظ الكتابة على الطابع الملغز والمباغت وأن يتحول الخطاب إلى مشروع واللغة إلى مسكن للوجود والرسالة إلى مقام لتدبير العالم.
إن الرسالة المكتوبة اليوم عادت لتعلب دور الوسيط البيداغوجي الذي يساعد المبتدئين على تقبل التعلم والاستئناس بالمرجعيات الفكرية المعقدة من أجل الدخول إلى أنساقها والإدراك التدريجي لمعانيها، وقد ظهرت بعض الكتابات في شكل رسائل بين المحبين أو بين الأبناء والآباء حتى توظف المرجعية العاطفية والشاعرية الجمالية في تقريب الأفهام من النصوص وتبسيط النظريات وتلخيص الكتب والمؤلفات إلى الناشئين . فمتى نرى عودة حاسمة في حضارة اقرأ لفن الرسالة الفلسفية الذي أتقنه كل من الجاحظ وسبويه والتوحيدي وابن سينا والفارابي والرازي وغيرهم وكان سبب ريادتها وازدهارها؟
المرجع:
بول ريكور، نظرية التأويل، الخطاب وفائض المعنى، ترجمة سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، بيروت – الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2003.
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع العلم مع الجهل
- تساؤلات حول المقهى
- ابن خلدون ليس الشعلة الأخيرة
- في العقل والعقلانية
- عالم الأشياء وعالم الأشخاص
- خطاب أوباما بين جامع الأزهر وجامعة القاهرة، قول موعود وحق مف ...
- وعي الكيلاني بالزمن السوفياتي: نقد ذاتي أم مراجعة إصلاحية؟
- الطاهر الهمامي يتسلق جبل الحياة الشامخ
- سيادة الدول في ظل عالمية المواطنة
- العمل والحرفة والفعل
- معالجة أبو يعرب لخصومة التأسيس في العقلانية النقدية
- تاريخ الله
- الديمقراطية بين العوائق والاستحقاقات
- جورج لابيكا: الفيلسوف الذي بقي مناهضا للامبريالية
- أوراق حول منزلة الفلسفة عند ابن خلدون
- العمل بين مطلب النجاعة ومبدأ العدالة
- في الحقيقة والدين والايمان
- طلوع الفكر من المنجم هو مثل طلوع الفطر من الأرض
- الخطابة الجديدة: الإقناع بدل المغالطة
- كيف يكون المرء حرا؟


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يكشف بفيديو عن CCA.. ماذا نعلم عنها؟
- شاهد كيف أثرت رسوم ترامب الجمركية على أسعار السيارات في أمري ...
- تقارير: ترامب يلجأ لطائرة قطرية فاخرة حتى تكون مقره الجوي ال ...
- واشنطن توافق مبدئيًا على بيع الرياض شحنة أسلحة بقيمة 3.5 ملي ...
- هجرة الأطباء من مصر، مكسب مادي أم هرب من ظروف عمل قاسية؟
- انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في لبنان.. عون ل ...
- صحيفة: كييف قد تعاود العدوان حال عدم اعتراف الغرب بانضمام ال ...
- وكالة: وزير الدفاع الهندي قد لا يشارك باحتفالات عيد النصر في ...
- تصويت في ولاية تكساس لإنشاء مدينة جديدة خطط لها ماسك رغم تحذ ...
- بريطانيا: الشرطة توقف خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين للاشتب ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - فن الرسالة الفلسفية: