|
على هامش قمة الثمانية بين خيام المنكوبين وخيمة العقيد ومدن الصفيح وأحياء الكافيار
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2705 - 2009 / 7 / 12 - 09:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي رافقت قمة الثمانية أو G8 .التي إنعقدت في المدينة المنكوبة لاكويلا الإيطالية ، فإن عدسات التصوير فضحت الجانب المخفي بأن قمة الأثرياء تعاني البطالة . فقد كانت مثل ذاك الثري الذي طلب من الفقير مساعدته حتى لا يصبح مثله . وهذا ما حصل فقد طلب الأغنياء من الفقراء ، الإهتمام بالزراعة لكي لا يجوع الغني ؟ ربما فات على قمة الأثرياء أنهم السبب وراء مشكلة البلدان الفقيرة . سواء بالنهب الجاري مباشرة أو من خلال الوسطاء من الأنظمة العسكرية والقبلية والعائلية الحاكمة بالتعاون مع الشركات الشقيقة العابرة للقارات ولبيوت الصفيح والقش ولعشش المقابر. فما بين خيام المنكوبين ، وخيمة العقيد مسافة قصيرة ، وهي نفس المسافة الفاصلة بين فيلات الاغنياء ومكان إجتماع القمة ، حيث حافلات رياضة الجولف بإنتظارهم لتخفيف عناء مشقة الوصول . بيد أن عدسات المصوريين لم تستطع أن تخفي الهموم الذاتية لكل منهم ، أو تلك النظرات العابرة لمؤخرة إحداهن . السيد برلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي لديه مشكلة خاصة مع زوجته ، والرئيس ساركوزي يود الإنتهاء على عجل للإحتفال بإطلاق إسم كارلا على الطائرة الرئاسية الجديدة . والرئيس الامريكي يستعد لتتويجة ملكاً على أفريقيا بدل ملك الملوك . والرئيس الروسي طال غيابه عن بوتين الذي يسرح ويمرح لوحده . والياباني والصيني الخ بإستثناء العرب ، نحمد الله أن أحداً منهم لايحمل ولم يخلف وراءه هماً ولندع جانباً مشهد الكوميديا السوداء التي ظللت القمة ونناقش بعض النتائج . إقتصادياً وعلى مدار سنوات، وعبر إجتماعات متتالية سواء نادي باريس أو قمة دافوس أو كافة إجتماعات البلدان الصناعية الكبرى شخصت في مجملها ، طبيعة الخلل الحاصل في بنية وهيكلة الإقتصاد العالمي ، الذي أدي الى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة البطالة . بل وتجاوزت الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة كافة التوقعات أكثر من إنفلونزا الخنازير. بل أن الازمة الاقتصادية هي الإنفلونزا الحقيقية التي خلفها النظام الاقتصادي العالمي بعولمته حتى جيوب البلدان الفقيرة ، ودافعي الضرائب في العالم . وطالما أن الازمة الاقتصادية تعود جذورها الى طبيعة هيكل الاقتصاد العالمي ؟، فكيف يمكن معالجة الازمة دون إجراءات حقيقية تساهم بخفض معدلات البطالة ، وتحسين كفاءة الاسواق الوطنية ، وبإعادة النظر في برنامج التجارة الدولية، والرقابة على الانفاق العام ، ومكافحة الفساد السياسي والمالي ؟. عملياًً جرى تشخيص المرض ، لكن دون حلول جدية وإجراءات إقتصادية وسياسية حقيقية تساهم بإعادة التوازن المفقود سواء الاقتصادي أم البيئي . وكل ما جرى نوع من التبرير المؤدلج لإسباب الأزمة الاقتصادية العالمية . والبيان الختامي الذي صدر عن إجتماع الثمانية ، يتضح من خلاله كيف أعفت البلدان الغنية نفسها حول مسؤليتها عن التدهور البيئي وزيادة معدلات الفقر في العالم ، وإنتشار حروب الوكالة الصغيرة نيابة عن الكبار . وتنامى بذلك دور الفاعلين المحليين ( الصومال – دار فور – تشاد – ساحل العاج – الجزائر – افريقيا الوسطى – أوغندا – زائير – نيجيريا ) الخ فيما دفع ملايين من الافارقة ثمن هذه الحروب دماً وتهجيراً وإغتصاباً . ومع إنتهاء أعمال المؤتمر ، جري تحميل ونقل مشكلة الازمة الاقتصادية من كون الأثرياء هم السبب الى كاهل فقراء العالم وتحديدا أفريقيا ؟ حيث طالب الاثرياء أفريقيا الاهتمام بالتنمية الزراعية طبعاً حتى لا يجوع الكبار . هنا تبرز الإشكالية التالية : في ظل غياب الديمقراطية في كافة البلدان الإفريقية بلا إستثناء ، هل هناك قيمة لأية عمليات بناء إقتصادي ؟ وما هي الوسائل والادوات في عالم جرى تجاهل بناءه ، بل ونصبت أنظمة تمارس دور المقاول الوطني لصالح المستثمر الاجنبي ؟ هذا الى جانب ضعف التطور الاجتماعي والوعي السياسي في معظم بلدان القارة . ونتساءل هنا ، هل نيجيريا الدولة البترولية التي حصلت على إستقلالها في العام 1960 هي دولة فقيرة ؟ وهل جنوب أفريقيا التي تحولت من نظام الابرتهايد العنصري الى دولة ديمقراطية دولة فقيرة ؟ ثم الجزائر ومصر وطبعا الجماهيرية الليبية الشعبية الاشتراكية الديمقراطية هل هي دول فقيرة ؟ أم السودان الشقيق الاكبرالذي تعلم مع إخوانه من أين يؤكل الكتف ، ويقتاد الأخرون فضلات أمعاء الفراخ ؟ أم أثيوبيا التي أصبح عدد لاجئيها يساوي إن لم يكن أكثر من عدد قاطنيها هي أيضاً دولة فقيرة ؟ لماذا لم تكن تشتكي الفقر عندما كان يحكمها الامبراطور هيلاسي لاسي ثم أن بعض البلدان الافريقية الأخرى حتى الان لا تدري كيف تدير شئونها الخاصة ؟ وقد يكون مدير إحدى الشركات أكثر دراية من الرئيس ذاته في إدارة شؤون البلاد بسبب خبرته بإدارة شركته ، لأن هذا الرئيس هو سليل قبيلة كذا ؟ ولشديد الأسف أنه في كافة الاجتماعات الدولية التي عقدت حتى الأن لم تجري مناقشة طبيعة الانظمة الافريقية ، ومدى قابليتها للاصلاح ، وتنفيذ برنامج تطوير لآجهزتها الادارية أو لمؤسساتها التعليمية والصحية . وفي ظل غياب الديمقراطية بل وعمق الازمات الاجتماعية سواء القبلية أو الطبقية ، يصبح السؤال ما هو البديل ؟ الاتحاد الافريقي ؟ على أهميته لكنه لم يتجرأ على نقد سياسات هذا الزعيم او ذاك حتى الانقلاب الذي حدث في موريتانيا تدخلت البلدان الاوربية بقوة من أجل إعادة الرئيس المنتخب ، فيما حاول رئيس الاتحاد تسويق الانقلابيين الجدد . ورغم ذلك دعا البعض الى وحدة البلدان الافريقية فهم جميعهم ملوك وآباطرة . بيد أن المشكلة هي في الشعوب المغلوبة على أمرها فهي الفائز دائماً بحصة الأسد من الكلمات والبلدان الغنية بالعقود . بالتأكيد الوضع الانساني في أفريقيا محزن جداً ومقلق ، ويوما بعد آخر تتسع دائرة الجوع والمرض ، وعمليات الإغاثة الانسانية رغم أهميتها بيد أنها ليست كافية ، ولا تشكل حلاً . فإذا كان المجتمع الدولي حريصاً على إنقاذ الملايين في هذه القارة المنكوبة يفترض به المساهمة الجدية بإتخاذ إجراءات تضمن إقامة بنية زراعية مستديمة مع تطوير إجتماعي وديمقراطي لاوضاع هذه القارة . ووقف دعم القوى الديكتاتورية والمليشيات العسكرية وإجراءات تضع حداً للنزاعات والحروب القائمة ومنع نشوء حروب أخرى . ومواجهة الفساد السياسي المستشري من القمة حتى مفاصل ما يسمى بدول وأنظمة . وبدون تخطيط سياسات جدية قائمة على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإحترام حقوق الانسان فإن مصير المبالغ المالية التي رصدت أخيراً ستدفن الى جانب أرصدة سابقة لهذا وذاك في بنوك العالم . وحتى الأن لا توجد دلائل ملموسة حول جدية بلدان الثمانية في دعم إستراتيجيات بديلة لما هو قائم . اي أن الازمة سيجري مداولتها ، وربما إدامتها ، وإدارتها من عام الى آخر الى أن يقضي الجوع والمرض وطول عمر الحكام على آخر أفريقي على قيد الحياة .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا .. والعودة المتدرجةالى مثلث القرار العربي
-
مؤتمرات تشتيت الشتات ومهرجانات لإتحادات جاليات بالجملة
-
هجرة أم فرار غير منظم من الاوطان
-
هل تعيد القاهرة بناء خارطة سياسية فلسطينية جديدة ؟
-
لماذا لا يتمسك المفاوض الفلسطيني بدولة كل الشتات ؟
-
مؤتمر حركة فتح السادس ومهمات التحول من مفهوم الحركة الى حزب
...
-
هل نتنياهو كذاب..أم ..؟
-
النرجسية في العمل السياسي والاصل الاغريقي للمصطلح
-
لماذا تراجع اليسار اليوناني في الانتخابات الاوربية
-
نحو حزب إشتراكي فلسطيني
-
حقيقة ماحصل في أثينا
المزيد.....
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
-
كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
-
مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس
...
-
عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي
...
-
بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة
...
-
ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|