سامح سعيد عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكائنات الحية أكثر تعقيداً فى التركيب من الكائنات غير الحية، وحركتها تسمى بالحركة الحيوية ، والمرتبطة بهذا النمط من الكائنات، والتى تعتمد بدورها على تبادل الفعل الكيميائى بين الجزيئات الكيميائية، الذى يعتمد على تبادل القوى الكهرومغناطيسية ، والذى يربط بين العديد من أنواع الجزيئات العضوية شديدة التنوع فى وظائفها ، شديدة التنوع فى تركيبها ، و تعقد أشكالها ، مكونة كائنات مادية إنتقالية ما بين المادة غير الحية والمادة الحية ، كالفيروئيدات والفيروسات و الأولى عبارة عن ح ن د والثانية عبارة عن ح ن د محاط ب جزيئات البروتين .. والتى تتصف بالكثير من صفات المادة الحية بالاضافة إلى الكثير من صفات المادة غير الحية .. و قد تمكن العلماء من التوصل معمليا إلى تصنيع الخلايا الحية منذ عام 1972 ، فضلاً عن تصنيع كل الجزئيات الكيميائية العضوية ، والتى تكون بترابطها الكائن الحى ، والتى يؤكد العلماء إنها تكونت فى مراحل متعددة ، وفى ظل ظروف معينة ، ومن خلال ارتباطات معقدة ، خلال الملايين من السنين كونت الخلايا الحية نتيجة عمليات التطور من البسيط إلى المعقد ، ومن الأدنى إلى الأرقى .. نتيجة تفاعل هذه المواد و البيئه الخارجية ، وهذا ما سنتناوله فيما بعد .
وقد توصل العلماء لمعرفة تركيب هذه الخلايا ، وكيف أن تفاعل هذه المكونات تشكل كافة العمليات الحيوية فى الجسم الحى من نمو و تكاثر و حركة و احساس، سواء فى الخلية أو الكائن الحى المتعدد الخلايا ، وكيف أن تأدية هذه الوظائف تشكل كافة العمليات الحيوية فى الجسم الحى ، وقد حدثت طفرة علمية هائلة فى القرن العشرين ، بالتوصل لتصنيعها معمليا وصناعيا ، وإستخدامها فى الغذاء والدواء والصناعة والزراعة ، وفى نفس الوقت تم التوصل إلى معرفة تركيب الانواع المختلفة من الخلايا الحية والتوصل لتصنيعها معمليا، وما يتركب من هذه الخلايا من أنسجة مختلفة ، تتناسب مع وظائفها ، وأعضاء الكائنات الحية ، وكيف تؤدى دورها فى العمليات الحيوية ، والتى هى تجسيد الحركه الحيوية أرقى أشكال الحركة والتى تميز الكائن الحى ، الا أن العلماء مازال أمامهم الطريق طويل لمعرفة المزيد من أسرار هذه الحركة المجهولة لدينا حتى الآن .
يرى العلماء أنه فى ظل توافر شروط للتفاعل الكيميائى وهى أنواع مختلفة من الطاقة الكهرومغناطيسية السابق الإشارة إليها، و توافر عناصر ومركبات كيميائية طبيعية، غازية كالأكسجين وثانى أكسيد الكربون والنتروجين والهيدروجين، و عناصر سائلة كالماء المتوافر فى البحار والينابيع ، وعناصر صلبة من مركبات الفوسفور والحديد والكبريت، و توافر عوامل مساعدة على التفاعل الكيميائى من درجات حرارة معينة و نسبة رطوبة مناسبة، نشأت أبسط مركبات الكربون كالميثان من جزيئات كيميائية يشترك فى تكوينها الكربون كعامل مشترك فيها مع الأكسجين والهيدروجين والنتروجين والفوسفور كعناصر رئيسية، فضلا عن عناصر ومركبات بسيطة لعبت أدوارا ثانوية ، أخذت تلتصق مع بعضها البعض، عبر تفاعلات البلمرة السابق الإشارة إليها، وغيرها من التفاعلات الكيميائية السابق الإشارة إليها، لتكون جزيئات أكثر تعقداً ، فى ظل شروط معينة للتفاعل كانت متوافرة على الأرض منذ أكثر من ثلاث بلايين ونصف من السنين، وهذا التعقد هو ما أعطاها صفات نوعية جديدة أكثر تنوعا من الجزيئات الأبسط التى كونتها، ومنها التفاعل مع العناصر والمواد الموجودة فى البيئة المحيطة لبناء جزيئات أخرى مماثلة لها أو مختلفة عنها مثلما سبقت الإشارة إلى ذلك عند تناول الحمض النووى الريبوزى والديبوزى ، مما أكسب هذه الجزيئات قدرات متميزة عن الجزيئات الكيميائية الأخرى، وأخذت تتجمع هذه الجزيئات التى يقودها الحمض النووى الريبوزى المعروف إختصارا بـ ح.ن.ر و هو جزىء الحياة المكون من 10 آلاف ذرة تقريبا ، والذى يملك القدرة على السيطرة على تفاعلات الجزئيات المختلفة ، والتحكم فيها لإعادة نسخ نفسه ، و من مثل هذه التجمعات من الجزيئات العضوية، وعلى رأسها الأحماض النووية المكونة من جزيئات السكر والفوسفات ومركبات النتروجين وغيرها و جزيئات البروتينات المكونة من الأحماض الأمينية المختلفة عبر تفاعلات البلمرة ، وهذة الجزيئات هى أسلاف الخلايا البدائية النوى مثل البكتريا والجراثيم التى تكونت منذ أكثر من ثلاث بلايين سنة، بعد أن احيطت هذه الجزيئات بغلاف عزلها عن البيئة المحيطة، وبعد فترة طويلة أخرى استغرقت ملايين السنين أخذت تتشكل أبسط أشكال الخلايا الحية الكاملة حقيقة النوى كخلايا الأميبا ، والتى تمت بعد أن تجمعت جزيئات الحمض النووى داخل غشاء يعزلها عن الخلية، والذى يقود العمل فيها الحمض النووى الريبوزى والتى اخذت تمتص ما فى الطبيعة من جزئيات كربونية بروتينية ودهنية ونشوية وسكرية، من الفتحات الموجودة بين جزيئات جدار الخلية، وتهدمها لعناصرها الأولى ثم تبنى باستخدام هذه العناصر، جزيئات البروتينات والدهون والسكريات والنشويات، وهى فى كل هذا تمتص أنواع من الطاقة الكهرومغناطيسية، و تولد فى نفس الوقت أنواع من الطاقة الكهرومغناطيسية، فضلا عن إخراج ما لا تحتاجه من نواتج تلك التفاعلات الكيميائية التى تحدث بين مكوناتها، فى صور غازات أو مواد صلبة وسائلة تخرج من الفتحات الموجودة بين جزيئات جدار الخلية، و تنمو نتيجة هذا الامتصاص لما فى الطبيعة من مواد تقوم بواسطتها عمليات الهدم والبناء داخلها ، ثم تنقسم نتيجة النمو الداخلى ، وذلك نتيجة عجز جدار الخلية على الاحاطة بالجسم النامى بسبب صغره، و أما عن نقل الصفات الوراثية فى الخلايا المتطورة، فقد ظل يتم من خلال انقسام نواة الخلية ، مقر حكم الحمض النووي الديبوزى المسئول عن حمل العوامل الوراثية .. و ظل هذا الانقسام الخلوى هو الوسيلة الأساسية للتكاثر ، واعادة إنتاج النوع ، ثم أخذت هذه المواد الحية و بعد فترة طويلة استغرقت ملايين السنين تأخذ شكل خلايا أكثر تطوراً ثم تطورت بدورها تدريجيا ، بحيث تفنى المادة الحية غير القادرة على البقاء ، وأداء وظائفها فى ظل شروط البيئة المتغيرة، وتبقى المادة الحية القادرة على البقاء ، وأداء وظائفها فى ظل تلك الظروف، و التى اكتسبت صفات أخرى نتيجة تعقدها تركيبيا ، وهو ما أهلها للبقاء و التطور بشكل أفضل ، وبعد فترة طويلة استغرقت ملايين السنين تكونت كائنات حية متعددة الخلايا نتيجة ترابط عدد من الخلايا الحية منذ نحو 700 مليون عام، و كان ذلك نتيجة لانقسامها مع استمرارها فى نفس الوقت ملتصقة مع بعضها فى شكل مستعمرات من الخلايا، ثم أخذت هذه الخلايا تتخصص فيما بينها فى نوع من تقسيم العمل فيما بينها، فأصبح لكل منها وظيفة معينة تؤديها لصالحها ولصالح الكائن الحى ككل ، وأخذت بالتالى تتواجد وسائل أخرى نتيجة هذا التخصص للتكاثر والحركة و إمتصاص الطعام والنمو و الاخراج
بالإضافة إلى أن كل خلية حية بمفردها مازالت تمتص وتخرج وتبنى وتهدم وتنمو وتنقسم كما لو كانت كائن حى وحيد الخلية ، فكل ما تصنعه أجهزة الكائن الحى المختلفة ما هو إلا مساعدة كل خلايا الكائن الحى على ممارسة هذه الوظائف بمساعدة أنسجة وأعضاء الأجهزة المختلفة لهذا الكائن من حركية وعصبية وهضمية وتناسلية.
لا شك إن أحدث علوم القرن العشرين المعروف بالسيبرنتيكا ، والذى يربط بين دراسه علم الاتصالات العصبية الحية و علم الاتصالات اللاسلكية ، و دراسة عمليات الاتصال فى كل من الكائنات الحية وغير الحية ، و وسائل التحكم من بعد و من قرب ، و بشكل مباشر وغير مباشر ، فى كل من الحيوان والآلآت .. والاستفادة من قوانين العمليات الحيوية فى الجسم الحى ، وتطبيقها فى الهندسة والتكنولوجيا ،.. فكل ما فى الكائن الحى من عمليات .. تقوم بها أجهزة مادية من صنع الإنسان من إحساس و تفكير و رد فعل ذاتى ، وذاكرة، وتحليل و ربط ، و تحكم واتصال مثال ذلك أجهزة الكومبيوتر ، والبشر الآليين ، و أجهزة التحكم عن بعد و عن قرب ، والاتصالات والتصنت والتصوير .. الخ الخ.
#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟