أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح سعيد عبود - رحلة الكون عبر الزمان(12) الجزئيات ليست أكواما من الطوب، بل هندسة معقدة















المزيد.....

رحلة الكون عبر الزمان(12) الجزئيات ليست أكواما من الطوب، بل هندسة معقدة


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2693 - 2009 / 6 / 30 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تتحدد خواص الجزئيات بعدد ذرات النوع الذى تدخل فى تركيبه فقط .. بل بترتيب الذرات والشكل الذى يربط بينها أيضا .. و ليست الجزئيات أكواما من الطوب، بل هندسة معقدة التركيب حيث لكل طوبة مكانها الخاص، و جيرانها الخاصين بها .. و البناء الذرى الذى يكون الجزىء، يمكن ان يكون على درجة كبيرة أو قليلة من الصلابة .. وفى جميع الحالات، تتذبذب كل ذرة حول وضع إتزانها .. و فى بعض الحالات يمكن أن تدور بعض أقسام الجزىء بالنسبة للأقسام الأخرى ، وبذلك يعطى الجزىء الحر أثناء حركته الحرارية اشكالاً مختلفة و غريبة جداً.
و تعطينا نظرية المدارات الجزيئية فكرة عن توزيع الكثافة الإلكترونية حول النواة، وحول الذرات فى الجزيئات، وهى تفسر بعض خواص الجزيئات مثل صعوبة أو سهولة التحلل أو الذوبان للجزيئات.. الخ، ففى كلا من الجزىء و الذرة، توجد مدارات جزيئية تتحرك فيها الإلكترونات حركة مناسبة مع المجال الناشىء عنها، وعن جميع نوى ذرات الجزىء .. فالإلكترونات فى الجزىء كما فى الذرة تتوزع على مستويات الطاقة المتوافقة معها .. و لكل مستوى مجموعة خاصة من الخواص الكمية من طاقة حركة وطاقة وضع .. الخ، و هى تعكس ما يحمله الإلكترون من خواص فى حالة الطاقة المعينة .
وبما أن مستويات الطاقة فى الجزيئات متعددة المركز، و ذلك لتعدد نوى ذرات الجزىء، بعكس مستويات طاقة الذرة وحيدة المركز، فالجزىء يحتوى على مدارات مشتركة لنواتى ذرتين أو أكثر، وهذه المدارات تتكون من اتحاد مدارات الذرات، أثناء اقترابها من بعضها البعض.
(ز) قوانين للتفاعل الكيميائى
إن ما يحدث خلال التفاعلات الكيميائية من تركيب و تحليل يخضع لضرورات تعبر عنها القوانين التى يكتشفها البشر من خلال ممارستهم العملية، فقانون ثبات الكتلة مثلاً، و الذى ينص على أن الكتلة الكلية للمواد الداخلة فى تفاعل كيميائى تساوى الكتلة الكاملة للمواد الناتجة من هذا التفاعل ، هو أحد القوانين الأساسية فى الكيمياء .. هو تعبير عن ضرورة .. كما إنه حالة من حالات القانون العام السابق شرحه، و هو أن المادة لا تفنى ولا تستحدث و لا تخلق من عدم، حيث يكون حلقة فى سلسلة قوانين الحفظ والبقاء التى سنلقاها عبر تاريخ المادة بأسره .
وإذا كان هذا القانون يتمتع بعمومية، فأننا سنلاحظ أن قانون ثبات التركيب، و الذى ينص على "يتألف أى مركب كيميائى نقى من عناصره، مهما كانت طريقة الحصول عليه، و تكون النسبة بين كتل هذه العناصر ثابتة . وهذا لا يسرى على مجموعة كبيرة من المركبات ذات التركيب المتغير "، وهو بالتالى ليس قانونا عاما، حيث يتميز بخصوصية انطباقه على حالات دون غيرها.
والآن بعد أن عرفنا بعض المعلومات الأساسية حول الذرات والجزيئات، وتطلعنا إلى عدد من القوانين التى تعبر عن العلاقات بين مكوناتهما من جسيمات أوليه و ذرات، و التى تكتسب معناها كقوانين من كونها تعبير عن عملية حتمية ومتواترة الحدوث، أى أنها تحدث كلما توافرت شروط حدوثها، وأنها تحدث بصرف النظر عن مراقبها، نشير إلى قانون لا فوازيه - لابلاس المسمى باسم العالمان اللذان اكتشفاه والذى الذى ينص على "عند تفكك مادة معقدة إلى مواد بسيطة تمتص أو تنتشر كمية من الحرارة تعادل الكمية التى انتشرت أو امتصت عند تشكل المادة المعقدة من مواد بسيطة " و هو قانون يعبر عن ضرورة انتشار أو امتصاص حرارة أثناء التفاعلات الكيمائية، حيث تشكل الحرارة السبب الكامن وراء ترابط الذرات لتكوين الجزيئات، و قد صيغ القانون كتعبير عن ملاحظة محايدة و متواترة و موضوعية، هى تساوى كمية الحرارة المنتشرة أو الممتصة أثناء التفكك مع كمية الحرارة المنتشرة أو الممتصة أثناء التركيب.
أذن فالقانون يعبر عن علاقة جوهرية بين الطاقة و الجسيمات والذرات التى تربط بينها تلك الطاقة، وهذا ما يؤكده قانون هيس الذى ينص على أن كمية الحرارة المنطلقة أثناء أى عملية كيميائية، تبقى دوما واحدة سواء تمت هذه العملية رأسا، أى فى مرحلة واحدة أو على عدة مراحل.
متى يبدأ العلم وتنتهى الخرافة
القانون العلمى بعكس الخرافة ينتج عن طبيعة الأشياء و العمليات الداخلية التى تكونها أى جوهرها ، ولسنا نحن أو غيرنا هو من يضعه كما نضع نحن القوانين التى تحكم علاقتنا الاجتماعية، فالع8لماء يكتشفون القانون فقط ويعبرون عنه بلغتنا التى ربما تكون قاصرة أحيانا عن دقة الوصف، وهذه الصياغة القانونية لما يحكم الطبيعة يتم من خلال ملاحظة الظواهر التى تنتج عن هذه العمليات التى تشكل جوهر الأشياء، والتى من خلالها نتعرف على الأشياء، فالقانون العلمى بالتالى ليس فرضا تعسفيا كافتراض أن مواقع النجوم لها علاقة بحظوظ البشر، فليس القانون أسطورة أو مجرد حكاية من صنع البشر تعكس عواطفهم وخيالاتهم ورغباتهم ومصالحهم وأوهامهم كخرافات قراءة الكف والفنجان.
وإنما ينتج القانون من ملاحظة موضوعية علمية محايدة متواترة معزولة عن كل هذا، فقد لوحظت مرارا بشكل دقيق وتم اكتشافها واختبارها بالممارسة العملية، فنحن فى كل مرة فى المعامل والمصانع نلاحظ العلاقة بين التفاعلات الكيميائية و الطاقة الكهرومغناطيسية، و نؤثر و نفسر بالطاقة الكهرومغناطيسية التفاعلات الكيميائية المختلفة، ولأن العلاقة بين التفاعل الكيميائى و الطاقة الكهرومغناطيسية ليست عبثية، ولا تتعلق برغبة أو وعى ما، فلذلك نستطيع حسابها وفقا للقوانين، وهذا كله بعكس الأساطير والخرافات التى لا يمكن اختبارها بالممارسة العملية، و لا يمكن إخضاعها للاختبار العلمى، ولا تمكنا من التنبؤ بالحوادث فى المستقبل، ويستحيل ملاحظتها بشكل متواتر فى ظل نفس الظروف بالنسبة لكل البشر، كما هى ظواهر الطبيعة.
القانون تعبير عن السببية التى تحكم الكون
القانون ناتج عن علاقة الترابط المتبادلة بين الأشياء والظواهر المختلفة، وعلى رأسها السببية، و التى بدون أخذها فى الاعتبار لما أمكن الحديث عن القوانين. فمجموعة القوانين سالفة الذكر لم يضعها مكتشفوها عبثا، ولم يفرضها أحدهم تعسفا، ولم تخضع لمزاجيتهم، فقانون فعل الكتل يعنى أن سرعة التفاعل تتوقف على تركيز المواد المتفاعلة، فهو قانون يوضح العلاقة المتبادلة بين كتل المواد المتفاعلة أثناء التفاعلات الكيميائية، ونحن نطبق هذا القانون عند الحسابات المختلفة للعمليات الكيميائية ، ومن خلال الممارسة العلمية تسمح لنا هذه الحسابات بتعيين اتجاه السير التلقائى للتفاعلات الكيميائية عند نسبة معينة من تراكيز المواد المتفاعلة .. كما يساعدنا على تحديد الناتج المطلوب لكل تفاعل.
ولو عدنا لإلكترونات الذرة فسنجدها تلتزم بالترتيب حول النواة بنظام معين تعبر عنه أو تفسره قوانين محددة سبق ذكر بعضها، فعدد الإلكترونات فى كل طبقة، يتحدد بحيث تتسع كل طبقة لعدد كامل من موجات دى برويل، التى اكتشفها دى برويل، و هى الموجات المادية الناتجة عن حركة الإلكترونات، و التى تحدد بدورها المسافات بين الإلكترونات و النواة ، حيث يجب أن تساوى الأطوال الموجية الكاملة للإلكترونات، التى يعتمد طولها على ما تحمله من طاقة، كما يتحدد عددها وفقا لمبدأ الاستبعاد ومبدأ اقتصاد الطاقة، فتواجد الإلكترون على مسافات لا تساوى الطول الموجى، يعنى التداخل الهدام أو البناء مع الإلكترونات الأخرى ،مما يعنى تلاشيها أو تضاعفها ، كما أن العدد الزائد من الإلكترونات فى كل طبقه يعنى تعرض الإلكترونات الزائدة لنفس العملية ، أما عن مسألة اقتراب الطبقات من بعضها البعض كلما ابتعدنا عن النواة، فهو مرتبط بضرورة أن تكون الذرة فى أقل طاقه وضع ممكنة حتى تكتسب الاستقرار المطلوب ، ومن هنا نستنتج أن المسألة ليست مرتبطة بغاية معينة مسبقة أو بأى إرادة واعية من أى نوع ، و لم يفرضها أى إنسان بالطبع، وإن كانت من اكتشافاته، فلو كانت المسألة لا تحكمها الضرورة ، لما كانت هناك أى قدرة على اكتشاف هذه القوانين، إذا لو لم تكن هناك ضرورة ما تعبر عنها هذه القوانين، و بالتالى كان يمكن للإلكترونات أن تسلك فى كل مرة بشكل مختلف، ومن هنا ما كان لنا أن نلاحظ تواتر انتظامها بنفس الطريقة ، إلا إنه لسوء حظ الذين لا يأخذون بمفهوم الضرورة و قانونية الواقع ، فأن هذا النظام هو الوحيد الممكن لاتفاقه مع الضرورة ، و بالتالى فأن أى نظم أخرى مستحيلة، لأنها لا تتوافق مع طبيعة العلاقات بين الإلكترونات وطاقتها وحركتها وأطوالها الموجية وشحناتها هى و النواة و ما يملكوه من خواص أخرى كاللف والتماثل.. الخ.
القانون هو تعبير عن ما هو ضرورى ومحدد بين الأشياء والظواهر والعمليات الموجودة فى الواقع، وهو ناتج عن الطبيعة الجوهرية الكامنة داخل كل هذه الأشياء والظواهر الكامنة داخل كل هذه الأشياء والظواهر والعمليات، وفى نفس الوقت فليس كل ما يربط بين الأشياء من علاقات يعبر عنه القانون، فالقانون يعبر فقط عن ما هو جوهرى و داخلى بين الظواهر المختلفة، فالقانون الذى يحكم ظاهرة ما ، هو فى الحقيقة يشكل جوهر هذه الظاهرة، فقانون باولى "مبدأ الاستبعاد" مثلاً يكشف لنا على العلاقة بين لف الجسيم، و كونه يخضع للاستبعاد أو لا يخضع للاستبعاد ، ومنه نفهم ما إذا كان الجسيم جسيم كتله أم كم للطاقة، فجوهر أى شئ هو العلاقات الداخلية الثابتة بين مكونات هذا الشيء ، فجوهر الذرة هو العلاقات بين الإلكترونات سالبة الشحنة و البروتونات موجبة الشحنة وهى العمليات الداخلية التى تكونها وتميزها عن الأشياء الأخرى، وذلك فى مقابل الظواهر الخارجية التى من خلالها نتعرف على الشيء، وهى ذات طابع غير ثابت بل ودائم التغير، فالذرة قد تكون خاملة أو نشطة، مشعة أو غير مشعة ..الخ.
ما الذى يجعلنا نطلق على علاقة ما علاقة قانونية
أما ما يجعلنا نطلق على علاقة ما إنها علاقة قانونية هى إنها تحدث فى كل مرة تتوافر فيها شروط حدوثها ، وذلك بشكل متواتر ففى كل مرة تمتلئ القشرات حول النواة بنفس الطريقة بقوة الضرورة، وبشكل متواتر حيث أن الأمر لا ينطبق مرة و ينطبق مرة أخرى، وذلك مع توافر الشروط الضرورية لحدوثه، وهى الشروط التى لا علاقة لها بالإرادة أو الوعى أو الغاية إلا أن هذه القوانين لا يمكن أن تعمل دون شروطها الموضوعية، فمثلا لا يتجاذب الإلكترون والبروتون لتكوين ذرة إلا بتوافر درجة حرارة تسمح بذلك.
تحدثت فيما سبق عن السببية كعلاقة شاملة بين الأشياء والظواهر والعمليات فى غاية الأهمية ، ولا شك أن القوانين فى جزء منها هى تعبير عن هذه العلاقة، إلا أن السببية لا تعبر عن كل العلاقات بين كل الأشياء فى الواقع، و بالتالى فهى ليست أساس كل العلاقات القانونية التى تربط بين كل الأشياء، ولعل من أهم خصائص القانون هو إنه لا يخص ظواهر فردية أو عارضة، بل يخص مجموعة كاملة من الظواهر العامة من نفس النوع ، فتمدد الماء عندما تصل درجة حرارته إلى الصفر، وهى درجة تجمده بعكس المواد الأخرى التى تنكمش بالبرودة، هى ظاهره فردية شاذة ، مضادة للظاهرة العامة التى يرصدها قانون تمدد جميع المواد بزيادة درجة حرارتها، وانكماشها بنقصان هذه الحرارة، والسر فى كل من الظاهرة العامة التى يرصدها القانون، و الظاهرة الشاذة فى هذه الحالة كامن فى الطريقة التى تترابط بها جزئيات الأجسام المختلفة بما فيها جزئيات الماء التى تأخذ شكلا مختلفا عن غيرها من الجزيئات مما يمنحها هذا الشذوذ عن العام.
فالقوانين تجريد عن العام و المشترك و الشامل بين الظواهر ، ففى كل مرة، وعند توافر الشروط تنشأ الظاهرة، و تحدث النتيجة بالضرورة الحتمية سواء فى الظاهرة العامة أو الفردية، فقانون النسب المضاعفة و الذى ينص على إنه إذا اتحدت كمية معينة من عنصر ما مع عنصر آخر ، فأن كميات العنصرين الأول و الثانى تشكلان فيما بينها نسبة عددية بسيطة، فمثلاً تشكل كميتا الكربون المتحدتان مع جزء واحد من الهيدروجين فى الميثان و الأثيلين نسبه 2:1، يعبر عن ضرورة حتمية و إلزامية تناسب كميات العناصر الداخلة فى أى تفاعل كيميائي.
أنواع القوانين
إلا أن هناك قوانين تشمل مجموعات واسعة جداً من الظواهر، كقوانين الحفظ والبقاء، و قوانين تشمل مجموعات أقل كالقوانين التى تحكم التفاعلات بين الجزيئات العضوية، وبالتالى فهناك قوانين عامه وقوانين خاصة، هناك قوانين تحكم فحسب الطبيعة غير الحية، وقوانين تحكم الطبيعة الحية، وقوانين تحكم كل الظواهر الطبيعية، وبعضها يحكم المجتمع فحسب، هناك من القوانين ما يحكم كل من الطبيعة والمجتمع و الوعى، و هى القوانين التى تبحثها الفلسفة.
بعض القوانين ذات طابع احتمالي أو إحصائي كقوانين حركه الجسيمات الأولية وحركه جزئيات الغاز فى حالة حركة الجسيم أو الجزىء الفردية، إلا أن حركة الجسيمات والجزيئات الجماعية تخضع لقوانين ذات طابع حتمى.
بعض القوانين تنطبق على كل الحالات كقانون تجاذب الشحنات الكهربية المختلفة، وتنافر الشحنات الكهربية المتشابهة، وبعض القوانين لا ينطبق على كل الحالات كقوانين حركه جزيئات الغاز، فالقانون لا يوجد بشكل مجرد أو مستقل عن الواقع أو هو سابق لهذا الواقع بل يوجد داخل العمليات والأشياء والظواهر ، إلا إنه فى نفس الوقت ينعكس فى عقولنا فى صورة مفهوم يعبر عن الضرورات والحقائق الكامنة فى الواقع.
لا يوجد أى قانون ذو طابع شامل ومطلق وثابت لا نهائى ينطبق على كل الأشياء فى كل زمان و مكان، إلا قوانين الطبيعة المتحركة للمادة و الترابط المتبادل بين سائر الأشياء و التى تميزها، هذا يتلاءم تماما مع طبيعة سائر الأشياء والظواهر والعمليات سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشرى، حيث لا يوجد ما هو ثابت و نهائى وشامل ومطلق، فالقوانين تعمل وفق شروط محددة وهى لا تظهر إلا بتوافر هذه الشروط، راجع مثال صدأ الحديد، فلو لم يوجد حديد و أكسجين و ماء لما أمكن الحديث عن قانون صدأ الحديد، إلا إننا نستطيع دائما الحديث عن الحركة و السببية و التطور و الضرورة.. الخ.
تنقسم القوانين إلى قوانين ديناميكية تجعلنا معرفتها نستطيع التنبؤ بدقه بنتيجة سلوك شئ أو ظاهرة أو عملية، و ما يمكن أن يحدث بها من تغيرات، كقانون الجاذبية المعبر عن ضرورة سقوط الأجسام على الأرض، ففى كل مرة يسقط جسم على الأرض ما لم يوجد حائل بينه وبين سطحها.
وهناك قوانين إحصائية لا تتيح لنا التنبؤ الدقيق بنتيجة سلوك الظاهرة أو الشيء أو العملية من نوع ما ، مادامت فى حالتها المنفردة، وأن كان يمكنا التنبؤ بسلوكها مادمت مشتركة مع غيرها من الظواهر والأشياء والعمليات المشابهة فى حركة جماعية.
مثال ذلك سلوك الجسيمات الأولية فبالرغم من مبدأ عدم اليقين الذى يحكم معرفتنا بحركتها وما يؤدى إليه ذلك من احتمالية التنبؤ بسلوك كل جسيم على حدة، إلا إننا نتنبأ بسهولة بحركتها الجماعية، فنحن نعرف اتجاهات التيار الكهربائى والضوء المسبقة، و نتحكم فيهما على هذا الأساس، وهذا مشابه تماما لحركه جزيئات الغبار أو الغاز أو البخار، التى تتشكل سحبهم من حركات عشوائية لهذه الجزيئات ، والتى مادمت فى حالتها الفردية فنحن لا نستطيع التنبؤ بسلوكها كل على حده بشكل دقيق ، وإن كان يمكن لنا تحديد عده احتمالات مؤكدة، وفى نفس الوقت فنحن نستطيع التنبؤ بسلوكها الجماعى
هذه القوانين هامة جداً لفهم طبيعة سلوك الأفراد فى المجتمع باعتبارهم أجزاء من تركيبات هذا المجتمع، فالأفراد كجزيئات البخار العشوائية الحركة، أما المجتمع فهو كسحابة البخار حتمية الحركة، إننا يمكننا معرفة اتجاه الضوء حين نضئ مصباح الكشاف ، واتجاه سحب البخار حين تنطلق من إناء يغلى ، فإذا كانت الفوتونات أو جزيئات البخار لابد وأن تتجه فى اتجاهات عشوائية متفرقة إلا أن محصلة اتجاهاتها الجماعية النهائية تتجه فى اتجاه واحد حتمى يمكن التنبؤ به.
فالقوانين الإحصائية شأنها شأن أى قانون تعبر عن ضرورة ما ، وبكونها تعبير عن تواتر موضوعى شامل مستقل عن أى وعى ، وهو وإن كان يطبق على حركة جزيئات الغاز فى حالتها الفردية مثلاً، إلا إنه لا يطبق على حركة سحب الغاز ككل حيث تحكمها القوانين من النوع الأول ، كما يطبق على حركة الإلكترونات المنفردة، لا حركة التيار الكهربائى الذى يتكون من تلك الإلكترونات، وهو فى كل هذه الحالات يعبر عن علاقة جوهرية بين شدة المجال و مقاومة الموصل.
و أخير فأننا نكتشف القوانين الإحصائية من دراسة العديد من المصادفات ، إذ توجد علاقة قانونية بين الضرورة والصدفة يعبر عنها قانون الأعداد الكبرى ، و الذى ينص على "أن المفعول الكلى لعدد كبير من العوامل التصادفية أو العرضية، يؤدى إلى نتيجة لا تتعلق لكل حادثة على انفراد " فحركة الإلكترونات المنفردة ذات الطابع الإحصائى أو الاحتمالى، تشكل فى مجموعها تيار كهربى موحد يخضع لقانونية حتمية غير إحصائية ولا احتمالية، وهذا لا يعنى أن الظواهر الفردية لا تخضع للقانونية، فحركة الجسيمات الأولية المنفردة تخضع للعديد من القوانين التى سبق ذكرها ، وهى ذات بنية سببية لا شك فى ذلك ، وإن كانت سببية تؤدى لعدة نتائج محتملة يمكن رصدها، ولكنا لا يمكن أن نتنبأ بنتيجة محددة منها بشكل مسبق.





#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الكون عبر الزمن(11) قوانين الحفظ والبقاء
- رحلة الكون عبر الزمان(10) بنية الكون
- رحلة الكون عبر الزمان(9) الكون ، أين توجد الأشياء؟
- رحلة الكون عبر الزمان(8) الأيون أعزب فى حالة طلب زواج بأيونا ...
- رحلة الكون عبر الزمان(7) كيف تفقد قطعة معدنية وتستعيدها
- رحلة الكون عبر الزمان(6) كيف تتحرك وتتكون الأشياء من حولنا؟
- رحلة الكون عبر الزمان(5) ترابط كل ظواهر الطبيعة التى تلعب تن ...
- رحلة الكون عبر الزمان(4) مشاكل الفيزياء المعاصرة
- رحلة الكون عبر الزمان(3) القوى التى تتحكم فى الطبيعة
- رحلة الكون عبر الزمان(2) المعادلة الأشهر فى التاريخ
- رحلة الكون عبر الزمان(1) الجسيمات الأولية : اللبنات الأولى ا ...
- لماذا يختلف الشيوعيون اللاسلطويون عن الشيوعيون السلطويون ؟
- الشيوعية اللاسلطوية
- الصراع من أجل الحرية والمساواة
- هيباتيا تسحل من جديد
- عذرا ماركس: الدين ليس وحده أفيونا للشعب
- الهوية الجماعية هى ثقافة القطيع
- دارون .. ماذا فعلت الرأسمالية بالإنسان العاقل؟
- الشريعة الإسلامية : ضجيج بلا طحن
- النظريات الماركسية ليست كقوانين نيوتن


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح سعيد عبود - رحلة الكون عبر الزمان(12) الجزئيات ليست أكواما من الطوب، بل هندسة معقدة