سامح سعيد عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 02:32
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
نظام التعليقات على مقالات الكتاب فى الحوار المتمدن، فى غاية الأهمية لكى يطور الكاتب من أفكاره، ويحسن من طرق التعبير عنها،ولكن قبل أن يبدأ هذا النظام ، نشرت، كما نشر غيرى أذكر منهم الرفاق مازن كم ألماز و أحمد زكى و آخرين، فى الحوار المتمدن ومواقع أخرى، عدة مقالات توضح استراتيجية وتكتيكات الحركة الأناركية أو اللاسلطوية ، ولأن إعادة نشر مقالات موجودة لمن يطلبها بالشبكة، وبأرشيف الموقع، و بمواقع أخرى، مجرد عبث، فلقد رأيت عدم إعادة نشرها ، برغم أنها تجيب على العديد من أسئلة وملاحظات و انتقادات المعلقين على مقال نحو نقد أناركى للدين، للرفيق محمد عبد القادر الفار، وفى الحقيقة، و لأنى لا أعتقد أنى أحمل الحقيقة المطلقة، بل و اتشكك فى بعض هذه الأفكار أحيانا ، فمن المهم أن أعيد طرح هذه الأفكار فى ظل نظام التعليقات والتعقيبات من أجل التفاعل مع القراء. أما من يرغب فى معرفة التفاصيل فلديه آليات البحث فى الشبكة، والمواقع الفرعية لكتاب الحوار المتمدين، ليكتب مقالات نقدية أكثر تفصيلا وعمقا بدلا من التعليقات العابرة، و بدلا من اتخاذ مواقف مسبقة بناء على معرفة ناقصة أو مشوهة.
*****
تسعى الحركة اللاسلطوية إلى تنظيم اجتماعى يقوم على أساس التعاون الاختيارى الحر بين أفراد المجتمع لتلبية احتياجاتهم المشتركة ، وبشرط أن تتعاظم فيه الحرية الفردية، وهو ما لا يمكن تحققه إلا بمساواة فعلية بين جميع الداخلين فى هذا التنظيم، وهذا لن يتأتى إلا فى السيطرة الجماعية لأفراد المجتمع على مصادر السلطة المادية، وهى وسائل كل من الإنتاج والثروة والعنف المادى والمعنوى والمعرفة، وهو ما يكفل أختفاء السلطة القمعية التى يمارسها البعض على البعض، نظرا لسيطرة المتسلطين على تلك المصادر، وحرمان المتسلط عليهم منها.. ليبقى نوع آخر من السلطة غير القمعية و لا المتعالية على الأفراد هى سلطة اتفاقهم الجماعى على ما يحكمهم من قواعد.
*****
ما نهدف إليه يلخص جوهر ومعنى الحياة التى تستحق أن نحياها حقا، فالبشر كانوا ومازالوا و سوف يكون لديهم الرغبة فى التحرر الحقيقى ، والمساواة فيما بينهم، و الذان يعنيان فى جوهرهما سيطرتهم على ظروف حياتهم المختلفة، وأن يعيشوا وفق ما يقرروه هم لا ما يقرره غيرهم ، وتعظيم قدراتهم على الاختيار من بين البدائل المختلفة التى تطرح عليهم خلال مسار حياتهم، لأنهم يعلمون أن هذا هو ضمان تحقيقهم أعلى درجات السعادة .
*****
هذه الهدف لن يتحقق فقط بمجرد حدوث ثورات اجتماعية وسياسية، و لا بمجرد إجراءات إصلاحية بيروقراطية، وإن كان يمكن عبر الإصلاح والثورة التقدم نحو المزيد من الحرية والمساواة، كما يمكن أن نخسر ما حصلنا عليه من حرية ومساواة، الهدف النهائى يتحقق بالفعل عبر حرب طويلة الأمد ضد كافة أشكال التسلط واللامساواة، قد نحقق فيها انتصارات كما يمكن أن تلحقنا هزائم ، نتقدم أحيانا كما نتراجع أحيانا أخرى، و لا يجمعنا سوى هذا الهدف الذى يلازم الوجود البشرى نفسه، على المستوى الفردى أو الجماعى أو على مستوى المجتمع أو العالم بأسره،أمس واليوم وغدا، فتحقيق الحرية والمساواة عملية تراكمية ونضالية مستمرة، يناضل من أجلها، الراغبين فى تحقيق هذا الهدف، لا المستسلمين لأقدارهم وعبوديتهم وتعاستهم. وهى كالمعرفة العلمية، عملية تراكمية ونضالية يقوم بها الراغبين فى المعرفة، وليس المستسلمين لجهلهم،
فنحن يمكن أن نقلص مساحات جهلنا بمزيد من العلم مع معرفتنا أن هناك الكثير مما نجهله،
وكذلك الحرية والمساواة ، فنحن يمكن أن نزيد من مساحة حريتنا الفردية ومساواتنا بالآخرين، أفرادا وجماعات ومجتمعات وبشر ضد مختلف أشكال التسلط والظلم اللذان نواجههما ، مع إقرارنا أنها حرب مستمرة، ولن تنتهى بسهولة ضد كل أشكال السلطة القمعية واللامساواة ، التى قد نحقق كنوع بشرى هزيمتهما النهائية ، و بالتالى نحقق كامل أهدافنا فى المستقبل البعيد.
*****
اللاسلطويون ليسوا هواة يوتوبيا خيالية ، و عقائد نظرية جامدة ، ومن ثم فإن انقسامتهم تأخذ طابع عملى حول التكتيكات المختلفة التى يصلون بها لأهدافهم، فنرى منهم المجالسيين، الذين يتبنون أشكال المجالس العمالية التى حدثت عفويا وعلى نحو متكرر فى الثورات الروسية والأسبانية والإيرانية والألمانية والمجرية.. وهناك التعاونيين الذين يسعون لتطوير ودعم الحركة التعاونية العالمية ، وهناك النقابيين الذين يعملون فى النقابات العمالية الثورية ، وكلها كما نرى أدوات تنظيمية للتحرر الجماعى من رأسالمال والدولة وتنظيم مجتمع المستقبل.
*****
الهدف الأساسى يتم تحقيقه بالفعل فرديا وجماعيا، من داخل أحشاء ومن هامش النظام الاجتماعى التسلطى، وفى كل المجتمعات الرأسمالية، و بدرجات ومستويات متفاوتة من النجاح والفشل بالطبع ، وفق الظروف السائدة فى كل مجتمع ، و يتحقق بمعزل عن كل من الدولة و رأسالمال، و بعيدا عن المخططات الخيالية و النظرية ، وبلا انتظار للثورة السياسية الماركسية أو الثورة الاجتماعية الباكونينية، أو بإصلاحية الاشتراكية الديمقراطية ، فالثورات والإصلاحات قد تأتى أو لا تأتى، و قد تنتصر أو تنهزم، والعمر قصير، فى حين يتم التحرر الذاتى بالفعل و بالممكن ، لا بالحلم و بالمستحيل، وذلك بأن يمارس البشر فعلا العديد من أنشطتهم الاجتماعية والإنسانية ، وفق القواعد اللاسلطوية ، و ذلك من خلال العديد من المنظمات والحركات الاجتماعية، كالجمعيات التعاونية اللاسلطوية، والإدارة الذاتية العمالية للمنشئات الاقتصادية، والكوميونات، وغيرها من الجماعات المدنية.
*****
كل نشاط إنسانى جماعى منظم بشكل مستقل عن كل من الدولة و رأسالمال، بين أفراد متساويين ومتعاونيين على نحو طوعى هو نشاط لاسلطوى ، و قد يكون لبعضه الطابع غير المعلن و الرسمى و المقنن ، و قد يكون بعضه غير رسمى و لا مقنن، كما فى الكثير من الممارسات اليومية التى يشارك فيها الناس دون أن يدركوا أنها ممارسات لاسلطوية تلبى الكثير من احتياجاتهم على نحو يضمن حريتهم الفردية ومساواتهم الفعلية، و قد يكون بعضها مشوه بالبقرطة أو الرسملة أو التسيس السلطوى ، و بعضها مستقلا بالفعل عن كل من رأسالمال و الدولة و الساسة السلطويين ، إلا أن هذه الممارسات محكومة فى النهاية بالإطار السلطوى للمجتمع ، ومن ثم تعوزها العديد من التطورات و التغيرات ، لتتحول فى النهاية لتيار اجتماعى قوى ، قادر فى النهاية أن يكنس كل من الدولة و رأسالمال من عن كاهله .
***
يناضل اللاسلطويون عبر عدة وسائل : أولهما نشر الأفكار اللاسلطوية ، وتعليم الطبقة العاملة بالمفهوم الواسع للمصطلح كيف تستغنى عن كل من الدولة و رأسالمال، و تتخلص من تأثيرات الساسة السلطويين ، لتتأهل عمليا لهذا الاستغناء ، وتدريبها على أن تدير أنشطتها ومؤسساتها المختلفة وفق القواعد اللاسلطوية . وثانيهم: النضال من أجل تطوير مثل هذه الأنشطة والمؤسسات. وهى عملية تستدعى استقلال هذه الأنشطة والمنظمات و الممارسات فعليا عن كل من الدولة و رأسالمال و الساسة السلطويين ، والتى تتعاون فيما بينها من أجل هذا الهدف ، وأن تتوسع هذه الأنشطة لتشمل كل ما هو ممكن من الأنشطة البشرية و فق شروط و ظروف كل مجتمع على حدة ، وثالثهم فى لحظات التأزم الثورى إرشاد الناس نحو تنظيم أنفسهم على النحو اللاسلطوى بعيدا عن السلطة القمعية، لهدم كل أشكال السلطة القمعية من قبل الدولة أو رأسالمال.
#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟