أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل قرياقوس - بريشة الوردي : البخلاء اجتماعيا














المزيد.....

بريشة الوردي : البخلاء اجتماعيا


نبيل قرياقوس

الحوار المتمدن-العدد: 2702 - 2009 / 7 / 9 - 08:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لا تتوفر لديّ معلومات تفصيلية وأكيدة عن صلة صفة ( البخل ) بعلم الوراثة ، الا اني لا اتوقع أن تكون هذه الصفة مكتسبة من المجتمع المحيط بالفرد بشكل كلي ، و أرى ان الظروف المحيطة بالانسان هي عوامل مساعدة لتفعيل صفة ( البخل ) أو( الكرم ) المتوارثة لدى الفرد .
دعوني أعرض على حضراتكم نماذج من صور بخلاء حقيقية ، حصلت عليها من مواقع مختلفة من ثنايا مجتمعنا خلال خمس عقود عمر :
عسكري مطوع ذو راتب شهري عال عام 1980 ، كان يوميا يقطع مشيا مسافة لا تقل عن عشرين كيلو مترا ذهابا ومثلها ايابا من بيته الى وحدته العسكرية في مدينة البصرة ايام تموز وآب لئلا يدفع اجرة نقل قدرها ( 25 ) فلسا لكل مرة . تزوج وطلق زوجته بعد أقل من عام وشكى حينها لنا من ثقل ما يتحمله الانسان عندما يتكفل بمعيشة انسان آخر !!
صورة اخرى لرجل تعرفت عليه مطلع التسعينات موظفا متقاعدا حالته المادية ممتازة ، له بيت واسع وقطعة أرض سكنية وآخرى زراعية وذهب وأموال ، وهو يصر على مليء معدته حد التخمة المفرطة عندما يدعى لأية مأدبة طعام ، بل لا تتوانى زوجته عن مليء حقيبتها اليدوية الواسعة ببقايا طعام تلك المأدبة كي ترحلها للبيت لتكون ذخيرة لليوم التالي !
صورة ملونة لامرأة في عقد عمرها الخامس ، غير متزوجة ، تملك بيتا ورصيد مال ومورد عمل شهري ، لازالت للحظة ترتدي ملابس كانت تلبسها منذ ان كانت طالبة جامعية قبل حواي ثلاثين عاما ! من طرائفها انها تتألم وتعيد كثير من حساباتها عندما تنفذ قنينة غاز الطبخ لديها قبل مدة اربعة أشهر ! وعندما تأتي الايام التي يرتفع فيها سعر الغاز فانها تصطاد ساعات الليل المتأخرة لتنهض كي تغلي ماء لصنع الشاي على المخسن الكهربائي ، ثم تقوم بعزل ( القوري ) بالاقمشة ليحافظ على درجة حرارته حتى الصباح حيث تنهض لتفطر وتشرب الشاي الدافيء دون الاستعانة بالغاز!!
صورة آخرى لرجل في عقده الخامس ، له أملاك كثيرة ومحلات تجارية ، لكنه يثير الشجار يوميا مع زوجته ( ربة بيت ) كما كان يخبرنا ، فهو دائم العتاب عليها ، فهي تسبح مرتين في اليوم صيفا ، وذاك ما يعده تبذيرا وصرفا غير معقول لـ ( الصابون ) .
لم أرصد في حياتي حالة بخل لدي شخص فقير الحالة ماديا ، وارجع سبب ذلك الى عدم كفاية الاضواء التي تكشف لنا حقيقة بخل الشخص من ضعف قدرته المالية فعلا ، ويمكن ان نتصور ان اعدادا من الفقراء هم بخلاء فعلا اذا ما اتجهت الظروف لامتلاكهم اي ثروة .
لما كان البخل يشمل فلسفة التصرف والانفاق في التعاملات المادية للمجالات التي لا تحكمها او تحددها الانظمة والقوانين ، كمدى الصرف على الذات او العائلة ومدى مساعدة الاشخاص المحتاجين المتروك لتقدير الانسان وطبيعة سلوكه ، لذا فان البخلاء تجمعهم عوامل اجتماعية مشتركة اهمها :
انهم يشعرون بدواخلهم بمتعة الكسب و ( الشطارة ) حينما يمارسون البخل يوميا لغرض المزيد من ادخار المال ، بينما هم يكرهون علنا صفة ( البخل ) وينتقدون اي بخيل يصادفهم ، فالبخيل لا يحب التعامل مع بخيل آخر لانه يدرك في دواخله صعوبة الحصول على ما يبتغيه من الطرف الآخر.
البخيل ، عموما ، يحاول ملاصقة من هو أفضل منه ماديا ، طمعا في الوصول الى اسباب وسبل الرقي الى مستوى مالي أعلى باقصر الطرق وان كان البخل احدها .!
يتقرب البخيل الى شخص فقير اذا طمع في حاجة لديه او جهد له وليحاول الحصول على مراده بازهد وابخس الاثمان استغلالا لظرف من هو في عوز .
رحم الله عالمنا المبدع علي الوردي ، الباقي معنا دوما ، فهو كريم علينا ليعيرنا ريشته كي نتمكن مواصلة رسم صورة البخل والبخلاء .



#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تي تي .. تي تي
- من بلايا جواز السفر
- هوية الاحوال المدنية
- أؤيد زيادة رواتب البرلمان والحكومة بشرط
- مكالمة من لندن : الدكتور محمد قاسم
- ثكلناك حيا يا ( فؤاد )
- زحامات بأمر الوزير
- يعرفون الف باء السياحة
- كاريكتير : أبرة بال
- دستورنا وحقوق الانسان
- كاريكتير : ( 25 ) كيلو مشمش وهاتف أرضي
- كاريكتير ما يضحّك : استعلامات حزب
- صناعة تايوان - المذكرة الثامنة
- رسالة بابل الى الحكيم بوذا - المذكرة التاسعة
- مسؤول حريص على ( المودة )
- كاريكتير : قصة مسؤول بعد 2003
- رقص شرقي - المذكرة السابعة
- ازمة ماكنة حلاقة - المذكرة السادسة
- اعتذار لحقيبة دبلوماسية - المذكرة الخامسة
- غليان اداري


المزيد.....




- كينيا: إعلان الحداد بعد وفاة قائد الجيش وتسعة من كبار الضباط ...
- حملة شعبية لدعم غزة في زليتن الليبية
- بولندا ترفض تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي -باتريوت-
- إصابة أبو جبل بقطع في الرباط الصليبي
- كيم يعاقب كوريا الجنوبية بأضواء الشوارع والنشيد الوطني
- جريمة قتل بطقوس غريبة تكررت في جميع أنحاء أوروبا لأكثر من 20 ...
- العراق يوقّع مذكرات تفاهم مع شركات أميركية في مجال الكهرباء ...
- اتفاق عراقي إماراتي على إدارة ميناء الفاو بشكل مشترك
- أيمك.. ممر الشرق الأوسط الجديد
- ابتعاد الناخبين الأميركيين عن التصويت.. لماذا؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل قرياقوس - بريشة الوردي : البخلاء اجتماعيا