أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كوبع العتيبي - بعيدا عن السياسة وندرك المتنبي في فرضيات الشكوك ..!!














المزيد.....

بعيدا عن السياسة وندرك المتنبي في فرضيات الشكوك ..!!


سلام كوبع العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 823 - 2004 / 5 / 3 - 07:17
المحور: الادب والفن
    


قيل للمتنبي :
قد شاع عنك من البخل في الآفاق ؛ ما قد صار سمرا بين الرفاق وأنت تمدح في شعرك الكرم وأهله ؛ وتذم البخل وأهله . ألست القائل :
ومن ينفق الساعات في جمع ماله ................ مخافة فقر ؛ فالذي فعل الفقر
ومعلوم أن البخل قبيح ؛ ومنك أقبح ؛ فإنك تتعاطى كبر النفس ؛ وعلو الهمة ؛ وطلب الملك . والبخل ينافي ذلك
فقال :
إن للبخل سببا . وذلك أني أذكر أني وردت في صباي من الكوفة إلى بغداد . فأخذت خمسة دراهم بجانب منديلي ؛ وخرجت أمشي في أسواق بغداد . فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهة ؛ ورأيت عنده خمسة من البطيخ باكورة . فاستحسنتها ؛ ونويت أن أشتريها بالدراهم التي معي . فتقدمت إليه وقلت :
بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ ؟
فقال بغير اكتراث :
اذهب ؛ فليس هذا مت أكلك !
فتماسكت معه وقلت :
يا هذا ؛ دع ما يغيظ واقصد الثمن .
قال :ثمنها عشرة دراهم !
فلشدة ما جبهني به ما استطعت أن أخاطبه في المساومة . فوقفت حائرا ؛ ودفعت له خمسة دراهم فلم يقبل . وإذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان ذاهبا إلى داره . فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان ؛ ودعا له ؛ وقال :
يامولاي ؛ هذا بطيخ باكورة . بإجازتك أحمله إلى البيت ؟
فقال الشيخ :
ويحك ؛ بكم هذا ؟
قال :
بخمسة دراهم
قال : بل بدرهمين !
فباعه الخمسة بدرهمين ؛ وحملها إلى داره ؛ ودعا له ؛ وعاد إلى دكانه مسرورا بما فعل .
فقلت :
يا هذا ؛ ما رأيت أعجب من جهلك استمت علي هذا البطيخ وفعلت فعلتك التي فعلت ؛ وكنت قد أعطيتك في ثمنه خمسة دراهم فبعته بدرهمين محمولا !
فقال :
اسكت ! هذا يملك مائة ألف دينار !
فعلمت أن الناس لا يكرمون أحدا إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مائة ألف دينار . وأنا لا أزال على ما تراه حتى أسمع الناس يقولون إن أبا الطيب ملك مائة ألف دينار .
تميزت الحياة من كل جوانبها وزواياها وطولها وعرضها وأثبتت مع الدليل القاطع إنها حياة مادية وتبتعد عن الحياة المثالية والروحية مسافات بعيد جدا ؛ سواء في الحسابات الإلهية أو في الحسابات الحياتية . ونتيجة تميز وتفوق الحسابات الإلهية على الحياتية في نفوس البعض ؛ نرى تشتت البعض سلبا وعلى نقيض الطموح . نتيجة لما يؤمنون به من جملة الأوهام التي تجعل البعض عرضة للبخل في العطاء الحياتي وتجاوز في جوانبها الروحية الزائفة ..
نلاحظ الكثير من العامة يتصرفون في يومهم مثل ما تصرف المتنبي بعد حادثة البطيخ ؛ في الوقت الذي يطالب عكس ما تطمح إليه نفسه. فالذين يطالبون البعض أن يتبعون مسيرتهم نحو الإله الغيبي؛ نراهم روحيا عكس ما يبتغونه من العامة ولعدة أسباب ؛ وأهم هذه الأسباب هو القلق الذي يساورهم نتيجة الشكوك اليومية حول الغيب لهذه الحياة ومسمياتها ؛ ما بين مقتنعين أو العكس بكل شيء . ولكن في حالة الحوار مع الآخرين نراهم يطالبون من البعض ما هم متشككين به ؛ لأنه لو كانوا غير متشككين لما أصبحوا أشباه أبو الطيب المتنبي بعد حادثت البطيخ .
عندما أراد المتنبي أن يملك مائة ألف دينار ؛ لم يكن يملك صكا من الإله الغيبي أن تستمر حياته إلى أن يجمع هذا المبلغ وأن يعيش به إلى أبد الآبدين ؛ ولكن نتيجة القلق الذي يسبب الخوف والتشكك في آلهة وعدم المصداقية العقلية لما خلف أسوار الحياة هي التي تجعل الإنسان يكون بهذه الصورة البعيدة عن القناعة الذاتية التي يؤمن بها بدون التشكك الغيبي لروح الإله .. لأنه يعم علم اليقين المطلق أن ما يتلبسه من هول الخرافة شيء ابعد من العقل الجدي ؛ ولكن فرضيات المجتمع المتشكك أيضا تأخذه إلى هذه العوالم الوهمية التي تجعله بهذه الصورة الضيقة من الإدراك للحقيقة القاطعة ؛ وبذلك يكون غالبية القوم من أمثال أبو الطيب وبائع البطيخ . !!



#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات في سياسة أمريكا... تجاه أفغانستان والعراق ..!!
- لنوقف التحريض كي نحمي شعبنا من الق
- اجتثاث حزب البعث ضرورة من ضروريات المجتمع العربي و العراق ال ...
- أنا أريد وأنت تريد والأخضر يفعل ما يريد ..!!
- عندما يتحول الدين إلى مدرسة للجنس والقتل ولمصادرة الحريات ال ...
- السعودية ..... على نفسها جنيت براقش ..!!
- اسبينوازا المقدس المحروم من الكنيس ..!!
- عندما باتي رعاع العرب .. كارثة العراق القادمة ..!!
- كريم البدر. يركل الجزيرة القطرية وشهادة الحمير ...!!
- التربية الجمالية للإنسان ....فردريش شيلر1
- العراق ينحره العراقيين ..!!
- المرأة في الدين خلل الذكور.. أم تجاوز الحقوق ..؟!!
- لماذا يراهن الفلسطينيون على الحصان الخاسر حتى بعد أن خسر فعل ...
- اجتثاث البعث الفاشي .. وبناء العراق الجديد
- الجهاد الأعور والعهر الديني و معادلة الزيف الإسلامي في العرا ...
- جذور أبي لهب مثمرة في الأردن الهاشمي...؟!
- طبيعة النفس وأصلها... عند اسبينوزا ...3
- رسالة في الله وفي الانسان.. هكذا هو اسبينوزا - 2
- أسبينوزا ذلك اليهودي المتشكك
- يس يم يس يم ..مجلس الحكم العراقي ..إلى الوراء در.. خارج العر ...


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كوبع العتيبي - بعيدا عن السياسة وندرك المتنبي في فرضيات الشكوك ..!!