أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام كوبع العتيبي - طبيعة النفس وأصلها... عند اسبينوزا ...3














المزيد.....

طبيعة النفس وأصلها... عند اسبينوزا ...3


سلام كوبع العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 803 - 2004 / 4 / 13 - 09:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اذا كان اسبينوزا قد عرض في الجزء الاول للطبيعة الطابعة على انها هي الله ؛ فهو هنا في الجزء الثاني يعرض للطبيعة المطبوعة على انها هي الانسان ؛ ولهذا نراه ينبهنا باديء ذي بدء الى انه لايزمع ان يفسر الطبيعة المطبوعة باسرها أي كل الاشياء التي لاحصر لها ولا يتناهى عددها ؛ والتي تفيض ضرورة من صفات الله ؛ وانما هو يتناول بهذا التفسير ماعساه أن يوصلنا الى معرفة النفس الانسانية وطبيعتها ؛ وكل ماتمتلئ به من ملكات وأفكار على انها هي هيئات او أحوال لله من حيث جوهر مفكر ؛ كما ان كل الاجسام انما هي هيئات لله من حيث هو جوهر ممتد ؛ ومن هنا لم يشغل العلم الطبيعي الا حيزا ضئيلا عند اسبينوزا بالقياس الى مايشغله هذا العلم عند ديكارت .
واذا كان ذلك كذلك فكيف ولدت الطبيعة الطابعة الطبيعية المطبوعة ؟ وكيف تولدت الاشياء المتناهية من احضان الشيء اللامتناهي ؟ الحق ان هذه المسألة أو تلك لاوجود لاحداهما أو لكليتهما عند اسبينوزا الذي لاينكر فكرة الخلق فحسب ؛ بل ينكر فكرة التوليد أيا ما كان أيضا : ذلك بأنه يرى الصفات الالهية بكل مالها من هيئات انما توجد منذ الأزل ؛ مثلها في هذا كمثل الجوهر أو الفردية من حيث هي مكونة بكل ماله من صفات . اذ أن الاشياء الجزئية أو الفردية من حيث هي مكونة بواسطة هذه الهيئات ؛ فهي مساوقة لله الذي له هذه الصفات التي تفيض منها هذه الهيئات ؛ واذا كان الله سابقا عليها ؛ فليس هذا السبق في الزمان ؛ ولكنه في الطبيعة والرتبة ؛ لأنه لايمكن ان يتصور أن الله كان من غير عالم ؛ كما لايمكن أن يتصور انه كان بدون صفات وهيئات .
وينبغي على هذه المقدمات كلها ان كلا من النفس الانسانية والجسم الانساني هيئة لصفة من صفات الجوهر الالهي ؛ اعني ان النفس الانسانية والجسم الانساني هيئة لصفة من صفات الجوهر الالهي ؛ أعني ان النفس الانسانية هيئة لصفة الفكر الالهي ؛ وان الجسم الانساني من ناحية اخرى ؛ على انه بينهما تبادلا أو توزنا ؛ كما نظر الى الصلة بين الأفكار فيما بينها من جهة ؛ والى الصلة بين الاشياء فيما بينها من جهة أخرى ؛ على أن بينهما مثل هذا التبادل او التوازي الذي بين النفس والجسم ؛ وكما نظر بعدهذا كله الى الانسان على انه هيئة مركبة من الفكر والامتداد الالهيين .
ويمكن أن يقال بعبارة اخرى من عبارات اسبينوزا نفسه أن النفس فكرة أو سلسلة من الافكار للفكر الالهي , وأن الجسم فكرة للنفس والنفس فكرة للجسم تقابل كل منها الاخرى أو تتوازى كل منها مع الاخرى . وكل اولئك ينتهي باسبينوزا الى ان ثمة اتساقا سابقا بين النفس والجسم , وان هذا الاتساق تحكمه الضرورة التي هي شرط لابد منه عند هذا الفيلسوف لكل مايصدر عن الطبيعة الالهية , وهنا ينتهي اسبينوزا ايضا الى فكرته ؛ انما تؤدي الى ان لكل جسم نفسا , وان الطبيعة بأسرها حية , وذها يعني أيضا ان كل الكائنات التي في الكون حية , ولكن على درجات متفاوته .
وبعد نظرية النفس وصلتها بالجسم ؛ وقف اسبينوزا في الجزء الثاني من الكتاب عند الهيئات المختلفة التي تتألف منها النفس الانسانية ؛ مبتدئا بالمعرفة ؛ وها هنا ننتقل مع هذا الكتاب من علم الوجود ( الانطولوجيا ) الى علم النفس ( البسيكولوجيا ) الذي يختلف عند اسبينوزا عما هو عليه عند جمهرة الفلاسفة الذين عرضوا لعلم النفس : ذلك ان فيلسوفنا انما يستقي كل عناصر علمه في النفس من طبيعة الله وصفاته , بحيث لايعوم على استمداد شيء من المشاهد الباطنية او الشعور الانساني الذي تقوم به وتدور عليه هذه المشاهد الباطنية , اذ ان النفس كما يتصورها اسبينوزا ليس لها ملكات , وانما كل مالها هيئات ويترتب على هذا ان العقل والارادة انما هي مجرد الفاظ لامعنى لها , او هي محض تجريدات لاغناء فيها , وان هيئات الفكر هي وحدها التي لها حقيقة وجودية ما .
اصل الانفعالات
استهل اسبينوزا الجزء الثالث من كتابه بتمديد قدمه لاصل الانفعالات وطبيعتها ؛ فصرح في هذا التمهيد باديء ذي بدء بانه سيصطنع في هذه الدراسة نفس المنهج الذي اصطنعه في دراسة الله والنفس الانسانية ؛ أي انه سيدرس انفعالات الناس ورذائلهم وحماقاتهم على نحو ماندرس الخطوط والسطوح والاحجام , لأن تلك الاشياء ليست اقل حظا من الخصائص الطبيعية من هذه ؛ ولاهي أقل في خضوعها لقوانين الكون العامة من بقية الأشياء . وها هنا نرى اسبينوزا يعيب على الفلاسفة الذين عرضوا من قبله للانفعالات , انهم جعلوا من الانسان دولة في داخل الدولة , ونظروا اليه على انه من القدرة على قهر الانفعالات بحيث يصبح من شأن الانسان وهو هذا الكائن الوهمي ان يخل بنظام الكون , فضلا عن انه في نظرهم كأنه ليس جزءا من هذا الكون ؛ وفي رأي اسبينوزا انه مهما كان من جمال وروعة فيما كتبه اولئك الفلاسفة عن الهيئة التي تكون عليها الحياة المثلى , الا ان احدا منهم لم يحدد الطبيعة الصحيحة للانفعالات , ولا مالهذه الانفعالات من سلطان على النفس , ومالهذه النفس من سلطان على تلك الانفعالات ومن ثم كانت شكوانا مما عليه حالنا , وكانت كراهية الناس وازدراؤهم , وكان فوق هذا وذاك هذا الذم الرائع في بلاغته الذي وجه الى النفس الانسانية على انها قاصرة عاجزة , كأن هنالك رزيلة ما في الطبيعة . وكما لو لم يكن كل شيء داخلا سواء بسواء في النظام الكلي للكون . ولا راجعا في ايجاده الى قوانين ضرورية .
أما اصل الانفعال فان اسبينوزا قد استطاع ان يصل اليه , فاذا أصل الانفعالات جميعا عنده , ليس في الجسم ؛ ولا في الاعراض الخارجية , بل هو في جوهر النفس عينه .... وبهذا امتاز اسبينوزا عن ديكارت . أما ماهو هذا الاصل او المصدر الذي تصدر عنه وترد اليه كل الانفعالات , فهو عند اسبينوزا الطلب أو النزعة أو الرغبة . وهذا يتبين اذا لاحظنا معه ان النفس الانسانية همة اساسية وجوهرية تظل دائبة بها الى غير حد على وجودها الذي هو عين جوهرها . وانه اذا كانت النفس هيئة صادرة عن القوة الالهية المتناهية , فهي لاتنقطع عن ان تفعل فعلها فتبذل همها ابدا حتى تحفظ وجودها وتنميه على الدوام ضد كل الانفعالات ...



#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة في الله وفي الانسان.. هكذا هو اسبينوزا - 2
- أسبينوزا ذلك اليهودي المتشكك
- يس يم يس يم ..مجلس الحكم العراقي ..إلى الوراء در.. خارج العر ...
- ليس ضد الاحتلال ..... بل من أجل صحيفة الحوزة!!
- موسم الهجرة إلى الجنة بقرار مشترك ..!!
- إسقاط شارون وحكومته شرط أساسي لتحقيق السلام
- العنف الفارسي ....خطباء مجرمون !!
- طز في القذافي .... طز في المريخ ... البهلوان المصروع
- شيخ دين سعودي يدعو لعبودية ألأنسان الرق ..الجواري !!
- المواقف العربية من القضية العراقية نفعية وأنانية مطلقة
- الطائر على بساط الريح الايراني دعوة للتخلف وقيادة للقمع ومصا ...
- حركات القذافي البهلوانية …!!!!
- لعنوا الحجاج وأستغفروا له المصالحة مع البعثيين مؤامرة جديدة ...
- حينما يتحول الروزخون الى السياسة ..!!
- فصل الدين عن الدولة هو الخيار الوحيد
- ألأرهاب بأسم الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين


المزيد.....




- أخذ -منعطفًا خاطئًا-.. سيارة رجل مسن تعلق على السلالم الإسبا ...
- الموقف من -اغتيال خامنئي وقلب نظام إيران-.. الكرملين يعلق بر ...
- طاقم CNN يرصد نشاطًا جويًا متزايدًا في سماء طهران.. شاهد ما ...
- عشرات القتلى في غزة جراء الغارات الإسرائيلية الأخيرة
- تحديث مباشر.. نتائج ضربة إيران بإسرائيل وتصريح جديد لنتنياهو ...
- أثناء استعراض مراسل CNN لأضرار هجوم إيراني على الهواء.. سقوط ...
- ما هو الدور المحتمل لبريطانيا إذا انخرطت واشنطن في الصراع ال ...
- موقف ألمانيا من نزاع إسرائيل وإيران في ضوء القانون الدولي!
- بيسكوف: الحديث عن اغتيال خامنئي أمر غير مقبول
- نهاية العالم بين -أم الحروب وأم أمهات القنابل-!


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام كوبع العتيبي - طبيعة النفس وأصلها... عند اسبينوزا ...3