أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - Art | Basel | 40















المزيد.....

Art | Basel | 40


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 2689 - 2009 / 6 / 26 - 08:15
المحور: الادب والفن
    


ما هذه الروح المخيمة على سوق الفن السنوي في مدينة بازل في عامه الأربعين؟ أول ما تصطدم به العين من أعمال فنية، في الساحة الخارجية للمبنى الرئيسي، صليب خشبي مصبوغ بالأسود، أحد عشر مترا ارتفاعا، في ستة أمتار ونصف المتر عرضا، في ما يزيد على المتر سمكا، منتصبا على قاعدة هي الأخرى صليب! صاحب العمل فنان سويسري شاب، واسم أو عنوان صليبه هوFosbury Flop ، في إحالة على القفزة الأولى من نوعها التي حققها رياضي الوثب العالي الشهير ديك فوسبوري في أولمبياد عام 1968 فيما يسمى القفزة الخلفية (أي البطن للسماء والظهر للعارضة المرتفعة التي يطير الجسد ويتلوى فوقها من دون أن يمسسها بسوء).

يشرح الفنان فكرة عمله قائلا إن ارتفاع العمل يسحب العين إلى الأعلى إلى حدود النحت المينيمالي (التقليلي)، بينما عنوان العمل يقفز بالذهن إلى الخلف إلى ساحة العمل الشعبي. أي أننا نرتفع ونعود إلى الخلف (انتهى شرحه).
الفكرة ملتبسة نوعا ما، إذ أن صاحبها يعطى العمل اسماً ويشرح فكرته بناءً على هذا الاسم! في حين يمكن أن يأخذ العمل أكثر من تفسير أو قراءة لن تكون الدينية آخرها. وبغض النظر عن هذا الالتباس المفهومي، فإن هذا العمل، الذي من المفترض أن يكون مختارا بعناية كرمز لهذا الحدث السنوي العالمي الضخم، يشير إلى الحس العام العالمي لهذا الوقت من العالم، بالتباسه وأزمته الاقتصادية تحديدا. أمَا كان تجسيد نحتي لحذاءٍ ضخم، ينتصب أو يميل على مقدمته كمركب يغرق، أكثر بلاغة من هذا الصليب، بغض النظر عما يذكرنا به الحذاء من إهانة لطَخت وجه من كان السبب في خراب العالم؟ لكن في بلد محايد مثل سويسرا لا نتوقع إلا أن يكون كل شيء محسوبا ومدروسا ودبلوماسيا. في النهاية فإن هذا سوق لتجارة الفن قبل أن يكون فقط للفن. في الواقع، الأمر لا يحتاج نظرة ثاقبة على الوجوه والحركة وكم الزائرين، قياسا على السنوات السابقة، بل وأيضا على نوع وطبيعة الأعمال المعروضة كي ندرك أن هناك ضيقا ما وضائقة. إنها تجعيدة خفية أرختها الأزمة المادية العالمية على جبين أصحاب السوق! هل يا ترى فعلت الشيء نفسه بالفن وأهله؟

بسبب العدد الذي لا يمكن حصره من الأعمال (أكثر من 300 جاليري، بأعمال متنوعة لأكثر من 2500 فنانا، من أكبر الأسماء في عالم الفن، إلى الفتات الذي يتضخم ويصير بعضه نجوما يوما ما)، نمر هنا فقط بثلاثة من الأعمال النحتية المحيطة بصليب الكآبة المذكور أعلاه، تؤكّد ارتفاع قامة سوداويته. نرى لفنان من هونج كونج، بعنوان "ميدان"، تجسيدا ضخما من المعدن والألياف الصناعية، خمسة أمتار في مثيلتها عرضا وعمقا، لمجموعة من حلقات حديد مختلفة الحجوم تستدعي فكرة القيد، ملحوم بعضها في البعض في شكل كومة. غير أن الألوان القريبة من الوردي التي طُليت بها الحلقات، أضفت على الفكرة مغزى أعمق، حيث القيود أحيانا تكون وردية، أو أقلّه، مائعة الهوية!

كذلك لن نستطيع الجلوس على ذلك المقعد النحتي الأبيض، الدائري كمتاهة قطرها ثمانية عشر متراً، إلا بالقفز إلى ساحته الداخلية. المقعد، في الواقع (الحدائق والميادين...)، هو حيز مفتوح على سلاسة الحركة، رغم وظيفته الأساسية (القعود أو السكون). إلا أن صاحب هذا العمل، وهو فنان الألماني، شلّ مقعدَه الدائري ذا المستويات المتعددة والانزلاقات والتداخلات، عن أداء مهمته بسلاسة. لكي تجلس، عليك أن تقفز، وبالداخل تصبح محاصرا. لو رددنا هذا المقعد الخرافي، رمزيا، إلى العالم كمكان، فسوف يستحيل اللون الأبيض الجميل الذي دُهن به العمل إلى لون الصليب المجاور، هبابا، حيث انغلاق العالم على نفسه وصعوبة السكون فيه أو السكون إليه! نرى كذلك، بارتفاع ثلاثة أمتار (بحساب القاعدة)، في عرض متر وعمق متر تقريبا، تجسيدا لأربعة أحرف من المعدن، الحرفان: A. I فوقD. S (إيدز). لا يحتاج هذا العمل كلاماً.

يعتبر هذا السوق، الذي يقام في منتصف يونيه/ حزيران من كل عام، هو الأكبر والأشهر في أوروبا إن لم يكن في العالم. في العام المنصرم، تخطي عدد زواره الستين ألف زائر، منهم من جاء من اليابان وأمريكا والمكسيك والهند... ناهيك عن بلدان أوروبا المحيطة بهذا القلب السويسري الأخضر، ليشهدوا منافع لهم ولينظروا الفن في أيامٍ معدودات.

لو تركنا المبنى الرئيسي، الذي يضم في جنباته وأركانه اللامعة، أعمالا من النوع المتحفي: من براك وبيكاسو وهنري مور والسرياليين وكاندينسكي والتجريديين وجياكوميتي إلى جاكسون بولوك وآندي وارهول وزعماء الواقعية الجديدة والتعبيريين الألمان، القدامى منهم والجدد... إلى أسماء كبيرة معاصرة كجيف كوونز وداميان هيرست وسبنسر تونيك وكيكي سميث... جنب أعمال مئاتٍ من أسماء أقل شهرة، لو تركنا كل هذا البريق وذهبنا إلى مبنى آخر، على مبعدة عشرين دقيقة مشياً، نجد روحا مختلفة تماما تتنفس فنا أكثر مما تتنفس بذخا. المبني هو مصنع قديم للبيرة ، أربع طبقات غير منتظمة الغرف والمستويات، جُهز ليكون مراسم للفنانين المحليين وصالات احتفالات وديسكو... يتم تأجير غرفه لجاليريهات ناشئة من مختلف أنحاء العالم يعرضون أعمال فنانيهم، الناشئين بدورهم، والتي هي تجريبية في غالبها. لا أناقة هنا ولا لمعان. الأعمال نراها وكأنها لم تغادر المرسم الذي صُنعت فيه بعد. هنا أيضا نرى ما يمكن أن يثير الدهشة، من فكرة إلى أداء إلى توجّه، رغم عدم نضج البعض، إلا أن مواهبهم واضحة. الأعمال، ومعظمها كولاج وخليط من عناصر ومواد، تغلب عليها روح البساطة، بتعاملها مع أرخص المواد وأتفه الأشياء التي تتكهرب بروح أو فكرة صاحبها حسب حجم موهبته وطاقته. هنا أيضا يستطيع المرء أن يلمس انعكاس روح العالم على ما يخرج من كيان الفنان قبل أن تسحبه الشهرة بغرورها وحساباتها التجارية. إنه السوق الموازي لهذا السوق الكبير، والذي نخرج منه بإدراك أن العمل الفني في مرسم الفنان له معنى يختلف عنه حين ينتقل ليعرض في كشك لامع فخيم.

يوسف ليمود
النهار اللبنانية

روابطان عن الحدث في عاميه السابقين:

http://www.doroob.com/?p=28135

http://www.doroob.com/?p=18668




#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخلوقات البيرتو جياكوميتي بين رؤيا الفناء والانتحار البطيء
- الفنان الألماني ميخائيل بوته .. بورتريه عن قرب
- مقاطع في حيّز العابر
- صلاح بطرس .. منحوتات تستنقذ ما يتلاشى من روح مصر
- ليذهب فان جوخ إلى الجحيم
- سحرية الصورة في أفريقيا، أوقيانوسيا، والفن الحديث
- -بالصدفة، نثر الفصول- لاحساين بنزبير .. ذلك الثقب في اللسان
- كيكي سميث .. الجسد بين الهنا والهناك
- فرنشيسكا وودمان .. امتدادات الدادائية وظل الموت المراهق
- بالتوس .. مئة عام وعام بين الاغتراب والزمن
- إيف كلاين .. أجساده الفراغية وثورته الزرقاء
- مقدمة عن الجسد في الفن
- الجانب المعتم - رغبة الفوتوغرافيا وفوتوغرافيا الرغبة
- شيماء عزيز .. بالأسود ترسم أجسادها وبه تخفيها
- حجر قايين
- فينيسيا.. من كاناليتّو إلى مونيه
- صبحي جرجس .. حين طية المعدن تقول المكان وتختصر الزمن
& ...
- مائة عام على الفنون الجميلة في مصر!
- أتجرد من ماذا لحساب ماذا
- الرحيل عن بيروت


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - Art | Basel | 40