أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - ٱلحرية مسئولية















المزيد.....


ٱلحرية مسئولية


سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2686 - 2009 / 6 / 23 - 06:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يكتب ٱلكثيرون عن حرية ٱلفرد وكأنّ لا حدود تحدّها ولا مسئولية فيها. ويكتبون عن ٱلديمقراطية كمفهوم عن حريّة ٱلفرد فى ٱلمجتمع من دون عرض لمفهوم ٱلميثاق ٱلذى يجعل لحرية ٱلفرد مسئولية وحدود. وترىٰۤ أكثرهم يرفعون عَلَمَ "ٱلعلم" كسيف فى وجه مَن يحاورهم فيعلو صوتهم بوصف ما يكتبون بكلمة "عِلم" وشاهدهم على ٱلعلم فيه ما قاله شاعر أو ما قعّده لغوىّ. فيقولون أنّهم لا يؤمنون بٱللّه ولا بٱلدين وأنّهم يرون بعلمهم هذا نقضا للحرية وٱلديمقراطية فى وجودهما. وكأنّهم فى رفع صوتهم بشاهدهم ٱلذى يظنونه عِلمًا وفى ٱمتناع ٱلإيمان عن قلوبهم هو دليل قاطع على عِلم ما يقولون. ولآ أدرىٰۤ إن كان هؤلآء يقولون أنّ "ٱسحاق نيوتن" كان جاهلا.
ويكتب أخرون ويعلنون إيمانهم بٱللّه وبٱلدين. لكنّهم يحصرون إيمانهم برسلٍ وكتبٍ لِّلدِّين لا يدخل "محمد رسول ٱللّه" بين ٱلرّسل عندهم ولا ٱلقرءان بين ٱلكتب. ويرى هذا ٱلفريق أنّ محمدا ليس رسولا للّه وأنّ ٱلقرءان ليس من عند ٱللّه وأنّ "دين محمد" عدوّ لحرية ٱلإنسان وللديمقراطية ٱلتى يعلمون.
ويكتب أخرون وهم يرفعون أعلام ٱلإيمان بٱلدين وجميع ٱلرسل وجميع ٱلكتب. ومن هؤلآء فريق يؤمن أنّ ٱلسّلف صالح وقد رضى ٱللّه عنهم ووكّلهم بما لم يوكّل به ٱلرّسل وٱلأنبيآء ليكونوا ٱلمصدر لكلِّ علم وشرع فى ٱلدين. ويرى فيما يكتبه ويقوله ويعمله أنّ على ٱلناس أن يتبعوۤا ويُوثنُوا على ما قاله وعمله وشرّعه هذا ٱلسّلف ولا يَسألون فيه ولا يحنفون.
ويخصّ هذا ٱلفريق ٱلنّبىّ محمّد بسنّة قولٍ صنعها له هذا ٱلسّلف وأشركها مع سنّة ٱللّه وكتابه ٱلقرءان وبها يكفّر ويسفّه مَن لا يشرك معه ويعتدى عليه ويؤذيه ويقتله.
ولهذا ٱلفريق مؤسسات كهنوت يرفع فوق رأسه ٱسم "ٱلعلمآء" وله بيوت تعليم تصيطر عليه صناعة لغو ٱلسّلف وله هيئات سلطة ترفع سيف ٱلعلم بٱلدين وبه تفتى وتهيمن على ٱلتشريع فى جميع بلاد ٱلمسلمين.
ويرى هذا ٱلفريق أنّ مفاهيم ٱلحرية وٱلديمقراطية غريبة عن ٱلدين وبها يُعتدى على شرع ٱللّه وعلىٰۤ أمّة ٱلمسلمين.
ومن هذا ٱلفريق مَن ينتظر قولَ ناظرٍ فى ٱلحقِّ ليرفع عَلَمَ ٱلإعجاز من دون أن يسأل نفسه ماذا يريد بمفهوم "ٱلعجز" ومن دون أن ينظر ليرىٰۤ إن كان هذا ٱلمفهوم من مفاهيم ٱلقرءان.
ويقعد هذا ٱلفريق ينتظر قولا أخر للذين ينظرون فى ٱلحقِّ ويعلمون لعلّه يرفع صوته مرّة أخرى معلنا عن عجزٍ أخر لا يعلم به ولا بمصدره ولا بأسبابه.
ومن هذا ٱلفريق فريق ٱحتجّ على ما قاله ٱلسلف ورفع عَلَمَ ٱلقرءان ويقول أنّه وحده مصدر للتشريع. ويرى كثيرون من هذا ٱلفريق فى مفاهيم ٱلحرية وٱلديمقراطية أنّها توافق ما جآء فى ٱلقرءان. وقد نال هذا ٱلفريق وصف كافرٍ من مؤسسات كهنوت ٱلمسلمين ٱلمعلنة منها وٱلمختفية فى ٱلظلام بسبب قوله عن ٱلحرية وٱلديمقراطية. وقد وزّعت ٱلمختفية فى ٱلظلام من هذه ٱلمؤسسات فتوى بقتل بعضهم فى بيان حمل رقم (1) وتاريخ 10 -4-2006 وٱسم (أبو ذر المقديشى أمير الإعلام لجماعة المناصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم) وكان ٱسمى من بين ٱلأسمآء.
ويرى ٱلبعض فيمآ أكتبه أنِّى من ٱلفريق ٱلذى يرفع عَلَمَ ٱلقرءان كمصدر للتشريع ومنه شرع ٱلحرية وٱلديمقراطية كما رأىٰۤ أصحاب ٱلفتوى بٱلقتل. وقد كتبت وبيّنت أنّ ٱلقرءان بيان من ٱللّه لكلِّ شىء وليس للتشريع وحده. وأعلنت بما لدى من علم أنّ ٱلعلم بٱلدين هو ٱلعلم بٱلحقِّ ذاته (فيزيآء وبيولوجيا) وأن علمآء ٱلدين هم ٱلعلمآء فى ٱلحقِّ ذاته. وأعلنت أنّ ٱللّه هو ٱلخالق للحقِّ جميعه وهو صانعه ويعلمه ويحيط به ويحكمه ويهديه ويضلّه. وقلت أن ٱلقرءان لن يكون كتابا للّه إن لم يكن بيانا عن ٱلحقَّ جميعه. ولذلك وجهّت جهدى فى جميع ما كتبته مهتديا بأملٍ "لعلّكم تعقلون" إلى صناعة عقلٍ (مقارنة وموازنة) بين ما يبينه ٱلناظرون فى ٱلحقِّ منه وبين بيان ٱللّه عنه. وما رأيته بعمل ٱلعقل ٱلمستمرّ أن ٱلقرءان بيان عليم بجميع ٱلحقِّ يتشابه مع كلِّ بيانِ جزءٍ مِّنَ ٱلحقِّ يقرأه ٱلناظرون. كما رأيت فيه هداية للناظرين فىٰۤ أعمالهم ٱلقارئة حتّى لا يفسدون فى ٱلأرض ولا يظلمون ولا يعتدون ولا يَسدّون سبيل ٱللّه وهو سبيل ٱلنور وٱلعلم فى ٱلحقِّ جميعه. وبذلك أعلنت موقفى من ٱللّه ودينه بعد أن صدّقت قوله "كلّ نفس بما كسبت رهينة" ورأيت أنّ حريتى ٱلشخصية فيما يتعلّق بٱللّه ودينه محدّدة بمسئوليتى عن ٱختيارى بين ٱلإيمان وٱلكفر فٱخترت وأسلمت له طوعا. وأنّ حريتى ٱلشخصيّة فيما يتعلق بعيشى فى ٱلمجتمع محدّدة بمسئوليتى عن قبول ٱلعيش فيه وفق ميثاقه أو ٱلهجرة منه. وبذلك رأيت أنّ حريتى ومسئوليتى زادت من حاجتى للعلم فى كلِّ شىء أستطيعه.
لن أعود إلى ما كتبت وبيّنت فيه مسئوليتى وهو كثير. وسأكتفى هنا بٱلعمل على عقلٍ (مقارنة وموازنة) بين علمين وصناعتين. علم وصناعة ٱلكومبيوتر (هارد وير) وصناعة مناهجه (سوفت وير) وعلم صناعة ٱللّه للإنسان. ومأربى من هذا ٱلعقل هو بيان موقفى من مفهوم حرية ٱلإنسان ٱلتى قال عنها ٱلمفكر "جان بول سارتر" وقد أصاب أنّها "ٱلمسئولية".
فى ٱلقرءان قول يعلن أنّ ٱللّه خلق وصنع وأتقن صنعه وأحكم تأمين ملكيته لصناعته. وفى علم وصناعة ٱلكومبيوتر وصناعة مناهجه وتنزيلها وٱلعمل بها مثل مشابه. فكلّ شركة تصنع منهاجا program تجعل له أمانة (شروط اتفاقية المستخدم) لملكية ٱلصانع وحقه وحده فى رقابته وفى حمايته وفى تطويره وفى تجديد ما هلك منه. فتعرض ٱلأمانة على مَن يريد تنزيل ٱلمنهاج على كومبيوتره وله أن يقبل بحمل ٱلأمانة I accept فيحدث ٱلتحميل وٱلتنزيل وٱلتنصيب للمنهاج على كومبيوتره. وله أن لا يقبل I do not accept فينسحب عرض ٱلأمانة ويزول عن وجه كومبيوتره.
فى ٱلأمانة ٱلمعروضة على ٱلذى شآء تنزيل ٱلمنهاج شرط توثيقه وتأصيله من قبل مالكه خلال فترة محددة. فإن غفل ٱلمنزّل عن هذا ٱلشرط لا يكون له أن يطلب من ٱلمالك حماية ولا تطوير ولا تجديد لما هلك. وبذلك يهلك ٱلمنهاج ويخرب من بعد نهاية ٱلمدّة ٱلمحددة.
لقد حدّدت ٱلشركة حريّة مسئولة لمن يقبل بٱلأمانة وله أن يشآء بين أمرين محددين:
1- أن يؤصّل ويوثّق ٱلمنهاج من موقعها وحدها فينال متابعتها ٱلهداية وٱلتطوير وٱلتجديد لما هلك.
2- أن لا يؤصّل ولا يوثّق ٱلمنهاج فيحدث من بعد فترة محدّدة هلاك وخراب فيه ولا يكون منها هداية ولا تطور ولا تجديد لما هلك.
وبذلك تركت ٱلشركة لمن يقبل بأمانة منهاجها حريته ومسئوليته عمّا يشآء بين أمرين محددين من قبلها.
أشراط هذه ٱلشركة هى دين صناعتها. فمن يريد ٱلنفع من هذه ٱلصناعة ويجدد قوتها ٱلهالكة ويتّقى خرابها عليه أن يتبع دينها وأن لا يسأل غير صانعها ليهديه فى منهاجها ويؤصله ويطوره ويجدد ما هلك من قوته.
هذه ٱلأشراط (شروط اتفاقية المستخدم) هى دين منهاج ٱلشركة وهىٰۤ أمانتها ٱلتى تحكم ملكها. وهى مثل على ٱلدين عند ٱللّه ولعى أمانته. فكلّ شىء محكوم بأشراط صانعه وله يُسلمُ طوعًا وكَرها.
هذا ٱلمثل جعلنىٰۤ أبحث عن أشراط ٱللّه فى صناعته. وقد وجدتها فى كتابه ٱلقرءان وبيّنت فهمى لهذه ٱلأشراط فىٰۤ أكثر من عمل. وكان لِمَا بيّنته بما فهمت ٱلقليل من ٱلأنصار أما ٱلنافرون منه فكانوا كثيرين. وهذا جعلنى واثقا من ٱلسبيل ٱلذى سلكته بفعل ما تبيّنه أشراط ٱللّه:
"وإن تطع أكثر من فى ٱلأرض يضلّوك عن سبيل ٱللَّه إن يتبعون إلاّ ٱلظنَّ وإن هم إلاّ يخرصون" 116 ٱلأنعام.
فكثرة ٱلنافرين بعثت فى نفسى طمأنينة جعلتنىٰۤ أتابع فى عمل ٱلعقل وأبتعد عن جميع فرق ٱلمؤمنين بٱللّه صانعًا وقد قبلوا بٱلأمانة وٱمتنعوا عن ٱلتأصيل من عند ٱلصانع وٱتبعوا تأصيل لغو ٱللغة وشروحها ٱلتى تزعم تأصيلا تتبعه جميع فرق ٱلمؤمنين.
لقد صنع ٱللّه ٱلبشر جسما (هارد وير وسوفت وير معًا). وٱلجسم هو جسد ونفس فصار جسم ٱلبشر "أمّة" تفعل وتسلك كواحدة من أمم ٱلدّوآبِّ وٱلطيور. ثم عرض عليه أمانته فقبل بأشراطه وحمل ٱلأمانة (نفخ فيه من روحه وهو ما شبهت به تنزيل ٱلويندوز). فجعله منهاج ٱلأمانة ٱلمنزّل على قلبه ءَادما يأنس من بعد أن كان وحشا يفسد ويسفك ٱلدمآء صنعًا. وبذلك صار له حريته ومسئوليته عمّا يكسبه ويخسره ومسئوليته عن تأصيل ٱلأمانة من عند صانعها ومالكهآ. أو تركها من دون تأصيل فتهلك. أو تأصيلها من عند غير صانعها فيعمى ويضلّ.
ويقول ٱللّه للإنسان فيما يشرط عليه من دينٍ ويسأله عنه أنّ ملكيته لصناعته وهدايته لها وتجديد ما هلك منها وبيان ما تفعله لا يشاركه فيهآ أحد:
"إنَّنِىۤ أنا ٱللَّه لاۤ إلٰهَ إلاَّۤ أنا فَٱعبدنِى وأَقِم ٱلصَّلوٰة لذكرِى" 14 طه.
وفى قوله هذا بيان لما يلى من أشراط ٱللّه على ٱلإنسان:
1- "إنَّنِىۤ أنا ٱللَّه لاۤ إلٰهَ إلاَّۤ أنا".
هو وحده ٱلذى ينير ويبيّن ويهدى صناعته ويجدد ما هلك منها.
2- "فَٱعبدنِى".
هو ٱلملكُ ٱلمالك لصناعته ٱلمؤمّن عليها وهو وحده ٱلذى يشآء بما يأمر ويهدى صناعته. وعلى ٱلإنسان ٱلمؤتمن أن يعلم أنّ ٱللّه هو ٱلملك ٱلذى يأمره وعليه أن يعبده وحده (يطيع أمره) ولا يفسق عليه ولا يبحث عن ملك أخر ليعبده.
3- "وأَقِم ٱلصَّلوٰة لذكرِى".
على ٱلإنسان تلاوة أشراط ٱللّه وٱلعلم بما فيها من مسئولية عليه وبما سيحدث له إن فسق. وحتّى يُؤمّن لنفسه أفعال ٱلعبادة للّه وحده عليه ألا يغفل عن هذه ٱلأشراط ولا ينسى فيبقِى صلوته لذكر ٱللّه قآئمة.
هذا ٱلقول يبيّن مَن هو ٱلذى ينير للإنسان ويؤصّل ويوثّق ما حمله من أمانة ويجدد ما هلك من قوّتها. فلا سلف ولا خلف من ٱلناس يملك أن يؤصّل ويوثّق هذه ٱلأمانة ولآ أن يجدد ما هلك منها. فٱلذى حمل ٱلآمانة هو وحده ٱلمسئول فى حريته وٱختياره بين ٱلتأصيل وٱلتوثيق من ٱلمالك. وبين ٱلامتناع عن هذا ٱلتأصيل وترك ما فيه من منهاج يهلك ويخرب. سوآء ءكان ٱختياره يقوم على جهله بما لديه من أمانة يجعله يظنّ أنّ ٱلدين يناقض ما يعلمه. أم كان ٱختياره لتأصيل ما لديه من أمانة من عند غير ٱلمالك سوآء ءَكان هذا ٱلغير من ٱلسلف أم كان من ٱلخلف.
فٱلذى يقيم ٱلصّلوٰة لذكر ٱللّه هو ٱلذى يتلو بيانه لأشراطه "ٱلقرءان" ويفكّر ويعمل على فهم وفقه قول ٱللّه فيها من دون عون أحد فيما عليه من حرية ومسئولية. فيعلم بأنّ ٱللّه هو ٱلملك وهو ٱلهادى وهو ٱلمجدد لما هلك من قوّة ما لديه من أمانة فيعبده وحده ويتقى ٱلخراب بتأصيل وتوثيق ما فى ٱلأمانة من منهاج ملهم فى نفسه فيتزكّى.
أما ٱلذى لا يقيم ٱلصّلوٰة لا يذكر ٱللّه ولا يعلم بأشراطه فيغفل وينسى مَن هو ٱلملك ومَن هو ٱلهادى ويظنّ أنّ من ٱلبشر ملكا يعبده. وبعبادته لبشر يُفتح قسم من ٱلأمانة هو منهاج "إبليس" ويبدأ يغويه ويعميه ويضلّه ويجعله يظنّ أنّه على علم. فلا يتركه منهاج "إبليس" ليعلم أنّ صانع ٱلشىء هو وحده ٱلعليم بصناعته وهو وحده ٱلذى يهدى صناعته وهو وحده ٱلذى يضلّها.
بعد هذا ٱلعقل ٱلذىٰۤ أظهر ٱلتشابه بين صناعتين تطمئن نفسى فى ٱلقول عن ربط ٱلحريّة بٱلمسئولية. فمن ينكر ٱللّه وٱلدين بظنِّ علمٍ لديه. أو يؤمن بهما وهو يظنّ أنّ ٱلسلف أو ٱلخلف هو ٱلذى يؤصّل ويوثّق ما لديه من أمانة ويجدد ما هلك من قوتهآ. أو يؤمن بهما ولم يؤصّل ويوثّق وترك ما لديه من أمانة تهلك قوتها ولا تتجدد. أو يؤمن ويؤصّل ويوثّق ويهتدى وتتجدد قوّة ما لديه من أمانة من عند مالكها. لكلٍّ منهم حريته وعليه مسئوليته عمّا لديه من أمانة.
فٱلذى ينكر ٱللّه وٱلدين ينكر على ٱلصانع ملكيته لما لديه من أمانة يجهلها ويجهل بأشراطها عليه وتحديدها لحريته بمسئوليته فيما يشآء ويختار. وهذا يقول ويكتب وهو يجهل ويظنّ أنّه يعلم فيزهو بما يظنّه من حرية من دون مسئولية فيضلّ ولا يهتدى إلى ٱلحرية ٱلحقّ ويعيش عبدًا لظنونه.
وٱلذى لا ينكر ٱللّه ولا ينكر ٱلدين لكن يؤمن أنّ سبيل ٱللّه هو فى ٱلتوجّه إلى سلف مات أو خلف وَثَنَ يخيب ويخسر ويُمسخ قردا ذليل ٱلعيش وخنزيرا قاسيا قلبه يُقفل عليه سبيل ٱللّه ويُفتح أمامه طريق ٱلظلام فيعمى فيما يقوله ويكتبه وهو يظنّ أنّه مؤمن.
فما يقوله ويكتبه كل من ٱلناكر وغير ٱلناكر هو بفعل ٱلغواية ٱلذى يأتى به منهاج "إبليس" ٱلذى فعّله ٱلامتناع عن تأصيل ما لديه من أمانة. فيهيمن منهاج "إبليس" على ما يكسبه من تعليم بلسان لغو صنعه بشر مثله لم يؤصّل ما لديه من أمانة فصنع بلغوه دينا وأشركه مع لسان دين ٱللّه وطلب من ٱلناس ٱلتأصيل بما صنع من لسان ودين. وبه يكون قول كلّ من ٱلناكر وغير ٱلناكر.
ومن ٱلذين لا ينكرون ٱللّه وٱلدين لكنّه يمتنع عن ٱلتأصيل من عند ٱللّه يُفعّل بٱمتناعه منهاج "إبليس" فيرى فى "ٱلقرءان" تناقضا يجعله يقول أنّه ليس من عند ٱللّه. فيرى فى قول منه أنّ ٱلإنسان مسئول عمّا يكسبه من إيمان وهداية أو كفر وضلال:
"كل نفس بما كسبت رهينة" 38 ٱلمدّثر.
ولا تقفُ ما ليس لك به علم إنّ ٱلسَّمع وٱلبصر وٱلفؤاد كلّ أولٰئك كان عنه مسئولا" 36 ٱلاسراۤء.
"وقُلِ ٱلحقُّ من رَّبّكِم فمن شاۤء فليؤمن ومن شاۤء فليكفر" 29 ٱلكهف.
ويرى فى قول أخر ما ينقض هذه ٱلمسئولية:
"وما تَشَآءُونَ إِلآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا" 30 ٱلإنسان.
"وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن ٱللَّه ويجعل ٱلرجس على ٱلذين لا يعقلون" 100 يونس 100.
"من يهدِ ٱللَّه فهو ٱلمهتدى ومن يُضلل فلن تجد له وليًّا مُّرشدًا" 17 ٱلكهف.
فيسأل مستنكرا: كيف يشآء ويهتدى ٱلإنسان وقد أذن وشآء ٱللّه أن يضله ولا يرشده؟
فيبيّن أنّه لا يدرى ولا يعلم أنّ ٱللّه شآء أن يخلقه فصنعه وجعل له حرية ومسئولية فيما يشآء ويعمل:
"وٱللَّه خلقكم وما تعملون" 96 ٱلصافات.
فما يعمله بحريته ومسئوليته هو من خلق وصنع ٱللّه. فمآ يشآءه شآءه ٱللّه وأذن به فيما حمله من أمانة.
فعندما يشآء ٱلإنسان أن يؤمن ويعبد ٱللّه وحده بما فيه من منهاج مؤصّل من قبل ٱلصانع يهتدى صنعا. وعندما يشآء ٱلإنسان أن يكفر ويفسق على ٱللّه بما فيه من منهاج لم يؤصل من قبل ٱلصانع تهلك قوّة ٱلمنهاج لديه وتنطلق منه قوّة منهاج "إبليس" يغويه فيضلّ صنعا. وفى كلا ٱلحالين شآء ٱلإنسان ما شآءه ٱللّه فى صناعته.
ٱللّه هو ٱلصانع وهو ٱلهادى لصناعته. ومن يجهل بصانعه وهاديه يضلّ ولن يجد من يرشده:
"من يهدِ ٱللَّه فهو ٱلمهتدى ومن يُضلل فلن تجد له وليًّا مُّرشدًا" 17 ٱلكهف.
فلا يستطيع أحد غير ٱلصانع أن يهدى مهما كان حبيبا:
"إنك لا تهدى مَن أحببت ولكنَّ ٱللَّه يهدى مَن يشآء" 56 ٱلقصص.
لقد بيّن ٱللّه فىٰۤ أشراطه أنّه هو ٱلمرشد وٱلهادى لا يشاركه أحد فيما يأمر ويهدى. وبيّن لمَن يبحث عن مرشد وهادٍ غيره أنّ ٱلضلال حقَّ عليه:
"ولو شآء ٱللَّه لجعلكم أمَّةً وٰحدةً ولكن يضل من يشآء ويهدى من يشآء" 93 ٱلنحل.
فلا يؤمن صنعًا ويحقّ ضلاله صنعا وهو ما تبيّنه "كلمة ربّك" فى قول ٱللّه:
"إنّ ٱلذين حقَّت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون" 96 يونس.
لقد بيّن ٱللّه فىٰۤ أشراطه ٱلمأرب منها:
"ولكن جعلنٰه نورًا نهدى به من نشآء من عبادنا" 52 ٱلشورى.
ٱللّه هو نور ٱلسّمٰوٰت وٱلأرض وكتابه نور يهدى من ٱلناس مَن يؤصّل ويوثّق ما فيه من منهاج من عند صانعه. أما ٱلذين لا يؤصلون ولا يوثقون من عنده ويبحثون عن صانع أخر يظنون أنّه ينير لهم فيحقّ عليهم ٱلضلال:
"ولقد بعثنا فى كل أمّةٍ رسولا فمنهم مَن هَدَى ٱللّه ومنهم من حقَّت عليه ٱلضلٰلة" 36 ٱلنحل.
وٱلذين أصّلوا ووثقوا ما فيهم من منهاج بما جآءهم من نور يرشدهم ٱللّه ويهديهم فيقولون:
"وقالوا ٱلحمد للَّه ٱلذى هدىٰنا لهذا وما كنا لنهتدى لولآ أن هدىٰنا ٱللّه" 43 ٱلأعراف.
ويرى ٱلممتنعون عن ٱلتأصيل من ٱلمالك وٱلصانع فيما يقوله ٱلرّسلُ فى ٱلكتاب أنّ إيمان ٱلرّسل كان كرها لهم وأنّهم ملزمون على ٱتباع ٱلأمر:
"وأُمرت أن أكون من ٱلمؤمنين" 104 يونس.
"قل إنّىٰۤ أُمرتُ أن أكون أول من أَسلمَ ولا تكونن من ٱلمشركين" 14 ٱلأنعام 14.
فما قاله ٱلرسل عن ٱلأمر ليكونوا مؤمنين ومسلمين وغير مشركين يكشف عن تحكّم ٱلمالك بصناعته وعن أمره لها وجعلها لا تملك أن تشآء تبديله. ويبيّن أنّ ٱللّه لا يصلِّى على ٱلرّسول كما يصلِّى على ٱلنبىّ وعلى ٱلمؤمنين ولا يتركه ليشآء ويتمنّى ويلقى ٱلشيطان فىٰۤ أمنيته. فرسول ٱللّه يحمل رسالة منه وليس له أن يشآء فينقص منها وليس له أن يشآء فيزيد فيها.
فما يقال عن ٱلتناقض وما يقال عن ٱلإيمان ٱلمحدد بما يشآء ٱللّه هو قول مَن شآء أن لا يعلم بصناعة ٱللّه وأن لا يعلم بأشراطه فى صناعته. وبقوله عن ٱلتناقض يكشف كيف شآء ما شآء ٱللّه له من ضلال بٱمتناعه بحريته ومسئوليته ٱلعميآء عن تأصيل صناعة ٱللّه لما نفسه من أمانة.




#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفسيرُ ٱلمُتَشَابه متشابه
- ٱلحوار لا يقوم على لغوٍ
- حوار تمدّن أم هزل وهزء أعراب جاهلين؟
- ٱلتكاثر فى ٱلأموال وٱلأولاد يفسد فى ٱ ...
- ٱلقرءان هو أحسن تفسير
- ٱلتبشير حقّ للجميع
- تعقيب على مقال -إِن هُوَ إِلَّا ذِكر وَقُرءان مُّبِين-
- -إِن هُوَ إِلَّا ذِكر وَقُرءان مُّبِين-
- كلمة -فؤاد- تبيّن وتوكّد علمَ مُؤلِّفٍ وكتابٍ!
- نعلم لكن ٱلعليم هو ٱللّه
- حقوق ٱلإنسان هى حقوق خليفة للّه
- -إبليس- لا يسجد لأدم!
- ٱلمؤمن واحد أحد
- ٱلأمّة ٱلإسلاميّة أمّة جمعٍ تكفر على ٱلفرد ...
- ٱلِّسان ٱلعربىّ وٱلِّسان ٱلأعجمىّ
- ٱلرسول ٱلبشر يخشى ٱلناس فيخطئ
- زواج ٱلنّبىّ من مطلّقة زيد
- لسانُ ٱلقرءانِ عَربىّ مُّبين يَهدِى ولسانُ ٱللغة ...
- ٱلقول (ناسخ ومنسوخ في القرآن) هو تحريف للكلم عن مواضعه ...
- ٱلذكرى ٱلسابعة لتأسيس ٱلحوار ٱلمتمدن


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - ٱلحرية مسئولية