أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - أسماؤنا














المزيد.....

أسماؤنا


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:41
المحور: المجتمع المدني
    


ليسوا قلة أولئك الذين لا تعجبهم أسماؤهم، ويُقال أن المرء لا يملك الحق في لوم والديه إلا في أمر اختيارهما لاسمه، إن لم يُرضه ذلك الاسم. ويكون الاختيار مرتبطاً بمعتقد ما ( في سبيل المثال جرياً مع الحديث الشريف: خير الأسماء ما عُبِّد وحُمِّد )، أو بمناسبة الميلاد ( رمضان، فيضان، حربية، الخ ) أو لانسجام اسم الوليد مع اسم أبيه وجدّه في الإيقاع. لكن الاختيار قد يكون مزاجياً، أو مرتبطاً بنزوة ما. ونعلم أن بعض العائلات العراقية التي يموت أبناؤها في الصغر يلجأون إلى إطلاق أسماء غريبة وغير مستحبة على المواليد الجدد ظنّاً منهم أن هذا سيحفظ المولود من كل سوء ( جريدي، جرّية، زبالة الخ ). ويرى المتنبئون الفلكيون أن للاسم علاقة بمستقبل الإنسان وقدره وحظوظه. وقد اقترح عليّ صديق مهتم بهذا الشأن أن أجعل الآخرين ينادوني باسم سعدي المرتبط بالمريخ: كوكب الطاقة والنشاط، بدلاً من اسم سعد المرتبط بكوكب زحل وهو كوكب سلبي كما أكد.
يلجأ الآباء والأقرباء إلى تصغير أسماء أطفالهم تحبباً فيُنادى أحمد بـ ( حمّودي ) ومحسن بـ ( محيسن ) وهند بـ ( هنودة ). وأحياناً يبقى اسم التحبب هذا لصيقاً بالفرد حتى شيخوخته مثلما حدث مع اللاعب الراحل جمولي ( جميل عباس ) والمدرب الراحل عمو بابا ( عمانوئيل ). وبعد أن يكبر الإنسان ويتزوج يُنادى بكنيته ( أبو فلان، أم فلان ) وغالباً ما تكون باسم الابن الأكبر. وهناك من يغضب إذا ما ناديته باسمه الصريح، غير أن آخرين يُفضلون أن يُنادوا بأسمائهم لا بكنيتهم مثل صديقي الفنان التشكيلي منير العبيدي الذي طالما تساءل بإنكار: هل تكمن قيمة الإنسان بمن أنجب؟. وشخصياً أفرح حين أُخاطب باسمي أو باسم تحبب من قبل أصدقائي، وأتضايق من كلمة أستاذ تسبق اسمي وتجعل العلاقة بيني وبينهم تبدو رسمية. غير أن ثمة أشخاصاً لا يغفرون لك إذا لم تقرن كلمة أستاذ أو دكتور أو سيد بأسمائهم.
تقول الروائية الجزائرية الفرانكفونية آسيا جبار؛ "أن أسميك يعني أني أحبك". وفي الغرب تبدأ العلاقة الجيدة بين الأشخاص ( صداقة أو حب ) برفع الكلفة وذلك بطلب أحدهما من الآخر مناداته باسمه الأول.
أذكر في مرحلة الطفولة أن أحدنا حين كان ( يزعل ) من صاحبه لم يكن يقاطعه في اللعب بل يكتفي بالامتناع عن ترديد اسمه سواء أمامه أو أمام الآخرين. وقد يطول الأمر لأسابيع وأشهر، ويظلان يلعبان معاً، ولكن عودتهما إلى نطق أسماء بعضهما بعضاً تتطلب تدخل الأصدقاء الآخرين، وعندئذ تبرز مشكلة مَن يبدأ بلفظ اسم صاحبه فيجري نوع من التسوية؛ أن يرددا الاسمين معاً أو يتم اللجوء إلى تقطيع الاسم بحيث يلفظ الأول حرفا من اسم صاحبه، ثم يلفظ صاحبه حرفين من اسم الأول وهكذا حتى ينتهيا من لفظ الاسمين وسط تصفيق وصفير الأصدقاء. ولي صديق عرفته منذ وعيت الدنيا اسمه عمر. لمّا كنا نتخاصم نقطع علاقتنا حتى في اللعب وننتظر العيد. وفي صبيحة كل عيد كان يأتيني هو مبتسماً ماداً يده لمصافحتي قائلاً: أيامك سعيدة سعد. وتكررت الحالة هذه أربع أو خمس مرات. ودوماً كانت خطوته الاستباقية تلك تُشعرني بتفضله عليّ وبالخجل.. وقد ذكّرته، مؤخراً، بهذه الواقعة.. يومها لم نكن قد تجاوزنا العاشرة أو الحادية عشرة من أعمارنا، ومنذ ذلك الوقت بقيت علاقتنا راسخة، ربما لهذا السبب، لأنها كانت مبنية على الصدق وعلى روح التسامح.
أراد أمبرتو إيكو أن يضفي غموضاً أكبر على روايته الأولى بدءاً من العنوان فأسماها "اسم الوردة" ولمّا سُئل عن مغزى هذا العنوان قال؛ لأن الوردة لا اسم لها. وفي ميدان العلوم والفلسفة لا تُطلق التسميات اعتباطاً بل انطلاقاً من قواعد منهجية وإستراتيجيات. وللمفكر مطاع صفدي كتاب عنوانه "إستراتيجية التسمية في نظام الأنظمة المعرفية". وقد عالج ميشيل فوكو هذه المسألة بعمق في كتبه، ولاسيما "الكلمات والأشياء".
ليس الاسم هو ما يعطي القيمة والمنزلة للإنسان بل العكس، فالإنسان بأفعاله وسلوكه وإنتاجه وأخلاقه ونمط علاقاته هو الذي يرفع من شأن اسمه مثلما فعل العظماء والكبار عبر التاريخ. ولم تكن للحياة أن تستقيم من غير الأسماء. وهكذا علّم الله عز وجل آدم الأسماء كلها لمّا عاقبه بإخراجه من الجنة ونفيه في الأرض. والتسمية هي طريقة الإنسان للمعرفة، ولأنسنة وجوده والتكيف مع العالم، وتكييف العالم بما يلائم مصالح الإنسان.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو استشراف مستقبل ثقافتنا
- بعقوبة التسعينيات: ثقافة تعاند حصاراً مركّباً
- حس الواقع
- الولع بالقراءة: مع آلبرتو مانغويل في -تاريخ القراءة-
- في استهلاك المصطلحات السياسية
- القارئ مترجماً
- شذرتا الحداثة ومأزق تحديث الدولة العربية
- حداثة المثقف.. تحديث الدولة
- سيرك الإعلام ومهرِّجوه
- ذلك الانهيار في عالم الأمس لستيفان تسفايج
- المثقف وشبكة علاقات السلطة؛ 3 موقع المثقف ووظيفته
- المثقف وشبكة علاقات السلطة:2 آليات الإقصاء والإدماج
- المثقف وشبكة علاقات السلطة: 1 آليات صناعة الممنوع
- الدولة والإنتاج الثقافي
- تلك الأسطورة المتجددة: قراءة في كتاب -أسرار أسمهان؛ المرأة، ...
- -متشرداً بين باريس ولندن-: هوامش المدن المتروبولية في أوروبا ...
- إيزابيل الليندي تكشف أسرار أسرتها في -حصيلة الأيام-
- قراءة في كتاب: ( لعنة النفط.. الاقتصاد السياسي للاستبداد )
- النخب؛ البيئة الثقافية، والمشروع السياسي
- في وداع عام آخر


المزيد.....




- منظمة العفو الدولية: الحكومات التي تمد إسرائيل بالسلاح تنتهك ...
- رابطة العالم الإسلامي تدين الاعتداء على مقر الأونروا في القد ...
- الاحتلال ينفّذ حملة اقتحامات واعتقالات بالضفة ويخلف إصابات
- الأونروا: 80 ألف شخص فروا من رفح خلال 3 أيام
- هيومن رايتس ووتش تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية ...
- الأمم المتحدة: 80 ألف شخص فروا من رفح منذ كثفت إسرائيل عمليا ...
- بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد ...
- الأونروا: لن نتمكن من إيصال المواد الغذائية لأهل غزة غدا بسب ...
- ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب ...
- نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - أسماؤنا