أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - فأنونو: السر الدفين















المزيد.....

فأنونو: السر الدفين


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 817 - 2004 / 4 / 27 - 11:28
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في دار السينما يُسمع صوت امرأة تصرخ: "أبعد يديك عني! لا ليس أنت – بل أنت!"

تكمن في هذه النكتة القديمة خلاصة السياسة الأمريكية بالنسبة للتسلح النووي في الشرق الأوسط. "أنتم هناك!، العراق وليبيا وإيران أبعدوا أيديكم. لا يا إسرائيل لست أنت المقصودة".

لقد استخدم خطر التسلح النووي كذريعة رئيسية لاحتلال العراق. وقد فرضت عقوبات على إيران، بعد أن كانت ليبيا قد ذعنت وفككت مرافقها النووية.

إذن ماذا بالنسبة لإسرائيل؟

لقد اتضح هذا الأسبوع أن الأمريكيين هم شركاء كاملين في خلق "الخيار النووي" لدينا.

كيف تم الكشف عن ذلك؟ بواسطة مردخاي فأنونو طبعا.

لقد جرى في إسرائيل، طيلة الأسبوع، مهرجان حول ذلك السجين، الذي خرج يوم الأربعاء إلى الحرية.

لم تتوقف الأجهزة الأمنية عن ملاحقته بعد 18 سنة سجن، قضى 11 سنة منها في حبس انفرادي، وهو عقاب "قاس وبربري"، كما وصفه فأنونو نفسه عند خروجه من السجن. فور "إطلاق سراحه"، فرضت عليه تقييدات قاسية بمقتضى أنظمة الطوارئ البريطانية، التي وصفها في حينه زعماء الاستيطان اليهودي آنذاك بأنها "أسوأ من قوانين النازية".

ليس من منطلق الانتقام لا سمح الله!

لقد أعلن رجال الأمن من على كل منصة بأن هذا ليس انتقاما للفضائح التي سببها فأنونو للأجهزة الأمنية، وليس مجرد تنكيل، بل حاجة أمنية حيوية. يجب منعه من مغادرة البلاد أو التحدث مع الأجانب والصحفيين، لأن لديه أسرارا تلحق الخطر بأمن الدولة.

الجميع تعلمون بأن ليست لديه أسرارا. ماذا يمكن لفني أن يعرف بعد 18 في السجن، فيما تطور العلم النووي في تلك السنين بخطوات سريعة؟

لقد بدأ يتضح تدريجيا ما هو التخوف الحقيقي لدى الأجهزة الأمنية: يمكن لفأنونو أن يكشف أمر المشاركة الوثيقة القائمة مع الولايات المتحدة في تطوير الأسلحة النووية في إسرائيل. لقد أثار هذا الأمر قلق واشنطن حتى أن المسؤول عن شؤون "نزع السلاح" في وزارة الخارجية الأمريكية، نائب وزير الخارجية جون بولطون، قدم بنفسه إلى إسرائيل بهذه المناسبة. فقد اتضح بأن لفأنونو قدرة على إلحاق ضرر جسيم بهذه الدولة العظمى. إنها لا تريد أن تبدو، في العالم، كتلك السيدة في دار السينما المظلمة. (بالمناسبة، بولطون هذا يؤيد تلك المجموعة اليهودية المحافظة الجديدة، التي تشغل وظيفة مركزية في إدارة بوش. إنه يعارض نزع سلاح الولايات المتحدة والدول الواقعة تحت حمايتها، وقد تم غرسه في وزارة الخارجية خلافا لإرادة وزير الخارجية ذاته).

لقد استطاع فأنونو، في سياق التصريحات المقتضبة التي أدلى بها إلى وسائل الإعلام، أن يقول مقولة مبهمة: بأن الفتاة المغرية التي تسببت في خطفه لم تكن أصلا عميلة للموساد، كما كان يعتقد، بل عميلة للسي آي إي. لماذا كان عليه أن يصرح بذلك بهذه السرعة؟



منذ اللحظة الأولى كان في قضية فأنونو أمر شاذ.

عندما سمعت لأول مرة بأمر الرجل، اعتقدت لأول وهلة بأنه عميل للموساد، فكل التفاصيل كانت تشير إلى ذلك.

فكيف يمكن أن نفسر قدرة فني بسيط على إدخال كاميرا إلى أكثر الأماكن حراسة وسرية في دولة إسرائيل؟ وأنه كان يستطيع التقاط مئات الصور في ذلك المكان دون أي معيق؟ رغم أنه كان معروفا لدى كل الطلاب الجامعيين في بئر السبع على أنه يساري متطرف، يقضي معظم وقته بمعية طلاب عرب؟ وأنهم قد أتاحوا لهذا الرجل مغادرة البلاد، بما في حوزته من مئات الصور؟ وأنهم أتاحوا له الاتصال بالصحيفة البريطانية وتقديم مواد للعلماء، مكنتهم من الاستنتاج أن لدى إسرائيل 200 قنبلة نووية!

أليست سخافة؟ لكن الأمر منطقي جدا، لو افترضنا بأن فأنونو كان يعمل منذ البداية في خدمة الموساد. لم يكن لما كشفه للصحيفة البريطانية ألا يلحق الضرر لحكومة إسرائيل فحسب، بل على العكس، كان ذلك سيزيد من قوة ردع إسرائيل، دون أن يلزم هذا الأمر حكومة إسرائيل، التي كان باستطاعتها إنكار ما نشر.

ما أتى بعد ذلك أيضا قوى هذا الافتراض. فبينما كان فأنونو في لندن، في خضم ما كشفه للصحيفة وبينما كانت عدة وكالات مخابرات تتعقب كل تحركته، خاض قصة غرامية مع تلك العميلة. لقد أغرته للسفر معها إلى روما، حيث اختطف هناك مخدرا ونقل إلى إسرائيل في سفينة. هل يمكن لأي شخص أن يكون ساذجا إلى هذا الحد؟ هل كان لشخص طبيعي أن يقع في مثل هذا الفخ الرجعي؟ ليس هذا معقولا. يستشف من هذه القضية كلها أنها لم تكن إلا قصة تغطية كلاسيكية.

إلا أنه عندما كشفت القضية، وعرف بتفاصيل التنكيل اليومي بذلك الرجل، على مر سنوات، اضطررت إلى التخلي عن نظريتي الأولى وأجبرت على الاعتراف بحقيقة كون أجهزة المخابرات لدينا أكثر غباء مما اعتقدت (لم أكن أصدق أن ذلك ممكنا)، وأن كل هذه الأحداث حدثت عن طيب نية، وأن مردخاي فأنونو هو شخص مستقيم ومثالي، رغم كونه ساذج إلى حد يثير العجب.

لا أشك في أن خلفيته هي التي بلورت شخصيته. إنه ابن لعائلة كثيرة الأولاد، كانت تعيش في المغرب متمكنة اقتصاديا ولكنها وصلت إلى البلاد لتعيش في تخشيبة انتقالية، ومن هناك إلى حياة الفقر في بئر السبع. رغم هذا كله نجح هذا الرجل في الالتحاق بالجامعة والحصول على اللقب الثاني، وهو إنجاز يستحق التقدير، غير أنه عانى، على ما يبدو، من التكبر والآراء المسبقة التي تشبث فيها زملاؤه الشكناز. لا شك في أن هذا الأمر ساعده على الانخراط في أوساط اليسار المتطرف، حيث لم تكن مثل هذه الآراء المسبقة سائدة هناك.

لقد كانت مجموعات مراسلي الشؤون الأمنية وغيرهم من المحللين، المرتبطين بالأجهزة الأمنية برباط وثيق، قد نشروا في كافة وسائل الإعلام بأن فأنونو "يتخيل الأمور"، وأن إبقاءه المستمر في الحبس الانفرادي دعاه إلى "إقناع نفسه بصحة ترهات مختلفة"، وأن من شأنه "اختراع أكاذيب مختلفة". وعلى وجه التحديد: المسألة الأمريكية.

أصبح من المفهوم الآن، على هذه الخلفية، لماذا فرضوا عليه هذه التقييدات الصارمة، التي تبدو لأول وهلة مجنونة للغاية. واتضح بأن الأمريكيين قلقين وأن على الأجهزة الأمنية في إسرائيل الرقص على أنغام الناي الأمريكي. يمنع، بأي شكل من الأشكال عن العالم أن يسمع، وبالذات من مصدر موثوق به، بأن الأمريكيين هم شركاء في التسلح النووي الإسرائيلي، في الوقت الذي يتظاهرون فيه كأبطال الحد من نشر الأسلحة النووية.

وكما قلنا: "لست أنت! بل أنت!".



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلد شارون، وجلد بوش المرقط
- الأرز المر (2) أو: مسيرة الحماقة
- رسالة إلى عرفات
- ثلاثة جنرالات وقديس واحد
- كل الاحترام، يا أصدقائي
- روميو الفلسطيني
- طالما ظل الجيتو في القلب
- الدب الراقص
- نعم سيدي الوزير!
- إلى غزة!
- إكليل الأشواك
- رجل أسكيمو في البنطوستان
- اللا سامية – دليل المصطلحات
- العجلة من الشيطان!
- النوم على سرير (برنامج سياسي) مريح
- الأمر المُطلق
- صدام إلى هاغ!
- بالونات
- وما زالت دواليب الهواء تدور
- شجار في ليشبونه


المزيد.....




- استطلاع: ثلث طلاب الجامعات البريطانية المرموقة يعتبرون هجوم ...
- ضابط استخبارات أمريكي سابق: من تبقى من الأوكرانيين ليسوا مست ...
- لماذا النسيان مفيد؟
- روسيا.. تنظيم يانصيب للفوز برحلات عائلية للحج خلال مهرجان إس ...
- -أنت مطرود.. أخرج من هنا يا جو!-.. ترامب يسخر من بايدن ويهاج ...
- النيجر ومالي وبوركينا فاسو تتفق على الصيغة النهائية لتشكيل ا ...
- إلغاء عشرات الرحلات في ثاني أكبر مطارات ألمانيا إثر احتجاجات ...
- كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط ...
- البرلمان العراقي يخفق في انتخاب رئيس له بعد جلسة متوترة
- الرياض وواشنطن تبحثان الاتفاقيات الإستراتيجية والأوضاع في غز ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - فأنونو: السر الدفين