أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - العجلة من الشيطان!















المزيد.....

العجلة من الشيطان!


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 713 - 2004 / 1 / 14 - 03:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 حقا لا يمكننا أن نثق بهؤلاء العرب.

     فها هو  معمر القذافي على سبيل المثال. كان يتصرف كالمهرج منذ عشرات السنين، وكل العالم كان يسخر منه (مع استراحات قصيرة، عندما اسقط طائرة فرنسية وطائرة بان آم في لوكربي). كانت ليبيا دولته "دولة منحرفة"، وكأن داء الصرع الدولي قد أصابها. لقد أنتجت سلاح الدمار الشامل. كرهها الأمريكيون، وقصفوها بين الفينة والأخرى. وقد قتلت في هجوم لهم عليها ابنة القذافي نفسه.

     لقد كان بإمكاننا أن نثق بالقذافي. فهو قد منحنا ذريعة لإنتاج تشكيلة من الأسلحة. الكل كان يدرك أن إسرائيل تحتاج إلى قنبلة يوم القيامة، لتواجه مثل هؤلاء الناس، وأن لا مكان للحديث عن السلام.

     وفجأة!

     فجأة تحول القذافي إلى حبيب العالم. أنظروا كيف يبدو بعباءته: رجل جدي، سياسي متمرس ومتزن. يقوم بتسوية الصراعات. يدفع أموالا طائلة لضحايا الطائرتين التين أسقطهما. يدعو الأمريكيين لمراقبة أسلحة الدمار الشامل بأنفسهم. يداهن الرئيس بوش. يقدم التنازلات لإسرائيل. غدا – لا قدر الله، سوف يدعو بوش ليلعب دور الوساطة بينه وبين صديقه الحميم شارون.

     إذا بدأ بوش بتدليل القذافي، فإنه سيقلل من تدليل شارون. من شأنه، لا قدر الله، أن يطلب منا أيضا تفكيك أسلحة الدمار الشامل.

     أو انظروا إلى إيران. حسنا، إنهم ليسو عربا تماما، إنهم مسلمون فقط، ولكن كل المسلمين سواسية. يكرهون إسرائيل ويخططون لإبادتها.

     كنا نثق بإيران. فقد كان فيها دائما من يصرخ: "الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل!" يقومون بإنتاج قنبلة ذرية. يقسمون بأنهم سيقبرون الشيطان الكبير ومعه الشيطان الصغير (إسرائيل). صحيح أننا قمنا ببيع بعض الأسلحة لهم، بهدوء دون أن يشعر أحد، بموافقة من الأمريكيين (هل تذكرون فضيحة إيران غيت؟) إلا أن ذلك لا يؤخذ بعين الاعتبار. لقد أدرج الرئيس بوش إيران في قائمة "محور الشر". كان يحذونا الأمل بأنه بعد احتلال العراق، سوف يتوجه الأمريكيون "لمعالجة" إيران. تبدو إيران، بين أفغانستان والعراق، كحبة جوز بين فكي كسارة جوز ضخمة.

    وفجأة!

    فجأة بدأ العسل ينقط من إيران. فهي تشكر الأمريكيين على المساعدة التي قدموها لضحايا الزلزال الكبير. تدعو المراقبين الدوليين لفحص منشئاتها النووية.

    والأمريكيون– يا للعجب! -  يصدقونهم. يصغون إلى تشيد المصالحة. وهناك منهم من يطلب منا أن نحذو حذوَ ليبيا وإيران، وأن نفتح منشئاتنا أمام المراقبة الدولية!

     غير أن ذلك يكاد يكون صفرا بالمقارنة مع سوريا.

     إن كان هناك شعب عربي كان بإمكاننا أن نثق به دون حدود، فهؤلاء هم السوريون. يكرهون إسرائيل منذ أن ولدتهم أمهم. متصلبون. لا يساومون. يكدسون الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. صحيح أنهم يحافظون على الهدوء على الحدود الشمالية في خط وقف إطلاق النار مع إسرائيل، إلا أنهم يستخدمون حزب الله ضدنا، ويستضيفون في دمشق قواعد الإرهاب.

     لقد عرَّفتهم حكومة بوش على أنهم إرهابيون. ووضعوهم هدفا نصب أعينهم. لقد وعدنا أصدقاؤنا في البنتاغون، وولفوبيتش وبقية حلفاء الصهيونية، بأن دور سوريا سيأتي بعد العراق. والأتراك أصدقاؤنا كان يمكنهم أيضا المشاركة في الاحتفال. فإن لهم نزاع مع سوريا منذ سبعين سنة، منذ أن نقل الفرنسيون (الذين حكموا سوريا آنذاك) منطقة الاسكندرونة السورية إلى الأتراك. وقد تعمق هذا النزاع بعد تأييد سوريا لتمرد الأكراد في تركيا، وطالبت بجزء أكبر من مياه الفرات الذي تقع منابعه في تركيا.

     وفجأة!

     وفجأة يحوِّل هذا الشاب، بشار، اتجاهه بين ليلة وضحاها. فجأة تحول الأسد إلى ثعلب يصبو إلى السلام. يريد مساعدة الأمريكيين. يدعو إسرائيل إلى استئناف المفاوضات. يزور تركيا ويعقد معها تحالفا لمواجهة استقلال الأكراد في العرق.

     هذا أمر خطير. بل وخطير جدا. فمن شأن الأمريكيين أن يضغطوا علينا لإحلال السلام وإعادة هضبة الجولان. نعم، في هذه الأثناء ينتاب ردود فعلهم البرود النسبي، ولكن من شأن ذلك أن يتغير. فمع اقتراب موعد الانتخابات في الولايات المتحدة، مع تزايد وصف أعداء شارون للحرب في العراق على أنها كانت فشلا ذريعا، سيكون بوش معني بالإثبات بأن نجاح الحرب قد فاق التوقعات. يشهد على ذلك قيام "شرق أوسط جديد" (يا للهول، بدون شمعون بيرس). إيران، سوريا وليبيا قد تخلوا عن أعمالهم السيئة وانضموا إلى المعسكر الأمريكي. تم تفكيك كل أسلحة الدمار الشامل، ما عدا أسلحة إسرائيل.

     ليس من العجب أن تتخبط حكومة شارون في أزمة خانقة. فهي تبذل كل ما في وسعها لإحباط المؤامرة. تنشر على الملأ توجهات القذافي السلمية، لإجباره على إنكارها. ترفض مؤامرات السلام التي يحيكها الأسد. ويقول شارون "العجلة من الشيطان!". فالأسد غير جاد فيما يقول، وهو يريد التملق أمام الأمريكيين فقط. إنه يريد استخدامنا بهدف الوصول إلى بوش. إسرائيل بالنسبة له "سبيل إلى البيت الأبيض"، كما قال شارون.

     أما من تعودوا على الخسارة فسيقولون، هيا نستغل هذه الفرصة. الأسد ضعيف؟ الأسد خائف؟ الأسد يريد مصالحة الأمريكيين؟ فها هي الفرصة سانحة للتوصل إلى سلام معه! ماذا سنخسر؟ إذا كان بشار الأسد جادا في نيته، فسننهي بذلك نزاعا مع أخطر أعدائنا. وإن لم يكن جادا، فسوف يكشف وجهه الحقيقي.

     (هؤلاء الخاسرون هم نفس الذين اقترحوا عام 1972  قبول عرض أنور السادات، الذي نقله إلينا مبعوث الأمم المتحدة جونار يارينغ. إلا أن زعامة إسرائيل كانت آنذاك متشددة ومتصلبة ورفضت الاقتراح "رفضا باتا". صحيح أن ذلك قد أدى في حينه إلى نشوب حرب أكتوبر، وقد قتل 2000 من الشباب الإسرائيلي، ناهيك عن عشرات آلاف المصريين والسوريين، غير أن هذا قد ألحق الضرر بهؤلاء الذين اعتادوا الخسارة).

     شارون لن يرد على السوريين لأن الرد عليهم يمكن أن يؤدي إلى السلام. والسلام مع سوريا معناه إعادة هضبة الجولان كلها وتفكيك كل المستوطنات. هذا سيكون أمر مؤلم بالنسبة لشارون، وسيشكل سابقة يمكن أن يحتذي بها الفلسطينيون. "لا سمح الله!" كان شارون سوف يقول في نفسه لو آمن بذلك.

     بشار الأسد، الثعلب الذي يلبس جلد أسد، يريد استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في عهد إيهود باراك حين نجح باراك التملص من خطر السلام في اللحظة الأخيرة. فقد طالب الأسد (الأب)، كما تذكرون، بالعودة إلى شاطئ بحيرة طبريا، بدل أن يتوقف على بعد عشرات الأمتار منها. باراك لم يكن ليتحمل فكرة أن يغمس الأسد رجليه الطويلتين في مياه البحيرة. الآن، يتخلى الأسد (الابن) عن هذه المتعة، وسيغمس رجليه الطويلتين في مياه أخرى. ربما في مياه نهر الفرات.

     شارون لن يكرر خطأ باراك، الذي تملص من المسألة بالقوة. إنه لن يبدأ المفاوضات أصلا. وبالفعل، فإذا كان الأسد ضعيفا، ليس من الحري بنا أن نفاوضه.

     المصيدة الأولى: إذا كانوا العرب أقوياء، فمن غير الممكن التوصل إلى السلام معهم، يجب أولا إخضاعهم. وإن كانوا ضعفاء، فما الحاجة إلى صنع السلام معهم. ماذا يفيد التراجع؟

     المصيدة الثانية: إذا قال العرب بأنهم يريدون الحرب، يجب أن نصدقهم. العرب لا يكذبون. أما إذا قال العرب بأنهم يريدون السلام، فمن الواضح أنهم يكذبون، وهل حري بنا أن نصنع السلام مع الكاذبين؟

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النوم على سرير (برنامج سياسي) مريح
- الأمر المُطلق
- صدام إلى هاغ!
- بالونات
- وما زالت دواليب الهواء تدور
- شجار في ليشبونه
- الخطاب الذي ألقيته في الحفل التكريمي لي ولسري نسيبة بمناسبة ...
- سبعون حورية ليعلون
- مطلوب: شارون يساري
- نقائل السرطان
- من تصدقون؟
- الدرع البشري
- خيانة كامب ديفيد
- بطل الحرب والسلام
- ثورة الضباط
- من سينقذ أبا مازن؟
- صوت لأسيادهم
- نحن الوطنيون
- افضل مسرحية في المدينة
- هم يُقتلون


المزيد.....




- غيتار بطول 8 أقدام في موقف للمركبات الآلية يلاقي شهرة.. لماذ ...
- ساعة ذهبية ارتداها أغنى راكب على متن -تيتانيك-.. تُباع في مز ...
- اغتيال -بلوغر- عراقية وسط بغداد.. ووزارة الداخلية تفتح تحقيق ...
- ثوران بركان إيبيكو في جزر الكوريل
- -إل نينو- و-لا نينا- تغيران الطقس في أنحاء العالم
- مكسيكي يقول إنه فاز بشراء أقراط بـ28 دولارا بدل 28 ألف دولار ...
- سيناتور روسي يقيم جدوى نشر أسلحة نووية أمريكية في بولندا
- هذا هو رد بوتين على المساعدات لأوكرانيا من وجهة نظر غربية (ص ...
- الولايات المتحدة تطور طائرة -يوم القيامة- الجديدة
- الجيش الروسي يستعرض غنائمه من المعدات العسكرية الغربية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - العجلة من الشيطان!