أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - سبعون حورية ليعلون















المزيد.....

سبعون حورية ليعلون


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 658 - 2003 / 11 / 20 - 05:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


     ماذا حدث لرئيس الأركان، الجنرال موشيه ("بوغي") يعيلون؟
     فما لبث أن كان الصقر الأكثر تطرفا في الجيش، وربما في الدولة قاطبة. وفجأة تحول إلى ما هو أشبه بالحمامة.
     هل شاهد تجلٍ، كما حدث للحاخام شاؤول، الذي خرج إلى دمشق بهدف التحريض ضد المسيحيين، وفور وصوله تحول إلى بولس، تلميذ يسوع المسيح وحامل بشارته؟

     حتى الآن كانت بشارة يعلون بعيدة كل البعد عن تعاليم المحبة التي دعا إليها المبشر اليهودي من الناصرة. فقد كانت تعاليمه: افتكوا بالعرب، وسوف يستسلموا. إذا لم يكف هذا ألحقوهم بضربة أعنف. حولوا حياة كل فلسطيني إلى حياة لا تطاق، وامنعوا خروجهم من قراهم أو من مدنهم، جففوا مصادر معيشة عائلاتهم، أبعدوهم عن أراضيهم.

     يمكن لهذا أن يكون حسابا من عالم الرياضيات تقريبا: ستصل حياة الفلسطينيين إلى نقطة الانكسار. لن يكون بإمكانهم الاستمرار في العيش. سوف يستسلموا، سوف يطأطئوا رؤوسهم ويقبلوا بكل ما تتفضل حكومة إسرائيل باقتراحه عليهم. سوف يسلموا مقاتليهم ("المخربون" بلغة الاحتلال، "الأبطال الوطنيون" بلغة من احتلت أرضهم). سوف يعيشون في قطاعات تخصصها إسرائيل لهم، أو أنهم سيبحثون عن حياة إنسانية لهم في دولة أخرى.

     أما الآن، فجأة، يتراجع رئيس الأركان عن هذا الموقف. إنه يقول للجمهور بأن سياسة الحكومة – التي كان هو ذاته الوصي الأول عليها – هي سياسة "هدامة". فبدل أن تقضي على الإرهاب، هي تنتجه. يجب تحسين حياة الفلسطينيين ويجب إعطاؤهم الأمل.

    ماذا حدث؟

    لقد نجح الجزء الأول من الخطة بأكثر مما هو متوقع. فحياة الفلسطينيين قد تحولت إلى جحيم فعلا. اغلبيتهم يعيشون على حافة الجوع، وبعضهم يعاني من الجوع فعلا. مئات الآلاف من الأطفال يعانون من سوء التغذية. كل قرية تحولت إلى معسكر احتجاز، محاطة من كل جهاتها. التنقل غير ممكن تقريبا. لا يمكن الوصول إلى أماكن العمل، المستشفيات، الجامعات والمدارس، ولا يمكن نقل المنتوجات إلى الأسواق. قوات الجيش ترابط وتتجول في المدن والقرى. تفجر البيوت وتعتقل النشطاء وتقتلهم. وفي هذه الأثناء يقتل النساء والأطفال بشكل اعتيادي. يكفي صوت محرك طائرة واحدة لتتوقف أنفاس مجتمع كامل.

     من هذه الناحية، قد تحققت كل أهداف يعلون. من الصعب وصف حالة أكثر تفاقما من هذه الحالة،  فيما عدا تنفيذ مجزرة جماعية. ووفق الخطة، كان من شأن الفلسطينيين أن ينكسروا منذ وقت طويل.

     ويا للعجب – لم يحدث ذلك. الجمهور الفلسطيني لم ينكسر، فقد رتب الناس أمورهم في هذه الأوضاع المتفاقمة أيضا. فقد استمر التعاون المتبادل بين كل العائلات. ما زالت أغلبية الفلسطينيين الساحقة تؤيد العمليات الانتحارية ("الإرهاب" بلغة الاحتلال، "النضال المسلح" بلغة الذين احتلت أراضيهم). المنتحرون يتمتعون بتأييد عام ويملئون قلوب أبناء شعبهم بالفخر. مقابل كل شهيد يقوم بتفجير نفسه، هناك مئة ممن ينتظرون دورهم للحاق به.

     الجدال الوحيد الذي يدور في الأوساط الفلسطينية هو: هل من المجدي الاستمرار في العمليات الانتحارية في المدن الإسرائيلية، أو أنه من المفضل التركيز على مهاجمة الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في المناطق المحتلة.

     يبدو أن يعلون وضباته قد توصلوا إلى استنتاج بأن القضية قد فشلت. فأي ضغط آخر على الفلسطينيين سوف يؤدي إلى نتائج معكوسة: المزيد من الكراهية والمزيد من العداوة. ونتيجة لذلك ستزيد العمليات الانتحارية التي ستجبر الجيش تجميد المزيد من الجنود ورصد المزيد من الموارد، من دون التوصل إلى شيء يذكر.

     الصقر يعلون تحول إلى يعلون يشبه الحمامة. إلا أن بلسمه الجديد يرتكز على افتراضات كاذبة: فبدل "الفتك بهم" يجب الآن "منحهم التسهيلات". أي تسهيلات هذه؟ هل هي السماح لبعض الآلاف الحصول على قوتهم في إسرائيل، أو السماح لبضع المئات من التجار باجتياز الخط الأخضر وشراء البضائع الإسرائيلية. (الاقتصاد الإسرائيلي بحاجة ماسة إلى ذلك). إزالة حاجز من هذا المكان أو ذاك. التقليل من استخدام القوة وزيادة وتحسين التعامل.

     هذه الوصفة أيضا مصيرها الفشل. فهي كالوصفة الأولى ومثل كل التوقعات الفاشلة التي اعترضت طريق الجيش الإسرائيلي (أنظروا حرب أكتوبر!)، ترتكز على كراهية عميقة للعرب عامة وللفلسطينيين خاصة. ولكن، وكما أدرك جبوطينسكي قبل 80 سنة: ليس من الممكن شراء العرب.  إن تبديل الجحيم التام بجحيم أقل وطأة لن يحثهم على تغيير أهدافهم الوطنية.

     حتى وإن تحولت الأراضي المحتلة إلى فردوس على الأرض وأحضر الحكم العسكري 70 حورية لكل مواطن ذكر، فإن الفلسطينيين سيستمرون في التطلع إلى التحرر من الاحتلال، ويريدون دولة خاصة بهم في كل الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية.

     إلا أن "التسهيلات" التي يعد بها يعلون لن تأتي بالفردوس. فهي سوف تكون كقطرة ماء على جمرة ملتهبة. زد على ذلك الوحش الكاسر المدعو "الجدار الأمني"الذي يزيد من بؤس آلاف الأشخاص الآخرين فهو يستلب أراضيهم ويمنع عنهم الوصول إلى إخوتهم إلى الأبد.

     لم تنتب يعلون فجأة نوبة من الإنسانية، فهوقد بدأ يحس بأن الجمهور قد بدأ يتراجع عن تأييد استراتيجيته. حتى الأغبياء بدءوا يفهموا أن هذه الاستراتيجية قد منيت بفشل ذريع. يعلون يبدل وجهته لأن الجمهور بدأ يبدل وجهته هو أيضا.

     لو كان هذا الشخص صاحب مبادىء لكان سيمثل أمام رئيس الحكومة وينزع شارات رتبه عن كتفه ويضعها على الطاولة ويقول: "سيدي، لقد فشلت. أنا مستقيل". على فكرة، أنصحه بفعل ذلك.              



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلوب: شارون يساري
- نقائل السرطان
- من تصدقون؟
- الدرع البشري
- خيانة كامب ديفيد
- بطل الحرب والسلام
- ثورة الضباط
- من سينقذ أبا مازن؟
- صوت لأسيادهم
- نحن الوطنيون
- افضل مسرحية في المدينة
- هم يُقتلون
- الآباء يأكلون الحصرم
- زيارة عرفات؟ عجبا
- الجدار السيئ
- لا تحسدوا أبا مازن
- يقرعون الباب في منتصف الليل
- بعد انقضاء الليل
- تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب


المزيد.....




- مسؤول: أوكرانيا تشن هجمات ليلية بطائرات دون طيار على مصفاة ن ...
- -منزل المجيء الثاني للمسيح- ألوانه زاهية ومشرقة بحسب -النبي ...
- عارضة الأزياء جيزيل بوندشين تنهار بالبكاء أثناء توقيف ضابط ش ...
- بلدة يابانية تضع حاجزا أمام السياح الراغبين بالتقاط السيلفي ...
- ما هو صوت -الزنّانة- الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بال ...
- شاهد: فيديو يُظهر توجيه طائرات هجومية روسية بمساعدة مراقبين ...
- بلومبرغ: المملكة العربية السعودية تستعد لعقد اجتماع لمناقشة ...
- اللجنة الأولمبية تؤكد مشاركة رياضيين فلسطينيين في الأولمبياد ...
- إيران تنوي الإفراج عن طاقم سفينة تحتجزها مرتبطة بإسرائيل
- فك لغز -لعنة- الفرعون توت عنخ آمون


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - سبعون حورية ليعلون