أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمل فؤاد عبيد - جدل الخبرات وشروط التمكين .. (8 )















المزيد.....

جدل الخبرات وشروط التمكين .. (8 )


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2669 - 2009 / 6 / 6 - 09:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نعود ونقول إن القرآن فيه من المساندة والدعم النفسي بأكثر من تقرير فروض وترهيب وترغيب .. إنما هناك علاقة يقيمها القص القرآني مع قارئه وما يطرحه في قصصه من حركية للضمائر وتلافيف اللغة المنصوصة على دائرية الجدل بين الأحداث .. أو جدل الصراع بين معسكري الخير والشر .. وهو لا يقف عند حد الوصف فقط وإنما هناك تعري للنفس البشرية بما لها وعليها .. ومبدأ الترغيب يأتي من حيث الأفضل وقليلا ما يتحرك القرآن في آياته على حد التحريم فقط .. إنما هناك مستوى يحتاج لإدراك وتفهم يعطي للنص معنى إنساني عميق ويضيف لقارئه إحساس بالامتداد لحدود أبعد من حدود جسده الحسي .. فمن خلال تغييب الواقع تغييبا مؤقتا في واقع السلف أو الحدث القديم يمنحنا تجاوزا للفهم ورؤية الذات / الآخر رؤية أكثر إحساسا بالحقيقة ومن ثم احتمالية الفهم وتقرير الفعل يصبح ممكنا وكلما تمعنا القراءة تمنحنا صراطا ليس ببعيد عن حدود إنسانيتا وليس هو صراط مستحيل .. وما الصراط إلا وسطية الإحساس بالنفس والآخر ومن ثم الخروج من بوتقة الأنانية أو مشوهات النفس من ظلم لها أو للغير .. لذا نحن نحتاج لإعادة قراءة لهذا النص الجليل لما يحمله من أنوار تتمثل فيه سر تلك الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو التواب الرحيم .. وعندما تقرأ وتفهم في حدود الاستطاعة لاستيعاب التجربة الإنسانية بشمولها وكليانيتها وجزئياتها المنفردة أيضا لتصبح وكأنك امتلكت عيونا جديدة .. تتفتح على مستوى آخر أكثر حقيقة مما تراه عيناك في الأصل وإن كانت ترى .. هي عيون القلب التي بدأت تتحسس كينونتها من خلال جملة التفاصيل التي تتكشف أمامها .. وليس بالضرورة يكون الخير أو الشر متحققا كل منهما في معسكر منفصل عنك .. عندما تخرج من نفسك وتصبح لك سلطة شاهدة على النفس .. سوف ترى نفسك وكأنك أصبحت أكثر دراية بنفسك وسوف تتعرف أكثر عليها وتعرف لأي معسكر هي تنتمي للخير أم للشر .. بدأت خيوط التشابك تنحل عن نفسها وتدرك بأن لك قوة ليست هي قوة النفس التي كنت تعرفها بمالها من سلطان و حضور .. بل أصبحت ترى بقلبك وتتحقق مما ترمي إليه نفسك وتدفعك له وما يحاورعقلك و يترجمه من أفكار وخواطر.. أصبحت الآن .. في معزل عن ذلك المسرح الذي تعج فيه الصور والخيالات والظلال بلا تمييز .. لتحقق جغرافيا جديدة .. تتمكن من خلالها ترتيب محتواك النفسي والذهني والروحي بما يتناسب وإحساسك بالرضا والطمأنينة .. تبقى هذه الحال فترة .. لا يمكنك سوى الاستعانة بنص القرآن .. تتحرك على سطحه قارئا مستكشفا مستوحيا مستلهما ومستنطقا .. فللقراءة هنا بعدا آخر غير التعبد فقط .. بعد الاستنطاق والتقرب والالتحام يتحقق البعد الروحي لك .. والذي يمهد الطريق إليك أو أمامك لتشعر بالله شعور المتعبد حقيقة .. وهي عبادة قلبية تستوجب الالتزام بمحض إرادة حرة وفهم وصيرورة إلى الحق وسيرورة تيسر عليك فهم المنهاج على مهل .. يصبح بإمكانك الإنصات لصوت داخلي يعلو من آن لآخر .. تخرج من طور المتلقي الصامت .. الساكن في قلب نفسه ليصبح لك عقلا متدبرا .. مستنطقا وناطقا في آن ..و متفهما لأحوال نفسه وأحول قلبه .. متأرجحا بين المحاولة تارة والتمكين تارة أخرى وأيضا بين رافضا ومتقبلا .. هذا الرفض وفهم أسبابه أصبح متيسرا لك وأمامك .. ذاك أنك تتدبر أحوالك وتقرأها على مهل .. وكأنك طبيب معالج لذات هي في وقت ليست ذاتك .. فلم يعد مفروضا عليك من خارجك أي سلطة سوى سلطة بصيرتك وعقلك الجديد .. لقد أصبح هناك قدرة مستحدثة لاستيعاب لظلال جديدة .. تغوص فيها .. وكأنك تبدأ ولادة جديدة .. سوف تلاحظ هذا عندما تقرر أن تكون لنفسك عليك بصيرة .. لم يعد هناك التواءات وانحناءات .. أو منحنيات .. كلما تحققت سبل استقامة تعتدل داخلك .. تحاول هذه الاستقامة أن تعدل من ذاتها .. وتصبح أكثر وضوحا لديك .. وإن حاولت أن تنحرف .. سوف تجد عدم انسجام حتى في أبسط الأمور .. ستجد نفسك رقيبا حاسما ( هو صوت الحق ) .. في البداية سيكون هذا الرقيب حنونا .. ولكن هذا الرقيب سوف يعلو صوته ويصبح له سلطان يعطيه الحق بأن يكون معنفا فارضا سلطته وسلطانه .. وسوف تجد نفسك ملبيا حق الإنصات والاستجابة له دون أدنى تمرد أو رفض .. لقد لانت نفسك واستجابت له بعد تفكيك متروي لطياتها والتواءاتها وانحناءاتها كما سبق وتم توضيحه .. ولأنه الحق فصوت الحق له سلطان لا يعلى عليه ..
عند الخروج من هذه المرحلة انتقالا وتجهيزا لتحقيق إرادات جديدة .. لابد من مرحلة صمت وتأمل .. لتعلو جاهزية القلب والروح والعقل مناصفة ومشاركة لاستقبال .. نورا جديدا أو تمكين جديد تتحقق من خلاله إرادة جديدة .. قد لا تتحقق بالضرورة بصورة كاملة جملة واحدة .. إنما تتحقق بالتجزيء .. معتمدين نظرية التراكم والطفرة .. وذلك لتثبيت القلب قدر الإمكان من سلطانه من خلال ما يتمكن له من حكمة وأصول لها يتشربها كدواء تقطر نورا .. والعقل يتدبر تحصيلها بتفهم واستنارة ليعرف طريقه ويتمكن من أدواته وآليته ..
الأمر ليس فروضات حسابية أو منظومة يتم تشريبها بالنصح والإرشاد فقط .. هناك .. معاينة .. فهم .. دراسة .. وان تفهم نفسك وحركتها وكيفية تداولها شؤونها في مقابل حركة النفوس أو الأنفس الأخرى وحركتها أيضا .. وليكن لنا مثال المرايا المحدبة والمقعرة والمستوية .. هي التي تحاول من خلالها بداية أن تعرف أين أنت وما هو سلوكك وظاهرك وباطنك الحقيقي .. المرايا المحدبة بداية والمقعرة .. تمنحك الغرور الكافي لرؤية نفسك في أحوال مختلفة قد ترضى عنها أو لا ترضى .. ولكن في الحقيقة سوف تعرف أن ما تراه هنا وهناك في المرايا المحدبة والمقعرة ليست هي الحقيقة .. الحقيقة الوحيدة التي من الممكن أن تعرفها عن نفسك .. فقط في المرايا المستوية العاكسة بالضرورة حقيقتك أنت وشكلك وحجمك الحقيقي بلا زيف ولا نقصان أو زيادة .. تمرن على هذا فترة من الوقت بوعي .. تمرن أن ترضي غرورك أو لا ترضيه .. وراقب شعورك كيف يكون مرة راضيا ومرة لا .. لكن عند الحقيقة المستوية سوف لا تعرف سواها ولن تحرجك ولن تجرحك .. إنما لربما هي الشيء الوحيد الذي سوف ترتاح له .. عندها سوف تحاول قراءة ما يتم انعكاسه لك وتصليح ما لا يعجبك أو تثبت ما يعجبك .. ليس بالضرورة يعجبك يعني يرضي غرورك .. إنما المرايا المستوية غالبا ما تحتل في أنفسنا مكانا هاما .. لذا .. نقترب منها بقدر ما نبتعد .. ونحاول أن نستشف شعورنا كيف يكون في أحوالنا المنعكسة غير الجميلة وغير الواضحة والعكس أيضا .. ولماذا هذا التغير في المزاج .. وكلا الموقفين لهما قوتهما .. وسلطانهما .. إنما لتجد طريقا وسطا بينهما يكون معتدلا المزاج فهو لا يبهجك ولا يحزنك .. لا مفرح يتملكك الغرور به .. ولا قبيح يخجلك ..
ولقد عمم بين الناس تخوف الاقتراب من القرآن إلا في سياق شروط محددة تخوفا من الوقوع في الفتنة .. أو الخطأ في القراءة أو تحت ظروف معينة يجب توافرها قبل .. وأنا أتحدث بداية لمن لن يختار طريقه هذا عن إفلاس .. أو جهل .. بل على بينة ( ما ) يختارها هو بنفسه .. أو يتخذ سبيلا نابعا من فقر .. و اقصد هنا الفقر في القيمة أو الإحساس بما يحمله هذا الطريق من قيمة لذاته وفي ذاته .. إن هذا الانجاز .. يبدأ أول الطريق مع الله من حيث التفكير في النهايات قبل البداية .. والنقطة الصالحة للبدء هي توفر منتهى الثقة - ولن أقول مطلقها – في الذات وفي الله ..فالثقة في الذات يمنحها قوة التحرك والإقدام ويولد لديها الحرص على السير والتقدم من خلال الثقة في الهدف والغاية .. و الثقة في الله تولد المعرفة به .. وتوصل إلى اليقين .. فهذه مسالة لا تعتمد أو تنم لمن يختارها عن ضعف كما قلت .. الضعف عجز وقلة حيلة وقلة فهم وإدراك .. وكل هذه الآفات يجب تجاوزها حتى لا تقف حائلا بين الإرسال والاستقبال .. إن حركية هذه العلاقة وفاعليتها وجدواها لا يؤكدها سوى عقل منجز لفكرته وهدفه .. ومكثف لطلبه وانطلاقه ..
نعود ونقول أن الاعتداد والاعتماد على القرآن في طريقنا يمنحنا سبل الفهم إلى جانب استكمال العدة الايجابية من خلال ما نسترشد به من إرشادات وتوجيهات يتضمنها النص والآيات جملة وتفصيلا ..
في البداية لا يكون مطلوبا منا احتواء كل ما في النص القرآني بالجملة وبشكل ملح .. إنما هي البداية درجة درجة .. تحتم علينا تفهم موقع النص وموقعنا منه وموقعه منا وموقع العالم منا وموقعه منا وموقعنا نحن الثلاثة نسبة لبعضنا البعض .. ومن ثم تفهم هذه الأقطاب الثلاثة .. الأنا الكون الله .. وتفهم وتعقل مراسيم وترسيم هذه العلاقة على أسس من البلاء والابتلاء المبين .. فالحياة بلاء وابتلاء .. ولكن هناك ابتلاء الكلمات أيضا وما ابتلاء الكلمات إلا توخي للحقيقة والفضل والخير والنجاة .. ومن ثم يكون علينا أن نتفهم هذا النص على أنه محاولة نجاة دائمة أو هو كلمات تامة اليقين نستوحي منها صراطنا القويم .. من خلال محاكاته محاكاة فعالة هذه المحاكاة تعتمد على حسن الاستقبال وأيضا على يسر الإرسال ووضوحه .. وعلى حسبان النفس إنها في خسران مبين .. إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .. من هذا التحديد المحدد بنمط معين من السلوك والغاية يدخل الفرد منا في تجارة جديدة .. تجارة مربحة إما على مستوى النفس الروح .. أوعلى مستوى الدنيا والآخرة ..



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 9)
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 10 )
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 11 )
- تسكنني .. مدينة
- جدل الخبرات وشروط التمكين ..(7 )
- ويبقى ..
- دهشة ..
- فلسطين ..
- بيادر .. غائرة
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. (4)
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 5 )
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. ( 6 )
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. (1)
- جدل الخبرات وشروط التمكين .. (2)
- جدل الخبرات وشروط التمكين ..(3)
- كلاكيت أول مرة
- شمائل ..
- رونق ..
- ضياء ..
- جدل الخبرات وشروط التمكين


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمل فؤاد عبيد - جدل الخبرات وشروط التمكين .. (8 )